المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : النثر المشعور



(ثناء صالح)
02-03-2013, 06:15 PM
يدعي هواة كتابة ما يسمى (بالشعر المنثور) أنهم قد تحرروا من قالب الشعر الجاهز الذي يفرضه عليهم العروض الخليلي بثورتهم على الإيقاع الخارجي الصارم كي يبتكر كل منهم الإيقاع الخاص بقصيدته والذي هو ( إيقاع داخلي ) و أما الهدف العظيم الذي يحققونه جراء هذه الثورة فهو تفجير طاقات الإبداع في الصور الشعرية .
فهذه وجهة نظرهم التي يعتدون بها كي يروجوا لما يكتبونه من النثر على أنه جنس أدبي راق ليس أسوة بالشعر الموزون وإنما بالامتياز عنه . .
في مقالي هذا سأحاول مناقشة وجهة نظرهم تلك لنرى موضوعية ادعائهم .

وأرى أنه لابد أولا من الوقوف على بعض المفاهيم الضرورية في هذا السياق .

أولا: مفهوم الإيقاع المجرد كما أراه :
هو تكرار للمقاطع الصوتية المتباينة ينتظمه نسق خاص من التناوب بينها وفقا لقاعدة رياضية معينة ..
فتكرار المقطع دم بالتناوب مع المقطع (تك) في التركيب الصوتي التالي يشكل إيقاعا قويا واضحا : دم دم تك تك دم دم تك .‏‎....دم دم تك تك دم دم تك .....دم تك تك تك دم دم تك ..... دم تك دم تك دم دم تك ‎
وهو يعد إيقاعا لأنه يعتمد على قاعدة رياضية دقيقة في التناوب والتكرار بين المقطعين الصوتيين .فلو أبقينا على التكرار والتناوب في التركيب الصوتي مع إزالة القاعدة الرياضية الناظمة للعلاقة بينهما فسنحصل على ضجيج إيقاعي غير مستساغ وغير قابل للحفظ مثل ( دم تك تك دم دم دم ... تك ..دم ...تك تك تك تك تك تك دم دم دم دم ..تك تك تك ) .
والمسؤول الأول عن الإحساس بهذه الفوضى الإيقاعية في مثل هذا التركيب الصوتي هو فقدان علاقة التجاوب بين المقطعين الصوتيين و غياب الحوار بينهما ...فنحن من الناحية الحسية نستقبل التناغم بين المقاطع الصوتية المتباينة على أنه حوار صوتي متبادل ننتظر فيه رد كل من الطرفين ( دم و تك ) على الآخر في دوره . . فإذا بدأ كل منهما بالتغريد منفردا ودون تجاوب مع الآخر وتداخلت أصواتهما فذلك ضجيج مؤذ للمزاج ومسبب للصداع وملوث للبيئة .

من هنا فإن الذائقة السمعية تنفر مما يؤذيها من العشوائية الإيقاعية وتستسيغ ما يطربها من التناغم والانسجام في الإيقاع ..وهذه الاستساغة اللذيذة تصبح مع الإدمان عليها حاجة نفسية تؤثر في متطلبات الذائقة السمعية نفسها إذ تصقلها وتربيها بحيث تصبح مرهفة للموسيقى وقادرة على كشف الخلل في النغمة الموسيقية أو في إيقاع التركيب الصوتي ومن ثم التركيب اللفظي .‎

ثانيا : في مفهوم الصورة الشعرية :
نعلم جميعا أن الأدب ينتمي إلى علم الجمال ويحتكم إلى أحكامه وأن التعبير اللغوي لأدبي الأصيل يختلف عن التعبير العلمي أو الفكري بما يتطلبه من محاولة إثارة الحس الجمالي عند المتلقي ... وهذه الإثارة تتم بالتعبير عن التشكيل الفني الجمالي الماثل في خيال الأديب أو إحساسه أو فلسفته لغويا بما يسمى اصطلاحا بالصورة الشعرية هذا المسطلح الدي ألحق بالشعر دون غيره من الأجناس الأدبية مع بدء الدراسات النقدية العربية في العصر الحديث كوننا لم نكن نملك سوى ( الشعر ) كتراث أدبي مسيطر ليكون مادة للنقد الأدبي . لكن هل الصورة الشعرية كمفهوم فني جمالي خاصة بالشعر فقط . ؟

أريد أن أخرج عن هذا الاصطلاح لأوصل مفهوم الصورة الشعرية بردها إلى حقيقتها ( التشكيل أو التصوير أو التعبير الفني الجمالي ) فالتشكيل الجمالي ‎هو شرط العمل الفني الذي يسري على الأدب بجميع أجناسه لان الأدب فن . والرؤيا الفنية التي يمتلكها الفنان المبدع سواء أكان رساما أو نحاتا أو موسيقيا أو أديبا لن يكون لها سبيل ‎مشروع للظهور إلى الوجود سوى عبر التشكيل الجمالي . فالصورة الفنية (الشعرية ) هي حالة نفسية تعبيرية تعتمد على التناغم بين خيال الفنان وفلسفته للحياة وأدواته الفنية التي يعمل بها .. فالألوان والضوء هي أدوات الرسام ونوع الآلة الموسيقية والجملة الموسيقية هي أدوات الموسيقي ..أما الأديب فأدواته الكلمات ...وكل أديب شاعرا كان أو ناثرا مطالب بالتشكيل الجمالي وفق شروط الجنس الأدبي الذي يزاوله .

ثالثا : في مفهوم النثر :
النثر لغة هو البعثرة والتفريق . فنقول نثر الحب نثرا إذا رمى به متفرقا ، وهو عكس النظم . فحبات العقد تكون منثورة إذا تبعثرت في المكان ، وتكون منظومة إذا جمعها سلك واحد . ‎
والنثر اصطلاحا : هو الكلام الجيد المرسل بلا وزن ولا قافية ، والتسمية الصحيحة لكاتب النثر أن يسمى ناثرا لا شاعرا . لأن التسمية تعتمد على الجنس الأدبي الذي يزاول الأديب كتابته فمن يكتب الشعر فهو شاعر ومن يكتب النثر فهو ناثر، وذلك بغض النظر عن القيمة الفنية والجمالية وكثافة الصور الشعرية التي قد يتضمنها النص النثري ولا يتضمنها النص المنظوم وفق قواعد الشعر . فمجرد الدخول في إطار الأدب يعني أننا نتعاطى التعبير أو التشكيل الجمالي .

من هنا ...فإن التعبير الجمالي المتفوق عن الصور الشعرية والذي قد يسكن النص النثري مهما كان نوعه - قصة أو رواية أو خاطرة - لا يمكن أن يغير الجنس الأدبي للنص النثري كي تتم تسميته شعرا .

. . .يتبع

خشان خشان
02-03-2013, 08:06 PM
أستاذتي الكريمة
موضوع تأسس بدء على مغالطة الخلط بين المضمون والشكل أو القالب..

الشاعرية والتصوير متعلقان بصفات المضمون الذي يعبر عنه بالقالب النثري أو الشعري.

الشكل الشعر ي في الجاهلية والإسلام هو ذاته تغير المضمون فالشكل كالكأس والمضمون كالسائل الذي يملؤها.‏

من قرأ التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب رحمة الله عليه يدرك التمييز بين المضمون والقالب. ‏
القرآن الكريم في تصويره الفني وفي إيقاعيه الداخلي والخارجي لا يُعلى عليه. وما هو بشعر.‏ علاقة مصطلح ( قصيدة النثر ) لا ينبغي أن يغيب عنها هذا البعد.‏

اللحن الموسيقي ذاته قد يكون لشعر بليغ سام وقد يكون لشعر مسف هابط. كل هذا باب واضطراب اللحن باب آخر لا علاقة له بمضمون الشعر.

في مقابلة مع إحدى الفضائيات قال مقدم البرنامج : " لو تجاوزنا اعتبار القالب فما رأيكم في قصيدة النثر " وكان ردي: إن ‏تجاوزنا القالب ينتهي البرنامج فلا موضوع لدي أحكي فيه، فالمضمون الشعري والنثري سواء في احتمالي الهبوط ‏والرقي ولا شيء يخص النثر دون الشعر في مقام المضمون ليكون موضوع حوار مستقل " ‏

وهذه القضية مستوردة إلى التراث العربي الذي يعتبر فيه التمييز بين الشعر والنثر بدهيا بداهة تمايز الذكر والأنثى مع احترام كل منهما.

والـ ( يوني بويم - unipoem) أو الجندر الهجين مظهر لنظرة توحيد الجنسين الذكر والأنثى. وقصيدة النثر تأتي في سياق مصطلحات منها الأسرة من أنثيين أو ذكرين. واللذين يمكن من وجهة نظر المؤمنين بهما التحدث عن الإيقاع الداخلي في مضمونهما بعيدا عن شكليات المظهر.

على ذكر دم و تك أرجو أن تطلعي على أوزان الألجان

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

نقلت موضوع قصيدة النثر وضمنته اقتباس هذه الفقرة إلى منتدى ( قصيدة النثر } في منتدى المبدعين العرب :

http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?114539-%CA%DA%C8%ED%D1-(-%DE%D5%ED%CF%C9-%C7%E1%E4%CB%D1-)

والله يرعاك‏

(سحر نعمة الله)
02-03-2013, 08:10 PM
بوركتِ أستاذة ثناء

ما شاء الله


هل الصورة الشعرية كمفهوم فني جمالي خاصة بالشعر فقط . ؟



لا أظن ،،،

النثر فيه من الصور الجمالية ما تجعله يرتقي ويفوح منه الإبداع والتذوق.
فمثلا عندما قرأت للرافعي في وحي القلم ،

يجذبك -الرافعي- بروعة تصويره ودقة معانيه ،وفلسفة فكره المستنير ،فعندما يكتب عن المرأة تجده ينثر رقة الكلمات ونعومة الألفاظ وفلسفة الرؤية وريشة الفنان المجسد للواقع ،فتعيش وكأن الشخصيات تتجسد أمام الفكر والعين .
وعندما يبوح بسخرة الطبقية وفساد المجتمع واستعباد الفكر والجسد ،يتعامل بغلظة الكلمات وجمود المعاني ورمزية المغزى ونظرة الساخط الساخر .

هكذا يكون الأديب المتميز ..........ز

(حماد مزيد)
02-03-2013, 10:25 PM
نعم أستاذة ثناء
عندما يخرج الإيقاع عن زمنه المحدد ينبعث ضجيجا
كما الصوت في الجملة الموسيقية التي تتبع ترتيب معين في مقام ما
إذا خرج حرفها الموسيقي عن الزمن المحدد طولا أو قصرا يحدث ما يسمى بـ ( النشاز )
ودعيني أسحب كلمة (نشاز) على التسميات الأدبية التي تنضوي تحت عنوان موضوعكم ( النثر المشعور )
فقد فتح المجال واسعا لأن يكتب كل من مسك قلما بحجة التحرر حتى عم النشاز الأدب عموما
وليس القصيدة فحسب .
الفنون التشكيلية أيضا تتبع إيقاعا شكليا و لونيا على سبيل المثال ‘ فما بالكم
بهذا الكون الذي لو تأملنا فيه الحركة والشكل واللون والصوت و .. لوجدنا
ما يدبّ ويسكن به يتبع ترتيب ونظام وإيقاع معين (سبحان الله )
وأستثني من ذلك عبث بني آدم صاحب النشاز .

