مشاهدة النسخة كاملة : النصية العروضية - د. محمد جمال
خشان خشان
04-30-2013, 08:09 AM
نَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ: قَانُونُ الْمَجَالِ
للدكتور محمد جمال صقر
لا ريبَ في أن تراثَ الإنسان وهو نتاج حياته كلها ماديها ومعنويها، مستمرٌّ من الإنسان السالف إلى الإنسان الخالف، ولا في أن الإنسان الخالف يحيا به كما حَيِيَ به الإنسان السالف، ولا في أن هذا التراث بنيان متطاول بكل ما يستحدثه الإنسان الخالف، حتى إنه هو نفسه ليقف منه كُلَّ حين على أطول مما وقف عليه من قبل!
وليس تراث الإنسان أشبه بشيء منه بالشجرة الحية فرعها وجذرها؛ فنتاج حياته المادي أشبه بفرعها، ونتاج حياته المعنوي أشبه بجذرها، ولا ظهور للجذر إلا بالفرع، ولا حياة للفرع إلا بالجذر. وما نتاج حياته المعنوي إلا ثقافته، واللغة قلب ثقافته النابض، والشعر عصب لغته المشدود، والعَرُوضُ قِوَام شعره القائم!
ومن طلب عروض الشعر اشتغل بشعر الشعراء -ومن طلب علم عروض الشعر اشتغل بعلم العلماء- فطالب العروض هو طالب الشعر؛ إذ العروض هو قِوَام الشعر الطبيعي القائم في أصل وجوده، فأما طالب علم العروض فهو طالب علم الشعر.
وينشأ طالب الشعر منا على استيعاب تراث الشعر، ثم اتِّباعه اتباعًا أعمى، ثم اتِّباعًا بَصيرًا، ثم الابْتِداع فيه. وسواءٌ على تراث الشعر أكان طالب الشعر في هذه المرحلة أم تيك أم تلك؛ فلن يكون مُبْتَدِعًا إلا فيه، كما لم يكن مُتَّبِعًا إلا له؛ فهو -لا بُدَّ- حاضِرُه وإن غَيَّبَه!
يَسْمَعُ طالبُ الشعرِ الشعرَ، أو يَقرؤُه، أو يَذْكُرُه؛ فتجيش بصدره موسيقاه العروضية نفسها أو غيرها، فيُغَنِّيها بقصيدة لنفسه في التعبير عن هَمٍّ من همومه. وليست الموسيقى العروضية التي يغنيها أَعْلَقَ من غيرها بما سَمِعَ أو قَرَأَ أو ذَكَرَ؛ فلن تخلو موسيقاه مُوَافِقَةً ومُقَابِلَةً ومُوَازِيَةً، من أن تكون وجها من وجوه تركيب المفردات العروضية نفسها.
وبالخصائص الوزنية (البحر أي نمط الوزن، وطول القصيدة أي عدد أبياتها، وطول البيت أي عدد تفعيلاته، وصُوَر التفعيلات أي أحوال سلامتها وتغيُّرها)، والقافوية (الرَّوِيّ أي أَثْبَت أصوات أواخر الأبيات، والمَجْرى أي حركة الروي إذا تَحَرَّك -وربما سَكَن فلم تكُنْ- والرِّدْف أي حرف اللين المُلْتَزم قبل الروي أو التَّأْسيس أي حرف الألف المُلْتَزم قبل ما قبل الروي -وربما جُرِّدْ من أيٍّ منهما فلم يكن- والوصل أي حرف تمكين الروي إذا تحرك، وربما سكن فلم يكن)- بهذه الخصائص الوزنية والقافوية جميعا معا تَتَوَلَّدُ الموسيقى العروضية، وتَسْتَنْزِلُ لطالب الشعر قصائدَها من شواهقها، وتُغْريه بها، فيُوافقُها (يُتابعُها، ويُطابقُها)، أو يُقابلُها (يُعاكسُها، ويُضادُّها)، أو يُوازيها (يُباريها، ويُسابقُها).
