خشان خشان
06-09-2016, 03:36 AM
نشر أستاذي د. هادي حسن حمودي على صفحته في الفيس بك
https://www.facebook.com/hadihassan.hamoudi
نص مقابلة صحفية أجريت معه كان من جملة ما فيها حديث عن القرآن والمذاهب واللغة والعروض.
ولم أتمكن من فتحها فنسخ منها ما يخض الشعر والعروض وأرسلها لي مشكورا. وفيما يلي نص هذا الجزء من المقابلة:
******
■ لا بأس.. فلننتقل إلى الشعر. ديوانك «قصائد» يضم شعر التفعيلة، أو الشعر العمودي فقط. فماذا عن أساليب التعبير الشعرية الأخرى.
□ الشعر هو التوازن النغمي (الموسيقي) بين الصوامت والصوائت، الساكنات والمتحركات من الحروف، للتعبير عن فكر معين أو إحساس معين، بضمن صور فنية تقرب المراد إلى القارئ والسامع في عالم أقرب إلى السحر. لذلك فإن الشعر ليس التفعيلة، ولا العمود، هذه مصطلحات نقاد، ارتضوها. وهم أحرار.
فحين ظهر الخليل بن أحمد (100-175 للهجرة) وجد أمامه أشعار العرب التي هي تمثلات متطورة لأناشيد المعابد القديمة في وادي الرافدين وجنوب الجزيرة العربية، وعلى أساسها صيغت ملحمة كلكامش، انتقالا إلى أناشيد معابد آتون وآمون في وادي النيل. فالإيقاع الموسيقي ذو جذور متوائمة ولكنْ بأنغام شتى.
التفت الخليل بعبقريته الفذة المتفردة إلى أن لهذه الأشعار موازين موسيقية معينة استطاع استنباطها وبوّبها في بحور الشعر المعروفة. وسمى كل واحد منها بحرا، لأنه، فعلا، بحر مترامي الشطآن، بعيد الغور. ولَمّا لم يكن يستطيع، بحكم معارف زمانه، أن يكتبها بالرموز الموسيقية، لجأ إلى رسمها بالتفعيلات المعروفة، فعولن، مفاعيلن، مستفعلن.. الى آخره.
■ ولكن كثيرين ممن ينشرون اليوم (شعرا) لا يعرفون تلك التفعيلات أو لا يهتمون بها.
□ الشاعر الجدير بصفته يعرف الإيقاع من غير حاجة إلى معرفة التفعيلات، وحتى إن عرفها فهو لا يلجأ إليها ليزن أبيات شعره. ولذا كان السائر في دروب الشعر لا ينظم شعرا إلا بعد أن يحفظ دواوين عديد من الشعراء لينمي قريحته ويُنضج ملكته الشعرية.
■ أي أنتم تعتــبرون (التفعيلات) الخليلية مقدسة؟
□ كلا. التفعيلات ليست مقدسة ولا هي من وحي السماء ولكنها تصوير حي لموسيقى الشعر العربي، فذلك الشعر له هذه الأوزان التي تجلّ عن الحصر. ولم يطلب الخليل من الشعراء أن يقيسوا ما ينظمون بعيدان الكبريت، كي يكون طول هذا الشطر بطول الآخر، ولا أن يضعوا التفعيلات أمامهم ثم يتم تغييرها إلى كلمات. ولا ما ظهر في بعض البلدان العربية من تقطيع كلمات الصحف ووضعها في (كيس) ثم يتم سحب كلمة بعد أخرى وتدوينها باعتبارها شعرا، على أساس (الكلمة تعرف مكانها)!
■ وما رأيكم في تحويل الإيقاعات الموسيقية أو النغمية إلى (العروض الرقمي)؟ وهل ترون صحة اتهامه بأنه جهد (علماني) يسيء إلى اللغة أو الشعر أو القرآن الكريم؟
□ دع عنك عقلية التصنيف والإقصاء. هذه اتهامات يصح فيها قول القائل (الناس أعداء ما جهلوا). لقد تعرفت في صفحة (التواجه) في وسائل الاتصال على صفحة بعنوان (العروض الرقمي) وعرفت لاحقا أن المشرف عليها باحث عروضي ذكي هو الأستاذ خشان محمد خشان من الأردن. لم ألتق به ولم يتحقق أي تعارف بيننا، إنما تابعت صفحته، ودرستها بإمعان، خاصة أني مارست تدريس العروض في بعض الجامعات، فرأيت لديه علما غزيرا بالمنهج الخليلي (نسبة إلى الخليل بن أحمد مكتشف العروض) واستطاع أن يطور منهجا لفهم العروض بطريقة (رقمية) تعتمد على مقارنة الإيقاع النغمي للشعر على أشكال الزهور، ومسارات الأفلاك والنجوم. ولا علاقة له بتلك الاتهامات.
بل إني أدعو إلى تدريس العروض الرقمي في الجامعات إحياء للشعر الجدير بصفته.
■ وهل من علاقة بين هذا العروض الرقمي والتشكيل اللغوي للقرآن الكريم؟
□ كيف لا تكون ثمة علاقة وها أنت ترى أن التجويد والترتيل وما فيهما من إدغام وترقيق وتفخيم ومدّ وغير ذلك هي ظواهر موسقة لفظية، وهي من لوازم اللغة الفنية في كل أساليب التعبير اللغوي الجميلة التي وصل بها القرآن الكريم إلى درجة الإعجاز. صحيح أن التشكيل اللغوي للقرآن الكريم ليس تشكيلا شعريا، ولكن بما أنه تشكيل لغوي معجز، فمن ظواهره البيانية التوازن الدقيق بين الصوامت والصوائت من الأصوات المرسومة بالحروف. وهذا التوازن من جملة الأسباب التي دفعت المشركين إلى اتهامه بأنه شعر.
https://www.facebook.com/hadihassan.hamoudi
نص مقابلة صحفية أجريت معه كان من جملة ما فيها حديث عن القرآن والمذاهب واللغة والعروض.