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 12:09 AM
تحية طيبة ،
أستاذتي المحترمة ثناء صالح ،
الصورة الشعرية الفاتنة ليست حكرا على جنس واحد من الادب ،
وأتفق معك في الفكرة التي تقول إن التعبير الجمالي المتميز لا يغير من طبيعة الجنس الأدبي شيئا ، حيث تبقى استقلالية الاجناس سيدة الموقف بغض النظر عن التفوق في التعبير الجمالي .
أما المدعون لقصيدة النثر والمحاربون لقوانين العروض ، فأولئك يدقون حيطاننا المتصدعة أصلا وثوابتنا الصامدة منذ قدم التاريخ ويتربصون بالأمة الدوائر ، منهم من يعي ذلك جيدا فهو إما عميل ممول وإما مهزوم نفسيا له باع طويل في جلد الذات ، وإما غر تابع قد يعذر بجهله ،
إنه مخطط طويل عريض كما يقول أخي وأستاذي خشان يبدأ بالعروض والنحو ولا ينتهي عندهما ، يروم إسقاط كل مقومات الأمة وثوابتها : اللغة : عروض ونحو وصرف ..... / الهوية / الدين / القرآن / مفهوم الأمة ......
ولكن : "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "
شكرا لك على هذه النزهة

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 12:41 AM
أستاذتي الكريمة
موضوع تأسس بدء على مغالطة الخلط بين المضمون والشكل أو القالب..

الشاعرية والتصوير متعلقان بصفات المضمون الذي يعبر عنه بالقالب النثري أو الشعري.

الشكل الشعر ي في الجاهلية والإسلام هو ذاته تغير المضمون فالشكل كالكأس والمضمون كالسائل الذي يملؤها.‏

من قرأ التصوير الفني في القرآن الكريم لسيد قطب رحمة الله عليه يدرك التمييز بين المضمون والقالب. ‏
القرآن الكريم في تصويره الفني وفي إيقاعيه الداخلي والخارجي لا يُعلى عليه. وما هو بشعر.‏ علاقة مصطلح ( قصيدة النثر ) لا ينبغي أن يغيب عنها هذا البعد.‏

اللحن الموسيقي ذاته قد يكون لشعر بليغ سام وقد يكون لشعر مسف هابط. كل هذا باب واضطراب اللحن باب آخر لا علاقة له بمضمون الشعر.

في مقابلة مع إحدى الفضائيات قال مقدم البرنامج : " لو تجاوزنا اعتبار القالب فما رأيكم في قصيدة النثر " وكان ردي: إن ‏تجاوزنا القالب ينتهي البرنامج فلا موضوع لدي أحكي فيه، فالمضمون الشعري والنثري سواء في احتمالي الهبوط ‏والرقي ولا شيء يخص النثر دون الشعر في مقام المضمون ليكون موضوع حوار مستقل " ‏

وهذه القضية مستوردة إلى التراث العربي الذي يعتبر فيه التمييز بين الشعر والنثر بدهيا بداهة تمايز الذكر والأنثى مع احترام كل منهما.

والـ ( يوني بويم - unipoem) أو الجندر الهجين مظهر لنظرة توحيد الجنسين الذكر والأنثى. وقصيدة النثر تأتي في سياق مصطلحات منها الأسرة من أنثيين أو ذكرين. واللذين يمكن من وجهة نظر المؤمنين بهما التحدث عن الإيقاع الداخلي في مضمونهما بعيدا عن شكليات المظهر.

على ذكر دم و تك أرجو أن تطلعي على أوزان الألجان

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/alhaan

نقلت موضوع قصيدة النثر وضمنته اقتباس هذه الفقرة إلى منتدى ( قصيدة النثر } في منتدى المبدعين العرب :

http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?114539-%CA%DA%C8%ED%D1-(-%DE%D5%ED%CF%C9-%C7%E1%E4%CB%D1-)

والله يرعاك‏


اللهم زدنا علما ،
لأول مرة أسمع بالـ ( يوني بويم - unipoem) شكرا لك أستاذي
محبتي واحترامي كما يليق

خشان خشان
02-04-2013, 06:07 PM
تحية طيبة ،
أستاذتي المحترمة ثناء صالح ،
الصورة الشعرية الفاتنة ليست حكرا على جنس واحد من الادب ،
وأتفق معك في الفكرة التي تقول إن التعبير الجمالي المتميز لا يغير من طبيعة الجنس الأدبي شيئا ، حيث تبقى استقلالية الاجناس سيدة الموقف بغض النظر عن التفوق في التعبير الجمالي .
أما المدعون لقصيدة النثر والمحاربون لقوانين العروض ، فأولئك يدقون حيطاننا المتصدعة أصلا وثوابتنا الصامدة منذ قدم التاريخ ويتربصون بالأمة الدوائر ، منهم من يعي ذلك جيدا فهو إما عميل ممول وإما مهزوم نفسيا له باع طويل في جلد الذات ، وإما غر تابع قد يعذر بجهله ،
إنه مخطط طويل عريض كما يقول أخي وأستاذي خشان يبدأ بالعروض والنحو ولا ينتهي عندهما ، يروم إسقاط كل مقومات الأمة وثوابتها : اللغة : عروض ونحو وصرف ..... / الهوية / الدين / القرآن / مفهوم الأمة ......
ولكن : "لا يحيق المكر السيئ إلا بأهله "
شكرا لك على هذه النزهة

أخي وأستاذي الكريم لحسن عسيلة

إليك ما يلي من الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?114539-%CA%DA%C8%ED%D1-(-%DE%D5%ED%CF%C9-%C7%E1%E4%CB%D1-)&p=911179&viewfull=1#post911179


تمنياتي بأن تعم الفائدة من هذه الحوارات النيرة وإثراءها بالكثير من الأفكار الجميلة والمعرفة التي تنقلنا إلى أبعد من المسمى إلى ماهية الشعر

تقديري لك أخي خشان

يثبت

شكرا لك أستاذتي وبارك الله فيك

1- "هل جزاء الإحسان إلا الإحسان "

2- "من يفعل الخير لا يعدم جوازيه ...... لا يذهب العرْف بين الله والناس"

المعنى متقارب في النصين

الأول نص قرآني والثاني شعر.

كان الخلاف بين المسلمين والمشركين حول " الشكل " وليس حول المضمون.

بعض المشركين أسموا النص الأول شعرا والمسلمون أسموه قرآنا

فالخلاف هو حول تسمية القالب أو الشكل.

والأمر ذاته في موضوعنا يدور حول التسمية وليس حول المضمون.

ولو تجاوز المسلمون وقبلوا تسمية القرآن شعرا لكان ذلك إقرارا بعدم وجود الوحي، ومن هنا جاءت أهمية تحديد تعريف الشعر وتحديد قالبه. إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية دقة التعبير لينسجم مع الخط الفكري العام لأمة من الأمم.

لم تنجح محاولة وضع القرآن في القالب الشعري من خلال التسمية أيام البعثة. القبول اليوم بتوسيع قالب الشعر وجعله مطاطا تحت مسمى ( قصيدة النثر ) ستكون له آثار وخيمة. إذ ستكون الخطوة التالية لدي بعضهم هي الزعم بأن القرآن أو بعضه نوع من قصيدة النثر.

استاذتي الكريمة

الشعر = مضمون شاعري + شكل شعري

المضمون الشعري وحده يجعل النص شاعريا في أي شكل كان. لا يجعله شعرا ولا يجعله قصيدة.

والشكل الشعري وحده يجعل النص نظما. وافتقاده لا يجعل النص نثرا.

وكما ترين فالخلاف معجمي في الدرجة الأولى. ولكنه ذو أبعاد فكرية، فالكلام يبرمج التفكير.

ومن هنا كان تسمية ( الأسرة) لزواج المرأة بالمرأة والرجل بالرجل ذات خطر داهم، وكانت تسميتهم مثليين انسجاما مع الخط الفكري الذي أنتجهما وترويجا له

ولهذه الأوضاع في ثقافتنا تسميات نابعة من هذه الثقافة وهي ذات مدلول مناهض لها.

لماذا نذهب بعيدا . أرجو أن تتكرمي بالاطلاع على الرابط :

http://azaheer.org/vb/showthread.php?12461-%CF%E1%C7%E1%C7%CA-%C7%E1%C3%E1%DD%C7%D9

لتري أثر استعمال الكلمات في تقرير مصائر الأمم والشعوب.

ويخطر ببالي سؤال :" حدد المسلمون الشعر شكلا بأنه ما قصد الشاعر قوله وأقله بيتان يلتزم فيها العروض والقافية. وهذاالتعريف يخرج الموافقات العرضية بين بعض مقاطع القرآن الكريم والشعر في شطر أو بيت من شبهة كون القرآن شعرا.
فهل يمكن لأحد ما أن يحدد تعريفا لقصيدة النثر بحيث لو طبقناه على النص القرآني نتبين بدلالة التعريف أن النص القرآني خارج هذا الإطار ؟ "
وسؤالي هنا علمي موضوعي مبرر وخاصة على ضوء الهجمة الحداثية على مقومات الأمة كافة.

يرعاك الله.

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 09:10 PM
ولو تجاوز المسلمون وقبلوا تسمية القرآن شعرا لكان ذلك إقرارا بعدم وجود الوحي، ومن هنا جاءت أهمية تحديد تعريف الشعر وتحديد قالبه. إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية دقة التعبير لينسجم مع الخط الفكري العام لأمة من الأمم.
نعم أستاي خشان ،كل أمة تنطلق من ثوابتها و موروثها الثقافي الأخلاقي ، الديني ، لتحدد وتبلور المفاهيم و المصطلحات الخاصة بها وذلك حتى لا يكون هناك أدنى تناقض بين هذه الأخيرة و الثوابت ،
وقليل من الناس من يدرك حجم النتائج الفادحة حال تناقض المصطلح و الثابت في أمة ما ،
ولعل الإمام أحمد رحمة االله عليه ، آثر السجن و العذاب على القول بخلق القرآن الكريم ، لما يعلم من مصائب عقدية تترتب على هذا التعريف الخطير ، أقلها أن يقول قائل إذا كان القرآن الكريم مخلوقا بشهادة العلماء الكبار ، فإن المنطق يقول إن كل مخلوق له بداية ونهاية ، والقرآن مخلوق كذلك وعليه فالقرآن ما دام مخلوقا كباقي المخلوقات فهو غير صالح لكل زمان ومكان وإنما كان صالحا في وقت نزوله ، ولم يعد اليوم كذلك ، وهذا الكلام الفاسد كما ترى إنما هو نتيجة مصطلح يتنافى ومعتقدات الأمة ،
رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة ،


ويخطر ببالي سؤال :" حدد المسلمون الشعر شكلا بأنه ما قصد الشاعر قوله وأقله بيتان يلتزم فيها العروض والقافية. وهذاالتعريف يخرج الموافقات العرضية بين بعض مقاطع القرآن الكريم والشعر في شطر أو بيت من شبهة كون القرآن شعرا.

هذه الفقرة تضيف شرطا آخر لتعريف الشعر ، ألا وهو النية والقصد وقد أضافه علماء الامة وأدباؤها المعتبرون ، ذلك ليُخرجوا كل الأبيات الواردة في القرآن الكريم وتلك التي خرجت من في الرسول صلى الله عليه وسلم من غير أن يقصد بها الشعر كقوله ، فداه أبي وأمي وولدي :
أنا النبي لا كذب /// أنا ابن عبد المطلب
وقوله عليه الصلاة والسلام :
هل أنت إلا أصبع دميت // وفي سبيل الله ما لقيت
كل ذلك ليخرجو ا كل قول يوافق الشعر - وزنا - عن جنس الشعر سواء كان قول النبي صلى الله عليه وسلم أو قرآنا أو حتى كلام أي إنسان ، لم يرد به الشعر أصلا ، وربما تطرق الجاحظ لهذه القضية في إحدى مؤلفاته ،

كل هذه الإضافات على تعريف حد الشعر حتى لا يتعارض و عقيدتنا التي تقول بأن القرآن ليس بشعر والرسول ليس بشاعر ، والكلام الجاري مجرى الشعر عفوا بغير قصد هو كذلك ليس شعرا ، ولله أعلى وأعلم ،
وخلاصة الكلام إن المصطلح يظل متها حتى تثبت براءته ،
ولأمر ما عندنا في المغرب تـُدعى "عايشة قنديشة " كل روح شريرة .
أليست عاشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها ؟

تحياتي أستاذي الكريم

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 09:43 PM
أخي وأستاذي الكريم لحسن عسيلة

إليك ما يلي من الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...l=1#post911179

كان حوارا هادئا ، مفيدا ، محفزا على التأمل و البحث بصراحة ،
أعجبني ردك على الأخت الكريمة نجلاء الرسول ،
فلو أن الرعيل الأول سلم بشعرية القرآن الكريم ، لكانت الأجيال بعده أربكت أيما إرباك ، خاصة وأن المصطلح له حمولة كبيرة ثقافية وعقدية و...... ، ولأتى من يقول إن القرآن شاعري ولا يعدو أن يكون صاحبه عليه الصلاة و السلام شاعرا بالضرورة وذاك ما لا ينبغي له وهو ما نفاه القران جملة وتفصيلا ،
إذن لنبقى في حدود التعريف الشامل المتعارف عليه لكي نبقى ولا نذوب في حضارة الآخر : قول موزون مقفى يدل على معنى بقصد ونية .

