أحمد السعيدي
08-06-2004, 11:53 AM
حول كتاب شريف الشوباشي ( لتحيا اللغة العربية: يسقط سيبويه)
الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
لا ينفك أعداء هذا الدين يحاولون النيل منه والفصل بينه وبين الأمة . ونجحوا في ذلك في تركيا بتغيير الحروف العربية التي ألفت فيها الكتب عن الإسلام بالتركية، ولكن الأمر أصعب عليهم بالنسبة للعربية والحملات على هذه اللغة تأتي كلها في هذا السياق. وآخرها هذا الكتاب.
واخترت لكم هذه المواضيع حوله.
**************************************
http://al-lewaa-al-islami.masrawy.com/20072004/221206news.htm
ظلال الدعوة ... يسقط سيبويه ..والكوميديا الدامعة
بقلم الدكتور : عبدالعظيم المطعنى
فرغت على عجل من تصفح كتاب تحيا اللغة العربية .. يسقط سيبويه الذى صدر مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب ،وما أن فرغت منه حتى قفز إلى ذهنى معنى الكوميديا الدامعة وهو مصطلح وضعه نقاد الفن المسرحى فى الغرب على نوع جديد من الكوميديات وهى التى يختلط فيها العمل المأساوى المحزن ، بالعمل الملهاوى المضحك ،وذلك لان هذا الكتاب يثير الضحك من الأعماق ،مع السماح لذرف الدموع أسى ولوعة وفكرة الكتاب تعتمد على أن اللغة العربية ساقطة متخلفة عاجزة عن التعبير ،وتكاد تسقط من عداد اللغات الحية الآن ،إلا إذا أجرينا عليها تطويرا لننقذها من الموت الزؤام والواقع أن مؤلف الكتاب تتبع محاسن اللغة العربية ومزاياها ، وبقدرة غير قادر حولها إلى مساوئ وسيئات ،ولكن على الورق فقط ...وكان حريا بالمؤلف أن يزهو أمام اللغات جميعا بعبقرية هذه اللغة العربية المعجزة التى اختارها الله عز وجل لتكون وعاء لكتابه العظيم المعجزة وليس بعد اختيار الله اختيار .ونحن نجزم ونقسم أغلظ الإيمان بأن ليس على وجه الأرض لغة تمتلك من خصائص التعبير وأسراره ودقائقه وتصلح أن تكون لغة القرآن غير اللغة الخالدة ..ولو كان فى اللغات ما يضاهيها أو يتفوق عليها لأنزل الله بها كتابه ،والله أعلم حيث يجعل رسالته ،الله هو الذى يعلم حيث يجعل رسالته رسولا ولغة لا نحن .راجلون اكتبها رجل ولا نحرم القارئ من نماذج التطوير المضحك المبكى الذى اقترحه المؤلف فكلمة.حضر الراجلون ولكن قل حضر الرجلان ولا تقل أكلوا ولكن قل النساء اكلن ولا تقل النساء وفى النهاية ننصح مؤلف الكتاب وضحاياه أن يقرأوا كتاب الأستاذ العقاد اللغة الشاعرة مزايا الفن والتعبير فى اللغة العربية ليتبين لهم الفرق بين الجد والهزل والأصالة والتهريج .
***********************************
http://www.elakhbar.org.eg/issues/16304/0401.html
'الأخبار' تواصل حملتها :
ولماذا يسقط سيبويه.. هل يريدونها سائبة؟!!
عرفنا في دروس الجغرافيا ظاهرة التعرية، وأن هناك عوامل تؤدي إلي تآكل التكوينات الطبيعية وبخاصة الجبال التي تحمي القشرة الأرضية من الانهيار أو التزلزل.
وأشعر الآن أن عوامل 'التعرية' تنشط محاولة تبديد ملامح هويتنا وزلزلة مرتكزات كياننا، ودعائم وجودنا.
وهذه الرياح تهب تارة قاصدة قوميتنا.. وتارة أخري تتجه إلي منظومة قيمنا وثوابت أخلاقنا. وتستهدف الرياح العاصفة التي تجيء غالبا من الغرب، اقتلاع أوتاد تراثنا الفكري والديني والأخلاقي.
ولا شك في أن اللغة مستهدف أول نظرا لأهميتها باعتبارها سمة من سمات الهوية وملمحا أساسيا من ملامح الشخصية. لذلك تتابعت الهجمات علي العربية من قديم واستل المئات من المستشرقين والمستغربين أيضا أقلامهم المغرضة لتشويه نظامها وهدم صرحها متوسلين بالدعاوي التحديثية، والصيحات التطويرية التي خدعت بكل أسف من كنا نظنهم أكثر ذكاء وفطنة ووعيا.
ولا أعجب من محاولات بعض المستشرقين لتقبيح جمال لغتنا في عيوننا، فكلنا يعرف بواعثهم علي ذلك، ولكنني أندهش من بعض أبناء جلدتنا الذين يتورطون في محاولة الاعتداء علي لساننا، وهم بحسن نية أو بسوئها يرددون نفس الدعاوي دونما شعور بالمسئولية، أو إحساس بخطورة ما يدعون إليه.
