المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : جواب الطلب بين الرفع والجزم



{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-22-2016, 10:26 AM
بسم الله الرحمن الرحيم
جواب الطلب بين الرفع والجزم
د. ضياء الدين الجماس


الجملة الطلبية هي التي يراد فيها أمر أو نهي أو استفهام أو تحضيض...
ولكي يتحقق شرط الجزم في جواب الطلب لا بد من توفر شروط هي:
1- أن يتقدم الطلب على الفعل المضارع.
2- عدم وجود الفاء السببية في جواب الطلب.
3- أن يقصد بالمضارع الجزاء، أي أن يكون المضارع مسبَّبَا وناتجا عن ذلك الطلب المتقدم عليه. ويكون ذلك بإضمار شرط في الطلب.
ولذلك يرى سيبويه في كتابه أن الفعل المضارع الواقع في موقع جواب الطلب يصح فيه الوجهان الجزم والرفع ، فيكون الجزم إن قصد القائل تقدير الشرط في الطلب لأنه يكون بمثابة جزاء الشرط مقترناً به اقتراناً سببياً ، ويكون الرفع بفك هذا الارتباط الشرطي واعتبار الطلب بلا شرط مقدر، فيرفع المضارع على الابتداء أو الوصف أو الحال...
أمثلة
- إذا قال قائل : (زرْني أزرْكَ) فقد اشترط زيارته للمخاطب بزيارة المخاطب له وكأنه قال ( إن تزرني أزرْكَ).
والوجه الثاني له أن يقول ( زرني أزورُكَ) ويكون بهذا القول قد فك الارتباط الشرطي بين الزيارتين وجعل فعل الأمر مستقلاً ويصبح المعنى ( زرني، فأنا أزورُكَ).
- في القرآن الكريم (فَهَبْ لِي مِن لَّدُنكَ وَلِيًّا 5 يَرِثُنِي وَيَرِثُ مِنْ آلِ يَعْقُوبَ ... 6 مريم) قرئت (يرثُني و يرثْني) بالرفع والجزم . ففي الرفع تكون (يرثُتي) على الصفة أي ( ولياً وارثاً) ، وفي قراءة الجزم تكون جزاء للطلب= إن تهب لي ولياً يرثْني)
- في الشعر قال الأنصاري
يا مالِ والحقّ عنده فقفوا ... تؤتون فيه الوفاء معتَرَفا
لم يجزم تؤتون وكأنه قال ( إنكم تؤتون..)
وقال الأخطل :
وقال رائدهم أرْسُوا نزاولُها ..فكلُّ حتف امرئ يمضي لمقدار
لم يجزم نزاولها ورفعها على الاستئناف .
نتائج :
1- إن لم توجد علاقة سببية منطقية بين الطلب والفعل المضارع الذي يتلوه فالرفع هو الواجب ( مثال : ائتني برجل يحبُّ الله)
2- إذا قصد القائل الشرط المقدر في طلبه وجب جزم المضارع الواقع في جوابه، ويعرف ذلك بإدخال إن الشرطية قبل الطلب مع بقاء صحة المعنى المطلوب.
3- يجوز للقائل عدم قصد الشرط وبذلك يفك الارتباط بين الطلب والفعل والمضارع فيرفعه على الاستئناف أو الوصف أو الحال...
والحمد لله رب العالمين

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-22-2016, 10:27 AM
لقد حثني على كتابة هذا الموضوع ما لاحظته من نقد بعض الأخوة في بعض قصائد الشعراء التي يرد فيها فعل امر يتلوه مضارع مرفوع وقد يكون صحيح المعنى ولكنهم يريدون من الشاعر ان يجزم كل فعل مضارع يتلو فعل امر على أنه جواب الطلب,
فأرجو أن يكون في البحث فائدة للتمييز بين متى يجوز الرفع والجزم في الفعل المضارع بعد فعل الأمر
والبحث واسع كثير الأمثلة وقد اختصرته قدر الإمكان لعل مثل هذه الانتقادات تكون في محلها الصحيح المفيد
وأنتظر إثراء المختصين وبارك الله بالجميع

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-22-2016, 03:58 PM
قال سيبويه في الكتاب ج3 ص98:
«وتقول: ذره يقل ذاك، وذره يقول ذاك، فالرفع من وجهين:فأحدهما: الابتداء، والآخر على قولك: ذره قائلاً ذاك، فتجمل (يقول) في موضع (قائل)، فمثل الجزم قوله عز وجل: (ذرهم يأكلوا ويتمتعوا ويلههم الأمل . الحجر 3). ومثل الرفع قوله: (قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون 91 الأنعام. انتهى

نستدل من ذلك أن من يقول الكلام هو الذي يحدد مراده من فعل الأمر ، هل يريده تحت شرط يترتب عليه جواب أم أنه يريده أمراً مستقلاً يكون ما بعده ابتداء أو حالا... ففي قول الله تعالى في الآيتين المذكورتين أراد بياناً معيناً في كل منهما:
1- ذرهم يأكلوا ويتمتعوا... = إن تذرهم يأكلوا ويتمتعوا... ( رتب على فعل الأمر جواباً مجزوماً)
2- ذرهم في خوضهم يلعبون = ذرهم في خوضهم لاعبين ... ( وصف حالهم برفع المضارع)
فلنتدبر هذه البلاغة التعليمية الرائعة

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-23-2016, 04:26 AM
حوار مفيد بين النحويين حول معالجة جواب الطلب:

