خشان خشان
03-18-2020, 05:23 PM
جائحة
من أم هذه الصفحة فقد نهل من معين الضاد
من صفحته على الفيس بك:
https://web.facebook.com/hadihassan.hamoudi?comment_id=Y29tbWVudDoyNzcxOTkyMzUyODM3MD Q2XzI3NzM0MDg1OTYwMjg3NTU%3D
شيء من اللغة
د. هادي حسن حمودي
الجائحة
#عمان_جريدة_جائحة_كورونا
قرأت في عنوان جريدة عُمان في اليومين الماضيين، عنوانا يقول: (السلطنة تواصل جهود كبح جائحة كورونا..) فلفتت كلمة (جائحة) نظري. وهي كلمة من فصيح اللغة العربية، وإن قلّ تداولها في الإعلام العربي، وفي عموم الكتابات الثقافية و(المتثاقفة). فالشكر للجريدة، ولأي وسيلة إعلامية وثقافية أخرى، تشارك في إعادة الاعتبار للألفاظ الفصيحة المعبرة عن المعنى المراد بدقة.
الجائحة والجانحة والجامحة والنائحة اشتقاق متداخل المعاني وإن اختلفت الجذور اللغوية لها. ذلك أن جذورها اللغوية، بحد ذاتها، متداخلة في حقولها الدلالية. ولنبدأ اليوم بالجائحة، أصلا واشتقاقا وتطورا، بإيجاز لا يخل بالمقصود.
هي من الجذر اللغوي (جوح) الذي له حقل دلاليّ واحد، هو الشدّة والنازلة العظيمة التي تؤدي إلى الاستئصال، تقول: جاحتهم السنة واجتاحتهم: استأصلت أموالهم. وهي سَنة جائحة: جدبة.
ويبدو لي أن دقة اللغة العربية حين أوصلت معنى الجائجة إلى معنى الاستئصال، فإنها أومأت إلى أن الجائحة لا يُقضى عليها إلا بجائحة مثلها في القوة معاكسة لها في الاتجاه والتأثير، وذلك هو الاستئصال حتى قبل نجاح الجائحة في الوصول إلى أقصى معانيها. فمن أجل أن لا تكون الجائحة قد اجتاحت الناس فعلى الناس أن يجتاحوها.
وهو استعمال ينطبق تماما على جائحات أو جوائح عدة شهدتها البشرية، فالنزلة الوافدة (الانفلونزا) الأسبانية في سنة 1918م، مثلا، حصدت عشرات الملايين من البشر. وعلى فرض أن (كورونا) لن يحصد ذلك العدد المهول، بسبب الاحتياطات المتخذة والتطور الطبي، ولأن تلك الجائحة الإسبانية وقعت في أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة وظروف معسكرات الاعتقال والمعسكرات الحربية، فإن توصيف (الكورونا) بالجائحة تنبيه قوي لضرورة التصدي له بكل الطرق الممكنة، من قبل جميع المجتمعات.
ومن دقة اللغة العربية أيضا أنها نقلت معنى الجائحة إلى كل أنواع الانحراف عن النهج الطبيعي للحياة، كما في انحراف المرء نحو الجريمة، مثلا. حيث إن هذا الانحراف هو بمثابة اجتياح للأمن الاجتماعي. وكل ظاهرة مضرة هي جائحة، وكل مُهلكة جائحة، من برد مفرط أو حرّ مفرط.
وقانا الله وإياكم شر الجوائح، ما خفي منها بين الجوانح، وما لاح في ظاهر اللوائح.
من أم هذه الصفحة فقد نهل من معين الضاد
من صفحته على الفيس بك:
https://web.facebook.com/hadihassan.hamoudi?comment_id=Y29tbWVudDoyNzcxOTkyMzUyODM3MD Q2XzI3NzM0MDg1OTYwMjg3NTU%3D
شيء من اللغة
د. هادي حسن حمودي
الجائحة
#عمان_جريدة_جائحة_كورونا
قرأت في عنوان جريدة عُمان في اليومين الماضيين، عنوانا يقول: (السلطنة تواصل جهود كبح جائحة كورونا..) فلفتت كلمة (جائحة) نظري. وهي كلمة من فصيح اللغة العربية، وإن قلّ تداولها في الإعلام العربي، وفي عموم الكتابات الثقافية و(المتثاقفة). فالشكر للجريدة، ولأي وسيلة إعلامية وثقافية أخرى، تشارك في إعادة الاعتبار للألفاظ الفصيحة المعبرة عن المعنى المراد بدقة.
الجائحة والجانحة والجامحة والنائحة اشتقاق متداخل المعاني وإن اختلفت الجذور اللغوية لها. ذلك أن جذورها اللغوية، بحد ذاتها، متداخلة في حقولها الدلالية. ولنبدأ اليوم بالجائحة، أصلا واشتقاقا وتطورا، بإيجاز لا يخل بالمقصود.
هي من الجذر اللغوي (جوح) الذي له حقل دلاليّ واحد، هو الشدّة والنازلة العظيمة التي تؤدي إلى الاستئصال، تقول: جاحتهم السنة واجتاحتهم: استأصلت أموالهم. وهي سَنة جائحة: جدبة.
ويبدو لي أن دقة اللغة العربية حين أوصلت معنى الجائجة إلى معنى الاستئصال، فإنها أومأت إلى أن الجائحة لا يُقضى عليها إلا بجائحة مثلها في القوة معاكسة لها في الاتجاه والتأثير، وذلك هو الاستئصال حتى قبل نجاح الجائحة في الوصول إلى أقصى معانيها. فمن أجل أن لا تكون الجائحة قد اجتاحت الناس فعلى الناس أن يجتاحوها.
وهو استعمال ينطبق تماما على جائحات أو جوائح عدة شهدتها البشرية، فالنزلة الوافدة (الانفلونزا) الأسبانية في سنة 1918م، مثلا، حصدت عشرات الملايين من البشر. وعلى فرض أن (كورونا) لن يحصد ذلك العدد المهول، بسبب الاحتياطات المتخذة والتطور الطبي، ولأن تلك الجائحة الإسبانية وقعت في أعقاب الحرب العالمية الأولى مباشرة وظروف معسكرات الاعتقال والمعسكرات الحربية، فإن توصيف (الكورونا) بالجائحة تنبيه قوي لضرورة التصدي له بكل الطرق الممكنة، من قبل جميع المجتمعات.
ومن دقة اللغة العربية أيضا أنها نقلت معنى الجائحة إلى كل أنواع الانحراف عن النهج الطبيعي للحياة، كما في انحراف المرء نحو الجريمة، مثلا. حيث إن هذا الانحراف هو بمثابة اجتياح للأمن الاجتماعي. وكل ظاهرة مضرة هي جائحة، وكل مُهلكة جائحة، من برد مفرط أو حرّ مفرط.
وقانا الله وإياكم شر الجوائح، ما خفي منها بين الجوانح، وما لاح في ظاهر اللوائح.