مشاهدة النسخة كاملة : الفرق بين النحو وعلم النحو
خشان خشان
07-21-2011, 07:13 PM
http://www.lisanarabi.com/vb/showthread.php?t=1354
هذه نصيحة أبوية من أب حنون لأبنائه ..
""اعلموا - يا أحبابي - أن بين النحو وعلم النحو فرقا مهما ؛
فالنحو هو نظام الكلام والتفكير ، وعلم النحو هو منهج البحث عن ذلك المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة - وأنه إذا جاز أن تتركوا لطلاب علم النحو علمه ، لم يجز أن تتركوا لهم النحو نفسه ؛ فإنكم وإنهم فيه سواء ، لا غنى بأيكم عنه ما دام يتكلم ويفكر .
زعمت ابنتي أنها لا تعرف النحو ولا تحبه ؛ فذكرت لها أنها تعرفه وتحبه !
فلما عجبت قلت لها ألا تُفْهمين إذا تكلمتِ ، ألا تَفْهمين إذا سمعتِ ، ألم تولعي بالفهم والإفهام !
أنت إذن مولعة بالنحو !
وإذا تأملتم وجدتم من الحكمة الاطلاع على علم النحو ، رغبة في سبر أغوار نظام الكلام والتفكير ، ولكن ينبغي أن تتمسكوا بما يؤدي إلى هذه الغاية من الوسائل ، والا تعبؤوا بما يضللكم عنها ، أو يكرهها إليكم !
بارك الله فيك ، وأحسن إليكم !""
*********
لله درك أستاذي ما أهم هذه الخلاصة.
وقد وجدت فيها نظيرا لما بين العروض وعلم العروض. ولا غرو في ذلك فللخليل رحمه الله الفضل في تأسيس كل من علم النحو وعلم العروض. والصيغة المناظرة في حال العروض وعلمه لما تقدم في النحو وعلمه :
فالعروض هو الإحساس بنظام الوزن الذي قد يدرك بالفطرة أو التعلم الذي يشمل القدرة على توصيفه ، وعلم العروض هو منهج البحث المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة.
ولئن كان النحو وهو نتاج الفكر جاهزا موصَّفا قد ازدهر ولم يطغ على علم النحو الذي الذي يحمل نهج وتفكير الخليل حيث ظل هناك من يهتمون به . إلا أن من سوء حظ علم العروض أن العروض استأثر بالاهتمام كله على حساب علم العروض إذ استأثرت التفاعيل بالاهتمام دون منهج الخليل وتفكيره اللذين لا تعدو التفاعيل وما بني عليها أن تكون مجرد أدوات توضيح لمظهرهما التطبيقي المفصل.
لقد طغى العروض على علم العروض وساد النهج الذي أسست له التفاعيل على الساحة .
تقتضي الدقة العلمية عندما نتطرق لتقييم التفاعيل ودورها أن نبين الإطار الذي يتم فيه التقييم.
ففي إطار العروض فإن للتفاعيل دورا رائعا في نقل وتوصيف الوزن والتعبير عن الإحساس السمعي أو الصوتي بالوزن . وما رافقها في هذا المجال من أحكام فهي أقرب إلى إجادة التوصيف وإن تجاوزت ذلك فهي لا تتعدى كونها قواعد توصيفية تجزيئية لا شمولية ولا تعليلية .
في حين أن دورها في مجال علم العروض - وخاصة لدى من لا وعي له على منهج الخليل وشموليته - سلبي جدا إذ أنها تقوم كمبرمِجات للتفكير تحول دون انطلاق التفكير لمهمته في نشدان القواعد الشمولية الضابطة والنظريات الكلية. وجل الذنب هنا على إهمال نهج الخليل القائم على الفهم المقترن بتحفيز التفكير لحساب طريقة التوصيف الجزئي التي تقتضي الحفظ على حساب التفكير.
يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة الرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
يجيء العروض الرقمي لينصف علم العروض مجددا التواصل مع فكر الخليل ومنهجه أو محاولة التواصل على أقل تقدير . هذا المنهج الذي يقوم على افتراض الخليل رحمه الله لوجود كل يشمل الأجزاء في كل أمر وعلم. وانظر إلى ذلك كيف يتضح في إحصائه للجذور المحتملة - مستعملة ومهملة - للغة قبل أن يبدأ معجم العين حيث حسبها فإذا هي 412 ,315 ,12 هكذا ذكر الكتاب.
الثنائي = 28×27 = 756
الثلاثي = 28×27×26 = 656 ,19
الرباعي = 28×27×26×25= 400 ,491
الخماسي = 28×27×26×25×24 = 600 ,793 ,11
المجموع = 412 ,305 ,12..... هذا هو المجموع الصحيح وما تقدم نقلته من الكتاب كما ذكره.
كما ورد في كتاب المدارس العروضية - لعبد الرؤوف بابكر السيد ( ص- 101 )
والله يرعاك.
((زينب هداية))
07-21-2011, 07:44 PM
سلّم الله الكاتب و النّاقل وكلّ من يمرّ من هنا.
أتسائل دوما :
مادام النّحو والعروض أخيّين .. فما الّذي حفر هوّة بينهما ؟ وما الّذي جعلها تزداد اتّساعا على مدى السّنين؟
((إباء العرب))
07-22-2011, 05:18 AM
خلاصة هامة لاستدراك قيمة تناول العروض كعلم شامل من منظور رقمي .:a43:
خشان خشان
07-22-2011, 01:26 PM
خلاصة هامة لاستدراك قيمة تناول العروض كعلم شامل من منظور رقمي .:a43:
هو ذاك أستاذتي .
خشان خشان
07-22-2011, 01:27 PM
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showpost.php?p=621571&postcount=5
يذهلني هذا القياس الرياضي الذي يشي بعمليات ذهنية باهرة ولا يتاتى إلا عن ذهن متوقد وشمولية في التفكير هي ما وصل بالخليل في زمانه لهذه الاحاطة غير العادية
وعلى كل حال استاذنا فلن يظلم علم العروض وقد قيض الله له أستاذا كاستاذنا الخشان بما اجتهد وتابع على قاعدة من أددراك افتراض الخليل لوجود كل يشمل الأجزاء في علم العروض كما في كل ما عداه، وتجديده للتواصل مع فكر الخليل ومنهجه فيما يتحقق به من خلال العروض الرقمي إنصاف علم العروض
طبيعي ومتوقع أن لا تحظى أية أفكار إبداعية وطنية بحقها من التأييد والمناصرة، فنحن قوم نتشبث بجنون بالمستورد مهما كان ، ولكن مبدعينا موجودون ويواصلون، وستفرض إبداعاتهم نفسها في النهاية
والعروض الرقمي خير دليل على ذلك
وتبقى واحتنا صرحا كبيرا مفتوح الأبواب لكل ما يخدم الأمة ويتوافق ونهجها النهضوي ورسالتها الحضارية لرسم معالم واقع جديد لأمة آن لها ان تستعيد مجدها
تحيتي للموضوع الهام
ولحضوركم الكريم
دمت بألق
شكرا لك أستاذتي الكريمة
يعجبني في ردودك البعد الفكري، والتفكير شامل بطبيعته.
والخليل بهذه الشمولية في كل فرع من فروع إنتاجه الأدبي يمثل الأفق الذي ارتقى الإسلام إليه بالفكر البشري.
هل يعقل أن عقلية بشمول عقلية الخليل تتوقف في إنتاجها على الأدب ؟
أتصور أن من الصعب قبول ذلك. من المنطق أن نفترض أن للخليل إنتاجا يتعدى هذا إلى سائر شأن الأمة بل البشرية في مجالات الفكر والدين والسياسة.
هل اختفت كتاباته بدوافع من نوع ما ؟ هذا ممكن جدا، لا سيما ونحن نرى بعض الإنتاج الفكري الذي لم يمض عليه طويل زمن يختفي.