في سورة الأعراف 145 قال الله تعالى (وأمر قومك يأخذوا بأحسنها )
قال بعض النحويين أن الجزم في فعل (يأخذوا) على جواب الطلب (الأمر)، وبذلك يصبح تقدير الشرط (إن تأمر قومك يأخذوا..), ولكن قال آخرون بناء على ذلك ينبغي تأويل (وأمر قومك) لأنه لا يلزم من أمر قومه بأخذ أحسنها أن يفعلوا ذلك، ولذلك رجحوا إعراب (يأخذوا) على أنه فعل مضارع منصوب بأنْ محذوفة مقدرة أي ( أن يأخذوا بأحسنها،) فلا ينتظم منه شرط وجزاء ويحتمل أن يكون قوله: (يأخذوا) مجزومًا على إضمار لام الأمر. أي ليأخذوا لأنّ معنى ‏{‏وأمر قومك‏}‏ أي قل لقومك

في سورة طه 22 قال الله تعالى ( واضمم يدك إلى جناحك تخرج بيضاء من غير سوء )
قال في البحر المحيط :
في الكلام حذف؛ إذ لا يترتب الخروج على الضم، وإنما يترتب على الإخراج، والتقدير: واضمم يدك إلى جناحك تنضم، وأخرجها تخرج، فحذف من الأول وأبقى مقابلة، ومن الثاني وأبقى مقابلة، وهو اضمم، لأنه بمعنى أدخل.

خشان خشان
07-23-2016, 11:27 AM
سلمك الله أستاذي الكريم

هذا الموضوع مفيد جدا.
وهو يبين أن النحو والمعنى مركب واحد ليس للفصل بين عنصريه سبيل.
وهو بذلك يبين جانبا من روعة وعبقرية العربية.

حفظك ربي ورعاك.

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-23-2016, 07:21 PM
سلمك الله أستاذي الكريم
هذا الموضوع مفيد جدا.
وهو يبين أن النحو والمعنى مركب واحد ليس للفصل بين عنصريه سبيل.
وهو بذلك يبين جانبا من روعة وعبقرية العربية.
حفظك ربي ورعاك.

أسعدني مرورك وتقييمك الطيب أستاذي الكريم
وصدقت في أن المعنى والإعراب لا ينفصلان ،ولغتنا واسعة المعاني بتنوع حركات الإعراب ، فمثلاً المضارع بعد فعل الأمر يمكن جزمه ورفعه ونصبه حسب المعنى الذي يريده القائل ونعرف مايريد بإعراب جملته ... قال تعالى ( ولا تمننْ تستكثرُ) ولم ترد قراءة متواترة هنا إلا بالرفع أي أراد وصف الحال (ولا تمنن مستكثراً) ولم يرد جواب الطلب ...
بارك الله بك وجزاك خيراً

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-23-2016, 09:57 PM
قراءات متواترة في جزم المضارع ورفعه بعد الأمر
====================================
في سورة مريم 5-6 ( فهب لي من لدنك وليًا. يرثني ويرث من آل يعقوب)
قرأ أبو عمرو البصري والكسائي بجزم (يرثْني ويرثْ من آل يعقوب) والباقون برفعهما.
وتكون قراءة الجزم على أن (يرثْني) جوابًا للطلب (فهب لي) وعطف عليه (ويرثْ من آل يعقوب) وجعل الكلام متصلاً بعضه ببعض .
وفي قراءة الرفع تصبح (يرثُني) صفة الولي، (ولياً وارثاً) .
==================================
في سورة طه 58 (فاجعل بيننا وبينك موعدًا لا نخلفه نحن ولا أنت)
قرأ أبو جعفر: (لا نخلفْهُ) بإسكان الفاء جزمًا، على جواب الأمر. الباقون بالرفع على الصفة للموعد.
==================================
في سورة طه 69 ( والق ما في يمينك تلقف ما صنعوا)
قرأ ابن ذكوان (تلَقَّفُ) بفتح اللام وتشديد القاف ورفع الفاء، وقرأها حفص بإسكان اللام، وفتح القاف مع سكون الفاء (تلْقَفْ)، وقرأ الباقون بالجزم والتشديد( تلَقَّفْ).
الجزم على جواب الطلب (إن تلقِ ما في يمينك.. تلقفْ) والرفع على الحال (وألق ما في يمينك لاقفةً).
========================
في سورة طه 77(فاضرب لهم طريقًا في البحر يبسًا لا تخاف دركًا ولا تخشى)
(لا تخافُ) بالرفع على تقدير الحال ، وقرأ حمزة: (لا تخفْ) بالقصر والجزم، على أنه جواب للأمر، (أو مجزوم بلا الناهية ) ، (ولا تخشى) بالرفع على الاستئناف، أو جزم بحذف الحركة تقديرًا، أو بحذف حرف العلة، وتكون الألف الظاهرة للإشباع.
==========================
في سورة القصص 34 (فأرسله معي ردءاً يصدقني)
قرأ حمزة وعاصم (يصدقُني) بالرفع على الاستئناف أو الحال (مصدقاً)، والباقون بالجزم (يصدّقْني) على انه جواب الطلب.

(أسماء المصري)
07-26-2016, 02:31 PM
سلمت يمناك أستاذي ..
وتظلُّ العربية المعين الذي لا ينضب ولا يُمَل ..
مجهودٌ تشكر عليه أستاذي ..
كل التحايا لك ~

{{د. ضياء الدين الجماس}}
07-27-2016, 01:13 AM
سلمت يمناك أستاذي ..
وتظلُّ العربية المعين الذي لا ينضب ولا يُمَل ..
مجهودٌ تشكر عليه أستاذي ..
كل التحايا لك ~


كلمات طيبة من أديبة شاعرة طيبة
شكراً لك أستاذتنا أسماء المصري
وبارك الله بهمتك العالية
جزاك الله خيرا