لكل ذلك بادرنا إلي التصدي للأفكار الخطرة التي يروج لها كتاب 'لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه' عبر حملة 'الأخبار' التي أطلقها الكاتب الكبير جلال دويدار ذودا عن لساننا العربي ودفاعا عن لغتنا العريقة التي ساندها عدد من كبار مفكرينا وعلمائنا الذين تحمسوا معنا لمواجهة الخطر وعلي رأسهم: الدكتور محمد أبوالأنوار والدكتور عبدالله التطاوي، نائب رئيس جامعة القاهرة الذي لم يكتف بتفنيد ما ورد في الكتاب الأزمة، بل أرسل إلي رئيس التحرير تصورا كاملا لأبعاد المؤامرة وكيفية مواجهتها.
واليوم تنعطف حملتنا لتعري الجذور الواهية التي تستند إليها الدعاوي المغرضة وذلك من خلال استضافة أربعة من مفكرينا البارزين المتصلين بآداب ولغات العالم لمناقشة دعوي التطور عبر إلغاء النظام وهدم القواعد وهم الدكاترة: عبدالغفار مكاوي ومكارم الغمري وحامد أبوأحمد ونهي الزيني.
وقد اتصل بي صباح الثلاثاء الماضي حافظ جلال عضو مجلس إدارة جمعية حماة اللغة العربية عارضا رأيه في القضية معللا تضرر أبنائنا الطلاب من دراسة قواعد العربية بقوله: بحكم اشتغالي أربعين سنة بتدريس القواعد أؤكد أن السبب ليس صعوبة هذه القواعد، فهي ليست أصعب مثلا من الكيمياء أو الهندسة ولكن السبب الحقيقي هو الظلم الذي فرضته وزارة التربية والتعليم علي علم النحو إذ جعلت التلميذ يدرس كتابه الضخم مقابل ربع درجة اللغة العربية!!
ومن هنا فقد أهمل التلاميذ النحو عاما بعد عام معتمدين علي الأفرع الأخري التي تمثل 75 % من الدرجة للحصول علي النجاح. فالطالب لا يهتم بمادة لا تكون سببا في نجاحه، بل يوفر وقته وجهده لمواد تجلب له الدرجات وخاصة في الثانوية العامة والإعدادية. لذلك أدعو عبر صفحة 'أدب وثقافة' إلي رفع درجة النحو إلي 40 % أسوة بالبلاد العربية التي نجد النحو فيها مادة أساسية تحريريا وشفويا. فهل نطمح إلي إنصاف علم النحو في مدارسنا علي يد الدكتور أحمد جمال الدين موسي، وزير التربية والتعليم الجديد؟
وليت من طالب بسقوط سيبويه يستمع إلي كلمات العالم الدكتور كمال بشر، الأمين العام لمجمع اللغة العربية شفاه الله عن سيبويه الفذ ومؤلفه الخالد 'الكتاب' إذ يقول: 'الكتاب' هو دستور العربية الأول. إنه ينظم قواعد الصرف والنحو والأصوات في العربية كما ينظم لمحات بلاغية ذكية تجدها متناثرة هنا وهناك فيه. فقد تكلم عن الإسناد والمجاز، كما كان يعني بالتراكيب في نقله عن العرب.
وإذا كان بعضهم ينعته بأنه كتاب في النحو، فما ذلك إلا علي ضرب من التسامح علي أساس أن قدرا كبيرا 'أو القدر الأكبر' من مادة الكتاب تتعلق بالنحو وقضاياه.
وحقيقة الأمر أن سيبويه وضع في كتابه هذا القواعد الأساسية للصرف والنحو والأصوات وأن المتأمل جيدا في الكتاب يجد مادة هذه العلوم الثلاثة تملأ جوانبه، وإن كان مختلطا بعضها ببعض أحيانا.
و'الكتاب' هو المؤلف الأول المعتد به في العربية في هذا الحقل من الدراسة وكل ما سبقه إن كان هناك سابق لا يعدو أن يكون محاولات أولية لا تصل إلي درجة البحث العلمي الدقيق.
وبعد كلمات بشر أظن أن القاريء الفطن قد أدرك علي ضوئها خطورة الدعوة إلي إسقاط سيبويه!
مصطفي عبدالله
*******************************************
http://www.al-eman.com/karat/details.asp?ID=5200
لا.. لسقوط سيبويه!
جريدة الأهرام 13/06/2004
بقلم: فاروق شوشة
المناداة بأن تحيا اللغة العربية أمر واجب ومشروع ومرحب به, بل هو شعار يجب أن يرفعه كل متكلم بهذه اللغة من أجل المحافظة عليها والعمل علي تطويرها, وجعلها قادرة علي الوفاء باحتياجات الحاضر ومطالب العصر.
أما المناداة بسقوط سيبويه فهو الأمر الذي أختلف فيه اختلافا كبيرا مع الكاتب والمبدع والمثقف الأستاذ شريف الشوباشي, وقد جعل منه عنوانا لأحدث كتبه لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه.
