أوّلا:
يعتمد الجانب الأوّل من البحث على الأوزان الفراهيديّة و ما ينجم عنها من تموقع للحركات و المدود و السّواكن. و لهذا قمت ببساطة بتحديد الوحدات التي تمكّن من دراسة هذا الباب. و هو ما سبق و أن طرحته سابقا في البحث المتعلّق بأسرار الجرس منذ حوالي 3 سنوات.
و تحديد تلك الوحدات يعتمد على أدنى المقاطع الإيقاعيّة الممكنة في اللّسان العربي و هو ما يمكن للفرد النّطق به بصورة مستقلّة دون الإخلال بقواعد اللّسان العربي. فالحروف العربية 28. إضافة إلى حروف العلّة و هي ثلاث. و الحرف لا يخلو أن يكون إمّا متحرّكا أو ساكنا.
و معلوم أنّ بدء الكلام في اللّسان العربي لا يكون إلاّ بمتحرّك, فالمقطع لا بدّ و أن يبتدأ إذن بمتحرّك و لا يصحّ الابتداء بحرف ساكن - ولا حرف مدّ.
فأوّل مقطع يمكن تشكيله هو الحرف المتحرّك - مثل كَ, و هو مستقلّ في النّطق به و لا يلزم ربطه بحرف آخر.
فيتعيّن بعدها تشكيل المقاطع المكوّنة من السّواكن و المدود, و هو متاح فقط بربطها بمقطع قبلها يصحّ ابتداء الكلام به و هو الحرف المتحرّك مثل ربط لام التّعريف بألف متحرّكة تسبقها. فيصبح لدينا ثلاث مقاطع و هي الحرف المتحرّك, و الحرف السّاكن المسبوق بمتحرّك, و حرف مدّ مسبوق بحرف متحرّك.
و قد سمّينا الأوّل بالحركة -كَ- و الثّاني بالسّبب السّاكن -كمْ- و الثّالث بالسّبب المدّي -كا.
و أعطينا الرّموز التّالية على التّوالي: 1, 2, 3. و هذا نقوم بتحويل البيت الشّعري إلى وحدات رياضيّة.
و مثال ذلك الشّطر الموالي و نرى هنا ما سيحدث:
مكرّ مفرّ مقبل مدبر معا
م كر رن م فر رن مق ب لن مد ب رن م عن
1 2 2 1 2 2 2 1 2 2 1 2 1 2
نلاحظ هنا تشكّل عدّة عناصر منها:
- تشكّل مقاطع إيقاعيّة مركّبة ثلاثيّة -من ثلاث وحدات إيقاعيّة- (1 2 2 و 2 1 2).
- تكرار المقاطع
-عنصر الانتظام المميّز لتكرار المقاطع
و هذا ما يشكّل عنصر التّموّج أو الاضطراب -شبه المنتظم.
و هنا مثال آخر:
قل للفاخرين على نزارٍ ... و هم في الأرض سادات العبادِ
الشّطر :
و هم في الأرض سادات العبادِ
1 2 2 2 1 3 3 2 1 3 3
نلاحظ إضافة إلى العناصر السّابقة بروز عنصر جديد و هو المسطّر في الشّطر, و يمثّل الفاصل الإيقاعي و هو ما لم يتوفّر في الشّطر السّابقو بحيث يتخلّل المقاطع الثّلاثيّة المركّبة (1 2 2 و 1 3 3 ).
المفضلات