محمدسالم
09-17-2008, 09:36 AM
هذا الرابط يحيل إلى موضوع عن الخبب نشره الفاضل محمد عبد الحفيظ شهاب الدين:
http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?t=7973
توقف منتدى رؤى وهذا رابط بديل
https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/144673.html
و قد تجرأتُ و عقبت عليه هناك و أنقل لكم المشاركتين بعد توجيه من الأستاذ خشان:
بحث الدكتور محمد عبد الحفيظ شهاب الدين:
مجزوء التفعيلة الخببية
( دراسة معالجة لبحر الخبب )
مقدمة
** لم تزل مسألة الفصل بين بحري (الخبب) و ( المتدارك) الشعريين , قائمة على محك الجدال العروضي ,ومثارا للخلاف وتباين الآراء , ما بين مدارسٍ نقدية تذهب إلى اعتبارهما اسمين – أو وجهين -لعملة بحر واحد , وهو بحر المتدارك - الذي استدركه الأخفش الأوسط على أستاذه الخليل الفراهيدي -ومدارس أخرى ,تذهب إلى اعتبار كل منهما بحرا مستقلا بذاته , يتفرد بتفعيلاته وخواصه الشعرية , تماما ً كأي بحرٍ من بحور الشعر الفراهيدية التقليدية
**وهذا الرأي الأخير , يلقى الصدى الأكبر , من حيث المصداقية النظرية المبرهنة بوقائع ما اختزنته ذاكرة الشعر العربي عمليا , مع التسليم التام بوجود التقاطع العروض -موسيقي بين بحر الخبب عند تفعيلة ( فَعِلُنْ – بتحريك عين التفعيلة) وبحر المتدارك عند ذات التفعيلة ( الناتجة عن خبن " حذف الساكن الثاني " من تفعيلة البحر الأصلية "فاعلن")
**وبالرغم من أن هذا الفصل العروضي بين البحرين يقدم أبسط الحلول , وأقصر الطرق لفض نزاع الكثير من الإشكاليات العروضية التي قامت , والتي مازالت قائمة بسبب هذا التقاطع العروض –موسيقي بين البحرين , إلا أن الكثير من العروضيين ما يزالون متشبثين بكونهما بحر واحد , مع تقديمهم نماذجا لحلول نظرية أكثر تعقيدا – مثل القطع أو التشعيث - لما يعتري بحر الخبب في كثير من أحواله و أجزائه , من خروجه الكامل عن طوق التشابه مع المتدارك – كما يتجلى تحديدا عند تفعيلته المضمرة ( فعْلن) بسكون عين التفعيلة
وذلك التشبث من قبلهم , يفسرونه بغرض الإبقاء على هوية المتدارك الخاصة , كآخر ما ألحق ببحور الشعر الفراهيدية المستخدمة في الشعر العربي الفصيح , بالرغم من أن السير الشعرية تقدم تبريرا مباشرا لإهمال الفراهيدي للمتدارك , وذلك لندرته وما ساور خصائصه الشعرية من اضطراب , وعلى صعيد آخر تقدم – وبطريقة مباشرة أيضاً – مخزوناً لا بأس به من الأبيات الشعرية الخببية غير مضطربة الخواص , تستحق أن تحظى بأولوية عروضية كبحر شعري مستقل بذاته
**وقد سبق الشاعر مصطفى جمال الدين في كتابه ( الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة ) وآخرون , بالدعوة إلى الفصل التام ما بين البحرين , غير أننا , ومن خلال هذا المقال , سنقدم أطروحة عروضية جديدة خاصة ببحر الخبب .... وهو ما سنسميها " مجزوء التفعيلة الخببية " والذي من خلالها سنقدم التأييد المادي والملموس للرأي الداعي إلى الفصل بين بحري المتدارك والخبب مع وضع يد العروض على الإشكاليات الخاصة ببحر الخبب – كمحاولة لتجريد بحر الخبب من الإضطراب – النظري – الوحيد , الذي يعتريه , ....كما سنوضح من خلال هذه الدراسة المقتضبة. مع تقديمنا للنموذج الجديد والأكثر قبولا عروضيا – لحل هذه الإشكالية , مبرهنين به - بالاستناد إلى ما هو متواجد في التراث الشعري العربي القديم والحديث -على تفرد بحر الخبب واستقلاله بتفعيلاته وخواصه الشعرية ,
***وقد كانت النقطة الأساسية , التي قادتنا إلى استنباط وجود هذا المجزوء في حشو وعروض وضروب بعض الأبيات الخببية , هي محاولتنا تفنيد و دحض المزاعم الرامية إلى تأصيل وجود تفعيلة شاذة مثل "فاعل" , بين ما تواجد في الشعر العربي – قديمه وحديثه – في حشو بعض الأبيات الخببية
ونستهل طرح هذه الإشكالية من خلال هذه النقطة :-
--------------------------------------------
تفعيلة " فاعل " التامة كدخيل عروضي
**من المعروف , أن تفعيلة " فاعل" هي الشكل المقبوض ( الناتج عن حذف الساكن الخامس ) من تفعيلة " فاعلن " , تلك التفعيلة التي درج استخدامها إما :-
1-تامة ومشبعة (بساكنها الأخير) في حشو كل من المتدارك والمديد والبسيط
2- أو استخدام الزحافات الدارجة والمعروفة لهذه التفعيلة في حشو المتدارك والبسيط وفي عروض وضروب بحر السريع
**إما عن استخدام تفعيلة " فاعل" -باعتبارها تفعيلة تامة ومستقلة -في حشو الأبيات الخببية .... فهو لا يطرح إلا نمطا شاذا و دخيلا على الشعر العربي فحسب , دون أن يقدم الأطروحة الفذة ,التي تصورها من حاولوا إلحاق هذه التفعيلة بتفعيلات الشعر المعروفة ...فهو إنما ناجم عن قراءات عروضية خاطئة بمنظور خاص -وخاطىء - للأبيات الخببية ليس إلا
**والحجة الأولى والرئيسية التي تسقط إمكانية وجود هذه التفعيلة في بحر الخبب هي :
فرضية تعاقب هذه التفعيلة " فاعلُ " و تفعيلة " فَعِلُن " ( المتحرك عين التفعيلة ) في أثناء بحر الخبب , وبالتالي تعاقب خمس متحركات ( عِ لُ فَ عِ لُ ) وهو ما يضرب بمسلمات العروض – التي لا تجيز تعاقب أكثر من ثلاث متحركات – عرض الحائط