نعلم أن الكثير من الناس يتبنون مفاهيم ومصطلحات بحسن نية ، ولكن التدقيق بل التمحيص أمسى ضرورة
أكيدة في وقتنا المعاصر ، فلا شيء بريء للحقيقة ، وإذا سلمنا بأن بعض المتبنين لبعض المفاهيم المتعارضة و العقيدة نياتهم حسنة ، فمن يضمن لنا ألآ يتأثر سلبا ، مليار ونصف المليار مسلم موحد ، جراء تعريف خديج ؟؟؟
تحياتي كما يليق

خشان خشان
02-04-2013, 10:07 PM
شكرا لك أستاذي لحسن

ومع أني أتحرج من أي وصف للقرآن بمشتقات الجذر (شعَر )

إلا أن القول بشعرية القرآن أخطر من القول ب شاعرية القرآن . فإن أمكن التأويل في الشاعرية وإبعادها عن الشكل وقصرها على شيء من رقي المضمون انطلاقا من تقديم حسن الظن بالقائل، فلا مجال لذلك في القول ب ( شعرية ) القرآن فهي حسب المفهوم السائد تتناول الشكل والمضمون. إ

ومع ذلك يبقى البحث عن تبرير ينسجم وتقديم حسن الظن بالقائل وافتراض أن ذلك إنما هو ظل لما يراه من أن الشعر هو كل كلام جميل موزونا كان أم غير موزون. وفي هذا من الاندياح ما لا يخفى.

أرجو متابعة بقية الحوار هناك .

يرعاك ربي.

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 10:16 PM
إلا أني القول بشعرية القرآن أخطر من القول ب شاعرية القرآن . فإن أمكن التأويل في الشاعرية وإبعادها عن الشكل وقصرها على شيء من رقي المضمون انطلاقا من تقديم حسن الظن بالقائل، فلا مجال لذلك في القول ب ( شعرية ) القرآن فهي حسب المفهوم السائد تتناول الشكل والمضمون. إ





كنت سأسألك عن الفرق بين الشاعرية و الشعرية ، وها أنت وضحت لي بما لا يدع مجالا للشك ، فلك جزيل الشكر

يرعاك الله

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 10:30 PM
ما زلت متابعا للحوار الجميل بمنتدى ملتقى الأدباء مع الأخت نجلاء الرسول على الرابط : http://www.almolltaqa.com/vb/showthr...l=1#post911179
فتح الله عليك وأيدك بنصره ،
أعجبني قولك هذا كثيرا :

هنا لا جدوى من ترديد كل منا دعواه في حال غياب مرجعية نتفق عليها.
أراك هدمت المرجعية المتفق عليها، وطالما لم نتفق على هدمها. ثم التاسيس لمرجعية أخرى نتفق عليها - ولن أوافقك - فسيبقى كلامنا معادا كل يردد رأيه حسب مرجعيته الخاصة.
ولا يجدي الحوار في الفروع بدون الاتفاق على الأصول.


وهذا كذلك :

أستاذتي التسمية لا سواها موضوع حوارنا

(أ. لحسن عسيلة)
02-04-2013, 10:44 PM
حرب المصطلحات

قالوا عن حبيبنا وقدوتنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه عظيم من عظماء التاريخ بل قالوا هو أعظم عظماء التاريخ وهؤلاء كلهم غربيون ، وألفوا في ذلك المؤلفات ، وترجموها وجعلوها في متناول المسلمين ، يخاطبون العقول الغرة ، حتى إذا تركز المفهوم في الأجيال اللاحقة وتبنوه بحمولته ، قيل لهم عندئذ : نعم محمد عظيم من عظماء التاريخ ولا يخلو التاريخ من عظماء ...........
طيب لم َ لم ْ يصرحوا ويقولوا هو نبي هو رسول هو خاتم الرسل والانبياء ؟؟؟؟
الغاية غايتهم أوضح من الشمس في علاها ، يريدون نفي النبوة عنه ولكن بطريقتهم الملتوية و المعروفة والتي لا تجر عليهم المشاكل ،

(سحر نعمة الله)
02-04-2013, 11:07 PM
حرب المصطلحات

قالوا عن حبيبنا وقدوتنا و نبينا محمد صلى الله عليه وسلم إنه عظيم من عظماء التاريخ بل قالوا هو أعظم عظماء التاريخ وهؤلاء كلهم غربيون ، وألفوا في ذلك المؤلفات ، وترجموها وجعلوها في متناول المسلمين ، يخاطبون العقول الغرة ، حتى إذا تركز المفهوم في الأجيال اللاحقة وتبنوه بحمولته ، قيل لهم عندئذ : نعم محمد عظيم من عظماء التاريخ ولا يخلو التاريخ من عظماء ...........
طيب لم َ لم ْ يصرحوا ويقولوا هو نبي هو رسول هو خاتم الرسل والانبياء ؟؟؟؟
الغاية غايتهم أوضح من الشمس في علاها ، يريدون نفي النبوة عنه ولكن بطريقتهم الملتوية و المعروفة والتي لا تجر عليهم المشاكل ،

أحسنت أستاذ لحسن

عقول المسلمين دمرت بسبب الفكر الغربي الممنهج "اتباع فكر المستشرقين"

طريقة "دس السم في العسل"

خشان خشان
02-05-2013, 06:05 AM
http://www.almolltaqa.com/vb/showthread.php?114539-%CA%DA%C8%ED%D1-(-%DE%D5%ED%CF%C9-%C7%E1%E4%CB%D1-)&p=911319&posted=1#post911319



أخي وأستاذي الكريم هيثم الريماوي

أرى أننا الآن أقرب إلى الصواب في منهجية الحوار. ذلك أن دور المرجعية كأساس للحوار أخذ يتضح.

الحداثة الفكرية - لا أقول التحديث - والإسلام في مجال الفكر بينهما تناقض. كل يرفض الآخر.

نتاجاتهما الفكرية متناقضة. ومن العبث الحوار حول الفروع عندما تتناقض الأصول.

لا جدوى من اللف والدوران في هذا الأمر. تعبير قصيدة النثر لا يمكننا الاتفاق عليه إلا بتلفيق توافق بين الأصلين المتناقضين. كتوافق منظمة تحرير فلسطين مع إسرائيل .

وتكويني الثقافي يفتقد لياقة التوفيق بين المتناقضات. ساسوق لك أمثلة على التناقض بينهما أعني الإسلام والحداثة .

إليك أولها من وجهة نظر إسلامية وساتبعه بآخر من وجهة نظر علمانية:

http://uqu.edu.sa/page/ar/21337

نقف في هذا المقال الوجيز وقفة مع أحد النقاد العرب المصريين وهو د/ كمال نشأت أستاذ الأدب العربي في الجامعات العربية، والشاعر والناقد الأدبي وهو يحلل شعر الحداثة وخطورته على اللغة والذوق بل على العروبة والدين حيث يقرر في كتابه الأخير الذي أصدرته مكتبة الأسرة بمصر تحت عنوان "شعر الحداثة في مصر" عدة أوصاف لشعر الحداثة وشعرائها في صورة شهادات حتى لبعض أدباء الحداثة والمفنونين بها، فهذا د/ عبد القادر القط يقول في شهادته على شعراء الحداثة: إن شعراء الحداثة بعيدون كل البعد عن قضايا المجتمع الذي يعيشون فيه وعن مشاكل الإنسان الذي يعيشون معه.
ويقول د/ أحمد هيكل: إن هذا الإنتاج الشعري الذي يأخذ هذه الوجهة الانغلاقية الألغازية الإبهامية قد عزل نفسه في نطاق خاص جدًّا، وهو نطاق هؤلاء الشعراء.
ومن النقاد العرب إلى شاعر من أمريكا الجنوبية ينتقد شعراء الحداثة (لتجميعهم الكلمات عشوائيًّا وفق آخر موضات باريس)
ويرى د/ كمال نشأت أن أبيات الشعر الحداثي التي يسمونها "قصيدة النثر" بتسمية أدونيس تخلو من الجمال، فهي لا ترسم لوحةً جماليةً، ولا تعكس دلالةً فنيةً مثلما نرى في الشعر الحق، ذلك أنها مكونةٌ من عناصر بعيدة لا انسجامَ بينها، أُكرِهَت على النزول في غير مواضعها فكان هذا التشتت المعيب.([1])

قصيدة النثر تناقض حقيقتها
من الكوارث التي حلت على الأدب العربي في الفترة الأخيرة ما يسمى "قصيدة النثر" التي تتناقض في تسميتها مع حقيقتها؛ حيث يثور السؤال كيف تكون قصيدةً وكيف تكون نثرًا في آن واحد؟
يشير الدكتور كمال نشأت إلى أن ما يسمى "قصيدة النثر" قد عرفه الأدب العربي فيما يسمى "النثر الفني" الذي كان يكتبه مصطفى صادق الرافعي ومي زيادة وأمين الريحاني وحسين عفيف، وكان هذا إبداعًا في أعلى مراتب الأدب، وهذا على خلاف ما يكتبه الحداثيون من نثر يسمونه قصيدةً وهو في حقيقته تقليد لقصيدة النثر الفرنسية، والتي مر كتَّابها بظروف قاسية شكلت حياتهم.

وهنا يتساءل الدكتور كمال نشأت: هل انتقل التشويه النفسي من نفس الشاعر إلى قلمه؟! ويؤكد الناقد الكبير الدكتور كمال نشأت أن ما يسمى "قصيدة النثر" يدعو إلى نفور المتلقي أو إهماله؛ بسبب استغلاقها وعبثها باللغة وتعتيمها الذي لا يسمح بنقطة ضوء تنير كهوفها المظلمة، وهو الأمر الذي حال بينها وبين الوصول المؤثر في نفس قارئها.

ويورد في هذا الصدد أمثلةً كثيرةً، منها: (من ضلع صحراء قد اشتدت- سما- إذ مر رضقت به حرية من وحدة ما- مخمية - صدأ يتناسل حتى فرع نقطة أبيض كمخاضة- برق فراغ ما لم يعلمه ضل- راكد كسماء في مداخلها سراب- ليس عرضةً لهدف- إنما صار- احتمل زمانه فخرج تبت إليك من إشراكه- وشيشها بجسدي- إلحاحًا لأنسي - بكلتا يديه على عرصات الهواء مسقوفًا بما اشتهى.. إلخ.
ويعلق الدكتور كمال نشأت على الأمثلة التي أوردها، ومنها المثال السابق بأنها نوعٌ من العبثية والخروج على المعقولية؛ مما يشي بفساد الفطرة الذوقية، وهي تقليد لتعبيرات الأدب الغربي الذي لا يناسب بيئتنا ولا ثقافتنا.
ويرى الناقد التشكيلي محمود بقشيش أن بعض الرسامين الأوروبيين استعملوا "البراز" الآدمي في رسم بعض لوحاتهم، وهذا نوع من العبث يشبه ما وصل إلى حياتنا اليومية؛ حيث نرى رءوس الشباب التي حلقوها بأشكال قبيحة مستفزة، وفي شعور النساء المنكوشة، وفي تقطيع قماش البنطلون الجينز فوق الركبتين وفي ترك رباط الحذاء مفكوكًا.. إلخ. ([2]) هذا هو شعر الحداثة في عيون النقاد وهذه هي خطورته.

