07-30-2005, 02:37 PM
من الأمور المعهودة عند شعراء التفعيلة أن يستعملوا تفعيلة واحدة يكررونها بما يتناسب مع النظام الذي اختاروه معنوياً وعروضياً.
لذلك فالأبحر التي أخذوا منها هي الأبحر وحيدة التفعيلة لا الأبحر المركبة فمن الأبحر المفضلة عندهم الكامل (ويتداخل كما هو معلوم في دوائر الخليل مع الوافر التام) والمتقارب (ويتداخل مع المتدارك) والرمل (وهو يتداخل مع الهزج والرجز ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن تفعيلات البحرين الأخيرين لا تستعمل فيها الزحافات المعتادة عندما تكون التفعيلة الأصلية على بحر الرمل، ولعلي لاحقاً أضرب أمثلة توضيحية على هذا إن شاء الله.
الأبحر المركبة بدت عصية على شعر التفعيلة، ومن هنا لم يخل التجديد التفعيلي من تبسيط وإضاعة لغنى الإيقاعات العروضية الأصلية (وهو الأمر الذي لم تفعله تجديدات الأقدمين كتجديد شعر الموشحات الذي هو ربما أغنى الإيقاع ولم يفقره).
محمود درويش الذي قلت في موضوعي السابقين "الغزل الفلسطيني"
http://www.arood.com/vb/showthread.php?threadid=648
http://www.arood.com/vb/showthread.php?threadid=649
إنه من أكثر شعراء التفعيلة إتقاناً لأنه في الأصل شاعر "عمودي" مجيد، خرج على هذه القاعدة واستعمل، ولا سيما في شعره القديم، أبحراً مركبة، ومن هذه الأبحر بحر يبدو سهلاً ولكنه وفقاً لتجربتي بحر صعب لا يكتب عليه إلا شاعر متمرس بالعروض، بل لا يستطيع قراءة القصائد المكتوبة عليه بشكل صحيح إلا مثل هذا المتمرس!
ومن علامات إجادة العروض عندي أن يستطيع القارئ القراءة الصحيحة لقصية نظمت على الأبحر الثلاثة التالية: السريع، الخفيف، المنسرح.
لدينا الآن هذه التجربة الفريدة لكتابة شعر تفعيلة على البحر السريع ولا أذكر أنني رأيت مثلها عند غير محمود.
فأدعو القارئ المتعمق في العروض إلى القراءة والتحليل.
مع خالص التحية- محمد
جواز السفر
محمود درويش
لم يعرفوني في الظلال التي
تمتصُّ لوني في جواز السفرْ
وكان جرحي عندهم معرضاً
لسائح يعشق جمع الصور
لم يعرفوني، آه... لا تتركي
كفي بلا شمسٍ،
لأن الشجر
يعرفني...
تعرفني كل أغاني المطر
لا تتركيني شاحباً كالقمر!
كلُّ العصافير التي لاحقتْ
كفى على باب المطار البعيد
كل حقول القمح،
كل السجونِ،
كل القبور البيض
كل الحدودِ،
كل المناديل التي لوَحتْ،
كل العيونِ
كانت معي، لكنهم
قد أسقطوها من جواز السفر!
عارٍ من الاسم، من الانتماء ْ؟
في تربة ربَّيتها باليدينْ؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء:
لا تجعلوني عبرة مرتين!
يا سادتي! يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أُمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
ومن يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس... جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر!
لذلك فالأبحر التي أخذوا منها هي الأبحر وحيدة التفعيلة لا الأبحر المركبة فمن الأبحر المفضلة عندهم الكامل (ويتداخل كما هو معلوم في دوائر الخليل مع الوافر التام) والمتقارب (ويتداخل مع المتدارك) والرمل (وهو يتداخل مع الهزج والرجز ولكن مع الأخذ بعين الاعتبار أن تفعيلات البحرين الأخيرين لا تستعمل فيها الزحافات المعتادة عندما تكون التفعيلة الأصلية على بحر الرمل، ولعلي لاحقاً أضرب أمثلة توضيحية على هذا إن شاء الله.
الأبحر المركبة بدت عصية على شعر التفعيلة، ومن هنا لم يخل التجديد التفعيلي من تبسيط وإضاعة لغنى الإيقاعات العروضية الأصلية (وهو الأمر الذي لم تفعله تجديدات الأقدمين كتجديد شعر الموشحات الذي هو ربما أغنى الإيقاع ولم يفقره).
محمود درويش الذي قلت في موضوعي السابقين "الغزل الفلسطيني"
http://www.arood.com/vb/showthread.php?threadid=648
http://www.arood.com/vb/showthread.php?threadid=649
إنه من أكثر شعراء التفعيلة إتقاناً لأنه في الأصل شاعر "عمودي" مجيد، خرج على هذه القاعدة واستعمل، ولا سيما في شعره القديم، أبحراً مركبة، ومن هذه الأبحر بحر يبدو سهلاً ولكنه وفقاً لتجربتي بحر صعب لا يكتب عليه إلا شاعر متمرس بالعروض، بل لا يستطيع قراءة القصائد المكتوبة عليه بشكل صحيح إلا مثل هذا المتمرس!
ومن علامات إجادة العروض عندي أن يستطيع القارئ القراءة الصحيحة لقصية نظمت على الأبحر الثلاثة التالية: السريع، الخفيف، المنسرح.
لدينا الآن هذه التجربة الفريدة لكتابة شعر تفعيلة على البحر السريع ولا أذكر أنني رأيت مثلها عند غير محمود.
فأدعو القارئ المتعمق في العروض إلى القراءة والتحليل.
مع خالص التحية- محمد
جواز السفر
محمود درويش
لم يعرفوني في الظلال التي
تمتصُّ لوني في جواز السفرْ
وكان جرحي عندهم معرضاً
لسائح يعشق جمع الصور
لم يعرفوني، آه... لا تتركي
كفي بلا شمسٍ،
لأن الشجر
يعرفني...
تعرفني كل أغاني المطر
لا تتركيني شاحباً كالقمر!
كلُّ العصافير التي لاحقتْ
كفى على باب المطار البعيد
كل حقول القمح،
كل السجونِ،
كل القبور البيض
كل الحدودِ،
كل المناديل التي لوَحتْ،
كل العيونِ
كانت معي، لكنهم
قد أسقطوها من جواز السفر!
عارٍ من الاسم، من الانتماء ْ؟
في تربة ربَّيتها باليدينْ؟
أيوب صاح اليوم ملء السماء:
لا تجعلوني عبرة مرتين!
يا سادتي! يا سادتي الأنبياء
لا تسألوا الأشجار عن اسمها
لا تسألوا الوديان عن أُمها
من جبهتي ينشق سيف الضياء
ومن يدي ينبع ماء النهر
كل قلوب الناس... جنسيتي
فلتسقطوا عني جواز السفر!