أهم من معرفة علم ما هو البدء بافتراض وجود نظام كلي يشمل جزئيات ذلك العلم، فهذا كفيل بأن يسعى من يأخذ بهذا الافتراض نحو إدراك ذلك النظام، ويبقى التوصل إليه مسألة وقت تتحكم فيها عوامل عدة.
ومثال ذلك في مجال العروض ما ألاحظه من كتابات الأستاذ سمير السحار، التي تشي بمثل هذا التوجه، وأتوقع أنه لو درس الرقمي مضمونا لاختصر عليه الوقت في الوصول إلى ما هو مؤهل للوصول إليه.
كم أتمنى وأنت بهذا النظرة الواسعة للأمور لو تبحرت في الرقمي.
يرعاك ربي.
خشان خشان
07-22-2011, 01:29 PM
http://www.rabitat-alwaha.net/moltaqa/showpost.php?p=621574&postcount=6
=======
مقارنة بديعة ، و فيها تقريب جميل للفكرة التي تناضل من أجلها .
العروض و علم العروض بخير ما دمت و أمثالك فيه .
إن العملية الفكرية غالبا ما تكون آلتها معطلة أو كسولة أو فاترة لما تتطلبه من جهد ،
و الناس تميل للأسهل دائما ، و لا يخفى أن البحث في فكر الخليل مهمة ليست بالسهلة ،
و لكن لو علم الدارسون ما فيها من متعة و حلاوة لتسابقوا إليها .
بعد معرفة الرقمي ، بتّ أرى أن أقل شيء في علم العروض هو تلك التفاعيل ، و أرجو أن
ييسر لي الله عز و جل للغوص في أعماق هذا العلم الرائع .
شكرا لك أستاذتي
كما أن النحو في جوهره - كما ذكر أستاذنا - هو إدراك ترابط الكلام ، وأن "علم النحو هو منهج البحث عن ذلك المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة رغبة في سبر أغوار نظام الكلام والتفكير " . والذي " ينبغي أن تتمسكوا بما يؤدي إلى هذه الغاية من الوسائل ، والا تعبؤوا بما يضللكم عنها ، أو يكرهها إليكم !"
يمكننا القول :
كذلك فإن العروض في جوهره هو إدراك موسيقى الكلام وهذا الأصل فيه سلامة الفطرة، ومثاله نتاج الشاعر العربي في الجاهلية وكثير من شعراء النبطي وإحساس الطفل بهدهدة أمة ، والذائقة الجمعية للأمة متمثلة في سلامة الأنغام الشعبية من الكسور ، وأن "علم العروض هو منهج البحث عن ذلك المفضي إلى نظريات وقواعد ضابطة رغبة في سبر أغوار نظام الكلام والتفكير " . والذي " ينبغي أن تتمسكوا بما يؤدي إلى هذه الغاية من الوسائل ، والا تعبؤوا بما يضللكم عنها ، أو يكرهها إليكم !"
وما يتداوله الناس حول العروض هو إنتاج الخليل في "العروض" الذي هو بدوره مجرد وصف تجزيئي تفصيلي لتألق الخليل في " علم العروض" . فالتفاعيل وأوزان البحور توصيف جزئي للأوزان بقصد شرحها للجمهور أما العملية الفكرية عند الخليل في شمولها وتفاعلها مع ذاته ومع الواقع فلم يهتم بها أحد، والناس معذورون في ذلك لعدة عوامل منها :
1 - بعد الشقة بين المستوى الفكري للخليل وسائر الناس في زمنه وبعد زمنه
2- الناس غالبا تهتم بالنتيجة كاهتمام المريض بالدواء دون معرفة علمية بتركيبه وطريقة عمله وطريقة إنتاجه. وهذا في العروض كالتفاعيل والبحور مقرونة بتفكير الخليل ومنهجه.