أما اللغة وكلماتها والأدب وفنونه فكما قلنا قبل ذلك إن الحداثيين نقلوا حداثة الغرب إلى بلادنا, وهي البيئة التي كانت تعج بالمتناقضات، فكان الأدب: "بابا واسعا للتعبير عن كل هذه المتناقضات، هنا في ساحة الأدب والفنون كانت ملامح الحداثة أوضح، لا لأن الحداثة مختصة بها، ولكن لأن الأدب والفنون أقرب للناس عامة، وأوسع انتشارا.([3]) لقد وجد الإنسان نفسه في أوربا وسط هذه المتناقضات، وفي البلاد العربية وبعد هزيمة 1967م وبعد أن هزم المشروع القومي، أحس جيل القوميين العرب بالهزيمة الكاملة لمشروعهم، فأخذوا يهربون من بلادهم إلى أوربا ومن لم يستطع هرب من فكره وانسلخ من هويته إلى ما يسمى بالحداثة, وفيها وجدوا الأدب مهربا لهم يعبرون فيه عن نفسياتهم المنهزمة، يقول الدكتور عدنان رضا النحوي: كان الهروب إلى الرمز ليخفي وراءه شعوره وفكره المتأزم، فظهرت الحركة (الرمزية) ([4]) في صورة انحطاطية، كما سموا أول أمرهم، وحملت الرمزية معها وقاحة التعبير واضطرابه على صورة تخلخل المعنى أو تحطمه، وأصبح الرمز هو الصنم الجديد، ثم تطورت الرمزية إلى بعد أعمق في الغموض، فكانت الحركة (الانطباعية) ([5]) التي تلجأ إلى أسلوب تعبر به عن الانطباع الموحد للمعنى في اللون أو الضوء، إنهم يعتقدون أن الأشياء ذاتها تتحطم وتزول، فليست هي المهمة ولكنها تترك آثارها وانطباعها، فهم يرون ضرورة إحياء قوة اللون كتجربة حضارية، وقد مثلت هاتان الحركتان (الرمزية والانطباعية) بداية الهجوم على اللغة، وهي تحاول التخلص من جزئيات اللغة كالحروف.
ثم ظهرت الحركة (المستقبلية) في إيطاليا 19.5 م لتوغل في الغموض والاضطراب، حيث أعلن أصحابها أنهم سيبتكرون (الخيال اللاسلكي) الذي سيتمخض عن توليف متجانس لعناصر الكون التي يمكن احتواؤها بنظرة خاطفة، وضع "مارينيتي" في مقدمة كتابه المسمى"زانك تم تم" عنوانا هو: تحطيم النحو – خيال لاسلكي – كلمات حرة" فكانت من أشد الحركات تحطيما للغة، ودعو إلى الشعر الحر والكلمة الحرة المتفلتة من معانيها وقواعدها، ولتتحول إلى مقاطع صوتية غامضة هيستيرية مثل (سي سي سي سي سي سي) ثم تتحول الكلمات إلى رموز رياضية ( +-+-+-+-x) هذا في إيطاليا، وفي روسيا كانت التعبيرات في منتهى الغموض والعبث اعتمدت الحركة الكلمات الصوتية مثل الحركة في أوربا مثل قصيدة دربل إشكل، ابشكر, سكم، مي سوبو, رل ينر" مقاطع صوتية لا معنى لها في أي لغة، ولكن هذه المدرسة مع كل عجائبها وحربها على التراث والدين واللغة، حاربت الرمزيين، وأصدرت هذه الحركة بيانها سنة 1912م وأسموه (صفعة في وجه الذوق العام) وجعلت همها غسل الكلمات وتطهيرها من طلاء التراث الأدبي، وهذه المهمة دعا إليها أدونيس وكمال أبو أديب من رجال الحداثة في إجماع يدور كله مهما اختلف اللفظ، حول قول أحدهم "إن الشاعر يحرر الكلمة من معانيها ومما علق بها من غبار السنين فيطهرها ويغسلها " ويقول أدونيس في كتابه (مقدمة في الشعر العربي): "يصبح الشعر في هذه الحالة ثورة مستمرة على اللغة"... إجماع حداثي واضح على حرب اللغة والمعاني والتراث، ويلتقي من أجل ذلك حداثيو العالم الإسلامي مع حداثيي أوربا، في ساحة واحدة، وفي تبعية ذليلة وتقليد مهين، ليرسموا خصائص واحدة للحداثة. ([6])

عرضنا في مقالاتنا السابقة أبرز مبادئ الحداثة عرضناها وبينا بنظرة نقدية مدي التخبط والعبث، والعداء والحقد على اللغة والتراث والدين، والجرأة على ثوابت الأمة وإجماعاتها، وهكذا "كانت الحداثة وصمةً في جبين الأدب العربي، خاصةً بعد أن كشفت الباحثة الإنجليزية فرانسيس ستوز سوندرز أن المخابرات الأمريكية كانت وراء محاولات نشر الحداثة وتمويل مجلتي "شعر" و"حوار"([7]) وكلتاهما لسان حال الحداثيين في مجال اللغة والشعر والأدب.

د/ أحمد محمد زايد
جامعة الأزهر –كلية أصول الدين – قسم الدعوة والثقافة الإسلامية .
جامعة الملك خالد -كلية الشريعة وأصول الدين – قسم العقيدة والمذاهب المعاصرة.

**

وهنا مقال آخر للأستاذ أنور الجندي :

http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=68764



وإليك من الجانب الحداثي نقلا عن أدونيس وأنت أعرف به وبإمامته للحداثة الفكرية والأدبية وتنظيره وترويجه لما تسمونه قصيدة النثر

1- أدونيس، ( مشيدا بالإلحاد وأهله ) الثابت والمتحول، ج 2 ص 74 ـ 76.1-
" إن ابن الراوندي وجابر بن حيان ومحمد بن زكريا الرازي أصلوا للإبداع في مجال اعتماد العقل وإبطال النبوة!!!"!!!

2- المصدر الثابت والمتحول 3 - صدمة الحداثة : ص 136 – 137
الله والأنبياء والفضيلة والآخرة ألفاظٌ رتبتها الأجيال الغابرة وهي قائمة بقوة الاستمرار لا بقوة الحقيقة، والتمسك بهذه التقاليد موت والمتمسكون بها أموات، وعلى كل من يريد التحرر منها أن يتحول إلى حفار قبور، لكي يدفن أولاً هذه التقاليد، كمقدمة ضرورية لتحرره.

ومن شعره
1-
من أنت من تختار يا مهيار

أنى اتجهت الله أو هاوية الشيطان

هاوية تذهب أو هاوية تجيء

و العالم اختيار لا الله اختار و لا الشيطان

كلاهما جدار كلاهما يغلق لي عيني

هل أبدل الجدار بالجدار..


2-
نموت إن لم نخلق الآلهة

نموت إن لم نقتل الآلهة

يا ملكوت الصخرة التائهة

زواحف من كل نوع تقتحم الأرض

و الإنسان يصطاد السماء

إن الله يتقدم في جنس حيواني يتخلق.


***
استغفر الله العظيم
تعالى الله عما يشركون

والقصد إثبات التناقض بين الإسلام وحداثة الفكر واستحالة التوفيق بينهما في الفروع.

والله يرعاكم ويهديني وإياكم سواء السبيل.

(سحر نعمة الله)
02-05-2013, 01:33 PM
ما شاء الله أستاذي خشان ،لقد قدمت البرهان والدليل والواقع يشهد بذلك .

أريد أسأل سؤالا .

ماذا قدمت الحداثة والتحرر للفكر العربي ؟
هل أعلت من الذوق العام وارتقت العربية على اللغات الأخرى؟

كيف الاعتراف والاقتناع بفكر مشوه ناتج من عقول متجردة من مجتمعها وساخطة على قيمه؟

من أيام ظهرت حركة في مصر تدعو للفوضى والعنف والتحرر يطلقون على أنفسهم "بلاك بلوك" الكتلة السوداء

،يرتدون الأقنعة ويقلدون الغرب ولا يعترفون بالقيم ولا الانضباط .

أليس هذا نتاج الحداثة والتحرر ؟

أرى أن هذا نتاج الفكر المشوه الغريب ،الذي يدعو للتحرر من الدين والقيم والاتزان الفكري وتقليد الفكر الغربي،
وهذا لا يفرق عن الفوضى والعشوائية في الأدب ،والدعوة للتحرر من كل مقدس ونبذ الثقافة العربية

الأصيلةوتشويه الحضارة الإسلامية التي أنارت العالم .

لي عودة أخرى أستاذي للتعليق ،فالموضوع مهم ويحتاج وقفات وحوارات

شكرًا لكم.

(ثناء صالح)
02-07-2013, 02:37 PM
أشكر أساتذتي المكرمين

الأستاذ خشان خشان
الأستاذة سحر نعمة الله
الأستاذ حماد مزيد
الأستاذ لحسن عسيلة

على ما تفضلوا به من المشاركات القيمة وما تضمنته من الآراء الثمينة وأرجو المعذرة في تغيبي اللإرادي الطارئ. .
لم أنته بعد من قول ما أريد فاسمحوا لي بإكمال الموضوع .


ثالثا: في مفهوم الشعر : الشعر : كلام جميل موزون مقفى معبر عن إحساس الشاعر . ويتضمن هذا المفهوم كما نلاحظ شروطا أساسية للشعر ليكون شعرا وهي الجمال والوزن والقافية والتعبير عن الإحساس . فأما تقييم المستوى الجمالي للنص الشعري فلا يمكن أن يكون ثابتا لأن الجمال قيمة نسبية ‎تختلف باختلاف شروط التذوق . وأما تقييم مستوى التعبير عن إحساس الشاعر فمشكوك في مصداقيته لأن إحساس الشاعر غير قابل للقياس من قبل الناقد بينما يمكن بكل سهولة تقييم جودة الوزن أوالإيقاع والقافية وقياسها فهي مفاهيم دقيقة قابلة للقياس والمحاكمة . لذا فهي تتطلب من الشاعر بذل الجهد في سبيل تعلم قوانينها .. وليس من الممكن استسهال نظم الشعر الموزون حتى مع استخدام الحاسة الإيقاعية لتقليد النصوص الجاهزة والقياس إليها .‎

والآن نعود إلى محور موضوعنا ولنناقش ادعاء هواة كتابة (الشعر المنثور ) فيما يتعلق أولا بالتحرر من القوالب الجاهزة لشكل القصيدة :

من المؤكد أن حركة للتحديث في شكل القالب الشعري قد حدثت مع المحاولات الناجحة لبدر شاكر السياب ونازك الملائكة في إبداع أو إعادة إنتاج شكل القصيدة مع شعر التفعيلة .
وقد كانت تلك المحاولات ناجحة بالفعل بسبب محافظتها على الأساس الشعري في مفهوم الشعر العالمي وهي وجود واحدة للإيقاع . ( التفعيلة ) إذ لا يمكن بحال من الأحوال أن نتخيل مقطوعة موسيقية بدون جملة موسيقية ...و لا يمكن أن نتخيل شعرا وهو منثور خال من الإيقاع . ولا يمكن أن نتخيل نثراً منظوما بإيقاع حقيقي . لكننا نستطيع أن نتخيل نثرا ينتظمه إيقاع وهمي في الواقع ،يسمى بالإيقاع الداخلي . .وذلك لضرورة أن يلبس النثر لباس الشعر
فيسمى بالشعر المنثور ولو حاولنا فهم حقيقة الإيقاع الداخلي في نصوص ( الشعر المنثور ) لما وجدنا سوى . . . يتبع‏