والمناداة بسقوط سيبوية معناه الوحيد الدعوة إلي هدم النظام النحوي والتركيبي الذي تقوم عليه اللغة العربية, والذي بدونه لاتكون لغة, ولايكون لأي كلام بها معني أو دلالة, ولا أظن أنه سيجئ يوم يصبح فيه الفاعل منصوبا أو المفعول به مرفوعا, أو يتغير إعراب اسم كان وأخواتها, أو خبر إن وأخواتها علي سبيل المثال. وفرق كبير بين الدعوة إلي سقوط سيبويه, وهدم نظام العربية بالتالي ـ تحت دعوي التطوير ـ والدعوة إلي تيسير النحو للدارسين, ووضع المعاجم العصرية ـ الكفيلة باستيعاب المادة اللغوية العصرية التي طرأت علي متن اللغة في عصور ما بعد الاستشهاد ـ أي بعد القرنين الهجريين الأول والثاني, وعمل جمع جديد لهذه اللغة ـ علي غرار ماصنعه الخليل بن أحمد عندما فكر في وضع أول معجم عربي وهو معجم العين, يكون هذا الجمع الجديد أساسا لتضمين الذخيرة اللغوية في معجم جديد, لايكون مجرد امتداد للمعاجم القديمة, وعالة عليها, وتكرارا لكثير من مادتها التي لم يعد لها صلة بالحياة المعاصرة, وأصبحت تندرج تحت الحوشي والغريب والمهجور من الكلام. فرق كبير جدا بين الأمرين. وهو فرق لم يغب عن الأستاذ شريف الشوباشي في كتابه الجديد المثير, فهو يشير في أكثر من موضع ـ في كتابه ـ إلي أننا نكتب الآن ونستخدم لغة تختلف كثيرا عن لغة القدماء, وهي ملاحظة صحيحة, أساسها أننا نستعمل الأن لغة تختلف في معجمها من المفردات والتعابير وفي هندسة التركيب عن اللغة التي نطالعها في كل ماخلفه السابقون. وإذا كانت اللغة القديمة تسمي اللغة التراثية أو لغة التراث, عند كثير من باحثينا اللغويين, فإن فصحي هذه الأيام تسمي فصحي العصر أو الفصحي العصرية. وهي لغة تخففت من كثير كان يثقل كاهل من يتكلم أو يستخدم الفصحي القديمة, في التحرر من نطق حرف الجيم معطشا علي سبيل المثال ـ وهو ملتزم في كل القراءات القرآنية وتقديم أية مادة دينية ـ وفي التحرر من قلقلة حروف كلمة قطبجد( القاف والطاء والباء والجيم والدال) كما تنص قواعد التجويد, وفي الميل إلي الجمل الاسمية بديلا عن شيوع الجمل الفعلية في الماضي, وفي استخدام الفواصل القصيرة من الكلام بدلا من الجمل الطويلة التي كانت تتضمن في داخلها جملا اعتراضية, توقف تدفق الفكرة أو المعني, وتجعل الخبر بعيدا عن المبتدأ, ونهاية العبارة منقطعة عن بدايتها, وفي التخلص من الكلمات الغريبة التي كان القدماء يسمونها حوشية أو غير مألوفة أو غير مستأنسة وفي كثير غير ذلك لايعد ولايحصي.
ويكفي أن نلتفت إلي اللغة التي تشيع في الصحافة الآن وفي سائر أجهزة الإعلام, وفي مؤلفات أساتذة الجامعة في شتي التخصصات وفي كتابات المبدعين من الشعراء والروائيين والمسرحيين, وفي الكتابات الأدبية بمستوياتها المختلفة, لندرك علي الفور حجم المادة اللغوية الجديدة التي اتسع لها متن اللغة أو جسم اللغة بفضل التوسع المستمر في النحت والأشتقاق والقياس, وبفضل عمليات الترجمة والتعريب, وبفضل التوسع في المجاز اللغوي الذي هو فضاء الإبداع الذي يحلق فيه المبدعون وأصحاب الأساليب ويثرون ذخيرتنا من اللغة بكل ماهو جديد ومدهش ومثير.
كثير من صور التخلف والتراجع التي جمعها وسجلها الأستاذ شريف الشوباشي في كتابه, تنطبق علي صاحب هذه اللغة ـ أي الإنسان الناطق بها ـ بأكثر مما تنطبق علي اللغة ذاتها. العيب فينا نحن أولا وأخيرا. نحن لم نتعلمها بالصورة التي تقيم بيننا وبينها جسرا من المحبة والانتماء, بل شارك المنهج المدرسي السقيم والمعلم غير المكترث وطرق التدريس التي لم تتطور والجو التعليمي المفتقد في المدرسة ـ في حصة اللغة العربية وفي غيرها ـ في هشاشة علاقتنا مع اللغة ـ في الوقت الذي ابتكر فيه الآخرون ـ كما نشاهد في معاهدهم التي تعلم لغاتهم الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وغيرها ـ الأساليب السمعية البصرية لتعلم اللغة ـ يستمع من خلالها المتعلم إلي النطق السليم للغة ثم يشاهد استخدامها الوظيفي في مواقف الحياة. فيصبح لتعلم اللغة معني, من خلال إدراك استخداماتها الواقعية في حياة الناس. أما نحن فقد جعلنا من حصة اللغة العربيةشبحا مخيفا اسمه النحو, ثم جعلنا من النحو ـ علي اتساعه وشموله ـ شيئا ضيقا وصغيرا هو الإعراب. فأصبح درس اللغة العربية بالنسبة للنشء المتعلم يعني درسا في الإعراب. من غير استخدام النصوص الأدبية مدخلا حقيقيا لاستكشاف الوظيفة النحوية والبلاغية في الكلام, وهي الوظيفة التي اكتمل طرفاها نحوا وبلاغة, صحة وجمالا فيما عرف بنظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني.