3- كان العروضيون هم المؤهلين للربط بين العملية الفكرية ونتاجها لدى الخليل. ولكنهم للأسف لم يهتموا بالعملية الفكرية، ذلك أن عدم وعيهم على حقيقة وجودها جعل تفكيرهم خاضعا لبرمجة تجزيئية التفاعيل في الأعم الأشمل الأغلب . يصدق هذا على من وافق الخليل ومن عارضه. ماضيا وحاضرا.
وليس ما يلقاه الرقمي من العروضيين إلا في نادر النادر من رفض أو سخرية أو استخفاف أو إعراض أو فتور إلا لأنه يقدم العروض بالتواصل مع فكر الخليل ومنهجه القائم على شمولية فكره، ليضع التفاعيل في مقامها كأدوات خاضعة لذلك المنهج، وهذا يعني نسف فلسفة الأساس التي قام عليها منهج العروض العربي لغاية الآن . وبدوره فإن هذا يستجيش في نفوس العروضيين بوعي أو دون وعي شدة في الدفاع عن أساس من الصعب عليهم العدول عنه بطبيعة إلفة النفوس لما استقرت عليه وركونها إليه وخشيتها من الإقرار بما يخالفه وما ينتج عن الإقرار من إعلان وجود ما هو أفضل ، وهذه عقبات لا يستطيع التغلب عليها إلا ذو بصيرة وشجاعة.
لا أمل من تكرار قول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه القمَّة للرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ. "
إن وعيك على هذا يجعلك أهلا للريادة فيه وأتمنى أن تتاح لك الفرصة لذلك.
يرعاك الله.
((ريمة الخاني))
07-22-2011, 09:10 PM
السلام عليكم
أستاذي الكريم
أستاذتي الكريمة
ربما لأنكم تدرسون العروض سيكون بحثكم في ثنايا وطوايا وأسرار العروض واللغة عموما وأسرارها..
لكن من الطبيعي ان نبحث عن هدف كل باحث ماذا يريد ولماذا؟
فهل على سبيل المثال مطالبون نحن بمعرفة اللغة البرمجية لتراكيب المنتديات وإضافاتها؟ طبعا لا لاننا مستعملون فقط لنتائجها...
لسنا مطاليون بمعرفة تحليل العملية الذهنية إلا لو عرفنا لماذا سنقوم بهذا العمل..
لذا لما يعرف السبب يبطل العجب..
إضفة بسيطة ليس إلا.
مع جل الاحترام والتحية.
خشان خشان
07-22-2011, 09:57 PM
السلام عليكم
أستاذي الكريم
أستاذتي الكريمة
ربما لأنكم تدرسون العروض سيكون بحثكم في ثنايا وطوايا وأسرار العروض واللغة عموما وأسرارها..
لكن من الطبيعي ان نبحث عن هدف كل باحث ماذا يريد ولماذا؟
فهل على سبيل المثال مطالبون نحن بمعرفة اللغة البرمجية لتراكيب المنتديات وإضافاتها؟ طبعا لا لاننا مستعملون فقط لنتائجها...
لسنا مطاليون بمعرفة تحليل العملية الذهنية إلا لو عرفنا لماذا سنقوم بهذا العمل..
لذا لما يعرف السبب يبطل العجب..
إضفة بسيطة ليس إلا.
مع جل الاحترام والتحية.
صدقت أستاذتي
فالأمر بالنسبة للعروض على مراحل
1- طائفة لا يلزمها العروض وهم الشعراء الملهمون سليمي الفطرة
2- طائفة يلزمها العروض لضبط الوزن
3- طائفة تتخصص في فهم كلية علم العروض وشموليته وربط ذلك في إطار فكري.
الطائفتان الأولى والثانية موجودتان دوما. ولا عيب ولا تقص في ذلك.
هل الطائفة الثالثة موجودة ؟ هل وجود الطائفتين الأولى والثانية يلغي ضرورة وجودها ؟
هل انضمام أحد أفراد الطائفتين لهذه الطائفة إن وجدت يسهل غايته الأصلية ؟
يرعاك الله.