وبذلك اشْتَمَلَ نقدُ الشعر على أبواب "السَّرِقة" و"المُسَاجَلة" و"المُعَارَضَة"، حتى تَعَصَّبَتِ العُصَبُ، واختلفتِ النُّصَرَاءُ والخُصَمَاءُ- ثم اسْتَبْدَلَ بها بابَ التَّنَاصِّ (تداخل النصوص)، حتى ثَبَتَ في طبيعة الشعر اعتلاقُ القصائد، وتحوَّل متلقوها عن اتهام أصحابها، إلى تذوق أساليب تَوارُدهم وتَكَامُلهم.
وفي أثناء موافقة القصائد ومقابلتها وموازاتها، يَتَكَوَّنُ لطالب الشعر أسلوبه الذي تَرْسُمُهُ مواهبه التَّلِيدة ومكاسبه الطَّرِيفة، وتُلَوِّنُه مناهله المتدفِّقة وتجاربه المتعمِّقة، حتى إن القصيدة لَتُعْرَضُ على المتلقين غُفْلًا، فينسبونها إلى صاحبها، بما عرفوا من أسلوبه.
ذلك قانون المجال الذي تَجُولُهُ قصائدُ الشعر (حركتها)، وتجول فيه (إطارها)؛ فمن خصائص وزن "مَفْعَل" في متن اللغة العربية -وكلمة "مَجَال" على وزن "مَفْعَل" بأنَّ أصلها "مَجْوَل"- تَحَمُّل الدلالة على المصدر إذا دَلَّ السياق على أن الكلمة مَصْدَرٌ مِيمِيٌّ (جَوَلان شديد)، وعلى الزمان إذا دَلَّ السياق على أن الكلمة اسم زمان (زمان الجَوَلان)، وعلى المكان إذا دَلَّ السياق على أن الكلمة اسم مكان (مكان الجَوَلان)، ولا يمتنع أن يتسع الإطار لكل ما يشبه الزمان والمكان في إحاطة حركة قصائد الشعر.
على حركة قصائد الشعر موافقة ومقابلة وموازية، مِنْ داخل أُطُرِها المعتبرة- ينبسطُ سلطانُ قانون المجال، ويراعيه وُجودًا وعَدَمًا طالبُ علم الشعر، لأن طالب الشعر يخضع له عَفْوًا وقَصْدًا.
************
يتصل بهذا الموضوع كل من :
1- ( الفرق يين العروض وعلم العروض )
http://arood.com/vb/showthread.php?t=4194
2-الشمولية مبدأ كل العلوم.
http://arood.com/vb/showthread.php?t=3566
(ثناء صالح)
04-30-2013, 08:17 PM
"
وليس تراث الإنسان أشبه بشيء منه بالشجرة الحية فرعها وجذرها؛ فنتاج حياته المادي أشبه بفرعها، ونتاج حياته المعنوي أشبه بجذرها، ولا ظهور للجذر إلا بالفرع، ولا حياة للفرع إلا بالجذر. وما نتاج حياته المعنوي إلا ثقافته، واللغة قلب ثقافته النابض، والشعر عصب لغته المشدود، والعَرُوضُ قِوَام شعره القائم! "
أعجبني هذا التشبيه ،
يكاد ينطبق على كامل الإنجاز الحضاري للإنسان . . ومغزاه أن الأساس المعنوي أو الفكري وهو غير باد للعيان أصل للظاهرة الملحوظة والملموسة التي يتم التعامل معها كفرع في مجال ما . . ولا إدراك للحقيقة دون الربط بين الفرع والأصل
خشان خشان
05-01-2013, 08:49 AM
"
وليس تراث الإنسان أشبه بشيء منه بالشجرة الحية فرعها وجذرها؛ فنتاج حياته المادي أشبه بفرعها، ونتاج حياته المعنوي أشبه بجذرها، ولا ظهور للجذر إلا بالفرع، ولا حياة للفرع إلا بالجذر. وما نتاج حياته المعنوي إلا ثقافته، واللغة قلب ثقافته النابض، والشعر عصب لغته المشدود، والعَرُوضُ قِوَام شعره القائم! "
أعجبني هذا التشبيه ،
يكاد ينطبق على كامل الإنجاز الحضاري للإنسان . . ومغزاه أن الأساس المعنوي أو الفكري وهو غير باد للعيان أصل للظاهرة الملحوظة والملموسة التي يتم التعامل معها كفرع في مجال ما . . ولا إدراك للحقيقة دون الربط بين الفرع والأصل
إعجابك بهذه الفقرة يمثل رقيك الفكري. وتعميم مفهومها تحقيق للغاية الأسمى من رسالة الرقمي الفكرية.