(أحمد الحكيم)
02-07-2013, 03:47 PM
ان تأتي متأخراً خيراً من أن لا تأتي

اعتذر فقمت بإجراء عملية لوالدتي وبعدها من إلارهاق تعرضت لوعكة صحية والحمد لله أني بين يديكم الآن

الموضوع ثر
ولكن بما أن في الأصل الذي يعرفه أستاذ خشان كاتب نثر
فأنا أود ان أخبر أني لا أؤمن بقصيدة النثر
هناك نص نثري وهنا أبيات شعرية
وبالفعل حديث ال د.كمال نشأت أعجبني كثيراً
الترميز الكثير الموجود في قصائد النثر يجعلها شئ غريب
أذكر أن النقاد يعيبون قصيدة من اجمل القصائد على كثرة الرمز فيها
سال من شعرها الذهب == وتدلى وما انسكب
كلما عبثت به

ويغنيها الفنان السوداني عبدالكريم الكابلي
طيب يعني ماذا نقول على ما يكتبون ما يسمى قصيدة النثر
سأعطيكم مثالاً لها في السودان وصراحة لدينا اصبحت قصيدة النثر أمر ممل وخطر حقيقي يهدد الشعر

سأدرج لكم أمثلة وأروني هل هنا شئ يمكن ان يستخرجه القارئ من القصيدة أعذروني فأنا سأبحث باسمء الشعراء وادرج لكم النص
"
أجملُ الناجين من الذبح
صار يعبدُ خنجرا ،
والرجال على وشْكِ
أن يبيعوا شيئا عزيرا ، فاحترس !
كلُّ شيءٍ يعرقُ تحت الجِناح سيمضي ، والنباحُ الذي
دلّك على النبع ، دلّ الحرسَ.
عصافيرُ الذي علّمتنا الغناء هَوَتْ ،
أفزعتها يدُ الموت ، ألجمتها يدُ الخوف
صارتْ مناقيرُها سبحةً في أيادي الخرس
والبلادُ التي ضيّعت خاتما ، البلادُ التي دائما
ستظلُّ محنيةً ، فوق تلك الجثث
ونحن سنبقى هنا هناك ، سوف نعلو
بالذنوب الخفيفةِ فوق هذا العبثْ
هى الأرضُ المهملات ، وهم باعوا
يبيعون ، فادرك سماءك يا خالقي
قبل ذاك المزاد ، بعد هذا الجرس!
الموتُ ما عاد يفقسُ خطّافه
تحت فكُّ المريض
صار في ضحكة الأصدقاء
في الخطاب الذي لن يصل
وتحت صكِّ البريدْ
قبري لم يعد قبري
ومن يبكي عليَّ ، عليكِ ، يدري
أنكِ حين يفزعنا الحنانُ
ستصعدين صفيرتك
وإنني قرد’’ وحيدْ

"
"
آية’ الهارب في الأرض
أقدارُه : أسوار
يجلو على المرآة وطنا
سجنه إذ تتهشم المرآةُ بابْ
وخرابُ الذي يشتهي ، أفعى
تصعدُ ساق التي تنتهي ،
بلاد’’ كلما ابتسمت ، حطّ على شفتيها الذبابْ
هى من قايضتَها
جرحا برمح
شمسا بقمح
تعاتبك على رغبةٍ في الرحيل
بعد حينٍ يتقاذفُ الدودُ أخبارنا
فانظري ، إلى أي دودٍ يقودُ العتاب
"
"

"

(أ. لحسن عسيلة)
02-07-2013, 07:09 PM
ثناء صالح :
ولا يمكن أن نتخيل نثراً منظوما بإيقاع حقيقي . لكننا نستطيع أن نتخيل نثرا ينتظمه إيقاع وهمي في الواقع ،يسمى بالإيقاع الداخلي . .
هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
متابع بلا ملل ولا ضجر ،
يرعاك الله .

خشان خشان
02-07-2013, 10:41 PM
هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
متابع بلا ملل ولا ضجر ،
يرعاك الله .


حيا الله أخي واستاذي الكريم

http://arood.com/vb/showthread.php?t=468

http://arood.com/vb/showthread.php?p=46623#post46623

(ثناء صالح)
02-15-2013, 07:26 AM
هناك نثر أختي الفاضلة ، ينتظمه إيقاع حقيقي وليس وهميا ،
وهو نثر خببي ، والنصوص موجودة في منتدانا ، كان ساقها أخونا الكريم خشان في معرض الحديث عن الخبب ، ولكن لا أدري أين رأيت ذلك من شهور ،
يدلك على مكانها أخي خشان مشكورا ،
أما قضية الإيقاع الداخلي للنصوص ، فأنا أرى شخصيا أن التفوق في هذا المضمار لا يستطيعه إلا متذوق للغة العربية ، يملك ملكة مستحكمة نابعة من قوة قاهرة على انتقاء المفردات بدقة في منتهى الدهشة .
متابع بلا ملل ولا ضجر ،
يرعاك الله .

بالطبع أنا لم أقصد بالإيقاع الوهمي الإيقاع الخببي لأن قصائد الخبب ليست نثرا . . وكيف نعدها نثرا وهي منظومة بقاعدة الإيقاع الخببي حيث يعمل شرطا التكافؤ الخببي وغياب الوتد على انتظام المقاطع الصوتية ؟بل إن كان ثمة من يعتقد أن نظم الخبب يمثل الحالة الوسطى بين النثر والشعر فأنا من حزبه...
كما أنني لم أقصد قصائد شعر التفعيلة سواء التي ينوع فيها الشاعر باستخدام البحور وفق قاعدة واضحة للاستخدام أو التي يلتزم فيها بالتفعيلة الواحدة وما في حكمها من نصوص ( البند ) . .ولا أفهم ما وجه الحق في أن تعد نازك الملائكة استخدام أكثر من بحر شعري في النص الواحد من خصائص قصيدة النثر - كما تمت الإشارة إلى ذلك في الرابط أعلاه - إن كانت قد فعلت ذلك حقا.
إنما أتحدث عن وجهة نظري المتواضعة في قصائد النثر التي يدعي أصحابها أن ما يميزها هو الإيقاع الداخلي . وقد كنت في بدء هذا الموضوع قد عرفت الإيقاع المجرد -كما أراه - على أنه قاعدة رياضية تنتظم توزيع التكرار والتناوب بين المقاطع الصوتية . فإن فقدت هذه القاعدة الناظمة فقد الانتظام . وأنا لا أستطيع أن أتخيل إيقاعا حقيقيا بدون انتظام فإن كان ثمة إيقاع بدون نظم وانتظام فهو إيقاع وهمي .‎
وأنا ‎أرى أن تسمية (الإيقاع الداخلي ) نفسها إنما هي تسمية مغلوطة و البديل الصحيح لها أن نقول ( موسيقى داخلية ) إذ مفهوم الموسيقى أوسع وأشمل من مفهوم الإيقاع وهي تشمل الإيقاع الذي ليس له سوى نوع واحد مرتبط بشكل جذري بانتظام المقاطع الصوتية ، ولعلنا متفقون على ان يسمى بالإيقاع الخارجي كون التقطيع العروضي كفيل بإظهاره . . . يتبع

(ثناء صالح)
02-15-2013, 01:54 PM
يتدخل التقييم الجمالي الذوقي بمعاييره ذات الطابع النسبي التي تختلف من متلق إلى آخر في الحكم على النص الأدبي بامتلاكه للموسيقا الداخلية أو افتقاره إليها . . فموسيقا الشعر تشمل الإيقاع الخارجي و الوزن و القافية و هي مفاهيم ظاهرة في الشعر الموزون لا تحتاج إلى نظرة عميقة فيه بعد تقطيعه عروضيا . وتشمل ما تبقى من موسيقا الكلام سواء أكان شعرا أو نثرا كجرس الأحرف والألفاظ ونسبة مقاطع المد في البيت الشعري ومواضع التشديد أو الإشباع (النبر) وقصر الألفاظ أو طولها ، واتصال الألفاظ بأدوات الوصل وأحكامه أو تقطعها وانفرادها، وقصر التراكيب اللفظية أو طولها . فكل ذلك يدخل في موسيقا الكلام وكل ذلك يؤدي دورا في إحداث شعور بوجود التناغم والانسجام في السياق اللفظي أو عدم وجودهما . كما يظهر مدى التناسب بين إيحاء الصورة الشعرية والتعبير اللفظي الذي يرسمها . .
فمثلا : جرس الأحرف : تنتج المفارقة فيه عن الفرق في الحس الشعوري بين أن نسمع ترددات أصوات أحرف الهمس ( ز..ذ ..س ..ص ..) و أحرف القوة والجلجلة ( ق..ط.. ج..ض .. إلخ ) فأحرف الهمس تزيد من عذوبة وسلاسة الألفاظ التي تشكل الصورة الشعرية الرومانسية في حين تؤدي إلى الشعور بالترهل في تشكيل صورة الغضب شعريا .
كما أن تقطع الألفاظ وقصرها يفيد في إثارة التوتر والقلق عند المتلقي أكثر من تماسك الألفاظ واتصالها الذي يحدث الانسيابية والاسترسال في الصوت مما يولد مشاعر الاطمئنان والتمكن .

كل تلك التأثيرات تدخل في باب موسيقا الشعر الداخلية ولا تدخل في باب الإيقاع الداخلي للشعر لأن هذا الباب غير موجود في الحقيقة . . ونحن كمتلقين نستقبل كل ذلك عبر وقع ألفاظ الكلام في أسماعنا أو في خيالنا السمعي عند القراءة دون أن نحتاج للتقطيع العروضي مما يعني أننا خارج حقل القاعدة الرياضية الصارمة والدقيقة التي تنظم التكرار (الكم ) والتناوب للمقاطع الصوتية . .بل نحن في حقل من التذوق الذاتي ذي الأبعاد النسبية التي تختلف في عمقها بين لحظة وأخرى مع اختلاف استغراقنا فيها. فمن الحري بنا أن ننسب للموسيقا كل تأثير حسي نتجاوب فيه نفسيا تجاوبا فنيا جماليا . . . يتبع

(ثناء صالح)
02-17-2013, 05:18 PM
بعد أن قمت بالتقطيع العروضي لعدد كبير جدا من (قصائد ) النثر وأنا أحاول أن أفهم ما هي المصادر التي تثير في خيالنا السمعي هذه الفوضى الإيقاعية . توصلت إلى أن المصدر الوحيد هو إيقاع تفعيلات ..البحور الشعرية وجوازاتها فمن خصائص عبقرية اللغة العربية أنك مهما تكلمت بالعربية فإن كلامك قابل للتقطيع عروضيا إلى التفعيلات وجوازاتها لا يشذ عن ذلك شيء من كلامك ...
وقد قمت بتقطيع نصوص نثرية بحتة لا يمكن الشك في نثريتها كنصوص الدراسات العلمية والفكرية فوجدت أنها تشترك مع النصوص الأدبية كافة بقابلية التقطيع العروضي مما يعني أن الفرق الوحيد بين قصيدة النثر وبين فقرة من نص علمي هو شكل الكتابة فقط ...ففي حين يتم ملء السطور بالكلمات ضمن شكل الفقرة في النص العلمي فإن السطور لا يحصل كل منها إلا على بضع كلمات في نص ( قصيدة النثر ) . .. فيقوم الناثر بتوليفها دون توجيه إيقاعي سوى ذلك التوجيه الناجم عن تدافع الكلمات العشوائي من مخزون الذاكرة الإيقاعية التي ترسخت فيها مقاطع من إيقاعات أوزان البحور . . يتبع

خشان خشان
02-17-2013, 06:07 PM
بعد أن قمت بالتقطيع العروضي لعدد كبير جدا من (قصائد ) النثر وأنا أحاول أن أفهم ما هي المصادر التي تثير في خيالنا السمعي هذه الفوضى الإيقاعية . توصلت إلى أن المصدر الوحيد هو إيقاع تفعيلات ..البحور الشعرية وجوازاتها فمن خصائص عبقرية اللغة العربية أنك مهما تكلمت بالعربية فإن كلامك قابل للتقطيع عروضيا إلى التفعيلات وجوازاتها لا يشذ عن ذلك شيء من كلامك ...
وقد قمت بتقطيع نصوص نثرية بحتة لا يمكن الشك في نثريتها كنصوص الدراسات العلمية والفكرية فوجدت أنها تشترك مع النصوص الأدبية كافة بقابلية التقطيع العروضي مما يعني أن الفرق الوحيد بين قصيدة النثر وبين فقرة من نص علمي هو شكل الكتابة فقط ...ففي حين يتم ملء السطور بالكلمات ضمن شكل الفقرة في النص العلمي فإن السطور لا يحصل كل منها إلا على بضع كلمات في نص ( قصيدة النثر ) . .. فيقوم الناثر بتوليفها دون توجيه إيقاعي سوى ذلك التوجيه الناجم عن تدافع الكلمات العشوائي من مخزون الذاكرة الإيقاعية التي ترسخت فيها مقاطع من إيقاعات أوزان البحور . . يتبع


الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي.