ونحن الذين جعلنا من اللغة العربية. موضوعا للسخرية والتندر علي مستوي المجتمع كله. معلم اللغة العربية ـ اللغة القومية ـ مادة حية ومستمرة للفكاهة والهزء والسخرية في الأفلام والمسرحيات والتمثيليات والمسلسلات. هل أذكركم بفيلم غزل البنات وصورة نجيب الريحاني معلم اللغة العربية فيه ومسرحية السكرتير الفني وصورة فؤاد المهندس معلم اللغة العربية فيها؟ هل يوجد شعب علي وجه الأرض أو أمة من الأمم سخرت من معلم لغتها القومية كما فعلنا نحن وتمادينا مرة بعد مرة؟ هل يستطيع شاب أن يجاهر أو يفاخر بإتقانه للغته وقدرته علي التعامل بها مع أقرانه أو زملائه واستخدامها في أي موقف من المواقف التي يمر بها, من غير أن يعرضه هذا الحرص علي لغته الصحيحة للسخرية والاستهجان؟
ثم ماذا نقول في مجتمع أصبحت العامية فيه تغني عن الفصحي, ولايجد الكبار أوالصغار غضاضة في استخدامها, حتي في مواقف الدولة التي يتطلب الخطاب فيها لغة صحيحة, ولا أقول فصيحة. فالفصاحة أمر بعيد المنال, حسبنا أن يكون الكلام صحيحا. والجميع يترخصون في هذا, وكأن هناك تواطؤا عاما علي قضاء الأمور بأيسر وسيلة, وبمنجاة من الأخطاء التي لاتحصي ـ لو أنهم التزموا باللغة الصحيحة, وظهروا علي حقيقتهم!
أخشي ما أخشاه أن يظن الأستاذ شريف الشوباشي أني من دعاة الجمود ورفض التطور والتمسك بالقديم, لمجرد دفاعي عن سيبويه. وسيبويه رمز للقاعدة ورمز للنظام. وبهدمهما تنعدم الصلة بيننا ـ كما يقول الأستاذ شريف نفسه ـ وبين تراث الأمة في العصور المختلفة. والذين أتيح لهم أن يتابعوا محاولات التجديد في متن اللغة ـ منذ رفاعة الطهطاوي ـ وحتي اليوم, مرورا بأصحاب الأساليب المتميزة من أمثال طه حسين وأحمد أمين وتوفيق الحكيم وأحمد حسن الزيات ويحيي حقي والمازني ومحمد التابعي ومدرسة مصطفي أمين في الكتابة الصحفية ـ وقد حظيت بالجلوس علي مقعده في مجمع اللغة العربية ـ وغير هؤلاء من كبار أصحاب الأساليب, هذه المحاولات التجديدية والتطويرية كلها شاركت في صنع لغة عربية جديدة, اتسعت لمعارف العصر في العلوم والتكنولوجيا والفنون والآداب, وحوت ألوفا مؤلفة من ألفاظ الحضارة ومصطلحات العلوم, واخترقت حاجز الأمية عند الملايين الذين استمعوا ويستمعون إليها, فيفهمون ويتابعون ويتواصلون.
إن هذا العنوان المثير الذي وضعه الأستاذ شريف الشوباشي لكتابه لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه هو في رأيي عنوان مقصود. فقد نجح في إثارة الاهتمام وجذب الانتباه, وصنع مناخ من الحوار, في قضية آن أوان طرحها علي المستوي القومي. لا أمل في وزارة التعليم, فهي وحدها عاجزة عن الإصلاح. ولا أمل في جامعاتنا فهي ليست مختصة بتعليم اللغة العربية, وإنما مكان هذا التعليم هوالمدرسة. أما الجامعة فللتذوق الأدبي واللغوي وتحليل النصوص والقراءات والدراسات النقدية والبلاغية المقارنة. واللغة العربية أخطر من ان تترك للغويين وحدهم. لذا, ينبغي أن تكون هم الجميع, وشريف الشوباشي بهذا المعني مثال مضئ لمن ليس تخصصه العربية لكنه يدلي بدلوه باعتبارها قضية الجميع. وهي بالفعل قضية الجميع. لكن المشكلة أننا أصبحنا نتناول الأمور من الخارج, ونكتفي بقشرتها الخارجية, ونصدر أحكاما سريعة تصادر علي الدراسة والبحث والتأمل. ونقف في وجه من يريدون تحريك الراكد والآسن, وخلخلة الثابت والمستقر وإضاءة العقول التي عشش فيها الظلام.
ولقد نجح شريف الشوباشي بكتابه الجميل المثير في هذا كله.
الصادر عن الهيئة المصرية العامة للكتاب.