((ريمة الخاني))
07-22-2011, 11:16 PM
وجهة نظر تحنرم أستاذي ..وهي هامة فعلا..
اما عن البند الاول فهو لافت بحق ..توقفت عنده قليلا..
واما عن الثالث فربما سبقه بند العروضيين الذي يخرجون شعراء فقط
اما البند الاخير فأظن انك تعني من يخرجون العروضيين ..
لك مني كل الاحترام
((نادية بوغرارة))
07-23-2011, 04:09 PM
الطائفتان الأولى والثانية موجودتان دوما. ولا عيب ولا تقص في ذلك.
هل الطائفة الثالثة موجودة ؟ هل وجود الطائفتين الأولى والثانية يلغي ضرورة وجودها ؟
هل انضمام أحد أفراد الطائفتين لهذه الطائفة إن وجدت يسهل غايته الأصلية ؟
يرعاك الله.
========
تفكير بصوت عال و طرح لأسئلة مشروعة .
هل فعل لا يلزم الشعراء سليمي الفطرة الإحاطة و لو قليلا بعلم العروض ؟؟
من فوائد دراسة علم العروض أن الشاعر بعد فترة يكتسب مناعة كبيرة ضد الكسر في شعره ،
و بالتالي يصبح بعد الدراسة لا قبلها من الطائفة الأولى :
طائفة لا يلزمها العروض وهم الشعراء الملهمون سليمي الفطرة
لا يخفى أن من سبقوا إلى الشعر كانت حياة أغلبهم في جو من الفصاحة و الفطرة السليمة و الازدهار اللغوي ، فكان لسانهم يجري بيانا و جمالا ,مما جعلهم مراجع في الشعر و اللغة بعلومها ،بل من شعرهم استنبط الخليل قواعد العروض العربي ، و غيره من العلوم الأدبية ..
أما في عصرنا فقلما نجد من يخلو شعره من الأخطاء ، إلا أن ينقّحه و يعرضه على الخبراء قبل أن يخرجه للناس .
تحية للجميع .
شيرين عابدين
07-24-2011, 09:46 AM
أحسن الله إليك أستاذنا الكريم خشان ، وفي قصص أستاذنا الجليل محمد جمال صقر ما يحركنا دائما ، وأترك لكم الاستمتاع بهذه :
تربية الأبناء للأستاذ الدكتور محمد جمال صقر !
تَرْبِيَةُ الأَبْناءِ
- بلغنا أن لكم في تدريب أبنائكم على القراءة ، منهجا خاصا ؛ فهلّا تكرمتم ببيانه !
سؤال سُئِلْتُه صباح الأحد 17/6/2001م ، على منصة مسرح كلية دبي الطبية ، بعقب محاضرتي \' اللُّغَةُ الْعَرَبيَّةُ اعْتِقادٌ وَحَياةٌ \' - مكتوبا بخط النسخ الجميل ؛ فأثارني إلى ذكريات حميمة حبيبة !
ولله عندي الآن خمس نعم لا ينقضي شكرُها،ولا التمتعُ بذكرها مُرَتَّبَةً : ( ريم ، بَراء ، رِهام ، سُرى ، فُرات ) ، ثلاث بنات ( ريم ، رِهام ، سُرى ) ، وابنان اثنان ( بَراء ، فُرات ) - ولا الولعُ بسيرتها !
لم تكن الكتب ممتنعة عليهم بحصن حصين ، بل مرتبة على الجدران من تحت إلى فوق في رفوفها المفتوحة ،
و بينها أجلس دائما على مكتبي قارئا أو كاتبا ، حتى كان من لوازم رسائلي عندئذ ، إضافة \' بَيْنَ الْكُتُبِ \' ، إلى التاريخ - فكانت مأوى أجسامهم وأرواحهم ، يَحْبونَ إليها صغارا ، ويمسكون بكعوب ما يستطيعون من كتب أقرب الرفوف إليهم ، ويَجُرّونها ؛ فَأُسْرِعُ إلى وضعها بأيديهم في أماكنها ، ونهيهم عن جَرِّها ، حتى تعلموا أن يعيشوا بينها حياتهم كلها جدها وهزلها ، من غير أن يعبثوا بها .
