وفي ختام الدورات – وضمن هذه الدورة - هذه بضع نشاطات لا تتعلق بدورة منها. والقصد منها تحضير المتخرج للتفاعل مع المواضيع ذات العلاقة وتهيئته لمرحلة ما بعد التخرج. والقيام بها ضروري للتخرج ومجرد القيام بها يعتبر نجاحا علما بأنها ستكون دالة على فكر كاتبها:
1- كتابة صفحة على الأقل بموضوعية بعنوان :
( تجربتي مع الرقمي - قبل الرقمي وبعده )
كنت كما أغلب الشعراء في التعامل مع عروض الخليل،تركت المبدأ والمنهج وتعلمت ما ينفعني لأكتب شعر العمود على وزن صحيح وقافية سليمة ، لكن حقيقة شعرتُ برفعة فكر واضع العروض، وتساءلت مرارا كيف أمكنه تفسير كلام العرب الذي كان شعرا في أغلبه على هيئة موسيقية لم نكن لننظم لولاها،أو ربما لاندحرت اللغة وأساسياتها طبعا القرآن خير حافظ لها ، لكن الشعر ديوان العرب ومنهج الواقع ..
ولم أعلم علام بنى الخليل نظريته،ومع بداية معرفتي بالأستاذ خشان خشان _حفظه الله وأطال عمره ونفع الأدب بعلمه_ كان يلفت نظري بساعة البحور ، أبهرني تمثيل البيت الشعري بأسلوب فني،ولم يكن ليكون في حال كان نظمي خاطئا ...
سألت أستاذتي ثناء حاج صالح وأنا خجلة من قول أني لا أفهم شيئا مما يكتب عن الرقمي وماذا وما الفرق وكيف تلك الساعة،فحثتني على بدء الدورات، ولو كان لي علم بها قبلا لما ترددت لثانية في تعلمها.
مرحلة بعد أخرى ، شعرتني ألتمس نور الخليل وأقتبس من نوركم ..
أبحرتُ في علمِ العروضِ كأنني ..للمرة الأولى أراني أغتني
ليس الخليلُ بغافلٍ عمّا جرى ...تهميشُه بجهالةٍ حتى فَني
ويقينُه أن العلومَ شموسُها ..لا تنطفي ولّادةَ الفكرِ الغني
يا طالبًا للعلمِ خذه جميعَهُ...واهنأْ بنهجٍ شاملٍ إذ تقتني

ازداد إعجابي بعلم العروض الرقمي مع ما لمسته من وحدة البيت الشعري ، بعيدا عن حدود التفاعيل ، ليشير إلى أهمية النفس الشعري في الذائقة العربية الذي لا يجزّئُ الإيقاع الشعوري بل يتعامل معه ككل واحد ، استنادا إلى مبدأ الوحدة العضوية للبحور.

لم أعارض فكرة أن المنسرح رجز وبالتالي هو كامل في أحد صوره ، كما لم أستبعد كون المديد رمل أو خفيف لشعوري بأنّ اللغة العربية ولّادة كل جميل ،من. رحم واحد ولدت البحور الشعرية فكيف لا تتفق بسلالتها الجينية ، لكل بحر رونقه رغم أن الاختلاف يكاد يكون جزئيا إلا أن وجود أو عدم وجود رقم واحد أو سبب خفيف أو وتد ،أو حتى اختلاف ترتيب الأرقام ،يحدث تغييرا في البحر ليتولد بحر دائرة أخرى .
الرقمي ليس مجرد أرقام أو تجريد للعروض عن صفته الشعرية كما يقول من يجهله، هو تفسير منطقي للذائقة العربية وتحليل دراماتيكي لفكرة عبقرية أتت بالتفاعيل .. لا ينفصل الرقمي عن التفاعيل بل يكمّلها ويثري الفكر في محاولة لاستدراك ما خفي عنا من نظرية الخليل ومبدأ شموليته .
وأنا على مشارف التخرج أراني أكثر وعيا وعمقا في التعامل مع الشعر ، وكلما شعرت بأهميته ازداد حرصي على تقديمه كما يليق به .