لا ينفك أعداء هذا الدين يحاولون النيل منه والفصل بينه وبين الأمة . ونجحوا في ذلك في تركيا بتغيير الحروف العربية التي ألفت فيها الكتب عن الإسلام بالتركية، ولكن الأمر أصعب عليهم بالنسبة للعربية والحملات على هذه اللغة تأتي كلها في هذا السياق. وآخرها هذا الكتاب.
واخترت لكم هذه المواضيع حوله.
**************************************
http://al-lewaa-al-islami.masrawy.com/20072004/221206news.htm
ظلال الدعوة ... يسقط سيبويه ..والكوميديا الدامعة
بقلم الدكتور : عبدالعظيم المطعنى
فرغت على عجل من تصفح كتاب تحيا اللغة العربية .. يسقط سيبويه الذى صدر مؤخرا عن الهيئة العامة للكتاب ،وما أن فرغت منه حتى قفز إلى ذهنى معنى الكوميديا الدامعة وهو مصطلح وضعه نقاد الفن المسرحى فى الغرب على نوع جديد من الكوميديات وهى التى يختلط فيها العمل المأساوى المحزن ، بالعمل الملهاوى المضحك ،وذلك لان هذا الكتاب يثير الضحك من الأعماق ،مع السماح لذرف الدموع أسى ولوعة وفكرة الكتاب تعتمد على أن اللغة العربية ساقطة متخلفة عاجزة عن التعبير ،وتكاد تسقط من عداد اللغات الحية الآن ،إلا إذا أجرينا عليها تطويرا لننقذها من الموت الزؤام والواقع أن مؤلف الكتاب تتبع محاسن اللغة العربية ومزاياها ، وبقدرة غير قادر حولها إلى مساوئ وسيئات ،ولكن على الورق فقط ...وكان حريا بالمؤلف أن يزهو أمام اللغات جميعا بعبقرية هذه اللغة العربية المعجزة التى اختارها الله عز وجل لتكون وعاء لكتابه العظيم المعجزة وليس بعد اختيار الله اختيار .ونحن نجزم ونقسم أغلظ الإيمان بأن ليس على وجه الأرض لغة تمتلك من خصائص التعبير وأسراره ودقائقه وتصلح أن تكون لغة القرآن غير اللغة الخالدة ..ولو كان فى اللغات ما يضاهيها أو يتفوق عليها لأنزل الله بها كتابه ،والله أعلم حيث يجعل رسالته ،الله هو الذى يعلم حيث يجعل رسالته رسولا ولغة لا نحن .راجلون اكتبها رجل ولا نحرم القارئ من نماذج التطوير المضحك المبكى الذى اقترحه المؤلف فكلمة.حضر الراجلون ولكن قل حضر الرجلان ولا تقل أكلوا ولكن قل النساء اكلن ولا تقل النساء وفى النهاية ننصح مؤلف الكتاب وضحاياه أن يقرأوا كتاب الأستاذ العقاد اللغة الشاعرة مزايا الفن والتعبير فى اللغة العربية ليتبين لهم الفرق بين الجد والهزل والأصالة والتهريج .
***********************************
http://www.elakhbar.org.eg/issues/16304/0401.html
'الأخبار' تواصل حملتها :
ولماذا يسقط سيبويه.. هل يريدونها سائبة؟!!
عرفنا في دروس الجغرافيا ظاهرة التعرية، وأن هناك عوامل تؤدي إلي تآكل التكوينات الطبيعية وبخاصة الجبال التي تحمي القشرة الأرضية من الانهيار أو التزلزل.
وأشعر الآن أن عوامل 'التعرية' تنشط محاولة تبديد ملامح هويتنا وزلزلة مرتكزات كياننا، ودعائم وجودنا.
وهذه الرياح تهب تارة قاصدة قوميتنا.. وتارة أخري تتجه إلي منظومة قيمنا وثوابت أخلاقنا. وتستهدف الرياح العاصفة التي تجيء غالبا من الغرب، اقتلاع أوتاد تراثنا الفكري والديني والأخلاقي.
ولا شك في أن اللغة مستهدف أول نظرا لأهميتها باعتبارها سمة من سمات الهوية وملمحا أساسيا من ملامح الشخصية. لذلك تتابعت الهجمات علي العربية من قديم واستل المئات من المستشرقين والمستغربين أيضا أقلامهم المغرضة لتشويه نظامها وهدم صرحها متوسلين بالدعاوي التحديثية، والصيحات التطويرية التي خدعت بكل أسف من كنا نظنهم أكثر ذكاء وفطنة ووعيا.
ولا أعجب من محاولات بعض المستشرقين لتقبيح جمال لغتنا في عيوننا، فكلنا يعرف بواعثهم علي ذلك، ولكنني أندهش من بعض أبناء جلدتنا الذين يتورطون في محاولة الاعتداء علي لساننا، وهم بحسن نية أو بسوئها يرددون نفس الدعاوي دونما شعور بالمسئولية، أو إحساس بخطورة ما يدعون إليه.