سلمت أستاذتي .
(ثناء صالح)
05-01-2013, 06:05 PM
إعجابك بهذه الفقرة يمثل رقيك الفكري. وتعميم مفهومها تحقيق للغاية الأسمى من رسالة الرقمي الفكرية.
سلمت أستاذتي .
شكرا أستاذ خشان
أرجو أن أكون عند حسن ظنك دائما . .
رسالة الرقمي الفكرية هي رسالتي .
خشان خشان
05-28-2013, 01:02 AM
نَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ: قَانُونُ الْمَقْطَعِ
للدكتور محمد جمال صقر
لا يخرج ما يُنْطَق من الأصوات اللغوية العربية في زَفْرَةِ هواء واحدة، عن أن يَتَكَوَّنَ به أَحَدُ هذه المقاطع الستة:
1 - قَصِيرٌ [س(ساكن)+ح(حركة)]،
2 - طَوِيلٌ مَفْتُوحٌ [س+ح+ح]،
3 - طَوِيلٌ مُغْلَقٌ [س+ح+س]،
4 - مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بِسَاكِنٍ وَاحِدٍ [س+ح+ح+س]،
5 - مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بِسَاكِنَيْنِ [س+ح+س+س]،
6 - مُتَطَاوِلٌ [س+ح+ح+س+س].
ومن المقاطع القصيرة والطويلة وحدها (1، 2، 3)، تتكون الكلمات في وَصْل نُطْقها الأصيل، فأما سائر المقاطع (4، 5، 6)، فتَعْرِضُ لها في وَقْف نُطْقها عُرُوضًا لا يقاس عليه، غير ما يكون في وَصْل نُطْقِها من عُروض المقطع المستطيل المغلق بساكن واحد (4)، إذا أَصَابَها إِدْغَامٌ بعد مقطعها الطويل المفتوح (2)، ولا يلبث الناطق أن يصطنع مِنِ اختلاس المَدِّ أو هَمْزِهِ أو تخفيف الإدغام، ما يعالج به استطالة هذا المقطع على كلماته، ليتصل نطقها بمقاطعها القصيرة والطويلة سهلا سريعا، بلا تَحَبُّس ولا تَعَثُّر.
ولا تخرج عن ذلك التفعيلاتُ العروضية على اختلاف بحور أبياتها، لا في هيئاتها القياسية (العلمية النظرية) القليلة السالمة: [فَعُولُنْ=1+2+3]، مَفَاعِيلُنْ [1+2+2+3]، فَاعِلَاتُنْ [2+1+2+3]، فَاعِلُنْ [2+1+3]، مُسْتَفْعِلُنْ [3+3+1+3]، مُفَاعَلَتُنْ [1+2+1+1+3]، مُتَفَاعِلُنْ [1+1+2+1+3]، مَفْعُولَاتُ [3+2+2+1]، مُسْتَفْعِ لُنْ [3+3+1+3]، فَاعِ لَاتُنْ [2+1+2+3]- ولا في هيئاتها الاستعمالية (الفنية التطبيقية) الكثيرة المُغَيَّرة بتقصير المقاطع الطويلة وتطويل القصيرة وفتح المغلقة وإغلاق المفتوحة، ثم لا في وصل نطقها أوائلَ الأبيات وأواسطَها مُتَكَوِّنَةً من المقاطع القصيرة والطويلة وحدها (1، 2، 3)، ولا في وقف نطقها أواخرَ الأبيات مُتَعَرِّضَة للمقاطع المستطيلة؛ ومن ثم كان في تمثيل مجاميع المقاطع العروضية برموز التفعيلات، تنبيهٌ قوي واضح على استمرار النظام اللغوي، على رغم ما يصطنعه بها النظام العروضي من تحديد وترتيب وتهذيب؛ فإنه إنما ينشئ إيقاعه الخاص، من داخل إيقاع اللغة العام.