ثم لما اطمأننت إلى مجالستهم أَتَحْتُ لهم بعض الكتب والمجلات المصورة ، وساعدتهم على تقليب صفحاتها ، حتى استطاعوا ذلك وحدهم ؛ فكانوا يمشون إليها مُتَعَثِّرينَ ، يجذبونها من على رفوفها ، إلى حيث يُقَلِّبونها وكأنهم يقرؤونها ، مثلما أُقَلِّب وأقرأ !
ثم لما قدروا على الكلام رَتَّبْتُ لهم في كراسات صغيرة ، نصوصا كاملة من القرآن والحديث والشعر ، سورا وأحاديث وقصائد ، كنت أُحفِّظهم إياها وأَسْمَعُها منهم بين يَدَيْ مقدمة لازمة :
\' بِسْمِ اللّهِ ، وَالْحَمْدُ لِلّهِ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلى رَسولِ اللّهِ ، وَبَعْدُ ؛ فَأَنَا أَحْفَظُ الْقُرْآنَ الْكَريمَ وَالْحَديثَ الشَّريفَ وَالشِّعْرَ النَّفيسَ ؛ فَأَنَا عالِمَةُ النّاسِ وَأَديبَتُهُمُ الْمُقَدَّمَةُ - أَوْ عالِمُ النّاسِ وَأَديبُهُمُ الْمُقَدَّمُ - إِنْ شاءَ اللّهُ ، تَعالى \' !
ثم لما قدروا على القراءة رَتَّبْتُ لهم مجموعات الكتب المناسبة مُتَصاعِدَةً ، من كتب العريان ، وبرانق ، والإبراشي ، وابن جَنّات ، و\' كل شيء عن \' المترجَمة إلى العربية - إلى كتب الندوي ، ورأفت الباشا ، وخالد محمد خالد - ثم إلى كتب عبد الحليم محمود ، والغزالي ، والبوطي - ثم إلى كتب \' مكتبة الأسرة \' ، و\' هل تعلم \' ، و\' موسوعة العلوم والتكنولوجيا \' - ثم إلى كتب المازني ، والعقاد ، ومحمود محمد شاكر ، ومحمد جمال صقر - ! - ثم إلى كتب شيكسبير الإنجليزية الخالصة ، وكتب العيسى وجويدة والشرقاوي المترجمة إلى الإنجليزية - ثم كتب معاجم العربية
( لسان العرب ، والوسيط ، والوجيز ) ، والإنجليزية
( المورد ) - ثم دلتهم الكتب بعضها على بعض ! بل كثيرا ما صحبوني إلى المكتبات ولا سيما في معرض القاهرة الدولي ، فاختاروها !
وكنت أغريهم بتلوين صور الكتب غير الملونة :
-اللّي يِخَلَّصْ كِتابْ يِلَوِّنُو !
-سعيدا بذكاء أصحاب هذه الكتب ، الذين مكنوني من ذلك ، بطبع صورها مفرغة غير ملونة !
ثم علمتهم تكرار قراءة الكتب ، والتعليق عليها من أواخرها ، برقم كل قراءة ، وتاريخها ، مع توقيعاتهم :
- تمت الأولى - أو الثانية أو الثالثة أو الرابعة أو الخامسة ... - مساء السبت (...) هـ= (...) م ، ريم ، براء ، رهام ، سرى .
فكانوا يمضون في القراءة اللاحقة أسرع مما مضوا في السابقة ، ويستفيدون منها أكثر ، ويسألون فيها أقل ، فيفرحون بها أشد ، ويتنافسون :
- براء ، انت في المره الكام ؟
- التانيه .