لكل ذلك بادرنا إلي التصدي للأفكار الخطرة التي يروج لها كتاب 'لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه' عبر حملة 'الأخبار' التي أطلقها الكاتب الكبير جلال دويدار ذودا عن لساننا العربي ودفاعا عن لغتنا العريقة التي ساندها عدد من كبار مفكرينا وعلمائنا الذين تحمسوا معنا لمواجهة الخطر وعلي رأسهم: الدكتور محمد أبوالأنوار والدكتور عبدالله التطاوي، نائب رئيس جامعة القاهرة الذي لم يكتف بتفنيد ما ورد في الكتاب الأزمة، بل أرسل إلي رئيس التحرير تصورا كاملا لأبعاد المؤامرة وكيفية مواجهتها.
واليوم تنعطف حملتنا لتعري الجذور الواهية التي تستند إليها الدعاوي المغرضة وذلك من خلال استضافة أربعة من مفكرينا البارزين المتصلين بآداب ولغات العالم لمناقشة دعوي التطور عبر إلغاء النظام وهدم القواعد وهم الدكاترة: عبدالغفار مكاوي ومكارم الغمري وحامد أبوأحمد ونهي الزيني.
وقد اتصل بي صباح الثلاثاء الماضي حافظ جلال عضو مجلس إدارة جمعية حماة اللغة العربية عارضا رأيه في القضية معللا تضرر أبنائنا الطلاب من دراسة قواعد العربية بقوله: بحكم اشتغالي أربعين سنة بتدريس القواعد أؤكد أن السبب ليس صعوبة هذه القواعد، فهي ليست أصعب مثلا من الكيمياء أو الهندسة ولكن السبب الحقيقي هو الظلم الذي فرضته وزارة التربية والتعليم علي علم النحو إذ جعلت التلميذ يدرس كتابه الضخم مقابل ربع درجة اللغة العربية!!
ومن هنا فقد أهمل التلاميذ النحو عاما بعد عام معتمدين علي الأفرع الأخري التي تمثل 75 % من الدرجة للحصول علي النجاح. فالطالب لا يهتم بمادة لا تكون سببا في نجاحه، بل يوفر وقته وجهده لمواد تجلب له الدرجات وخاصة في الثانوية العامة والإعدادية. لذلك أدعو عبر صفحة 'أدب وثقافة' إلي رفع درجة النحو إلي 40 % أسوة بالبلاد العربية التي نجد النحو فيها مادة أساسية تحريريا وشفويا. فهل نطمح إلي إنصاف علم النحو في مدارسنا علي يد الدكتور أحمد جمال الدين موسي، وزير التربية والتعليم الجديد؟
وليت من طالب بسقوط سيبويه يستمع إلي كلمات العالم الدكتور كمال بشر، الأمين العام لمجمع اللغة العربية شفاه الله عن سيبويه الفذ ومؤلفه الخالد 'الكتاب' إذ يقول: 'الكتاب' هو دستور العربية الأول. إنه ينظم قواعد الصرف والنحو والأصوات في العربية كما ينظم لمحات بلاغية ذكية تجدها متناثرة هنا وهناك فيه. فقد تكلم عن الإسناد والمجاز، كما كان يعني بالتراكيب في نقله عن العرب.
وإذا كان بعضهم ينعته بأنه كتاب في النحو، فما ذلك إلا علي ضرب من التسامح علي أساس أن قدرا كبيرا 'أو القدر الأكبر' من مادة الكتاب تتعلق بالنحو وقضاياه.
وحقيقة الأمر أن سيبويه وضع في كتابه هذا القواعد الأساسية للصرف والنحو والأصوات وأن المتأمل جيدا في الكتاب يجد مادة هذه العلوم الثلاثة تملأ جوانبه، وإن كان مختلطا بعضها ببعض أحيانا.
و'الكتاب' هو المؤلف الأول المعتد به في العربية في هذا الحقل من الدراسة وكل ما سبقه إن كان هناك سابق لا يعدو أن يكون محاولات أولية لا تصل إلي درجة البحث العلمي الدقيق.
وبعد كلمات بشر أظن أن القاريء الفطن قد أدرك علي ضوئها خطورة الدعوة إلي إسقاط سيبويه!
مصطفي عبدالله
*******************************************
http://www.al-eman.com/karat/details.asp?ID=5200
لا.. لسقوط سيبويه!
جريدة الأهرام 13/06/2004
بقلم: فاروق شوشة
المناداة بأن تحيا اللغة العربية أمر واجب ومشروع ومرحب به, بل هو شعار يجب أن يرفعه كل متكلم بهذه اللغة من أجل المحافظة عليها والعمل علي تطويرها, وجعلها قادرة علي الوفاء باحتياجات الحاضر ومطالب العصر.
أما المناداة بسقوط سيبويه فهو الأمر الذي أختلف فيه اختلافا كبيرا مع الكاتب والمبدع والمثقف الأستاذ شريف الشوباشي, وقد جعل منه عنوانا لأحدث كتبه لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه.