ومن خلال نظام المقاطع المستمر يستطيع طالب الشعر أن يزيد في الوصل مقدارَ المقاطع القصيرة فيحدث من سرعة الإيقاع ما يلائم بعض المقامات، أو ينقصه فيحدث من بطء الإيقاع ما يلائم غيرها، وأن يزيد في الوقف مقدارَ المقاطع المستطيلة المغلقة بساكن واحد فيحدث من إطلاق المفاصل ما يلائم بعض المقامات، أو ينقصه فيحدث من تقييد المفاصل ما يلائم غيرها؛ وينبغي لطالب علم الشعر أن يختبر ذلك، فيثبته، أو ينفيه!
وربما ارتاب طالب علم الشعر في اجتماع اللغة والعروض على نظام مقطعي صوتي مستمر، بما افترقا في الموضعين الآتيين:
1 وَقْف نُطْقِ الْكَلِمَاتِ بِالْمَقْطَعِ الْمُتَطاوِلِ؛ فإنه مفتقد في وقف نطق التفعيلات.
2 وَقْف نُطْقِ التَّفْعِيلَاتِ بِالْمَقْطَعِ الطَّوِيلِ الْمَفْتُوحِ؛ فإنه مفتقد في وقف نطق الكلمات.
ولكنه ينبغي أن يعتمد على فِقْدان الموضع الأول بالعروض دون اللغة، في التنبيه على أن الناطق يصطنع بهذا المقطع في وقف نطق الكلمات من الاختلاس والتخفيف ما يعالج به تطاول المقطع المتطاول، مثلما اصطنع في وصل نطقها ما عالج به استطالة المقطع المستطيل، ليظل الوقف بعقب الوصل غير بعيد.
وكذلك ينبغي أن يعتمد على وِجْدان الموضع الآخر بالعروض دون اللغة، في التنبيه على أن وقف نطق الكلمات بالمقطع الطويل المفتوح، الغالب من قديم إلى حديث على كلمات قوافي الشعر العمودي، كان من وجوه الوقف القديمة العامة الثابتة بالسماع المُوَثَّق، التي انحسرت من سائر الكلام بقانون التطور اللغوي العام، واستمرت في الشعر بقانون التقاليد الفنية المحافظة.
على حركة مقاطع الكَلِم قَصيرةً وطَويلةً، ينبسطُ سلطانُ قانونِ المَقْطَعِ، ويراعيه وُجودًا وعَدَمًا طالبُ علم الشعر، لأن طالب الشعر يخضع له عَفْوًا وقَصْدًا.
****
رموز العروض الرقمي صالحة من حيث الشكل للتعبير بصورة جد مناسبة عن الرموز المستعملة في موضوع أستاذنا د. محمد جمال صقر كما يتضح في الجدول التالي :
وفيما يلي نقل لسائر المقالة بلغة الرقمي مع ملاحظة استبعاد استعمال الرقم 3 للوتد كما في الأصل ويلي تعليق حول ذلك:
لا يخرج ما يُنْطَق من الأصوات اللغوية العربية في زَفْرَةِ هواء واحدة، عن أن يَتَكَوَّنَ به أَحَدُ هذه المقاطع الستة:
1 - قَصِيرٌ ..........................................مثل لَ = 1
2 - طَوِيلٌ مَفْتُوحٌ ،..................................مثل لا = 2
3 - طَوِيلٌ مُغْلَقٌ ...................................مثل لمْ = 2*
4 - مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بِسَاكِنٍ وَاحِدٍ ...................مثل لامْ = 2 ه
5 - مُسْتَطِيلٌ مُغْلَقٌ بساكنين ....................مثل لمْتْ = 2* ه
6 - مُتَطَاوِلٌ................... مثل لامْبْ (بالإنجليزية) = 2 ه ه
ومن المقاطع القصيرة والطويلة وحدها (1 ، 2 ، 2* )، تتكون الكلمات في وَصْل نُطْقها الأصيل، فأما سائر المقاطع (2 ه ، 2* ه ، 2 ه ه ) ، فتَعْرِضُ لها في وَقْف نُطْقها عُرُوضًا لا يقاس عليه، غير ما يكون في وَصْل نُطْقِها من عُروض المقطع (2 ه ) إذا أَصَابَها إِدْغَامٌ بعد مقطعها الطويل المفتوح (2)، ولا يلبث الناطق أن يصطنع مِنِ اختلاس المَدِّ أو هَمْزِهِ أو تخفيف الإدغام، ما يعالج به استطالة هذا المقطع على كلماته، ليتصل نطقها بمقاطعها القصيرة والطويلة سهلا سريعا، بلا تَحَبُّس ولا تَعَثُّر.