أرجو أن تطلعي على تناول قوله تعالى :" لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا" (الفرقان-14)

على الرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/Home/wama-allamnaho

يرعاك الله.

(ثناء صالح)
02-21-2013, 03:34 PM
الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي.


أرجو أن تطلعي على تناول قوله تعالى :" لا تدعوا اليوم ثبورا واحدا وادعوا ثبورا كثيرا" (الفرقان-14)

على الرابط:

https://sites.google.com/site/alarood/r3/home/wama-allamnaho

يرعاك الله.

عفوا أستاذي الكريم . . كأن كلمة ثانية مع (فعل ) قد سقطت من كلام حضرتك .فعلى من يعود ضمير التثنية في كلمة (بينهما ) في قولك "الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي " ؟ .
لم أحصل على الإيضاح من الرابط أعلاه . .
وكنت أظنك قائلا : إن الأصل في المقاطع الصوتية والعروضية هما (فا ) و (علن =فعل ) . .

(ثناء صالح)
02-22-2013, 09:45 AM

قالب الشعر المنثور التزم بما أحدثه شعر التفعيلة من إحلال السطر بدل البيت وعدم إلزاميةالتناظر الإيقاعي بين السطور مع فارق أن شعر التفعيلة التزم إيقاع التفعيلة عموما في حين أن (الشعر) المنثور لم يلتزم شيئا، فالنثر فيه شبيه من حيث المبنى الإيقاعي بالنثر في أي نص علمي أو أدبي نثري كالخاطرة والقصة والمقالة ، وهذا ما قد لا يرغب كتاب الشعر المنثور الاعتراف به ..ولهم في ذلك بعض الحق إذ أن الضجيج الإيقاعي الذي نستشعره عند قراءة قصيدة من النثر يختلف في التوتر والقوة والوضوح عن ذلك الضجيج الإيقاعي في النص النثري البحت في القصة أو المقالة ..فما أسباب هذا الاختلاف ؟
من وجهة نظري ..هناك أكثر من سبب :
أولا: السطر المسترسل والسطر المقطوع :
إذا قمنا بالتقطيع العروضي رقميا لنصين من النثر أحدهما (قصيدة نثر )والثاني نص علمي فسنجد أن جميع ما سينتج لدينا من احتمالات توالي المقاطع 1و 2 و3 مع تغيير التكرار والتناوب بينها قابل للتأويل كي يتوافق مع أوزان التفعيلات
يتبع . .

خشان خشان
02-22-2013, 10:06 AM
عفوا أستاذي الكريم . . كأن كلمة ثانية مع (فعل ) قد سقطت من كلام حضرتك .فعلى من يعود ضمير التثنية في كلمة (بينهما ) في قولك "الأصل في التراكيب الصوتية والعروضية هو ( فعَلَ ) والتوافق الجزئي بينهما لا يخلو منه كلام عربي " ؟ .
لم أحصل على الإيضاح من الرابط أعلاه . .
وكنت أظنك قائلا : إن الأصل في المقاطع الصوتية والعروضية هما (فا ) و (علن =فعل ) . .


أستاذتي الكريمة

بل ثمة خطأ مطبعي فالقصد هو ( بين التراكيب الصرفية والعروضية ) وأصل كل منهما الفعل ( فعَلَ = 1 1 1 )

شكرا لتصويبك.

مشاركتك السابقة لهذه مشفرة فحذفتها.

يرعاك الله.

(ثناء صالح)
02-22-2013, 11:09 AM
أستاذتي الكريمة

بل ثمة خطأ مطبعي فالقصد هو ( بين التراكيب الصرفية والعروضية ) وأصل كل منهما الفعل ( فعَلَ = 1 1 1 )

شكرا لتصويبك.

مشاركتك السابقة لهذه مشفرة فحذفتها.

يرعاك الله.

شكرا أستاذي الكريم خشان لهدا الاستدراك . . فهمت ان يكون ( فعل = 111 ) أصلا للتراكيب الصرفية . لكن أن يكون أصلا للتراكيب العروضية مع افتقاره للساكن . . كيف . . .؟
‏

خشان خشان
02-22-2013, 12:17 PM
شكرا أستاذي الكريم خشان لهدا الاستدراك . . فهمت ان يكون ( فعل = 111 ) أصلا للتراكيب الصرفية . لكن أن يكون أصلا للتراكيب العروضية مع افتقاره للساكن . . كيف . . .؟
‏


أستاذتي

في العروض : متفاعلن ، مستفعلن، فعولن، مفعولات ....أصل حروفها حروف فعل ، ثم زيدت.

في الصرف : مكاتبه ، كتاب ، استكتاب، مكتوب من كتب على وزن فعل . ثم زيدت.

ولهذا كان طبيعيا توافق بعض الكلام مع بعض التفاعيل .


مشاركتك الأخيرة مشفرة كذلك.

(ثناء صالح)
02-23-2013, 08:06 AM
‎نعم أستادي الكريم خشان

لكن لمنع الالتباس على المستجدين في دراسة العروض قد يجدر التنويه إلى أن ‎ التراكيب العروضية التفعيلية (‏
‎ التفعيلات ) ليست في حقيقتها سوى تراكيب صرفية ذات خصوصية ناجمة عن ضرورة كتابة التنوين كما يلفظ .وهذا يعني أن التفاعيل فرع من الصرف من الناحية الشكلية المتمثلة بالاشتقاق اللفظي . .
إذا . . . (فعل111) أصل صرفي للتفعيلات وليس أصلا عروضيا لها . . بل الأصلان العروضيان هما السبب والوتد (2 و 3 ) . .
‏ تحيتي

(ثناء صالح)
02-23-2013, 08:27 AM
متابعة
‏* *
التقطيع العروض رقميا لأي نص نثري يجعله قابلا للتأويل كي يتوافق مع أوزان التفعيلات الثمانية للبحور الشعرية( فاعلن – فعولن – مستفعلن –فاعلاتن - مفاعيلن – متفاعلن – مفاعلتن – مفعولات )وجوازات كل من هذه التفعيلات ..وهذا من خصائص عبقرية اللغة العربية كما ذكرنا سابقا ولا فضل فيه لا لكاتب الص العلمي ولا لكاتب القصيدة النثرية .
هذا مثال :
لدينا قصيدة نثر للشاعرة حياة نخلي بعنوان( أمنيات كانت )
أيقظ الموج هدأة الكرى 2 3 2 3 3 3 / فاعلن فاعلن متفعلن
لتردد النبضات حكاية قلب 1 3 3 1 3 1 3 1 3 ه /متفاعلن فعلن فعلن فعلن
وتنسج من وهج الشوق 3 1 3 2 2 2 ه /مفاعلتن مستفعل
عبير الأحلام 3 2 2 2 / فعولن فعلن
صافح السهد ذكراك 2 3 2 3 2 ه / فاعلن فاعلاتن
أنينك وشكواك 3 1 1 3 2 / فعول فعلاتن
ليرتل الحنين أغاني المساء 1 3 3 3 1 3 2 3 ه/فعلن متفعلن فعلن فاعلن
ذاكرة شجون 2 1 1 1 3 ه/ فاعل فعلن
تتصفح أوراقا خضبت بعبرات غيث 1 3 1 3 2 2 2 3 1 1 3 3 ه /فعلن فعلن فعلن فاعلات متفاعلن
ومن وميض الشفق 3 3 2 3 / متفعلن فاعلن
تحيك أشعارا من ضفائر الكرى 3 3 2 2 2 3 3 3 / متفعلن فعلن فاعلن متفعلن
لتغمد جفنيها على نبرة كانت 3 1 3 2 2 3 2 3 2 2 / مفاعلتن مستفعلن فاعلن فعلن
امتطت تاريخا وعنوان 2 3 2 2 2 3 2 ه / فاعلن فعلن فاعلاتن
جرفت خلفها كل الأمنيات 1 3 2 3 2 2 2 3 ه / فعلن فاعلن فعلن فاعلن
لأهيم سابحة 1 3 3 3 / فعلن متفعلن
أترقب تغاريد العودة 1 3 1 1 3 2 2 2 2 / فعلن متعلن فعلن فعلن

يتبع . .

(ثناء صالح)
02-23-2013, 08:45 AM
متابعة
**
و لدينا نص علمي يصف عملية الاستحاثة :
(في بعض الأحيان يمكن أن تتمعدن المادة العضوية وهكذا فبعض جذوع الأشجار قد تحولت كليا إلى كتل سيسليسة ، ويكون التحول وفي الوقت نفسه الحفظ أكثر تقدما كلما كانت المستحاثة أكثر قدما .فالقواقع التي تعود إلى الحقب الأول متحجرة تماما ، وبالمقابل فإن قواقع رخويات عاشت في الحقب الثالث يمكن أن تكون قليلة الاختلاف في مظهرها عن القواقع التي تجمع حاليا من الشواطئ الرملية . )
والآن ما رأيكم أن نحول هذا النص إلى قصيدة نثر ذات ضجيج إيقاعي شبيه بضجيج إيقاع قصيدة النثر أعلاه بمجرد عملية قطع الأسطر. ....ومن ناحية ثانية لنحاول أن ننسى أنه نص علمي خال من العاطفة ولنتقبل أنه شعر يصف التأمل الحزين لسيرورة تحول الكائنات مطلقا .. ولنلاحظ كيف يكاد إسقاط موضوعه على الشعور الإنساني بتسميته (شعرا) يوحي له بأبعاد فلسفية ويمنح للكلمات أجنحة.
يتبع. . .

(ثناء صالح)
02-23-2013, 09:49 AM
عنوان القصيدة (الاستحاثة )

في بعض الأحيان ... 2 2 2 2 2 ه / فعلن مستفعل
يمكن أن تتمعدن المادة العضوية2 1 3 1 3 3 2 ه 3 2 2 2 / مستعلن فعلن فعولن فعولن فعلن
وهكذا ....3 3 /متفعلن
فبعض جذوع الأشجار 3 1 3 2 2 2 ه / مفاعلتن مستفعل
قد تحولت كليا إلى...2 3 3 2 2 2 3 / فاعلن فعولن مستفعلن
كتل سيليسية ..1 3 2 2 2 2 /فعلن فعلن فعلن
ويكون التحول ... 1 3 2 3 2 /فعلن فاعلاتن
وفي الوقت نفسه.. الحفظ .. 3 2 3 3 2 ه / فعولن فعو فعولن
أكثر تقدما 2 1 1 3 3 / فع متعلن فعل
كلما كانت المستحاثة ...2 3 2 3 2 3 2 / فاعلاتن فعولن فعولن
أكثر قدما .. 2 1 1 1 3 فاعل فعلن
فالقواقع ..2 3 2 / فاعلاتن
التي تعود إلى الحقب الأول 2 3 3 1 3 2 2 2 2 / فاعلن مفاعلتن فعلن فعلن
متحجرة تماما.. 1 3 1 3 3 2 /فعلن فعلن فعولن
و قواقع رخويات عاشت..1 3 1 1 1 3 2 2 2 2 / فعلات متعلن فعلن فعلن
في الحقب الثالث..2 2 2 2 2 / فعلن مستفعل
يمكن أن تكون ..2 1 3 3 / مستعلن فعو
قليلة الاختلاف في مظهرها ..3 1 3 3 3 2 1 3 /مفاعلتن متفعلن مستعلن
عن القواقع التي تجمع حاليا ..3 3 3 3 2 1 3 2 2 / متفعلن متفعلن مستعلن فعلن
من الشواطئ الرملية /‎222333 متفعلن فعولن فعلن .‎
يتبع . . .

