سليمان أبو ستة
10-21-2011, 09:02 PM
عرف التشعيث بأنه حذف الحرف الثاني أو الأول من الوتد المجموع، (أي حذف مقطعه القصير)، ولا يدخل غير فاعلاتن في الخفيف والمجتث. ولكن هل ثمة قيد يمنع الوتد من التشعيث، وما هي شروطه ؟
قال الدكتور محمد العلمي في كتابه "عروض الشعر العربي": "هذه هي الظاهرة غير المتأكد من وجودها في نظام الخليل؛ ذلك أنه لم يؤثر عنه لا إلزام الخفيف الردف حين يشعث، ولا عدم إلزامه ذلك. ولم يعرض أي واحد لهذه الظاهرة حسب علمي سوى أبي العلاء المعري؛ فقد لاحظ أنه "... إذا فقدت الأوزان من هذا الجنس حرف الردف جاءت سالمة من التشعيث، لأنه إذا ظهر بان خلله فيها، فيجتنبه الفحول مثل ما اجتنبه أبو عبادة. وربما جاء فيما فقد لينه من الأوزان كما قال أبو دؤاد (وذكر أبياته الستة) ... فالأبيات الأربعة الأخيرة قد أدرك قوافيها التشعيث، وهو غير خاف في الغريزة".
وأبيات أبي دؤاد الإيادي هي:
يا فتى مـــــــا قتلتمُ غير دُعبـــــو * بٍ ولا مـــن فُوارة الهِنّبْرِ
وفتى يطعم الأرامــــــــل إذ هبّـــ * ـــت نسيم الشتاء بالصِنّبْرِ
ورأيت الإماء كالجعثن البــــــــا * لي قياما على فُـــوار القِدرِ
ورأيت الدخان كالكَوْدنِ الأصْــ * ـــحم ينباع من وراء السِترِ
فالمعري يقيم تلازما بين التشعيث حين يقع، وبين الردف؛ ويجعل التشعيث بدون ردف غير خاف في الغريزة، فهو حين يظهر هكذا يبين خلله". انتهى كلام العلمي، ومنه نعرف أن شرط منع الوتد من التشعيث هو خلوه من الردف. وقد أعدت البحث في الموسوعة الشعرية لعلي أجد نماذج غير النموذج الذي جاء به المعري فلم أجد غير بيت واحد لوضاح اليمن هو قوله:
من بنات الكريم داذ وفي كنــ*ـــدة ينسبن من أباة اللعنِ
معنى ذلك إذن أن الشعر العربي كله حتى نهاية العصر الأموي لم يتوفر فيه غير ما ذكره المعري وما وقعت عليه بنفسي، وهو قليل يكاد يبلغ حد الندرة مما قد يرجح قول المعري ويلزمنا باتخاذه قانونا من قوانين الغريزة الشعرية. ثم إني لم امتنع من المضي في البحث فيما تلا ذلك من العصور، لأجد ابن الرومي يقول في إحدى قصائده الطويلة (62 بيتا) هذا البيت المشعث الوحيد:
وإذا ما عراك ندمان كأس * لم يشبها القنديد والإسفنطُ
ومثل ذلك ابن المعتز فقد وجدت له قوله:
هاك قلبي قطعه لوما فإن أنــ * ـــسيته حبها فقد أحسنتا
ثم بالتأمل في هذين البيتين النادرين اكتشفت أن الوتد فيهما مردف بحرف يقترب في خصائصه الصوتية من حروف الردف، وهذا الحرف هو النون المعروف بالغنة التي يمتد فيها الصوت والنفس. وإذن فقد عدت من بحثي من بخفي حنين، فهل من بين إخواني وأخواتي الباحثين من يمدنا بمزيد من الشواهد التي تؤيد قول المعري، أو أن ينظر في غريزته وما إذا كانت تؤيد هذا القول أو تنفيه؟ فكما قال العلمي إن الخليل " لم يؤثر عنه لا إلزام الخفيف الردف حين يشعث، ولا عدم إلزامه ذلك"، وهذا ما يدعونا إلى المضي قدما في البحث لعلنا نصل بالتحري إلى مزيد من الصواب.