ولا تخرج عن ذلك التفعيلاتُ العروضية على اختلاف بحور أبياتها، لا في هيئاتها القياسية (العلمية النظرية) القليلة السالمة: [فَعُولُنْ=1+2+2*]، مَفَاعِيلُنْ [1+2+2+2*]، فَاعِلَاتُنْ [2 1 2 2*]، فَاعِلُنْ [2 1 2*]، [ مُسْتَفْعِلُنْ 2*2*1 2*]، مُفَاعَلَتُنْ [1 2 1 1 2* ]، مُتَفَاعِلُنْ [1 1 2 1 2*] ، مَفْعُولَاتُ [2* 2 2 1]، مُسْتَفْعِ لُنْ [2* 2* 1 2 ]، فَاعِ لَاتُنْ [2 1 2 2*]- ولا في هيئاتها الاستعمالية (الفنية التطبيقية) الكثيرة المُغَيَّرة ( حيث 2 تصير 1) و ( 1 تصير 2) و( 2* تصير 2) و ( 2* تصير 2) ، ثم لا في وصل نطقها أوائلَ الأبيات وأواسطَها مُتَكَوِّنَةً من المقاطع القصيرة والطويلة وحدها (1، 2، 2*)، ولا في وقف نطقها أواخرَ الأبيات مُتَعَرِّضَة للمقاطع ( 2ه و 2* ه) ؛ ومن ثم كان في تمثيل مجاميع المقاطع العروضية برموز التفعيلات، تنبيهٌ قوي واضح على استمرار النظام اللغوي، على رغم ما يصطنعه بها النظام العروضي من تحديد وترتيب وتهذيب؛ فإنه إنما ينشئ إيقاعه الخاص، من داخل إيقاع اللغة العام.
ومن خلال نظام المقاطع المستمر يستطيع طالب الشعر أن يزيد في الوصل مقدارَ المقاطع القصيرة فيحدث من سرعة الإيقاع ما يلائم بعض المقامات، أو ينقصه فيحدث من بطء الإيقاع ما يلائم غيرها، وأن يزيد في الوقف مقدارَ المقاطع المستطيلة المغلقة بساكن واحد فيحدث من إطلاق المفاصل ما يلائم بعض المقامات، أو ينقصه فيحدث من تقييد المفاصل ما يلائم غيرها؛ وينبغي لطالب علم الشعر أن يختبر ذلك، فيثبته، أو ينفيه!
وربما ارتاب طالب علم الشعر في اجتماع اللغة والعروض على نظام مقطعي صوتي مستمر، بما افترقا في الموضعين الآتيين:
1 وَقْف نُطْقِ الْكَلِمَاتِ بِالْمَقْطَعِ ( 2 ه ) و (2* ه) ؛ فإنه مفتقد في وقف نطق التفعيلات.
2 وَقْف نُطْقِ التَّفْعِيلَاتِ بِالْمَقْطَعِ 2؛ فإنه مفتقد في وقف نطق الكلمات.
ولكنه ينبغي أن يعتمد على فِقْدان الموضع الأول بالعروض دون اللغة، في التنبيه على أن الناطق يصطنع بهذا المقطع في وقف نطق الكلمات من الاختلاس والتخفيف ما يعالج به تطاول ( 2 ه ه )، مثلما اصطنع في وصل نطقها ما عالج به استطالة المقطع 2 ه ، ليظل الوقف بعقب الوصل غير بعيد.
وكذلك ينبغي أن يعتمد على وِجْدان الموضع الآخر بالعروض دون اللغة، في التنبيه على أن وقف نطق الكلمات بالمقطع 2، الغالب من قديم إلى حديث على كلمات قوافي الشعر العمودي، كان من وجوه الوقف القديمة العامة الثابتة بالسماع المُوَثَّق، التي انحسرت من سائر الكلام بقانون التطور اللغوي العام، واستمرت في الشعر بقانون التقاليد الفنية المحافظة.