(ثناء صالح)
02-24-2013, 09:25 AM
إن الأثر النفسي للضجيج الإيقاعي الذي نستشعره مع قراءة نص قصيدة النثر يتشابه مع ذلك الذي تحدثه(قصيدة) النص العلمي بعد قطع السطور ليقتصر كل منها على بضع تفعيلات عفوية غير منسقة ولا تمثل أيا من البحور الشعرية إلا بالمصادفة ، في حين يختلف إحساسنا بالمقارنة مع قراءة فقرة النص العلمي ذات السطور الطويلة المسترسلة...والسبب في ذلك تعذر حفظ التركيب الصوتي (الإيقاعي) لكامل السطر على الذاكرة قصيرة الأمد بسبب .تعقيده وعدم انتظامه . ..لذا فإن مقابلته مع إيقاع السطر اللاحق لا يمكن ان تحدث ذهنيا أثناء قراءة الفقرة.
لكن مع عملية القطع في السطور تتاح فرصة الحفظ المؤقت قصير الأمد للتراكيب الصوتية القليلة فيتم تقصي الإيقاع وتتبعه لا شعوريا وبشكل عفوي من سطر إلى آخر . وهذا ما يؤدي إلى ملاحظة الفرق في الإيقاع بين السطور تباعا فنشعر بتلك الجلبة الإيقاعية إثر قراءة السطور المقطوعة المتتابعة . .

لكن نتيجة لغياب النسق الإيقاعي المنتظم في السطر من جهة ، وانعدام التناظر الإيقاعي بين السطور من جهة ثانية فإن الذاكرة طويلة الأمد لا تجد ما يساعدها على حفظ التركيبة الفوضوية لإيقاع القصيدة مما يفسر استحالة حفظ نصها بدقة حتى من قبل مؤلفها نفسه لمدة طويلة . يتبع ...

(ثناء صالح)
03-01-2013, 02:33 PM
وإن استعصاء حفظ قصيدة النثر لمدة طويلة حتى من قبل مؤلفها يوحي لي بأن أصنفها ضمن الأدوات الاستهلاكية التي يكتب عليها ( استخدام لمرة واحدة ) وذلك ما أورثها إياه انعدام عنصر التكرار للتركيب الإيقاعي . التكرار الذي أثبت علم الفيزيولوجيا العصبية عظيم أهميته في عملية الحفظ وهو بالضبط ما منح الشعر الموزون فرصة الحفظ التي اجتازت به مراحل تاريخية ندر فيها التدوين واتصف فيها العرب بالأميين .

(ثناء صالح)
03-01-2013, 02:59 PM
ثانيا – مصادفة الإيقاع الموزون:
تزخر معظم قصائد النثر التي قد يستشهد بها على ارتفاع وتيرة ( الإيقاع الداخلي ) بأسطر ذات إيقاع شعري موزون تنتمي لبحر شعري واحد أو أكثر من بحور الخليل .
وأنا أؤكد أن معظم مؤلفي تلك القصائد لا يعون هم أنفسهم تلك الحقيقة بسبب عدم إلمامهم المسبق بإيقاعات أوزان البحور الخليلية ، ولو تسنى لهم وعي ذلك لقاموا بإعادة صياغة تلك الأسطر بحيث يتشوه إيقاعها كي لا يواجهوا تهمة اللجوء للوزن طلبا للإيقاع الداخلي .
فمن أين جاءت تلك الأسطر الموزونة ؟
هناك مصدران لها :

(ثناء صالح)
03-01-2013, 09:37 PM
‏
هناك مصدران لها :

1- الفطرة الإيقاعية العربية ‏: ‎
تلك الفطرة نفسها التي صاغت أوزان بحور الشعر في عصور الجاهلية الأولى وقبل أن يستقرئ الخليل قوانينها وقواعدها بزمن طويل . .
هناك علاقة جدلية بين الفطرة الإيقاعية للإنسان واللغة التي يتكلمها ، فالفطرة الإيقاعية العربية ذات ذوق إيقاعي يختلف عن الفطرة اليونانية أو الإنكليزية وذلك بحكم الخصائص الصوتية للغة المستخدمة والتي تترك تأثيرها العميق في مجال استساغة إيقاع ما أو عدم استساغته . فالعربي المتكلم بالعربية والمستمع إليها يؤثر في منحى نمو الحس الإيقاعي عنده ذلك الأسلوب الصوتي العام الذي يميز تراكيب اللغة العربية حتى خارج إيقاعات الشعر بميزة التكامل الصوتي التي تعني انصهار حواف المفردات المتجاورة بعضها مع بعض عند لفظها ضمن التركيب اللغوي بحيث يمتنع وجود ثغرة صوتية في حشو التركيب اللغوي ..ويأتي الكثير من الظواهر النحوية الصوتية كعوامل لهذا التكامل الصوتي في التراكيب اللغوية العربية مثل ظاهرة . . يتبع



(ثناء صالح)
03-01-2013, 09:41 PM
‏
 مثل ظاهرة (منع التقاء الساكنين ) وظاهرة (الأحرف الشمسية ) و همزة الوصل ومنع ظهور الضمة على الياء بسبب الثقل وإدغام المتماثلين وإدغام المتقاربين كالكاف والقاف والتاء والطاء ...فضلا عن جميع الظواهر الصوتية التي تستخدم في أحكام تلاوة القرآن الكريم كالإخفاء والإقلاب والإدغام والإظهار والترقيق والتفخيم ..وغير ذلك ... يتبع



خشان خشان
03-01-2013, 10:04 PM
ثانيا – مصادفة الإيقاع الموزون:
تزخر معظم قصائد النثر التي قد يستشهد بها على ارتفاع وتيرة ( الإيقاع الداخلي ) بأسطر ذات إيقاع شعري موزون تنتمي لبحر شعري واحد أو أكثر من بحور الخليل .
وأنا أؤكد أن معظم مؤلفي تلك القصائد لا يعون هم أنفسهم تلك الحقيقة بسبب عدم إلمامهم المسبق بإيقاعات أوزان البحور الخليلية ، ولو تسنى لهم وعي ذلك لقاموا بإعادة صياغة تلك الأسطر بحيث يتشوه إيقاعها كي لا يواجهوا تهمة اللجوء للوزن طلبا للإيقاع الداخلي .
فمن أين جاءت تلك الأسطر الموزونة ؟
هناك مصدران لها :

https://sites.google.com/site/alarood/loghaton-salisah

(أ. لحسن عسيلة)
03-02-2013, 01:04 AM
ثانيا – مصادفة الإيقاع الموزون:
تزخر معظم قصائد النثر التي قد يستشهد بها على ارتفاع وتيرة ( الإيقاع الداخلي ) بأسطر ذات إيقاع شعري موزون تنتمي لبحر شعري واحد أو أكثر من بحور الخليل .
وأنا أؤكد أن معظم مؤلفي تلك القصائد لا يعون هم أنفسهم تلك الحقيقة بسبب عدم إلمامهم المسبق بإيقاعات أوزان البحور الخليلية ، ولو تسنى لهم وعي ذلك لقاموا بإعادة صياغة تلك الأسطر بحيث يتشوه إيقاعها كي لا يواجهوا تهمة اللجوء للوزن طلبا للإيقاع الداخلي .
فمن أين جاءت تلك الأسطر الموزونة ؟
هناك مصدران لها :

هنا انت استاذتي الكريمة ترجعين ارتفاع وتيرة (الايقاع الداخلي ) إلى وجود الايقاع الخارجي الذي تجسده أوزان الشعر المعروفة ، وهذا ليس قانونا مطردا ، كم ذا من أبيات الشعر لا كسر فيها ، وهي خالية تماما من أي موسيقى داخلية ، الموسيقى الداخلية ، انتقاء للحروف على أساس التجانس والتناسب والتناسق من تقارب في مخارجها ، وتقارب في طبيعتها .

يرعاك الله

(ثناء صالح)
03-02-2013, 08:34 AM
https://sites.google.com/site/alarood/loghaton-salisah

شكرا أستاذي الكريم خشان

‏ أسعدني ما قرأته من نتيجة التحليل الإيقاعي الذي أجريته حضرتك على الفقرة النثرية في الرابط أعلاه ويسرني أن أعتبره شاهدا داعما لفكرتين اثنتين أولاهما تتعلق بالتأثير المتبادل بين اللغة العربية والفطرة الإيقاعية فكأن هذه اللغة تطبع التعبير اللغوي العفوي الذي تنتجه الفطرة أحيانا على أساس أنه نثري بطابع السلاسة أو الانسيابية التي تموسق التركيب اللغوي إلى درجة وزنه بأوزان الإيقاع الشعري وكل ذلك يتم لاشعوريا ودون قصد .
و هو شاهد على الفكرة الثانية والتي أعدها المصدر الثاني للأسطر الموزونة في قصائد النثر والذي يتمثل بمخزون الذاكرة ذي الطابع الانفعالي الإيقاعي والذي يتم استدعاؤه من الذاكرة ليستخدم جاهزا ودون تعديل في المواقف الانفعالية المجانسة له . . سأتكلم عن هذا إن شاء الله
تحياتي وتقديري

(ثناء صالح)
03-02-2013, 09:18 AM
هنا انت استاذتي الكريمة ترجعين ارتفاع وتيرة (الايقاع الداخلي ) إلى وجود الايقاع الخارجي الذي تجسده أوزان الشعر المعروفة ، وهذا ليس قانونا مطردا ، كم ذا من أبيات الشعر لا كسر فيها ، وهي خالية تماما من أي موسيقى داخلية ، الموسيقى الداخلية ، انتقاء للحروف على أساس التجانس والتناسب والتناسق من تقارب في مخارجها ، وتقارب في طبيعتها .