- أنا في الرابعه !
- رهام ، انت في المره الكام ؟
- الأولى .
- أنا في التانيه !
كانت ريم أسرع من براء ، ثم صار براء أسرع منها ، وكانت سرى أسرع من رهام ، ثم صارت رهام أسرع منها ، ولا يدومون على حال ! ولكنهم إذا راجعوا الآن تلك الكتب ، وعثروا على تعليقاتهم ، بَشّوا لها كلهم جميعا ، بَشاشَتَهم للأحباب الزائرين !
ثم صرت أطالبهم بالتعبير في أسطر قليلة ، عما فهموه من الكتاب - ثم بالتعبير عما عاشوه في بعض المناسبات ، وأعلق لهم على هذا وذاك ، وأكافئهم بما يحبون ، حتى تقدست لديهم القراءة والكتابة !
ثم غرست لهم القراءة الحرة ، في برنامج أعمالهم اليومية :
1 الصلاة .
2 ورد القرآن الكريم .
3 مذاكرة دروس اليوم المدرسية .
4 إنجاز واجبات اليوم المدرسية .
5 مذاكرة مادة مدرسية كاملة .
6 ورد القراءة الحرة .
7 معالجة عمل الحاسوب .
8 مشاهدة مادة مُتَلْفَزة .
ولم يكونوا أنشط منهم إذا جالسوني ، وكنتُ من إخوان العزلة ؛ فكنت أصبر مضطرا ، حتى رأيت أن أحمل نفسي على التفكير بينهم في أَعْوَصِ أبحاثي ؛ ففُرِقَ لي فيه عما لم يكن في البال !
ولقد انفتح لهم بالقراءة الحرة ، باب الأسئلة الكثيرة المستمرة ، التي كانت تقطع عليَّ تفكيري ؛ فتستفزني إلى إسكاتهم حتى أفرغ ، أو إلى تعليمهم كيف يجيبونها هم وحدهم - مثلما تستفزني إلى إجابتها :
- بابا !
- نعم !
- إيه الكلمة دي ؟
- دي \' أَقْبَلَ \' .
- معناها إيه ؟
- معناها \' جِهْ \' .
- ودي ؟
- دي \' قَدِمَ \' .
- معناها إيه ؟
- معناها \' جِهْ \' .
- \' قَدِمَ \' زي \' أَقْبَلَ \' !
- مش زيها قوي ، لكن عامله زيها !
- بابا !
- يا نعم !
- يعني إيه \' قَدِمَ صَديقَه عَلى نَفْسِه \' ؟
- \' قَدَّمَ صَديقَه عَلى نَفْسِه \' !
- لا ، \' قَدِمَ صَديقَه عَلى نَفْسِه \' !
- وَرّيني !
- أَهِهْ !
- لا ، الكسرة اللي تحت الدال دي غلط !
- وعرفت إزاي من غير ما تشوف ؟
- عشان اتعلمت قبلكو ! وكل ما تقروا تتعلموا ، وتبقوا زيي وأحسن مني كمان !
ثم كبروا ، وكبرت أسئلتهم ، وصعبت ، حتى أشكلت أحيانا ؛ فلم أكن أَسْتَحْيي من إجابة مُحْرِجِها دينيةً أو سياسيةً أو جنسيةً ، ولا أدعي علم ما لا أعلم منها ، بل أتمتع بإنكار علمه ، ليعلموا أن العلم لمن اجتهد في سبيل تحصيله ، لا لمن أوتي مقام الراعي ! وأتمتع بتعريف العلماء لهم ، وتقديمهم على نفسي ، ليعلموا أن فوق كل ذي علم عليمًا بَذَلَ في طلبه أعظم مما بَذَل غيره ، ينبغي أن يؤتى دون غيره ، ويستفتى ، ويعتمد رأيه وحده .
ولقد ميزتهم قراءاتهم منذ أوَّليَّتِهِمْ ، حتى لاحظها زملاؤهم :
- إنت عارفه - يا ريم - ان الكتب اللي بتقريها بتأثر عليك !