ولم أتمكن من فتحها فنسخ منها ما يخض الشعر والعروض وأرسلها لي مشكورا. وفيما يلي نص هذا الجزء من المقابلة:
******
■ لا بأس.. فلننتقل إلى الشعر. ديوانك «قصائد» يضم شعر التفعيلة، أو الشعر العمودي فقط. فماذا عن أساليب التعبير الشعرية الأخرى.
□ الشعر هو التوازن النغمي (الموسيقي) بين الصوامت والصوائت، الساكنات والمتحركات من الحروف، للتعبير عن فكر معين أو إحساس معين، بضمن صور فنية تقرب المراد إلى القارئ والسامع في عالم أقرب إلى السحر. لذلك فإن الشعر ليس التفعيلة، ولا العمود، هذه مصطلحات نقاد، ارتضوها. وهم أحرار.
فحين ظهر الخليل بن أحمد (100-175 للهجرة) وجد أمامه أشعار العرب التي هي تمثلات متطورة لأناشيد المعابد القديمة في وادي الرافدين وجنوب الجزيرة العربية، وعلى أساسها صيغت ملحمة كلكامش، انتقالا إلى أناشيد معابد آتون وآمون في وادي النيل. فالإيقاع الموسيقي ذو جذور متوائمة ولكنْ بأنغام شتى.
التفت الخليل بعبقريته الفذة المتفردة إلى أن لهذه الأشعار موازين موسيقية معينة استطاع استنباطها وبوّبها في بحور الشعر المعروفة. وسمى كل واحد منها بحرا، لأنه، فعلا، بحر مترامي الشطآن، بعيد الغور. ولَمّا لم يكن يستطيع، بحكم معارف زمانه، أن يكتبها بالرموز الموسيقية، لجأ إلى رسمها بالتفعيلات المعروفة، فعولن، مفاعيلن، مستفعلن.. الى آخره.
■ ولكن كثيرين ممن ينشرون اليوم (شعرا) لا يعرفون تلك التفعيلات أو لا يهتمون بها.
□ الشاعر الجدير بصفته يعرف الإيقاع من غير حاجة إلى معرفة التفعيلات، وحتى إن عرفها فهو لا يلجأ إليها ليزن أبيات شعره. ولذا كان السائر في دروب الشعر لا ينظم شعرا إلا بعد أن يحفظ دواوين عديد من الشعراء لينمي قريحته ويُنضج ملكته الشعرية.
■ أي أنتم تعتــبرون (التفعيلات) الخليلية مقدسة؟
□ كلا. التفعيلات ليست مقدسة ولا هي من وحي السماء ولكنها تصوير حي لموسيقى الشعر العربي، فذلك الشعر له هذه الأوزان التي تجلّ عن الحصر. ولم يطلب الخليل من الشعراء أن يقيسوا ما ينظمون بعيدان الكبريت، كي يكون طول هذا الشطر بطول الآخر، ولا أن يضعوا التفعيلات أمامهم ثم يتم تغييرها إلى كلمات. ولا ما ظهر في بعض البلدان العربية من تقطيع كلمات الصحف ووضعها في (كيس) ثم يتم سحب كلمة بعد أخرى وتدوينها باعتبارها شعرا، على أساس (الكلمة تعرف مكانها)!
■ وما رأيكم في تحويل الإيقاعات الموسيقية أو النغمية إلى (العروض الرقمي)؟ وهل ترون صحة اتهامه بأنه جهد (علماني) يسيء إلى اللغة أو الشعر أو القرآن الكريم؟
□ دع عنك عقلية التصنيف والإقصاء. هذه اتهامات يصح فيها قول القائل (الناس أعداء ما جهلوا). لقد تعرفت في صفحة (التواجه) في وسائل الاتصال على صفحة بعنوان (العروض الرقمي) وعرفت لاحقا أن المشرف عليها باحث عروضي ذكي هو الأستاذ خشان محمد خشان من الأردن. لم ألتق به ولم يتحقق أي تعارف بيننا، إنما تابعت صفحته، ودرستها بإمعان، خاصة أني مارست تدريس العروض في بعض الجامعات، فرأيت لديه علما غزيرا بالمنهج الخليلي (نسبة إلى الخليل بن أحمد مكتشف العروض) واستطاع أن يطور منهجا لفهم العروض بطريقة (رقمية) تعتمد على مقارنة الإيقاع النغمي للشعر على أشكال الزهور، ومسارات الأفلاك والنجوم. ولا علاقة له بتلك الاتهامات.
بل إني أدعو إلى تدريس العروض الرقمي في الجامعات إحياء للشعر الجدير بصفته.
■ وهل من علاقة بين هذا العروض الرقمي والتشكيل اللغوي للقرآن الكريم؟
□ كيف لا تكون ثمة علاقة وها أنت ترى أن التجويد والترتيل وما فيهما من إدغام وترقيق وتفخيم ومدّ وغير ذلك هي ظواهر موسقة لفظية، وهي من لوازم اللغة الفنية في كل أساليب التعبير اللغوي الجميلة التي وصل بها القرآن الكريم إلى درجة الإعجاز. صحيح أن التشكيل اللغوي للقرآن الكريم ليس تشكيلا شعريا، ولكن بما أنه تشكيل لغوي معجز، فمن ظواهره البيانية التوازن الدقيق بين الصوامت والصوائت من الأصوات المرسومة بالحروف. وهذا التوازن من جملة الأسباب التي دفعت المشركين إلى اتهامه بأنه شعر.