**وقد كانت أشهر المحاولات الهادفة إلى إقحام تفعيلة " فاعل" الشاذة في الشعر العربي:-
1- محاولة استخراج أو استنباط التفعيلة من أبيات الشعراء السابقين , مثل أمير الشعراء أحمد شوقي
كما في قوله :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
وقوله :-
جارٍ ويُرى ليس بجارِ = لأناة فيه ووقارِ
وقوله :-
نبتدر الخير ونستبق = ما يرضى الخالق والخلق
وقوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ = لا أذنَ الله تهدده
2- أما المحاولة الثانية , فقد تمثلت في ادعاء نازك الملائكة لأسبقيتها في ابتكار واستخدام تفعيلة " فاعل" في شعرها , كما في قولها :-
كان المغرب لون ذبيح = والأفق كآبة مجروح
**وكي ندحض هذا الادعاء , فعلينا أولا أن :
نبدأ بتقطيع الأبيات السالفة الذكر , مع مجاراتنا للنهج الشاذ الذي أقحم من خلاله تفعيلة "فاعل" في بحر الخبب
ففي قول شوقي :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
نتخ/ ذ الشم/س لها / تاجا ....وضحا/ها عر/شا وهـْ/هَاجا
"فاعل" / فعْلن / فعِلن / فعْلن .... فعِلن / فعْلن / فعْلن / فعْلن
وفي قوله
جارٍ ويُرى ليس بجارِ ..... لأناة فيه ووقارِ
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
جارٍ /ويُرى/ ليس ب/جارِ ..... لأنا/ ة في/ه وو/قارِ
فعْلن / فعِلن / "فاعل" / فعلِ ....فعِلن / فعْلن / "فاعل" / فعلِ
وفي قوله :-
نبتدر الخير ونستبق ..... ما يرضى الخالق والخلق
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
نبتد / ر الخي/ر ونس/تبقُ ..... ما ير/ضى الخا/لق وال/خلق
"فاعل" / فعْلن / فعِلن / فعلُ ...... فعْلن / فعِلن / فعِلن / فعْلُ
وفي قوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ ..... لا أذنَ الله تهدده
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
لا تق/در غير/ ر الل/ه يدٌ ...... لا أذ /نَ الل/ـه تهدْ/دِده
فعْلن / فعِلن / فعْلن / فعِلن ....."فاعل"/ فعْلن / فعِلن / فعِلن
وفي قول نازك الملائكة :-
كان المغرب لون ذبيح ِ ...... والأفق كآبة مجروجِ
كان ال/مغرب/ لون ذ/ بيح ...... والأف/ق كآ/بة مج/روح
فعْلن/ فاعِلُ/فاعِلُ/فعْلن ......فعْلن/فَعِلُنْ/فَعِلُنْ/ فَعْلُنْ
ثم نلحظ في مثل هذا النهج القائم على استخدام تفعيلة "فاعل" بصورة مقحمة في حشو الأبيات .. ما يلي :-
1- عدم التجانس ما بين شطري كل بيت , من حيث نوع وعدد التفعيلات وموقعها في الشطر , وهو الأمر المخالف تماما للدارج و المثبت في كل بحور الشعر منذ كانت ومنذ اكتشفها الفراهيدي
2- عدم التجانس في الشطر الواحد "- الذي يظهر فيه تفعيلة "فاعل" -ما بين التفعيلات وبعضها وذلك لوجود دخيل – هو تفعيلة " فاعل" - والذي لا يمكن إحالته من أو إلى تفعيلة البحر الأصلية " فعلن " باستخدام أيا من الزحافات المتاحة
3 – وقوع تفعيلة "فاعلن " بشكل مقبوض في حشو الأبيات , وهو الأمر الخارج عن المألوف لهذه التفعيلة كما تنص الثوابت المدونة في علم العروض وفي قواعد الزحاف , وبالتالي لا يمكن حتى اعتبار " فاعلُ " هنا , شكلا مقبوضاً لتفعيلة " فاعلن " لمنحه نوعا – ولو جزئيا – من المصداقية العروضية
ولهذه الأسباب نخلص إلى أن هذه التفعيلة – "فاعل " :-
1-إنما هي نفعيلة دخيلة وشاذة عن المتفق عليه من تفعيلات بحور الشعر
2-كما أنها تسبب ارتباكاً – نظريا فقط – للشكل العروضي للأبيات عند تقطيعها
وقد عمدنا إلى استخدام مصطلح " نظريا فقط " هنا , لأن الأبيات في واقعها الموسيقي سليمة الوزن , كما سنلحظ من خلال عرض تقطيع هذه الأبيات في ظل وجود ما أطلقنا على " مجزوء التفعيلة الخببية" في بعض الأبيات الخببية
-------------------------------
موضوع الطرح :- مجزوء التفعيلة الخببية (لن)
**نجد أن طرح استخدام " مجزء التفعيلة الخببية " واعتماد تواجده في حشو الأبيات الخببية وفي عروضها وضروبها أيضا , يمثل الحل الأكثر عمليا - كونه متجانسا مع تفعيلة البحر المتكررة " فعلن" - , للحفاظ على وحدوية المقاطع الموسيقية " تفعيلة " فعلن المتكررة " لبحر الخبب , مع تلافي مثل ذلك الارتباك -النظري - الناجم عن استخدام تفعيلة دخيلة وشاذة على الأذن في موقعها بحشو الأبيات , مثل تفعيلة " فاعل" التي تطرقنا إليه
**ومجزوء التفعيلة الخببية , يمثله السبب الخفيف (لن) وهو النصف الثاني من التفعيلة الخببية التامة ( فعلن) . ويجوز على هذا المجزوء تطبيق بعض خواص التفعيلة ( فعلن ) الشعرية – التي ترتبط بلام ونون التفعيلة ولا ترتبط بفاء وعين التفعيلة– مثل جواز حذف نون " مجزوء التفعيلة الخببية " عند التصريع أو القافية ...