يرعاك الله

أهلا بالأستاذ لحسن عسيلة
أرى موسيقى الشعر شاملة لمجموعتين متباينتين من العناصر الموسيقية إحداهما تمثل الإيقاعات الخارجية (الوزن ) والثانية تمثل الموسيقى الداخلية بمكوناتها التي ذكرت حضرتك بعضها .
فقد يجتمع الإيقاع الخارجي الموزون مع الموسيقى الداخلية في الشعر الموزون ، وقد تغيب الثانية مع حضور الأول .
يسعدني وجودك هنا أستاذ لحسن

(ثناء صالح)
03-29-2013, 12:55 AM

2- المصدر الثاني للأسطر الموزونة : حافظة التراكيب اللغوية الإيقاعية في الذاكرة :

مما يلفت انتباهي أن صوت بكاء الطفل الرضيع يكون مشابها إلى حد بعيد لصوت بكاء أمه . وأن نموذج صوت الضحك يكاد يكون نوعيا على مستوى الأسرة . وأن تأثير بعض المدرسين أو المذيعين أو الدعاة على المعجبين بهم يظهر في تقمص هؤلاء المعجبين لنبرة الصوت الخاصة بمن هم محط الإعجاب . ولا أظننا نبالغ إن قلنا: إن نبرة الصوت النمطية تعمل كمؤشر على الشريحة الاجتماعية أو الثقافية التي ينتمي إليها المتكلم في موقف انفعالي معين في مجتمع ما . بل إن نمط النبرة الصوتية في اللهجة والتي تميز لكنة عن أخرى تمثل مؤشرا واضحا للمرحلة الحضارية التاريخية التي يمر بها السكان في منطقة جغرافية محددة .وكل ذلك يعود إلى كم هائل من التراكيب اللغوية الانفعالية ذات الإيقاع والتي يتم تداولها وتوريثها بين الأفراد بحيث تصبح معلما للشخصية الجماعية .وكمثال على ما أقول يمكننا تأمل تلك النبرة التي تصوغ إيقاعية التراكيب اللغوية العربية بلكنة فرنسية عند النطق بها من قبل الجزائريين العرب ، وهي إرث تاريخي حملته الذاكرة اللغوية الإيقاعية في الجزائر ، وقس على ذلك آثار اللهجة البدوية في الجزيرة العربية أو آثار اللهجة النوبية في السودان ...إلخ .
لكن ما يهمنا نحن في مجال هذا البحث هو تدخل الحافظة الإيقاعية في صياغة التراكيب اللغوية الانفعالية في ما يسمى بقصيدة النثر والتي يفترض بها أن تكون خالية من الإيقاع الخارجي تماشيا مع (الشاعر) المتباهي بتمرده على الوزن كإيقاع خارجي مقولب ، فهذا الشاعر الذي تدهشه هو نفسه تلك الإيقاعية الفطرية التي تنسكب بها تراكيبه اللغوية دون قصد أو وعي ليطلق عليها تسمية (الإيقاع الداخلي )هو فرد منتم لشريحة ثقافية اجتماعية ( جماعة ) تعمل - شاء أو أبى - على تشكيل حافظته اللغوية الإيقاعية التي ستزخر بمخزون هائل من التراكيب اللغويةالانفعالية الإيقاعية التي تربى عليها وعيه بدءا من حفظ النصوص المدرسية للشعر الموزون في مراحل التعلم المدرسي المتتالية وانتهاء بالاستماع للشعر المغنى ليلا ونهارا إن لم يكن بخيار الفرد فبكونه ضحية للتأثير الإعلامي .وكل تلك التراكيب التي تلتصق بالمخزون اللغوي والتي يتعامل معها الدماغ كأدوات تعبيرية جاهزة للاستخدام عند الحاجة إليها وفق مبدأ الاستعارة نفسه الذي يتم فيه انتقاء لفظ معين دون غيره للتعبير عن معنى انفعالي عند التحدث أو الكتابة . وسواء أأعلن الشاعر فرحته بتلك التراكيب الإيقاعية الجاهزة التي تثير دهشته أو صب عليها جام غضبه فهو عاجز عن الفكاك منها كونها مرتبطة عنده بعملية التعبير اللغوي التي يستخدم الدماغ أدواتها وفق مستويين أولهما مستوى اللفظ الواحد ( المفردة ) وثانيهما مستوى الألفاظ المترابطة ( التراكيب ) ...يتبع




(أ. لحسن عسيلة)
03-29-2013, 03:09 AM
أهلا بالأستاذ لحسن عسيلة
أرى موسيقى الشعر شاملة لمجموعتين متباينتين من العناصر الموسيقية إحداهما تمثل الإيقاعات الخارجية (الوزن ) والثانية تمثل الموسيقى الداخلية بمكوناتها التي ذكرت حضرتك بعضها .
فقد يجتمع الإيقاع الخارجي الموزون مع الموسيقى الداخلية في الشعر الموزون ، وقد تغيب الثانية مع حضور الأول .
يسعدني وجودك هنا أستاذ لحسن

ولا يستطيع الإتيان بهما معا إلا من ملك ذوقا رفيعا وحسا ادبيا و سليقة لا تشوبها شائبة ،
يرعاك الله

هيفاء سعد
09-04-2013, 12:15 AM
موضوع مهم طاب لي
ولي عودة لقراءة متأنية
كل الشكر أستاذتي على هذا الطرح القيم
:وح:1

(ثناء صالح)
09-16-2013, 08:32 AM
موضوع مهم طاب لي
ولي عودة لقراءة متأنية
كل الشكر أستاذتي على هذا الطرح القيم
:وح:1

أهلا وسهلا بك أستاذة هيفاء سعد
تسرني قراءتك وأشكرك لتعقيبك الطيب
تقبلي محبتي

حنين حمودة
09-17-2013, 11:24 AM
أستاذتي العزيزة ثناء،
يا ثناء.. الطفل يستقبل الحياة بالبكاء، بمعنى أن بكاءه لا يشبه بكاء أمه في حال من الأحوال، بل يشبه صوت طفل بعمره حديث الولادة وقولك:
إن نمط النبرة الصوتية في اللهجة والتي تميز لكنة عن أخرى تمثل مؤشرا واضحا للمرحلة الحضارية التاريخية التي يمر بها السكان في منطقة جغرافية
لا أرى أن للكنة أي دليل على الحضارة.. فهل تستطيع أن تقلل من حضارة بغداد لأنها اختلفت عن لكنة الشام أو مصر؟ وهل نستطيع ان ننسى حضارة مأرب في لكنة نراها من البداوة لبعدنا بينما يستطيعون هم تمييز دقائق اختلطت علينا!
ربما كنت تقصدين التحضر من الحضر والمدنية لا الحضارة.
وهي إرث تاريخي حملته الذاكرة اللغوية الإيقاعية في الجزائر ،
أظن أن سليلة سترد عليك في هذا الباب، لتؤكد لك أن الإرث الاستعماري واضح المعالم في الجزائر العاصمة وبعض المدن الكبيرة.. وانك كلما انغمست في قلب الجزائر لوجدت لغة عربية مبهرة في صحتها وقوتها.
على ذلك آثار اللهجة البدوية في الجزيرة العربية
عند المقارنة.. يجب ان نقارن المثل بالمثل. ارث الاستعمار الفرنسي والاستعمار البريطاني
هذا البدوي في المشرق يقول: أنطني الجلاس glass ..


http://www.tbessa.net/t9731-topic#60301
اللهجة الجزائرية

شكرا لجمال روحك

(ثناء صالح)
09-21-2013, 09:41 AM
أستاذتي العزيزة ثناء،
يا ثناء.. الطفل يستقبل الحياة بالبكاء، بمعنى أن بكاءه لا يشبه بكاء أمه في حال من الأحوال، بل يشبه صوت طفل بعمره حديث الولادة وقولك:
إن نمط النبرة الصوتية في اللهجة والتي تميز لكنة عن أخرى تمثل مؤشرا واضحا للمرحلة الحضارية التاريخية التي يمر بها السكان في منطقة جغرافية
لا أرى أن للكنة أي دليل على الحضارة.. فهل تستطيع أن تقلل من حضارة بغداد لأنها اختلفت عن لكنة الشام أو مصر؟ وهل نستطيع ان ننسى حضارة مأرب في لكنة نراها من البداوة لبعدنا بينما يستطيعون هم تمييز دقائق اختلطت علينا!
ربما كنت تقصدين التحضر من الحضر والمدنية لا الحضارة.
وهي إرث تاريخي حملته الذاكرة اللغوية الإيقاعية في الجزائر ،
أظن أن سليلة سترد عليك في هذا الباب، لتؤكد لك أن الإرث الاستعماري واضح المعالم في الجزائر العاصمة وبعض المدن الكبيرة.. وانك كلما انغمست في قلب الجزائر لوجدت لغة عربية مبهرة في صحتها وقوتها.
على ذلك آثار اللهجة البدوية في الجزيرة العربية
عند المقارنة.. يجب ان نقارن المثل بالمثل. ارث الاستعمار الفرنسي والاستعمار البريطاني
هذا البدوي في المشرق يقول: أنطني الجلاس glass ..


http://www.tbessa.net/t9731-topic#60301
اللهجة الجزائرية

شكرا لجمال روحك

ههههه
أهلا بك أستاذتي الغالية حنين . . يبدو أن كلامي لم يقنعك . . سأحاول الإيضاح أكثر . .

أما عن مشابهة نبرة بكاء الوليد لنبرة بكاء أمه فهي ملاحظة لاحظتها مرارا وتكرارا في حالات عديدة . والشرط المطلوب لهذه الملاحظة أن تكوني قادرة على تمييز نبرة بكاء الأم قبل أن تستمعي لبكاء وليدها . . الجنين قادر على أن يسمع صوت أمه إذا بكت كما يسمع الأصوات في البيئة المحيطة بأمه فليس من المستبعد أن يكتسب الوليد خبرة سلوك البكاء من أمه ليحفظه في ذاكرته السمعية ومن ثم فإنه يعتمد على هذه الذاكرة في أدائه . إن أزمنة التصويت في البكاء تختلف باختلاف أزمنة الزفير المتلاحق وما يعقبها من فترات الشهيق المختلفة التي تفصل بين كل تصويتين في الأنماط المختلفة للبكاء فضلا عن اختلاف طبيعة وشدة الانفعال المسبب للبكاء لذا فإن نبرة البكاء تختلف في وقعها من شخص لآخر وكذلك من وليد لآخر ولو تساءلنا عن سر قدرة الأم دون غيرها في تمييز صوت بكاء وليدها من أصوات بكاء عدة أطفال آخرين حديثي الولادة يبكون جميعا معا لأدركنا أن لصوت بكاء الوليد نبرة مميزة تحفظها الأم وتميزه بها . .
‏ وأما عن اعتبار نبرة اللهجة الجماعية مؤشرا للمرحلة التاريخية والحضارية فأنا لم أقصد بها المقارنة بين درجة التطور الحضاري للمناطق الجغرافية المختلفة . فالمقارنة خارج الموضوع . ما قصدته : أن المرحلة الحضارية التي يمر بها السكان في منطقة جغرافية معينة من حيث تسلسلها التاريخي وسواء أكانت عالية التطور أو متدنيته تترك أثرا في النبرة الصوتية الجماعية للهجة السكان . فشعور المستمع باقتراب نبرة اللكنة الجزائرية من اللكنة الفرنسية راجع إلى انطباع تأثير الفرنسية في الأذن الجزائرية واللسان الجزائري وهذا الانطباع مؤشر إلى المرحلة الحضارية - مرحلة الاحتلال الفرنسي - التي مرت في تاريخ الجزائر .
سأضرب لهذا مثلا آخر كأتحدث عن تطور نبرة اللهجة الحلبية التي تحولت من اللهجة ( القحية ) إلى اللهجة الحالية . تتميز ( الحلبية القحية ) بنبرة الصوت العريض الذي يميل إلى المبالغة في تفخيم الصوت عموما وتفخيم صوت حروف المد خصوصا مع إطالة زمن المد . وتستخدم هذه النبرة بصوت مرتفع كطريقة سلوكية لفرض الاحترام لشخصية المتحدث ( القبضاي ) وقد كانت سائدة في حلب قديما إبان الاحتلالين العثماني والفرنسي كما يظهر في المسلسلات التي تصور تلك المراحل . أما الآن فقد اضمحلت واختفت إلا من آثار انطباعها في لهجة سكان أحياء حلب الأصلية القديمة فسكان هذه الأحياء يتميرون بها وتظهر بأوضح وقع عند المسنين منهم . . ويشعر الجيل الشاب بانطباعها في لهجة المسنين فيضحكون منها ويتندر الآن طلاب الجامعة الحلبيون بهذه اللهجة للتسلية والضحك ولو راقبت لهجة أحدهم للاحظت أن النبرة في لهجته قد مالت إلى الترقيق في المد وسواه .وما أعزو هذا التغيير إلا لتأثير تجارب الاختلاط بين اللهجات المختلفة في الجامعة وتأثير لهجة الإعلام وتأثير الثقافة والتعليم . وهو ما تتميز به هذه المرحلة التاريخية حضاريا .
محبتي لك