والمناداة بسقوط سيبوية معناه الوحيد الدعوة إلي هدم النظام النحوي والتركيبي الذي تقوم عليه اللغة العربية, والذي بدونه لاتكون لغة, ولايكون لأي كلام بها معني أو دلالة, ولا أظن أنه سيجئ يوم يصبح فيه الفاعل منصوبا أو المفعول به مرفوعا, أو يتغير إعراب اسم كان وأخواتها, أو خبر إن وأخواتها علي سبيل المثال. وفرق كبير بين الدعوة إلي سقوط سيبويه, وهدم نظام العربية بالتالي ـ تحت دعوي التطوير ـ والدعوة إلي تيسير النحو للدارسين, ووضع المعاجم العصرية ـ الكفيلة باستيعاب المادة اللغوية العصرية التي طرأت علي متن اللغة في عصور ما بعد الاستشهاد ـ أي بعد القرنين الهجريين الأول والثاني, وعمل جمع جديد لهذه اللغة ـ علي غرار ماصنعه الخليل بن أحمد عندما فكر في وضع أول معجم عربي وهو معجم العين, يكون هذا الجمع الجديد أساسا لتضمين الذخيرة اللغوية في معجم جديد, لايكون مجرد امتداد للمعاجم القديمة, وعالة عليها, وتكرارا لكثير من مادتها التي لم يعد لها صلة بالحياة المعاصرة, وأصبحت تندرج تحت الحوشي والغريب والمهجور من الكلام. فرق كبير جدا بين الأمرين. وهو فرق لم يغب عن الأستاذ شريف الشوباشي في كتابه الجديد المثير, فهو يشير في أكثر من موضع ـ في كتابه ـ إلي أننا نكتب الآن ونستخدم لغة تختلف كثيرا عن لغة القدماء, وهي ملاحظة صحيحة, أساسها أننا نستعمل الأن لغة تختلف في معجمها من المفردات والتعابير وفي هندسة التركيب عن اللغة التي نطالعها في كل ماخلفه السابقون. وإذا كانت اللغة القديمة تسمي اللغة التراثية أو لغة التراث, عند كثير من باحثينا اللغويين, فإن فصحي هذه الأيام تسمي فصحي العصر أو الفصحي العصرية. وهي لغة تخففت من كثير كان يثقل كاهل من يتكلم أو يستخدم الفصحي القديمة, في التحرر من نطق حرف الجيم معطشا علي سبيل المثال ـ وهو ملتزم في كل القراءات القرآنية وتقديم أية مادة دينية ـ وفي التحرر من قلقلة حروف كلمة قطبجد( القاف والطاء والباء والجيم والدال) كما تنص قواعد التجويد, وفي الميل إلي الجمل الاسمية بديلا عن شيوع الجمل الفعلية في الماضي, وفي استخدام الفواصل القصيرة من الكلام بدلا من الجمل الطويلة التي كانت تتضمن في داخلها جملا اعتراضية, توقف تدفق الفكرة أو المعني, وتجعل الخبر بعيدا عن المبتدأ, ونهاية العبارة منقطعة عن بدايتها, وفي التخلص من الكلمات الغريبة التي كان القدماء يسمونها حوشية أو غير مألوفة أو غير مستأنسة وفي كثير غير ذلك لايعد ولايحصي.
ويكفي أن نلتفت إلي اللغة التي تشيع في الصحافة الآن وفي سائر أجهزة الإعلام, وفي مؤلفات أساتذة الجامعة في شتي التخصصات وفي كتابات المبدعين من الشعراء والروائيين والمسرحيين, وفي الكتابات الأدبية بمستوياتها المختلفة, لندرك علي الفور حجم المادة اللغوية الجديدة التي اتسع لها متن اللغة أو جسم اللغة بفضل التوسع المستمر في النحت والأشتقاق والقياس, وبفضل عمليات الترجمة والتعريب, وبفضل التوسع في المجاز اللغوي الذي هو فضاء الإبداع الذي يحلق فيه المبدعون وأصحاب الأساليب ويثرون ذخيرتنا من اللغة بكل ماهو جديد ومدهش ومثير.
كثير من صور التخلف والتراجع التي جمعها وسجلها الأستاذ شريف الشوباشي في كتابه, تنطبق علي صاحب هذه اللغة ـ أي الإنسان الناطق بها ـ بأكثر مما تنطبق علي اللغة ذاتها. العيب فينا نحن أولا وأخيرا. نحن لم نتعلمها بالصورة التي تقيم بيننا وبينها جسرا من المحبة والانتماء, بل شارك المنهج المدرسي السقيم والمعلم غير المكترث وطرق التدريس التي لم تتطور والجو التعليمي المفتقد في المدرسة ـ في حصة اللغة العربية وفي غيرها ـ في هشاشة علاقتنا مع اللغة ـ في الوقت الذي ابتكر فيه الآخرون ـ كما نشاهد في معاهدهم التي تعلم لغاتهم الإنجليزية والفرنسية والألمانية والإسبانية وغيرها ـ الأساليب السمعية البصرية لتعلم اللغة ـ يستمع من خلالها المتعلم إلي النطق السليم للغة ثم يشاهد استخدامها الوظيفي في مواقف الحياة. فيصبح لتعلم اللغة معني, من خلال إدراك استخداماتها الواقعية في حياة الناس. أما نحن فقد جعلنا من حصة اللغة العربيةشبحا مخيفا اسمه النحو, ثم جعلنا من النحو ـ علي اتساعه وشموله ـ شيئا ضيقا وصغيرا هو الإعراب. فأصبح درس اللغة العربية بالنسبة للنشء المتعلم يعني درسا في الإعراب. من غير استخدام النصوص الأدبية مدخلا حقيقيا لاستكشاف الوظيفة النحوية والبلاغية في الكلام, وهي الوظيفة التي اكتمل طرفاها نحوا وبلاغة, صحة وجمالا فيما عرف بنظرية النظم عند عبدالقاهر الجرجاني.