على حركة مقاطع الكَلِم 1 و 2 ، ينبسطُ سلطانُ قانونِ المَقْطَعِ، ويراعيه وُجودًا وعَدَمًا طالبُ علم الشعر، لأن طالب الشعر يخضع له عَفْوًا وقَصْدًا.
***********
يجري أستاذنا في عرضه السابق مجرى العروضيين الغربيين في اعتبار الوتد 1 2 وعدم استعمال مجموعهما الرقم 3 وهو ذو أهمية بالغة في العروض العربي. ذلك أن التمييز بين 3 = 1 2 الناجمة من زحاف أول السببين والوتد 3 = 1 2 ضروري. في العروض العربي بينما لا يكاد يوجد تمييز في أعاريضهم بينهما. وإلى هذا النحو نحا د. الصويان في شرحه لقوالب الشعر النبطي، والزحاف فيه معدوم باستثناء 2 2 في أول الشطر وآخره حيث يجوز أن تؤول إلى 1 2
ويحضرني هنا قول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002
http://www.arood.com/vb/showthread.php?p=2570#post2570
" وفي مقدمة ما خيّب الظن في كثير من دراسات المستشرقين والمتأثرين(21) بهم من علمائنا المحدثين، هو تعاملهم مع الشعر العربي، فوضعوا لـه مصطلح النبر والمقطع القصير (الحركة)، والمقطع الطويل (المتحرك +الساكن)، أي أن فعولن، هي : فَـ+عو+لن. [ بالرقمي 1 2 2*]... وهكذا أدخل المستشرقون مصطلحات جديدة لا تمتُّ إلى العروض العربي بصلة، بل هي منقولة من الشعر الغربي... والمتأثرون بالمستشرقين وهم كثر، ينتقدون القدامى لأنهم أهملوا هذه المصطلحات في دراساتهم، ويأخذون عليهم أنهم قبلوا بأصوات الحروف بحسب حركات الإعراب، لأنها حركات ناقصة. إن أسلوب الأعاريض الأوروبية مختلف كل الاختلاف عن نظام البناء الصوتي الدقيق في الشعر العربي. وإن العجز في فهم "نظرية" الخليل الرياضية التي لم يعلنها نظرياً بل صوّرها بدوائره الخمس تصويراً، بقدر ما تتيح هذه الدوائر لظهور الوزن بحسب واقع الشعر العربي، دفع المستشرقين وسواهم إلى طلب العروض العربي بأدوات الشعر الغربي ومصطلحاته."
(أ. لحسن عسيلة)
05-28-2013, 01:41 AM
ويحضرني هنا قول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002
" وفي مقدمة ما خيّب الظن في كثير من دراسات المستشرقين والمتأثرين(21) بهم من علمائنا المحدثين، هو تعاملهم مع الشعر العربي، فوضعوا لـه مصطلح النبر والمقطع القصير (الحركة)، والمقطع الطويل (المتحرك +الساكن)، أي أن فعولن، هي : فَـ+عو+لن. [ بالرقمي 1 2 2*]... وهكذا أدخل المستشرقون مصطلحات جديدة لا تمتُّ إلى العروض العربي بصلة، بل هي منقولة من الشعر الغربي... والمتأثرون بالمستشرقين وهم كثر، ينتقدون القدامى لأنهم أهملوا هذه المصطلحات في دراساتهم، ويأخذون عليهم أنهم قبلوا بأصوات الحروف بحسب حركات الإعراب، لأنها حركات ناقصة. إن أسلوب الأعاريض الأوروبية مختلف كل الاختلاف عن نظام البناء الصوتي الدقيق في الشعر العربي. وإن العجز في فهم "نظرية" الخليل الرياضية التي لم يعلنها نظرياً بل صوّرها بدوائره الخمس تصويراً، بقدر ما تتيح هذه الدوائر لظهور الوزن بحسب واقع الشعر العربي، دفع المستشرقين وسواهم إلى طلب العروض العربي بأدوات الشعر الغربي ومصطلحاته."