- إزاي يعني ؟
- بتخليك تفكري في حاجات غريبه .
وأساتذتهم :
- تعال - يا براء - قول لسعادة الموجه انت قريت لمين !
- قريت للمازني ، والعقاد ، ... .
- يا سلام !
وجَرَّأَهُمْ منذ أوَّليَّتِهِمْ كذلك مَقامُ القراءة الذي قمنا فيه جميعا معا :
- إيه ده ، يا رهام !
- إيه فيه إيه ؟
- إنت بتكلمي الأستاذ كده إزاي !
- إيه ، زي ما بكلم بابا .
الجزء الرابع من مقدمة كتاب" دليل المتثقفين تعليقات على متون الكتب العربية " للأستاذ الدكتور محمد جمال صقر،
الأستاذ بكلية دار العلوم (جامعة القاهرة) .
وآمُل منكم البحث في الشبكة _ حيث لا أتمكن الآن من وضع الروابط _ عن محاضرات مسموعة لأستاذنا الجليل
محمد جمال صقر وهي محاضرات عالية ، عروضية صرفية ، في أربع عشرة محاضرة ، بعنوان " محاضرات في ظاهرة التوافق العروضي الصرفي " ، استمعوا إليها ولن تندموا !
حقيقة حاولت أن أفرد لها موضوعا هنا في الرقمي لكن لم أعرف أين يمكن وضعها ، و كنت أتمنى أن تنشئوا قسما إداريا لمن أحب الاستفسار عن شيء أو اقتراح آخر !
دمتم في تقدم !
خشان خشان
07-24-2011, 09:58 AM
سلمت يداك أستاذتي وجزاك الله وجزى أستاذنا محمد جمال صقر كل خير.
حقا إنه ممن تَغْنى بهم الأمة في فكرها وثقافتها حفظه الله ونفع به ورحم الأستاذ محمود شاكر رحمة واسعة.
فموسوعية الأستاذ محمد جمال صقر تذكرنا به. أكثر الله في الأمة من أمثالهما.
أنظري مواضيع المنتدى الرابع فإن لم تتبيني مكانا لإضافة موضوع ما فاجعليه في الــ(ـمواضيع المتفرقة )
http://arood.com/vb/forumdisplay.php?f=82
وجزاك الله مقدما كل خير .
((زينب هداية))
07-24-2011, 12:33 PM
يا لروعة الهديّة أستاذة شيرين
بارك الله فيك وفي أستاذنا الكريم محمد جمال صقر ، نفعنا الله بعلمه.
خشان خشان
10-24-2011, 09:36 AM
سلّم الله الكاتب و النّاقل وكلّ من يمرّ من هنا.
أتسائل دوما :
مادام النّحو والعروض أخيّين .. فما الّذي حفر هوّة بينهما ؟ وما الّذي جعلها تزداد اتّساعا على مدى السّنين؟
وسلمك الله ورعاك أستاذتي الكريمة
النحو اقترن بالفهم والتعليل منذ اليوم الأول
فيما اتجه العروض للحفظ .
يحسن هنا أن نستعرض عدة علوم - لا يسمح المقام هنا لتحديدها - لتبين موقعها من هذين الاعتبارين.
يرعاك الله.
((زينب هداية))
10-24-2011, 11:09 AM
جزاكم الله خيرا أستاذنا الكريم
أحسب أنّّّي أدرس علم العروض في منتدانا الغالي
يمكن تسميته كذلك ب( العروض النظري) على غرار العروض التطبيقي الذي يُدرّس في المدارس.
خشان خشان
10-26-2011, 06:48 AM
فيما يلي موضوع مفيد ذو علاقة بهذا الموضوع :
http://arood.com/vb/showthread.php?p=48365#post48365
Powered by vBulletin® Version 4.2.5 Copyright © 2024 vBulletin Solutions, Inc. All rights reserved, TranZ by Almuhajir