قال الدكتور محمد العلمي في كتابه "عروض الشعر العربي": "هذه هي الظاهرة غير المتأكد من وجودها في نظام الخليل؛ ذلك أنه لم يؤثر عنه لا إلزام الخفيف الردف حين يشعث، ولا عدم إلزامه ذلك. ولم يعرض أي واحد لهذه الظاهرة حسب علمي سوى أبي العلاء المعري؛ فقد لاحظ أنه "... إذا فقدت الأوزان من هذا الجنس حرف الردف جاءت سالمة من التشعيث، لأنه إذا ظهر بان خلله فيها، فيجتنبه الفحول مثل ما اجتنبه أبو عبادة. وربما جاء فيما فقد لينه من الأوزان كما قال أبو دؤاد (وذكر أبياته الستة) ... فالأبيات الأربعة الأخيرة قد أدرك قوافيها التشعيث، وهو غير خاف في الغريزة".
وأبيات أبي دؤاد الإيادي هي:
يا فتى مـــــــا قتلتمُ غير دُعبـــــو * بٍ ولا مـــن فُوارة الهِنّبْرِ
وفتى يطعم الأرامــــــــل إذ هبّـــ * ـــت نسيم الشتاء بالصِنّبْرِ
ورأيت الإماء كالجعثن البــــــــا * لي قياما على فُـــوار القِدرِ
ورأيت الدخان كالكَوْدنِ الأصْــ * ـــحم ينباع من وراء السِترِ
فالمعري يقيم تلازما بين التشعيث حين يقع، وبين الردف؛ ويجعل التشعيث بدون ردف غير خاف في الغريزة، فهو حين يظهر هكذا يبين خلله". انتهى كلام العلمي، ومنه نعرف أن شرط منع الوتد من التشعيث هو خلوه من الردف. وقد أعدت البحث في الموسوعة الشعرية لعلي أجد نماذج غير النموذج الذي جاء به المعري فلم أجد غير بيت واحد لوضاح اليمن هو قوله:
من بنات الكريم داذ وفي كنــ*ـــدة ينسبن من أباة اللعنِ
معنى ذلك إذن أن الشعر العربي كله حتى نهاية العصر الأموي لم يتوفر فيه غير ما ذكره المعري وما وقعت عليه بنفسي، وهو قليل يكاد يبلغ حد الندرة مما قد يرجح قول المعري ويلزمنا باتخاذه قانونا من قوانين الغريزة الشعرية. ثم إني لم امتنع من المضي في البحث فيما تلا ذلك من العصور، لأجد ابن الرومي يقول في إحدى قصائده الطويلة (62 بيتا) هذا البيت المشعث الوحيد:
وإذا ما عراك ندمان كأس * لم يشبها القنديد والإسفنطُ
ومثل ذلك ابن المعتز فقد وجدت له قوله:
هاك قلبي قطعه لوما فإن أنــ * ـــسيته حبها فقد أحسنتا
ثم بالتأمل في هذين البيتين النادرين اكتشفت أن الوتد فيهما مردف بحرف يقترب في خصائصه الصوتية من حروف الردف، وهذا الحرف هو النون المعروف بالغنة التي يمتد فيها الصوت والنفس. وإذن فقد عدت من بحثي من بخفي حنين، فهل من بين إخواني وأخواتي الباحثين من يمدنا بمزيد من الشواهد التي تؤيد قول المعري، أو أن ينظر في غريزته وما إذا كانت تؤيد هذا القول أو تنفيه؟ فكما قال العلمي إن الخليل " لم يؤثر عنه لا إلزام الخفيف الردف حين يشعث، ولا عدم إلزامه ذلك"، وهذا ما يدعونا إلى المضي قدما في البحث لعلنا نصل بالتحري إلى مزيد من الصواب.