ونحن الذين جعلنا من اللغة العربية. موضوعا للسخرية والتندر علي مستوي المجتمع كله. معلم اللغة العربية ـ اللغة القومية ـ مادة حية ومستمرة للفكاهة والهزء والسخرية في الأفلام والمسرحيات والتمثيليات والمسلسلات. هل أذكركم بفيلم غزل البنات وصورة نجيب الريحاني معلم اللغة العربية فيه ومسرحية السكرتير الفني وصورة فؤاد المهندس معلم اللغة العربية فيها؟ هل يوجد شعب علي وجه الأرض أو أمة من الأمم سخرت من معلم لغتها القومية كما فعلنا نحن وتمادينا مرة بعد مرة؟ هل يستطيع شاب أن يجاهر أو يفاخر بإتقانه للغته وقدرته علي التعامل بها مع أقرانه أو زملائه واستخدامها في أي موقف من المواقف التي يمر بها, من غير أن يعرضه هذا الحرص علي لغته الصحيحة للسخرية والاستهجان؟
ثم ماذا نقول في مجتمع أصبحت العامية فيه تغني عن الفصحي, ولايجد الكبار أوالصغار غضاضة في استخدامها, حتي في مواقف الدولة التي يتطلب الخطاب فيها لغة صحيحة, ولا أقول فصيحة. فالفصاحة أمر بعيد المنال, حسبنا أن يكون الكلام صحيحا. والجميع يترخصون في هذا, وكأن هناك تواطؤا عاما علي قضاء الأمور بأيسر وسيلة, وبمنجاة من الأخطاء التي لاتحصي ـ لو أنهم التزموا باللغة الصحيحة, وظهروا علي حقيقتهم!
أخشي ما أخشاه أن يظن الأستاذ شريف الشوباشي أني من دعاة الجمود ورفض التطور والتمسك بالقديم, لمجرد دفاعي عن سيبويه. وسيبويه رمز للقاعدة ورمز للنظام. وبهدمهما تنعدم الصلة بيننا ـ كما يقول الأستاذ شريف نفسه ـ وبين تراث الأمة في العصور المختلفة. والذين أتيح لهم أن يتابعوا محاولات التجديد في متن اللغة ـ منذ رفاعة الطهطاوي ـ وحتي اليوم, مرورا بأصحاب الأساليب المتميزة من أمثال طه حسين وأحمد أمين وتوفيق الحكيم وأحمد حسن الزيات ويحيي حقي والمازني ومحمد التابعي ومدرسة مصطفي أمين في الكتابة الصحفية ـ وقد حظيت بالجلوس علي مقعده في مجمع اللغة العربية ـ وغير هؤلاء من كبار أصحاب الأساليب, هذه المحاولات التجديدية والتطويرية كلها شاركت في صنع لغة عربية جديدة, اتسعت لمعارف العصر في العلوم والتكنولوجيا والفنون والآداب, وحوت ألوفا مؤلفة من ألفاظ الحضارة ومصطلحات العلوم, واخترقت حاجز الأمية عند الملايين الذين استمعوا ويستمعون إليها, فيفهمون ويتابعون ويتواصلون.
إن هذا العنوان المثير الذي وضعه الأستاذ شريف الشوباشي لكتابه لتحيا اللغة العربية.. يسقط سيبويه هو في رأيي عنوان مقصود. فقد نجح في إثارة الاهتمام وجذب الانتباه, وصنع مناخ من الحوار, في قضية آن أوان طرحها علي المستوي القومي. لا أمل في وزارة التعليم, فهي وحدها عاجزة عن الإصلاح. ولا أمل في جامعاتنا فهي ليست مختصة بتعليم اللغة العربية, وإنما مكان هذا التعليم هوالمدرسة. أما الجامعة فللتذوق الأدبي واللغوي وتحليل النصوص والقراءات والدراسات النقدية والبلاغية المقارنة. واللغة العربية أخطر من ان تترك للغويين وحدهم. لذا, ينبغي أن تكون هم الجميع, وشريف الشوباشي بهذا المعني مثال مضئ لمن ليس تخصصه العربية لكنه يدلي بدلوه باعتبارها قضية الجميع. وهي بالفعل قضية الجميع. لكن المشكلة أننا أصبحنا نتناول الأمور من الخارج, ونكتفي بقشرتها الخارجية, ونصدر أحكاما سريعة تصادر علي الدراسة والبحث والتأمل. ونقف في وجه من يريدون تحريك الراكد والآسن, وخلخلة الثابت والمستقر وإضاءة العقول التي عشش فيها الظلام.
ولقد نجح شريف الشوباشي بكتابه الجميل المثير في هذا كله.