قراءة خاصة لمأساة (عطيل )
للشاعر الإنجليزي العظيم وليام شكسبير
عندما تثور الدماء !

أتى عطيل
ويديه مخضبةَ ُ الدماء ِ حزينة
يزحف ُالملل على قلبه المسكين
يرتعش الدمع على جبينه الأسود
أفكار الأمس تناديه تطارده
همس الشيطان يعذبه يذكره يشتته
حمى الشك تؤرقه تمزقه تفتته
يجرى الدم فى العروق
فيثور العقل البربرى
تضيع لغة المنطق
فى حرب الجمال
أجل أين المنديل الفرعونى المقصود ؟
تركَته ُ هناك
بل نسيته عند العشيق
مسحت به عرَقه الآثم
نشفت به براءة القلب الأبيض
تهاوى الجمال
وخبا سحر ُ الكمال
قومى يا امرأة
استغفري رَبكِ
وصلى له آخر صلاه
آن الأوان يا عشيقة الرجال
سأطهر منكِ الوجود
وأحطمَ الصرح المعهود
لكنى أحبكِ أعبدك
أكادُ أصلى لكِ
يا عار السنين
ويا عمر الأنين
سأقتلك وأمزقكِ
يا ربة ً للغدر
يا ثورة ً للشك ِ أمضى
عن فواد من الحب جُن !
أيها الجسد البض الناعم تدثر
يا عيون السحر الصامت ضُمينى
وعن هذا الوجود ابعدينى
الموت ! ما أحلى الموت !
لا تخافى يا امرأة
إنها غاية نبيلة
سيعمُ الأرضُ السلام
وينمو زهر النقاء
موتى يا امرأة
يا مزرعة الشر الأسود
ُخذى تلك فى القلب الغادر
وتلك فى الصدر الآثم
وتلك فى الجنب الملوث بدم الرذيلة
ماتت حبيبتى وهانت بلوتى
(تدخل وصيفة ديدامونة وهى تصرخ فى دهشة )
وانتِ يا عاهرة مالكِ تصرخين فى ألم ؟
وتندبين فى جنون ؟
ماتت سيدتك وماتت معها الأسرار
ماذا تقولين ؟ بريئة ؟
بريئة يا خادمة السوء ؟
ماذا ؟ أنتِ سارقة ُ المنديل ؟
يا ناكرة الجميل يا ابنة الطريق !
زوجك ِ شيطانٌ غادر
غرر بى يا ويحى ! يا أسفى !
قتلت ُ نفسى بيدى
قتلت ُ نفسى بيدى
قتلت ُ نفسى بيدى !
(يظهر بعض النبلاء والقادة والجنود )
يا رفاق العمر الماضى
يا رفاق العهد السعيد
قتلت ُ زهرة َ الحسن ِ بيدى الملعونة
مياه البحر لن تغسل عنى هذا الدم
لن تطفأ عنى حرقة هذا القلب
يا أفكار العقل المسموم
يا ثمار القلب المحزون
لقد أتت علىَّ الظنون
وجرفنى من الغيرة تيار
وفى لحظة يأسى
قتلت ُ نفسى
قتلت ُ نفسى بجنونى
أرجوكم لا تسيئوا الظن بى
فليشهدُ التاريخ َ فى أسفاره الملعونة
على حبى الصادق لكِ يا (ديدمونة )
فلتحكوا عنى أنى يوماً كنت ُ فى (حلب)
ورأيتُ رفيقا ً فى ذل ِ الموقف يرتعد
ويهودى لعبت به كأسُ الكبرياء
يعبث ُ بأخى فى الدين ويلهو به
فرفعت ُ السيف َ الأبيض
وفى قلبِ قلبه أرديته
وفى قلبِ قلبه أغمدته
هكذا كما أودعه فى قلبى الملعون !
(عطيل يقتل نفسه )
هكذا كى أريح الرأس المكدود !
قادم ٌ إليك ِ يا عروس الطهرِ الوردية
قادم ٌ إليك ِ يا ربة ً للفضيلةِ الخالدة
وبراءتي هى روحى الجريحة !
آهٍ من الجرح ِ الأحمق يقتلنى
آه من قلبى الدامى يرفضنى
قادم ٌ إليك ِيا رفيقة العمر القصير
يا مليكة العهد السعيد
قادم ٌ إليك ِ أبداً
على جسر الموت الدامى
عبر دروب الموت الأسود !
يا لحظات ِ الموت أمضى
بلا عذابٍ أبدى
إنى قادم ٌُ إليك ِ أبداً
يامَّن فرقَ بيننا الوجود
أيجمعنا الله فى جنته ؟!
آه ٍ قلبى ينخلغ من جنبى
يزلزلنى
كالأرض ِ عندما تزلزل يوم الحشر!
كبدى يتفتتُ يتمزق يؤلمنى
يا زهرة البراءةِ البيضاء
هل تغفرى لى ذنبى ؟
ويهون عليك ِ حبى ؟
قد طال بى دربى
وأنا وحدى طريد
هل تغفرى لى
كى يغفر لى ربى ؟
هيا دعينى أقبلك ِ اّخر قُبلة
قبل رحيلى اللامنظور
فى مملكة الموت !