((ريمة الخاني))
11-11-2012, 11:12 AM
السلام عليكم من كتاب:"مجددون ومجترون" اجتزأت نفتة ومقتطفا يعكس فكر الناقد الكبير مارون عبود بطريقته الساخرة العميقة:
(ص) 5-9 :
القديم والجديد نضال الأبد صراع الحياة.
تكون الحماة أرجح عقلا وأوفر علما ,وتقف بالمرصاد كعداد التكسي , إن مشت الكنة رأت خطواتها أوسع من المعتاد,وأشارات بتعديلها لتكون على التمام,كما رسمها السلف الصالح,وإذا حكت فهي ثرثارة لسانها أطول من أذنيها , وإن سكتت فالمسكينة حمارة, الدجاجة تأكل عشاءها , وغن رفعت صوتها كانت وحشة مقطوعة من الحرج,وغن خفتت صوتها فهي حية رقطاء تحكي في عبها,وإن قصّرت ثوبها فهي من سلالة حاتم في الفتنة والإغراء,وما هكذا تعمل بنت الأوادم , وغن عملت بوصايا الله والكنيسة فكل قماش بيروت لا يكفينا,والله يساعدك يا ابني!!.
إن كبر لقمتها فهي غولة,وإن بينت سنها فالبنت عينها شاردة.
ما في اليد حيلة.
كانت الأزياء الأدبية منذ نصف قرن خلا,أن يقدم للكاتب لاسمه :
يسجعون فيقول ألفه الفقير إلى عفو ربه الرزاق فارس بن يوسف الشدياق ,أو صنفه العبد الفقير الجاني ...
وكان هناك زي آخر أعظم خطرا وهو أن يصدر المؤلف كتابه ببيتين من الشعر,كما فعل المعلم بطرس فكتب في قاموسه الشهير:
قل لمن لا يرى الأواخر شيئا=ويرى للأوائل التقديما
أن ذاك القديم كان حديثا=وسيمسي هذا الحديث قديما
فزعيم الشعر العربي واحد لا غير هو الذي ضيع ملك أبيه ,ولكن عرش ذلك الوالد المحترم لا يساوي بيتا من قصائد ابنه.
إن الشعر معمل تصنع فيه التعابير,ولهذ يحق لنا أن نقول للشاعر:كن كيف ,إلا اثنتين فلا تقربهما أبدا:النحو واللغة.
فتنت العرب التعابير الراقصة فصرخوا بصاحبها:أنت أشعر العرب,وأدركوا أن الشعر موسيقى أولا فقدموا البحتري وأخروا ابن الرومي ,واهتز ابن الأثير "لوطن النهى"في شعر أبي تمام ,وأعجب "بقلب يطل على أفكاره"عند أبي عبادة ,كما نعجب نحن "بضيوف الله" عند شوقي لابقريع الشهباء وكبش البطاح...ما قتل الأدب العربي إلا توسله إلى الفن بلغة"رسمية"لا يحيد عنها.ولو كان في ذلك الأسلوب "الرسمي"خير ,مانزل القرآن الكريم بلغة الناس الفاتنة الطرية الناعمة المصقولة.
إن باب القياس أوسع من الهاوية ,فدعوا السماع ,واضربوا في مناكب الأرض ولاتكونوا من ذوات المعدتين.
إن في الأدب أزياء تتجدد,فلنطعّم أدبنا فقد أصبح برّيا.
قد حان لهذه الوثنية الأدبية أن تتوارى فالفن ليعرف إلا إلها واحدا هو الجمال.
إن أفلح الشباب ففلاحهم مجد لنا ولهم,وإن أخفقوا فالتبعة عليهم.
إن الذرية محبوبة إلا في الأدب,إن الحماة لا تدع ثرثرتها حتى يغلق عزرائيل ذلك الفم الذهبي.
ملّ العرب القديم في كل عصر ففضل الأصمعي ابن برد على مروان ابن ابي حفصة ابن الأ ثير ناديك:
إن باب الجديد مفتوح.
منذ دهور وأعيننا في ظهورنا ,فهذا الشعر الذي يقوله شعراء اليوم هو الشعر حقا ,ولكنه في حاجة إلى خلق مستمر ,فقد كاد أن يبصر أدب عصائب طيلا تهتدي بعصائب.
كان الأعرابي يؤثر -كالأدب بريمون اليوم -شعرا موسيقا خفّ معناه على شعر بلا موسيقى,وإن رجحت كفة معانيه.
فلنسر على هذه الطريق نفلح,إذا كان يستطاع تبديل حياة النبات بتبديل الضوء,أفلا يستطاع الشعر على ضوء مصباح أديسون بدلا من ذبال امرئ القيس المفتل؟!