كلام يكتب بماء الذهب ،
خشان خشان
06-05-2013, 11:12 PM
نَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ: وَاقِعُ الْعُلُومِ الْإِنْسَانِيَّةِ
للدكتور محمد جمال صقر
تسعى العلوم الطبيعية التي تَتَشَبَّهُ بها العلوم الإنسانية، إلى السيطرة على الظواهر الطبيعية، بإنجاز الأعمال الثلاثة الآتية:
1 وَصْف حُدوث الظواهر وَصْفًا كَافِيًا شَافِيًا.
2 تَفْسِير حُدوث الظواهر تَفْسِيرًا صَحِيحًا نَاجِحًا.
3 تَوَقُّع حُدوث الظواهر المَوْصُوفَةِ المُفَسَّرَةِ.
وقد وُفِّقَت العلوم الإنسانية في سبيل تشبهها بالعلوم الطبيعية، إلى إنجاز العمل الأول فقط، كما رأت يمنى طريف الخولي في "فلسفة العلم في القرن العشرين"؛ إذ قد عاقتها عن سائر الأعمال طائفتان من العوائق:
1 عَوائِقُ طَبيعةِ الظواهر الإنسانية.
2 عَوائِقُ طَبيعةِ عَلاقةِ الباحث عنها بها.
فمن الطائفة الأولى أن الظواهر الإنسانية مُعَقَّدة، مُتَعَدِّدة الجوانب الظاهرة والباطنة غير المتطابقة، مُتَحَرِّرة، سَرِيعَة التَّغَيُّر. ومن الطائفة الآخرة اتِّحاد الباحثِ هو والظواهرِ الإنسانية التي يَبْحثُ عنها، حتى لَيَكادُ يستحيل أن يخلو بحثه عنها من رأيه فيها وميله إليها.
وعلى رغم ذلك اجتهدت العلوم الإنسانية في إنجاز الأعمال الباقية ولا سيما العمل الثاني (تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ناجحا)، حتى ظهرت فيها النظريات المختلفة التي تدل بظهورها على مبلغ هذا الاجتهاد، وباختلافها على مبلغ ذلك التَّعْوِيق!
إن ظهور النظرية هو علامة اكتمال التفسير الصحيح الناجح؛ فما هي إلا فَرْضٌ علمي يُؤَلِّفُ بين عدة قوانين، على مبدأ واحد يُنْطَلَقُ منه إلى الاستنباط، كما رأى مجمع اللغة العربية بالقاهرة في "المعجم الفلسفي". وكل قانون من قوانينها إنما هو قاعدة مُلْزِمة تعبر عن طبيعةِ شيءٍ ما المثاليةِ، لِتَكونَ المعيارَ الذي ينبغي أن يلتزمه هذا الشيء لِيَكونَ.
ولقد وَلَّدْتُ نظرية النصية العروضية، من بين نظريات اللُّغويِّين النَّصِّيِّينَ ونظريات اللُّغويِّين العَروضيّين جميعا معا، لتعيش في كَنَف علم لغة النص الشعري، على القصائد الطبيعية الكاملة الواصلة (التي تَلَقّاها المتلقون بأية طريقة من طُرُق التَّلقِّي على أنها نصوص شعرية طبيعية كاملة)، لا الأبيات المُبْتَسَرة الناقصة الضالّة (التي لم يتلقَّها المتلقون على أنها كذلك)، وتَسْتَدِلَّ بخصائصها وعلاقاتها النصية العروضية على طبيعة وجودها، وبطبيعة وجودها على خصائصها وعلاقاتها النصية العروضية، تَحْديدًا وتَرْتيبًا وتَهْذيبًا؛ فقد تشاركت اللغة والعروض تشاركا كاملا مستمرا، في اختيار العناصر النصية العروضية كلها وإبدال بعضها من بعض وُصولًا إلى تَحْديد العنصر المناسب، وفي تقديم بعضها وتأخير بعضها وُصولًا إلى تَرْتيب الوضع المناسب، وفي إضافة بعضها وحذف بعضها وُصولًا إلى تَهْذيب المقدار المناسب.
