أستاذي خشان
ما مثلي ومثلكم إلا كما لو أن شخصاً كان أعمىً ثم شفاه الله سبحانه وتعالى على يد طبيبٍ ماهر فأصبح بصيراً , فالله ربي لا إله إلا هو , وأنت الطبيب الماهر , وأنا المريض الذي ردّ الله إليه بصره على يديك فأصبحت أرى جمال الشعر خاصة وسحر لغتنا العربية عامة فهل من سبيل لهذا المريض أن يشكر طبيبه كفاية وهل من سبيل لذلك الأسير أن يشكر القائد البطل الذي أطلق سراحه كما أطلقت سراحي من قيد الجهل إلى حرية المعرفة , ولئن ملكوا هم ذلك فأنا يا سيدي ............ لا أملك .
وما تشبيهي حضرتكم بالطبيب والقائد وتشبيهي العلم بالحرية إلا كما كان من أمر أبي تمام لما شبّه المعتصم فقال:
إقدام عَمْرٍو في سماحةِ حاتمٍ = في حلم أحنفَ في ذكاء إياسِ
فقال له الكندي : ما صنعت شيئاً شبّهت ابن أمير المؤمنين وولي عهد المسلمين بصعاليك العرب !! الأمير فوق ما وصفت فأطرق أبو تمام ملياً ثم قال:
لا تنكروا ضربي له من دونه = مثلاً شروداً في الندى والباسِ
فالله قد ضرب الأقل لنوره = مثلاً من المشكاة والنبراسِ
ولله المثل الأعلى.
وذلك أيضاً أن العلم أغلى من الحرية وأثمن , ومع أن الكثير من الناس يعتقدون أن الحرية هي أغلى شيء في الوجود فإنني أرى أن العلم أغلى منها وأن الإيمان أغلى منهما لأنك بالعلم تقدر أن تتحرر بإذن الله وليس كل حرٍّ بقادرٍ على التعلم كما أن الحرية قد تُسلب منك كما يسلب الطغاة حريّة الناس فيستعبدونهم وأما العلم فما من أحد يقدر على أن يسلبك إياه إن أنت حصّلته إلا الله القادر على كل شيء.
وكذلك العلم أغلى من البصر لأنك بالعلم ترى ما لا تراه عيناك بدليل قوله تعالى: أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ (الحج 46)
ومع أن هذه الكلمات كانت تراودني لأن أنظمها كقصيدة إلا أنني جئت بها نثراً لأشكرك نثراً كما أشكرك شعراً فشكراً لكم شكراً
وأما سؤالي فهو عن المكتبات التي يمكن أن يتوفر فيها كتابكم لأني جهدت في البحث عنه ولم أفلح فلو زودتموني بهذه المعلومة أو بدار النشر المسؤولة عن طباعته وتوزيعه علي أستطيع أن أحصله وشكراً .