نيسان 1948 مارون عبود.
(ص) 5-9 :
القديم والجديد نضال الأبد صراع الحياة.
تكون الحماة أرجح عقلا وأوفر علما ,وتقف بالمرصاد كعداد التكسي , إن مشت الكنة رأت خطواتها أوسع من المعتاد,وأشارات بتعديلها لتكون على التمام,كما رسمها السلف الصالح,وإذا حكت فهي ثرثارة لسانها أطول من أذنيها , وإن سكتت فالمسكينة حمارة, الدجاجة تأكل عشاءها , وغن رفعت صوتها كانت وحشة مقطوعة من الحرج,وغن خفتت صوتها فهي حية رقطاء تحكي في عبها,وإن قصّرت ثوبها فهي من سلالة حاتم في الفتنة والإغراء,وما هكذا تعمل بنت الأوادم , وغن عملت بوصايا الله والكنيسة فكل قماش بيروت لا يكفينا,والله يساعدك يا ابني!!.
إن كبر لقمتها فهي غولة,وإن بينت سنها فالبنت عينها شاردة.
ما في اليد حيلة.
كانت الأزياء الأدبية منذ نصف قرن خلا,أن يقدم للكاتب لاسمه :
يسجعون فيقول ألفه الفقير إلى عفو ربه الرزاق فارس بن يوسف الشدياق ,أو صنفه العبد الفقير الجاني ...
وكان هناك زي آخر أعظم خطرا وهو أن يصدر المؤلف كتابه ببيتين من الشعر,كما فعل المعلم بطرس فكتب في قاموسه الشهير:
قل لمن لا يرى الأواخر شيئا=ويرى للأوائل التقديما
أن ذاك القديم كان حديثا=وسيمسي هذا الحديث قديما
فزعيم الشعر العربي واحد لا غير هو الذي ضيع ملك أبيه ,ولكن عرش ذلك الوالد المحترم لا يساوي بيتا من قصائد ابنه.
إن الشعر معمل تصنع فيه التعابير,ولهذ يحق لنا أن نقول للشاعر:كن كيف ,إلا اثنتين فلا تقربهما أبدا:النحو واللغة.
فتنت العرب التعابير الراقصة فصرخوا بصاحبها:أنت أشعر العرب,وأدركوا أن الشعر موسيقى أولا فقدموا البحتري وأخروا ابن الرومي ,واهتز ابن الأثير "لوطن النهى"في شعر أبي تمام ,وأعجب "بقلب يطل على أفكاره"عند أبي عبادة ,كما نعجب نحن "بضيوف الله" عند شوقي لابقريع الشهباء وكبش البطاح...ما قتل الأدب العربي إلا توسله إلى الفن بلغة"رسمية"لا يحيد عنها.ولو كان في ذلك الأسلوب "الرسمي"خير ,مانزل القرآن الكريم بلغة الناس الفاتنة الطرية الناعمة المصقولة.
إن باب القياس أوسع من الهاوية ,فدعوا السماع ,واضربوا في مناكب الأرض ولاتكونوا من ذوات المعدتين.
إن في الأدب أزياء تتجدد,فلنطعّم أدبنا فقد أصبح برّيا.
قد حان لهذه الوثنية الأدبية أن تتوارى فالفن ليعرف إلا إلها واحدا هو الجمال.
إن أفلح الشباب ففلاحهم مجد لنا ولهم,وإن أخفقوا فالتبعة عليهم.
إن الذرية محبوبة إلا في الأدب,إن الحماة لا تدع ثرثرتها حتى يغلق عزرائيل ذلك الفم الذهبي.
ملّ العرب القديم في كل عصر ففضل الأصمعي ابن برد على مروان ابن ابي حفصة ابن الأ ثير ناديك:
إن باب الجديد مفتوح.
منذ دهور وأعيننا في ظهورنا ,فهذا الشعر الذي يقوله شعراء اليوم هو الشعر حقا ,ولكنه في حاجة إلى خلق مستمر ,فقد كاد أن يبصر أدب عصائب طيلا تهتدي بعصائب.
كان الأعرابي يؤثر -كالأدب بريمون اليوم -شعرا موسيقا خفّ معناه على شعر بلا موسيقى,وإن رجحت كفة معانيه.
فلنسر على هذه الطريق نفلح,إذا كان يستطاع تبديل حياة النبات بتبديل الضوء,أفلا يستطاع الشعر على ضوء مصباح أديسون بدلا من ذبال امرئ القيس المفتل؟!
نيسان 1948 مارون عبود.