**وهذا ما سنثبته في هذا الطرح المقتضب
**فمع تقطيع نفس الأبيات - وباستخدام هذا المجزوء في التقطيع - نجد تجانسا أكبرا بين التفعيلات – خلافا لما يحدث في حال استخدام تفعيلة "فاعل", كما سنلحظ على النحو التالي :-
في قول شوقي :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....... وضحاها عرشا وهاجا
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
نت / تخذ الـ / شم / س لها / عرشا ...... وضحا / ها عر /شا وهـْ / هاجا
لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعْلن ...... فعِلن / فعْلن / فعْلن / فعْلن
وفي قوله
جارٍ ويُرى ليس بجارِ ...... لأناة فيه ووقارِ
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
جارٍ / ويرى / ليـ / س بجا / ر ٍ ...... لأنا / ة ٍ في / هـ ِ / ووقا / ر ِ
فعْلن / فعِلن / لن / فعِلن / لن ...... فعِلن / فعْلن / لن / فعِلن / لِ
وفي قوله :-
نبتدر الخير ونستبق ...... ما يرضى الخالق والخلق
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
نب / تدر ال / خي / ر ونس / تبق ...... ما ير / ضي الخا / لق وال/خلقُ
لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعِلُ ...... فعْلن / فعْلن / فعْلن / فعْل ُ
وفي قوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ = لا أذنَ الله تهدده
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية – على النحو التالي
لا تق/ در غي/ر الل/ه يدٌ ...... لا / أذنَ الْـ/لا / ه تهدْ/ددهُ
فعْلن / فعِلن / فعْلن / فعِلن ...... لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعِلن
وحتى في بيت نازك الملائكة , -التي ادعت اكتشافها لتفعيلة "فاعل" في الشعر العربي -, نجد أن استخدام مجزوء التفعيلة الخببية , يحيل بيتها خببيا صرفا دون إقحام أي تفعيلات شاذة أو دخيلة
ففي قولها
كان المغرب لون ذبيح ِ ...... والأفق كآبة مجروح
فتقطيع هذا البيت - مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية - يكون:-
كان الـ / مغ / رب لو / ن ذبيـ / ح ِ ...... والأف/ق كآ/بة مج/روح
فعْلن / لن / فعِلن / فعِلن / لِ ...... فعْلن / فعِلن / فعِلن / فعْلِ
( ونلحظ هنا حذف نون المجزوء عند نهاية صدر البيت – تماما مثل الجاري على التفعيلة التامة "فعلن" حال وقوعها في نفس الموقع من صدر البيت )
------------------------------------------
**ومثل هذه الأطروحة تقدم نموذجا نظريا وعمليا في آن واحد يتحقق معه
1- الحفاظ على وحدوية بحر الخبب بتفعيلاته وخواصه الشعرية
2- التجانس العددي والنوعي ما بين تفعيلات الشطرين
إذ أن محصلة مجزوءي التفعيلة الخببية تساوي موسيقيا وحدة (تفعيلة) خببية واحدة ساكنة العين " فعْلن "
وبالتالي يكون العدد الكلي في الشطر الواحد بالتالي 4 تفعيلات -كما يمكن مراجعته في الأمثلة السابقة- ومن نفس النوع " فعلن " مع تلافي وجود أي دخيل لا يمت للتفعيلة أو زحافها بصلة
**ومع وجود مثل هذا المجزوء العروضي في بحر الخبب ... نصل أيضا إلى ضرورة التسليم بكونه بحرا مستقلا بخواصه الفردية ...وذلك
1- لعدم وجود هذا المجزوء في القصائد المنظومة على بحر المتدارك
2- عدم إمكانية تجزئة التفعيلة التامة لبحر المتدارك " فاعلن " إلى نصفين متجانسين كما هو الحال مع تفعيلة بحر الخبب
فضلا عن أن استخدام هذا المجزوء – جدلياً – في بحر المتدارك , يحيل إلى ضرورة استخدام المجزوء الآخر للتفعيلة ( فاع ِ أو فع ِ ) في حشو البيت , لإتمام التجانس العروضي – نوعا وعددا – ما بين الشطرين – وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتأتي عملياً بسبب
أ- عدم انتهاء المجزوء في هذه الحالة بساكن يجيز استخدامه في حشو البيت
ب- احتمالية تعاقب المجزوء (فعِ ) مع الشكل المخبون لتفعيلة فاعلن " ( فَعِلن)
بحيث تصبح عدد المتحركات المتوالية في هذه الحالة 5 متحركات ( فعِ فَعِلن). وهو الأمر الذي يتنافي و الثوابت العروضية الناصة على عدم تعاقب أكثر من ثلاثة متحركات .
-------------------------------------------
**نسأل الله عز وجل أن نكون قد قدمنا من خلال هذه الأطروحة وهذا الجهد المتواضع منا ما يمكن من خلاله وضع يد الحل الإيجابية , على الإشكاليات العروضية القائمة في بحر الخبب . والبرهنة على ضرورة الفصل التام ما بين بحر المتدارك وبحر الخبب,
مع الدعوى بضرورة إلحاق بحر الخبب إلى العروض الفراهيدية , وذلك لتفرد خصائصه – على النحو السابق شرحه - فضلا عن وجوده بهذا النحو المتفرد بصورة أكثر كثافة من المتدارك , في الشعر العربي القديم والحديث معاً
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
هذه الدراسة العروضية لـ " مجزوء التفعيلة الخببية "
** فكرة وعرض الشاعر والناقد المصري / د.محمد عبد الحفيظ شهاب الدين
**بمساهمة ومراجعة الشاعر والناقد العراقي / عادل الفتلاوي
ردي المتواضع عليه:السلام عليكم أخي محمد،
أود أن أعلق على مشاركتك القيمة لو سمحت لي، و بادئ ذي بدء أود أن أعترف أنني لستُ من أهل الاختصاص مثلكم، بل إني مبتدئ في العروض و مبتدئ في الشعر كذلك، و إن كنت أعلم أن العروضي ليس بالضرورة شاعرا، و الشاعر ليس بالضرورة عروضيا، كالعلاقة بين النقد و الأدب فليس كل ناقد أديبا و ليس الأديب ناقدا بالضرورة.
أود أيضا أن ألفت نظركم إلى أن التفاعيل التي وضع الخليل ابن أحمد قد تُرد إلى أرقام ولا ينزع ذلك من الشعر حميميته فالأرقام مجرد تعبير عن العلاقة بين الأسباب و الأوتاد و ليست هي المحركَ للعواطف و يبدو ذلك جليا من طريقة التقطيع المتبعة قديما - -/ ، -/ ، أو -0--0 ..إلى آخره ، فاستخدام الرموز تلك اعتراف من المُقطِّع أن الأسباب و الأوتاد يرمز لها و الرمز وسيلة و ليس هو الهدف و ليس هو النتيجة و يبقى الشعر شعرا و الرمز له وسيلة لبيان انسجامه مع البحر أو عدمه.
أود كذلك أن أطلب منك طلبا بسيطا و هو تعلم الرقمي فلن يضرك إن شاء الله إذ أنك على علم بالعروض، و تقرض شعرا جميلا ، فمعرفتك بالعروض و شاعريتك ستحميك من وسواس الرقمي إذا توصلت إلى عدم صلاحيته.
ثم أعرج إلى محتوى المشاركة التي تُشكر عليها، فأقول إن إطلاق البحر حقيقة لا مجازا،على الخبب فيه ظلم له، حيث ستحكم عليه من خلال الأحكام التي ستطلق على البحور الخليلية، و من مميزات البحور وجود الوتد جنبا إلى جنب مع السببن في حين أن الخبب لا يحوي أوتادا.
و عندما ننفي البحرية عن الخبب فقد نفينا عينه كثيرا من النتائج التي توصلت إليها.
ثم أخي محمد لاحظ معي:
-عند تقطيع بيت شوقي: نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
نتْ تَخِذُشْ شمْ سَـلَها تاجنْ.....وَضُحَا هَـا عرْ شنْ وهْ هَـا جَـا
عند استخدامنا طريقتك في التفاعيل:
فا فعِلن فا فعِلن فعْلن...فعِلن فعْلُن فعْلنْ فعْلُن
2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 ...(2) 2 2 2 2 2 2 2
لاحظ هنا الشطرين أن مجموع الأول 16 مع وجود سببين ثقيلين و مجموع الثاني 16 مع وجود سبب ثقيل واحد، أي أن الأسباب تتكافأ و ما يحصل هنا لا يسمى زحافا بل تكافؤ و من خلال هذه المعالجة الرقمية نصل إلى أن ما يحصل في بحري الكامل و الوافر و البسيط في جزئيتي (مُتفا =متْفا) و علَتُن=علْتن) و (فعِلُن=فعْلنْ الأخيرة في البسيط ، و ليست فاعلن التي في الحشو) هو تخاب أي تشابه بين الإيقاعين الخببي و البحري و تسميته بالزحاف ليست دقيقة..!
ألا تلاحظ أيضا أن الأذن لن تفرق هنا بين فاعلُ و فا فعِـ ..؟
بمعنى أنك هربتَ من فاعلُ لكن الأذن استقبلتها، و عند التمثيل بالرقمي فإنه يسيستوعب التمثيلين :
2 (2) 2 ، حيث 2 الأول هي فا بالناسبة لك و كذلك بالنسبة لي ، و (2) الثانية هي فعِـ بالتسبة لك وعِلُ بالنسبة لي و ال 2 الثالثة هي لُنْ بالنسبة لك و فعْـ بالنسبة لي، لا خلاف بين الإثنين نهائيا و إنما موقفك من الرقمي و من تفعيلة هي وسيلة لاغاية جعلتك تبحث عن طريق تتصالح بها معها لكن باستخدام فا أي مجزوء الخبب كما سميتها، و المهم أننا في الأخير اتفقنا و لا مشاحة بالمصطلحات، إلا أني أجد في الرقمي مجهرا يمكنك من خلاله أن ترى الأمور بوضوح، أي بشمولية تجعلك لا تأبه نهائيا بالتفعيلات بل بالعلاقة بين الأسباب و الأسباب أو الأسباب و الأوتاد..
ولو مثلنا لبيت نازك الملائكة أيضا فإننا نحصل على نفس النتيجة.
هذه النتيجة التي توصلت أنت لها، أنت العروضي و الباحث و الشاعر حقا لا مجاملة،و يعلم الله إني لصادق، بعد عناء و بحث، كانت بالنسبة لمبتدئ مثلي واضحة جدا عند دراسة الرقمي جعلتني أميز بسهولة بين إيقاع الخبب و بحر المتدارك..
و ما يميزه الرقمي ، تميزه الأذن ، إذ الأذن كما لا يخفى عليك تتعامل مع الأصوات على أساس أنها ترددات، أي قيم، و الأذن هذه تميز بوضوح بين أي قصيدة خببية و قصيدة متداركية..
خلاصة القول أن طريقتك هي نفسها طريقة الرقمي و إن نفرت من الرقمي، و أن الخبب إيقاع مختلف عن بحور الخليل لا يجب أن نثقل كاهله بمتطلبات تلك البحور..
تقبل الله صيامنا و صيامكم و ضاعف لنا ولكم الأجر و جعل البحث متقبلا وخالصا لوجه الكريم..آمين
أرجو أن تعُمَّ الفائدة بما قد نشر و هذا رابط الموضوع في منتدى رواء لمن اراد التعقيب أو معرفة المستجد فيه:
http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?t=7973
شكرا لوقتكم الثمين و صوما مقبولا..
http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?t=7973
توقف منتدى رؤى وهذا رابط بديل
https://pulpit.alwatanvoice.com/content/print/144673.html
و قد تجرأتُ و عقبت عليه هناك و أنقل لكم المشاركتين بعد توجيه من الأستاذ خشان:
بحث الدكتور محمد عبد الحفيظ شهاب الدين:
مجزوء التفعيلة الخببية
( دراسة معالجة لبحر الخبب )
مقدمة
** لم تزل مسألة الفصل بين بحري (الخبب) و ( المتدارك) الشعريين , قائمة على محك الجدال العروضي ,ومثارا للخلاف وتباين الآراء , ما بين مدارسٍ نقدية تذهب إلى اعتبارهما اسمين – أو وجهين -لعملة بحر واحد , وهو بحر المتدارك - الذي استدركه الأخفش الأوسط على أستاذه الخليل الفراهيدي -ومدارس أخرى ,تذهب إلى اعتبار كل منهما بحرا مستقلا بذاته , يتفرد بتفعيلاته وخواصه الشعرية , تماما ً كأي بحرٍ من بحور الشعر الفراهيدية التقليدية
**وهذا الرأي الأخير , يلقى الصدى الأكبر , من حيث المصداقية النظرية المبرهنة بوقائع ما اختزنته ذاكرة الشعر العربي عمليا , مع التسليم التام بوجود التقاطع العروض -موسيقي بين بحر الخبب عند تفعيلة ( فَعِلُنْ – بتحريك عين التفعيلة) وبحر المتدارك عند ذات التفعيلة ( الناتجة عن خبن " حذف الساكن الثاني " من تفعيلة البحر الأصلية "فاعلن")
**وبالرغم من أن هذا الفصل العروضي بين البحرين يقدم أبسط الحلول , وأقصر الطرق لفض نزاع الكثير من الإشكاليات العروضية التي قامت , والتي مازالت قائمة بسبب هذا التقاطع العروض –موسيقي بين البحرين , إلا أن الكثير من العروضيين ما يزالون متشبثين بكونهما بحر واحد , مع تقديمهم نماذجا لحلول نظرية أكثر تعقيدا – مثل القطع أو التشعيث - لما يعتري بحر الخبب في كثير من أحواله و أجزائه , من خروجه الكامل عن طوق التشابه مع المتدارك – كما يتجلى تحديدا عند تفعيلته المضمرة ( فعْلن) بسكون عين التفعيلة
وذلك التشبث من قبلهم , يفسرونه بغرض الإبقاء على هوية المتدارك الخاصة , كآخر ما ألحق ببحور الشعر الفراهيدية المستخدمة في الشعر العربي الفصيح , بالرغم من أن السير الشعرية تقدم تبريرا مباشرا لإهمال الفراهيدي للمتدارك , وذلك لندرته وما ساور خصائصه الشعرية من اضطراب , وعلى صعيد آخر تقدم – وبطريقة مباشرة أيضاً – مخزوناً لا بأس به من الأبيات الشعرية الخببية غير مضطربة الخواص , تستحق أن تحظى بأولوية عروضية كبحر شعري مستقل بذاته
**وقد سبق الشاعر مصطفى جمال الدين في كتابه ( الإيقاع في الشعر العربي من البيت إلى التفعيلة ) وآخرون , بالدعوة إلى الفصل التام ما بين البحرين , غير أننا , ومن خلال هذا المقال , سنقدم أطروحة عروضية جديدة خاصة ببحر الخبب .... وهو ما سنسميها " مجزوء التفعيلة الخببية " والذي من خلالها سنقدم التأييد المادي والملموس للرأي الداعي إلى الفصل بين بحري المتدارك والخبب مع وضع يد العروض على الإشكاليات الخاصة ببحر الخبب – كمحاولة لتجريد بحر الخبب من الإضطراب – النظري – الوحيد , الذي يعتريه , ....كما سنوضح من خلال هذه الدراسة المقتضبة. مع تقديمنا للنموذج الجديد والأكثر قبولا عروضيا – لحل هذه الإشكالية , مبرهنين به - بالاستناد إلى ما هو متواجد في التراث الشعري العربي القديم والحديث -على تفرد بحر الخبب واستقلاله بتفعيلاته وخواصه الشعرية ,
***وقد كانت النقطة الأساسية , التي قادتنا إلى استنباط وجود هذا المجزوء في حشو وعروض وضروب بعض الأبيات الخببية , هي محاولتنا تفنيد و دحض المزاعم الرامية إلى تأصيل وجود تفعيلة شاذة مثل "فاعل" , بين ما تواجد في الشعر العربي – قديمه وحديثه – في حشو بعض الأبيات الخببية
ونستهل طرح هذه الإشكالية من خلال هذه النقطة :-
--------------------------------------------
تفعيلة " فاعل " التامة كدخيل عروضي
**من المعروف , أن تفعيلة " فاعل" هي الشكل المقبوض ( الناتج عن حذف الساكن الخامس ) من تفعيلة " فاعلن " , تلك التفعيلة التي درج استخدامها إما :-
1-تامة ومشبعة (بساكنها الأخير) في حشو كل من المتدارك والمديد والبسيط
2- أو استخدام الزحافات الدارجة والمعروفة لهذه التفعيلة في حشو المتدارك والبسيط وفي عروض وضروب بحر السريع
**إما عن استخدام تفعيلة " فاعل" -باعتبارها تفعيلة تامة ومستقلة -في حشو الأبيات الخببية .... فهو لا يطرح إلا نمطا شاذا و دخيلا على الشعر العربي فحسب , دون أن يقدم الأطروحة الفذة ,التي تصورها من حاولوا إلحاق هذه التفعيلة بتفعيلات الشعر المعروفة ...فهو إنما ناجم عن قراءات عروضية خاطئة بمنظور خاص -وخاطىء - للأبيات الخببية ليس إلا
**والحجة الأولى والرئيسية التي تسقط إمكانية وجود هذه التفعيلة في بحر الخبب هي :
فرضية تعاقب هذه التفعيلة " فاعلُ " و تفعيلة " فَعِلُن " ( المتحرك عين التفعيلة ) في أثناء بحر الخبب , وبالتالي تعاقب خمس متحركات ( عِ لُ فَ عِ لُ ) وهو ما يضرب بمسلمات العروض – التي لا تجيز تعاقب أكثر من ثلاث متحركات – عرض الحائط
**وقد كانت أشهر المحاولات الهادفة إلى إقحام تفعيلة " فاعل" الشاذة في الشعر العربي:-
1- محاولة استخراج أو استنباط التفعيلة من أبيات الشعراء السابقين , مثل أمير الشعراء أحمد شوقي
كما في قوله :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
وقوله :-
جارٍ ويُرى ليس بجارِ = لأناة فيه ووقارِ
وقوله :-
نبتدر الخير ونستبق = ما يرضى الخالق والخلق
وقوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ = لا أذنَ الله تهدده
2- أما المحاولة الثانية , فقد تمثلت في ادعاء نازك الملائكة لأسبقيتها في ابتكار واستخدام تفعيلة " فاعل" في شعرها , كما في قولها :-
كان المغرب لون ذبيح = والأفق كآبة مجروح
**وكي ندحض هذا الادعاء , فعلينا أولا أن :
نبدأ بتقطيع الأبيات السالفة الذكر , مع مجاراتنا للنهج الشاذ الذي أقحم من خلاله تفعيلة "فاعل" في بحر الخبب
ففي قول شوقي :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
نتخ/ ذ الشم/س لها / تاجا ....وضحا/ها عر/شا وهـْ/هَاجا
"فاعل" / فعْلن / فعِلن / فعْلن .... فعِلن / فعْلن / فعْلن / فعْلن
وفي قوله
جارٍ ويُرى ليس بجارِ ..... لأناة فيه ووقارِ
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
جارٍ /ويُرى/ ليس ب/جارِ ..... لأنا/ ة في/ه وو/قارِ
فعْلن / فعِلن / "فاعل" / فعلِ ....فعِلن / فعْلن / "فاعل" / فعلِ
وفي قوله :-
نبتدر الخير ونستبق ..... ما يرضى الخالق والخلق
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
نبتد / ر الخي/ر ونس/تبقُ ..... ما ير/ضى الخا/لق وال/خلق
"فاعل" / فعْلن / فعِلن / فعلُ ...... فعْلن / فعِلن / فعِلن / فعْلُ
وفي قوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ ..... لا أذنَ الله تهدده
يكون التقطيع الشاذ على النحو التالي :-
لا تق/در غير/ ر الل/ه يدٌ ...... لا أذ /نَ الل/ـه تهدْ/دِده
فعْلن / فعِلن / فعْلن / فعِلن ....."فاعل"/ فعْلن / فعِلن / فعِلن
وفي قول نازك الملائكة :-
كان المغرب لون ذبيح ِ ...... والأفق كآبة مجروجِ
كان ال/مغرب/ لون ذ/ بيح ...... والأف/ق كآ/بة مج/روح
فعْلن/ فاعِلُ/فاعِلُ/فعْلن ......فعْلن/فَعِلُنْ/فَعِلُنْ/ فَعْلُنْ
ثم نلحظ في مثل هذا النهج القائم على استخدام تفعيلة "فاعل" بصورة مقحمة في حشو الأبيات .. ما يلي :-
1- عدم التجانس ما بين شطري كل بيت , من حيث نوع وعدد التفعيلات وموقعها في الشطر , وهو الأمر المخالف تماما للدارج و المثبت في كل بحور الشعر منذ كانت ومنذ اكتشفها الفراهيدي
2- عدم التجانس في الشطر الواحد "- الذي يظهر فيه تفعيلة "فاعل" -ما بين التفعيلات وبعضها وذلك لوجود دخيل – هو تفعيلة " فاعل" - والذي لا يمكن إحالته من أو إلى تفعيلة البحر الأصلية " فعلن " باستخدام أيا من الزحافات المتاحة
3 – وقوع تفعيلة "فاعلن " بشكل مقبوض في حشو الأبيات , وهو الأمر الخارج عن المألوف لهذه التفعيلة كما تنص الثوابت المدونة في علم العروض وفي قواعد الزحاف , وبالتالي لا يمكن حتى اعتبار " فاعلُ " هنا , شكلا مقبوضاً لتفعيلة " فاعلن " لمنحه نوعا – ولو جزئيا – من المصداقية العروضية
ولهذه الأسباب نخلص إلى أن هذه التفعيلة – "فاعل " :-
1-إنما هي نفعيلة دخيلة وشاذة عن المتفق عليه من تفعيلات بحور الشعر
2-كما أنها تسبب ارتباكاً – نظريا فقط – للشكل العروضي للأبيات عند تقطيعها
وقد عمدنا إلى استخدام مصطلح " نظريا فقط " هنا , لأن الأبيات في واقعها الموسيقي سليمة الوزن , كما سنلحظ من خلال عرض تقطيع هذه الأبيات في ظل وجود ما أطلقنا على " مجزوء التفعيلة الخببية" في بعض الأبيات الخببية
-------------------------------
موضوع الطرح :- مجزوء التفعيلة الخببية (لن)
**نجد أن طرح استخدام " مجزء التفعيلة الخببية " واعتماد تواجده في حشو الأبيات الخببية وفي عروضها وضروبها أيضا , يمثل الحل الأكثر عمليا - كونه متجانسا مع تفعيلة البحر المتكررة " فعلن" - , للحفاظ على وحدوية المقاطع الموسيقية " تفعيلة " فعلن المتكررة " لبحر الخبب , مع تلافي مثل ذلك الارتباك -النظري - الناجم عن استخدام تفعيلة دخيلة وشاذة على الأذن في موقعها بحشو الأبيات , مثل تفعيلة " فاعل" التي تطرقنا إليه
**ومجزوء التفعيلة الخببية , يمثله السبب الخفيف (لن) وهو النصف الثاني من التفعيلة الخببية التامة ( فعلن) . ويجوز على هذا المجزوء تطبيق بعض خواص التفعيلة ( فعلن ) الشعرية – التي ترتبط بلام ونون التفعيلة ولا ترتبط بفاء وعين التفعيلة– مثل جواز حذف نون " مجزوء التفعيلة الخببية " عند التصريع أو القافية ...
**وهذا ما سنثبته في هذا الطرح المقتضب
**فمع تقطيع نفس الأبيات - وباستخدام هذا المجزوء في التقطيع - نجد تجانسا أكبرا بين التفعيلات – خلافا لما يحدث في حال استخدام تفعيلة "فاعل", كما سنلحظ على النحو التالي :-
في قول شوقي :-
نتخذ الشمس لها تاجا ....... وضحاها عرشا وهاجا
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
نت / تخذ الـ / شم / س لها / عرشا ...... وضحا / ها عر /شا وهـْ / هاجا
لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعْلن ...... فعِلن / فعْلن / فعْلن / فعْلن
وفي قوله
جارٍ ويُرى ليس بجارِ ...... لأناة فيه ووقارِ
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
جارٍ / ويرى / ليـ / س بجا / ر ٍ ...... لأنا / ة ٍ في / هـ ِ / ووقا / ر ِ
فعْلن / فعِلن / لن / فعِلن / لن ...... فعِلن / فعْلن / لن / فعِلن / لِ
وفي قوله :-
نبتدر الخير ونستبق ...... ما يرضى الخالق والخلق
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية -على النحو التالي
نب / تدر ال / خي / ر ونس / تبق ...... ما ير / ضي الخا / لق وال/خلقُ
لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعِلُ ...... فعْلن / فعْلن / فعْلن / فعْل ُ
وفي قوله :-
لا تقدر غير الله يدٌ = لا أذنَ الله تهدده
يكون التقطيع – مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية – على النحو التالي
لا تق/ در غي/ر الل/ه يدٌ ...... لا / أذنَ الْـ/لا / ه تهدْ/ددهُ
فعْلن / فعِلن / فعْلن / فعِلن ...... لن / فعِلن / لن / فعِلن / فعِلن
وحتى في بيت نازك الملائكة , -التي ادعت اكتشافها لتفعيلة "فاعل" في الشعر العربي -, نجد أن استخدام مجزوء التفعيلة الخببية , يحيل بيتها خببيا صرفا دون إقحام أي تفعيلات شاذة أو دخيلة
ففي قولها
كان المغرب لون ذبيح ِ ...... والأفق كآبة مجروح
فتقطيع هذا البيت - مع استخدام مجزوء التفعيلة الخببية - يكون:-
كان الـ / مغ / رب لو / ن ذبيـ / ح ِ ...... والأف/ق كآ/بة مج/روح
فعْلن / لن / فعِلن / فعِلن / لِ ...... فعْلن / فعِلن / فعِلن / فعْلِ
( ونلحظ هنا حذف نون المجزوء عند نهاية صدر البيت – تماما مثل الجاري على التفعيلة التامة "فعلن" حال وقوعها في نفس الموقع من صدر البيت )
------------------------------------------
**ومثل هذه الأطروحة تقدم نموذجا نظريا وعمليا في آن واحد يتحقق معه
1- الحفاظ على وحدوية بحر الخبب بتفعيلاته وخواصه الشعرية
2- التجانس العددي والنوعي ما بين تفعيلات الشطرين
إذ أن محصلة مجزوءي التفعيلة الخببية تساوي موسيقيا وحدة (تفعيلة) خببية واحدة ساكنة العين " فعْلن "
وبالتالي يكون العدد الكلي في الشطر الواحد بالتالي 4 تفعيلات -كما يمكن مراجعته في الأمثلة السابقة- ومن نفس النوع " فعلن " مع تلافي وجود أي دخيل لا يمت للتفعيلة أو زحافها بصلة
**ومع وجود مثل هذا المجزوء العروضي في بحر الخبب ... نصل أيضا إلى ضرورة التسليم بكونه بحرا مستقلا بخواصه الفردية ...وذلك
1- لعدم وجود هذا المجزوء في القصائد المنظومة على بحر المتدارك
2- عدم إمكانية تجزئة التفعيلة التامة لبحر المتدارك " فاعلن " إلى نصفين متجانسين كما هو الحال مع تفعيلة بحر الخبب
فضلا عن أن استخدام هذا المجزوء – جدلياً – في بحر المتدارك , يحيل إلى ضرورة استخدام المجزوء الآخر للتفعيلة ( فاع ِ أو فع ِ ) في حشو البيت , لإتمام التجانس العروضي – نوعا وعددا – ما بين الشطرين – وهو الأمر الذي لا يمكن أن يتأتي عملياً بسبب
أ- عدم انتهاء المجزوء في هذه الحالة بساكن يجيز استخدامه في حشو البيت
ب- احتمالية تعاقب المجزوء (فعِ ) مع الشكل المخبون لتفعيلة فاعلن " ( فَعِلن)
بحيث تصبح عدد المتحركات المتوالية في هذه الحالة 5 متحركات ( فعِ فَعِلن). وهو الأمر الذي يتنافي و الثوابت العروضية الناصة على عدم تعاقب أكثر من ثلاثة متحركات .
-------------------------------------------
**نسأل الله عز وجل أن نكون قد قدمنا من خلال هذه الأطروحة وهذا الجهد المتواضع منا ما يمكن من خلاله وضع يد الحل الإيجابية , على الإشكاليات العروضية القائمة في بحر الخبب . والبرهنة على ضرورة الفصل التام ما بين بحر المتدارك وبحر الخبب,
مع الدعوى بضرورة إلحاق بحر الخبب إلى العروض الفراهيدية , وذلك لتفرد خصائصه – على النحو السابق شرحه - فضلا عن وجوده بهذا النحو المتفرد بصورة أكثر كثافة من المتدارك , في الشعر العربي القديم والحديث معاً
والله من وراء القصد وهو الهادي إلى سواء السبيل
هذه الدراسة العروضية لـ " مجزوء التفعيلة الخببية "
** فكرة وعرض الشاعر والناقد المصري / د.محمد عبد الحفيظ شهاب الدين
**بمساهمة ومراجعة الشاعر والناقد العراقي / عادل الفتلاوي
ردي المتواضع عليه:السلام عليكم أخي محمد،
أود أن أعلق على مشاركتك القيمة لو سمحت لي، و بادئ ذي بدء أود أن أعترف أنني لستُ من أهل الاختصاص مثلكم، بل إني مبتدئ في العروض و مبتدئ في الشعر كذلك، و إن كنت أعلم أن العروضي ليس بالضرورة شاعرا، و الشاعر ليس بالضرورة عروضيا، كالعلاقة بين النقد و الأدب فليس كل ناقد أديبا و ليس الأديب ناقدا بالضرورة.
أود أيضا أن ألفت نظركم إلى أن التفاعيل التي وضع الخليل ابن أحمد قد تُرد إلى أرقام ولا ينزع ذلك من الشعر حميميته فالأرقام مجرد تعبير عن العلاقة بين الأسباب و الأوتاد و ليست هي المحركَ للعواطف و يبدو ذلك جليا من طريقة التقطيع المتبعة قديما - -/ ، -/ ، أو -0--0 ..إلى آخره ، فاستخدام الرموز تلك اعتراف من المُقطِّع أن الأسباب و الأوتاد يرمز لها و الرمز وسيلة و ليس هو الهدف و ليس هو النتيجة و يبقى الشعر شعرا و الرمز له وسيلة لبيان انسجامه مع البحر أو عدمه.
أود كذلك أن أطلب منك طلبا بسيطا و هو تعلم الرقمي فلن يضرك إن شاء الله إذ أنك على علم بالعروض، و تقرض شعرا جميلا ، فمعرفتك بالعروض و شاعريتك ستحميك من وسواس الرقمي إذا توصلت إلى عدم صلاحيته.
ثم أعرج إلى محتوى المشاركة التي تُشكر عليها، فأقول إن إطلاق البحر حقيقة لا مجازا،على الخبب فيه ظلم له، حيث ستحكم عليه من خلال الأحكام التي ستطلق على البحور الخليلية، و من مميزات البحور وجود الوتد جنبا إلى جنب مع السببن في حين أن الخبب لا يحوي أوتادا.
و عندما ننفي البحرية عن الخبب فقد نفينا عينه كثيرا من النتائج التي توصلت إليها.
ثم أخي محمد لاحظ معي:
-عند تقطيع بيت شوقي: نتخذ الشمس لها تاجا ....وضحاها عرشا وهاجا
نتْ تَخِذُشْ شمْ سَـلَها تاجنْ.....وَضُحَا هَـا عرْ شنْ وهْ هَـا جَـا
عند استخدامنا طريقتك في التفاعيل:
فا فعِلن فا فعِلن فعْلن...فعِلن فعْلُن فعْلنْ فعْلُن
2 (2) 2 2 (2) 2 2 2 ...(2) 2 2 2 2 2 2 2
لاحظ هنا الشطرين أن مجموع الأول 16 مع وجود سببين ثقيلين و مجموع الثاني 16 مع وجود سبب ثقيل واحد، أي أن الأسباب تتكافأ و ما يحصل هنا لا يسمى زحافا بل تكافؤ و من خلال هذه المعالجة الرقمية نصل إلى أن ما يحصل في بحري الكامل و الوافر و البسيط في جزئيتي (مُتفا =متْفا) و علَتُن=علْتن) و (فعِلُن=فعْلنْ الأخيرة في البسيط ، و ليست فاعلن التي في الحشو) هو تخاب أي تشابه بين الإيقاعين الخببي و البحري و تسميته بالزحاف ليست دقيقة..!
ألا تلاحظ أيضا أن الأذن لن تفرق هنا بين فاعلُ و فا فعِـ ..؟
بمعنى أنك هربتَ من فاعلُ لكن الأذن استقبلتها، و عند التمثيل بالرقمي فإنه يسيستوعب التمثيلين :
2 (2) 2 ، حيث 2 الأول هي فا بالناسبة لك و كذلك بالنسبة لي ، و (2) الثانية هي فعِـ بالتسبة لك وعِلُ بالنسبة لي و ال 2 الثالثة هي لُنْ بالنسبة لك و فعْـ بالنسبة لي، لا خلاف بين الإثنين نهائيا و إنما موقفك من الرقمي و من تفعيلة هي وسيلة لاغاية جعلتك تبحث عن طريق تتصالح بها معها لكن باستخدام فا أي مجزوء الخبب كما سميتها، و المهم أننا في الأخير اتفقنا و لا مشاحة بالمصطلحات، إلا أني أجد في الرقمي مجهرا يمكنك من خلاله أن ترى الأمور بوضوح، أي بشمولية تجعلك لا تأبه نهائيا بالتفعيلات بل بالعلاقة بين الأسباب و الأسباب أو الأسباب و الأوتاد..
ولو مثلنا لبيت نازك الملائكة أيضا فإننا نحصل على نفس النتيجة.
هذه النتيجة التي توصلت أنت لها، أنت العروضي و الباحث و الشاعر حقا لا مجاملة،و يعلم الله إني لصادق، بعد عناء و بحث، كانت بالنسبة لمبتدئ مثلي واضحة جدا عند دراسة الرقمي جعلتني أميز بسهولة بين إيقاع الخبب و بحر المتدارك..
و ما يميزه الرقمي ، تميزه الأذن ، إذ الأذن كما لا يخفى عليك تتعامل مع الأصوات على أساس أنها ترددات، أي قيم، و الأذن هذه تميز بوضوح بين أي قصيدة خببية و قصيدة متداركية..
خلاصة القول أن طريقتك هي نفسها طريقة الرقمي و إن نفرت من الرقمي، و أن الخبب إيقاع مختلف عن بحور الخليل لا يجب أن نثقل كاهله بمتطلبات تلك البحور..
تقبل الله صيامنا و صيامكم و ضاعف لنا ولكم الأجر و جعل البحث متقبلا وخالصا لوجه الكريم..آمين
أرجو أن تعُمَّ الفائدة بما قد نشر و هذا رابط الموضوع في منتدى رواء لمن اراد التعقيب أو معرفة المستجد فيه:
http://www.ro2aa.com/vb/showthread.php?t=7973
شكرا لوقتكم الثمين و صوما مقبولا..