وحرصتُ في كل قانون من قوانين هذه النظرية التسعة ("قانون المَجال"، و"قانون الطُّول"، و"قانون الفَصْل"، و"قانون الفِقْرة"، و"قانون الجُمْلة"، و"قانون التَّعْبير"، و"قانون الكَلِمة"، و"قانون المَقْطَع"، و"قانون الصَّوْت")- على أن يرتدي جسمَه اللغوي روحُه العَروضيُّ ويسعى به، تنبيها على طبيعة عمل طالب الشعر، التي ينبغي لطالب علم الشعر أن يراعيها.
(ثناء صالح)
06-08-2013, 01:21 AM
نَظَرِيَّةُ النَّصِّيَّةِ الْعَرُوضِيَّةِ: وَاقِعُ الْعُلُومِ الْإِنْسَانِيَّةِ
للدكتور محمد جمال صقر
تسعى العلوم الطبيعية التي تَتَشَبَّهُ بها العلوم الإنسانية، إلى السيطرة على الظواهر الطبيعية، بإنجاز الأعمال الثلاثة الآتية:
1 وَصْف حُدوث الظواهر وَصْفًا كَافِيًا شَافِيًا.
2 تَفْسِير حُدوث الظواهر تَفْسِيرًا صَحِيحًا نَاجِحًا.
3 تَوَقُّع حُدوث الظواهر المَوْصُوفَةِ المُفَسَّرَةِ.
وقد وُفِّقَت العلوم الإنسانية في سبيل تشبهها بالعلوم الطبيعية، إلى إنجاز العمل الأول فقط، كما رأت يمنى طريف الخولي في "فلسفة العلم في القرن العشرين"؛ إذ قد عاقتها عن سائر الأعمال طائفتان من العوائق:
1 عَوائِقُ طَبيعةِ الظواهر الإنسانية.
2 عَوائِقُ طَبيعةِ عَلاقةِ الباحث عنها بها.
فمن الطائفة الأولى أن الظواهر الإنسانية مُعَقَّدة، مُتَعَدِّدة الجوانب الظاهرة والباطنة غير المتطابقة، مُتَحَرِّرة، سَرِيعَة التَّغَيُّر. ومن الطائفة الآخرة اتِّحاد الباحثِ هو والظواهرِ الإنسانية التي يَبْحثُ عنها، حتى لَيَكادُ يستحيل أن يخلو بحثه عنها من رأيه فيها وميله إليها.
وعلى رغم ذلك اجتهدت العلوم الإنسانية في إنجاز الأعمال الباقية ولا سيما العمل الثاني (تفسير الظواهر تفسيرا صحيحا ناجحا)، حتى ظهرت فيها النظريات المختلفة التي تدل بظهورها على مبلغ هذا الاجتهاد، وباختلافها على مبلغ ذلك التَّعْوِيق!
إن ظهور النظرية هو علامة اكتمال التفسير الصحيح الناجح؛ فما هي إلا فَرْضٌ علمي يُؤَلِّفُ بين عدة قوانين، على مبدأ واحد يُنْطَلَقُ منه إلى الاستنباط، كما رأى مجمع اللغة العربية بالقاهرة في "المعجم الفلسفي". وكل قانون من قوانينها إنما هو قاعدة مُلْزِمة تعبر عن طبيعةِ شيءٍ ما المثاليةِ، لِتَكونَ المعيارَ الذي ينبغي أن يلتزمه هذا الشيء لِيكون .
.
أعتقد أن تفسير الظاهرة في العلوم الإنسانية سيعود ليرتكز على العلوم الطبيعية وخاصة على علوم الفيزيولوجيا العصبية وعلى الأساسين العصبي والنفسي لعلم السلوك بما يتضمنانه من المنعكسات العصبية . .وأستشهد على توقعاتي هذه بعلم (الصوتيات ) في اللغة الإنكليزية . وما يقابله من ظاهرة تحوير الألفاظ في اللهجات العربية باختلاف البيئات . .إذ يأتي تقارب مخارج الحروف وما يرافقه الخصائص الحسية العصبية الانعكاسية لعمليات السمع والنطق والتذكر شاهدا على ارتكاز الظاهرة اللغوية والنفسية على الأساس الفيزيولوجي العصبي . .
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir