تابع الدرس الثاني : لماذا نستخدم التفاعيل :

التفاعيل ليست غاية ولا هدف , التفاعيل مجرد وسيلة لقراءة تتابع الحركات والسكون (ولأشياء أخرى )

على سبيل المثال يمكننا قراءة وزن الطويل بعدة طرق :

(1) (حركتين سكون حركة سكون حركتين سكون حركة سكون حركة سكون حركتين سكون حركة سكون حركتين سكون حركتين سكون)

(2) ( وتد سبب وتد سببين وتد سبب وتد وتد)

(3) ( 3 2 3 2 2 3 2 3 3 )

(4) ( فعولن مفاعيلن فعولن مفاعلن )

(5) ( فعولن فعولن فاعلن فاعلن علن )

من حيث المضمون لا فرق بين الطرق الخمسة من حيث تسمية التتابع ؛

أما من حيث السهولة فالطريقة رقم (4) هي أسهلها , فبالإضافة لسهولة حفظها فقد أضافت بعدا آخر للوزن يمكن للشخص العادي ملاحظته , وهو تكرار التفعيلتين بالتبادل والتوالي ؛ وإن لم يلاحظها فبأقل تنبيه يدرك الأمر بسهولة ؛

وأما الطريقة رقم (5) فهي وإن كانت أقل سهولة من رقم (4) إلا أنها تعطي بعدا ومعنى آخر , وأيضا يمكن للشخص العادي أن يدركه وهو تكرار التفعيلة الأولى مرتين ثم تكرار التفعيلة الثانية مرتين ثم يزيد بعد ذلك جزء من التفعيلة الأخيرة , وإذا تم التنبيه على أن فاعلن هي معكوس فعولن أضافت الطريقة رقم خمسة معنى جديد وهو الانعكاس , وإذا تم التنبيه على أن ( علن ) هي جزء من التفعيلة الأولى فعولن بعد حذف سببها , وأيضا هي جزء من التفعيلة الثانية (فاعلن) بعد حذف سببها أضاف ذلك معنى جديد .

ولزيادة إيضاح تلك المعاني في الطريقتين (4) و (5) يمكن كتابة الرموز العروضية من الحركات والسكون أسفل التفاعيل , فإذا استقرت تلك المعاني في عقول طلاب العروض , وقتها يمكن الاستغناء عن الرموز والاكتفاء بالتفاعيل .


ماذا عن الطريقة الثالثة (3) ؟؟؟

الطريقة الثالثة تشبه إلى حد ما استخدام الرموز العروضية وحدها بدون التفاعيل , ومع ذلك يمكن توضيح كل الملاحظات السابقة أيضا باستخدام الأقواس :

[ ( 3 2 ) ( 3 2 2 ) ] [ ( 3 2 ) ( 3 1 2 ) ]

[ ( 3 2 ) ( 3 2 ) ] [ ( 2 3 ) ( 2 3 ) ] + 3

لكن تظل الحاجة بشكل دائم لاستخدام الأرقام في قراءة التتابع وتظل القراءة بها أصعب من (4) ومن (5) .
للأرقام كما (للرموز العروضية) فضل تجريد الأوزان من الحدود التي رسمتها التفاعيل القديمة بهدف دراسة خواصها الموسيقية , وإذا كانت التفاعيل وحدودها ستقف عقبة في طريق هذا الهدف فبالطبع يكون التجريد هو الأهم ؛

أحسست فيما تقدم أني أقرأ في صلب العروض الرقمي. وهذا مبشر بإذن الله على سهولة التواصل مسنتقبلا.

************

لكن ماذا لو جردنا الأوزان من حدود التفاعيل ثم درسناها جيدا وعرفنا خواصها الموسيقية , ثم وجدنا أن التفاعيل يمكن لها أن تستوعب تلك النتائج وتبينها وتظهرها جيدا ؟؟

لا بأس


************

بالإضافة لذلك فإن دراسة خواص التفاعيل في الأوزان الناضجة

الأوزان الناضجة تعبير له دلالات لا أسلم بها وتجعلني أتوجس من مضمونه وتداعياته.


************

سيكون مرشدا لنا في تطوير موسيقى الأوزان الغير الناضجة ,

(تطوير) ينطبق على الكلمة ما ينطبق على ( الأوزان الناضجة ) كأنما تصمم ذائقة جديدة لأمة جديدة


************

وخاصة إذا ضمنا هذه المرة أن السلبيات التي نتجت من الاستخدام الخاطئ للتفاعيل لن تحدث مرة أخرى ؟؟

السلبيات الناتجة من الاستخدام الخاطي للتفاعيل يمكن تجنبها بالاستعمال الصحيح للتفاعيل كما فصل ذلك الخليل. كما أن منهجك - إن صح - من الممكن أن يتعرض للاستعمال الخاطئ. ألا ترى القرآن الكريم يُساء استعماله ؟


************

فهل نتمسك بالتجريد ؟؟

من تمسك بالتفاعيل كفته وزن الشعر والعروض. من اراد فهم منهج الخليل يساعده التجريد وليس فرضا عليه، فمن وجده يساعده وتمسك به فلا بأس عليه. ومن وجد سواه طريقا وعدل عنه فلا بأس عليه.



************

والسؤال الأخير إذا كانت التفاعيل وسيلة , فهل يمكن استحداث تفاعيل جديدة كما استحدث السابقون التفاعيل القديمة , وهل يمكن استخدام الصالح من التفاعيل القديمة والاستغناء عن البعض الآخر ؟؟

التفاعيل حسب تفاصيل الخليل وسيلة تكفي بلا شك لوزن الشعر والعروض لمن لا يعرف منهج الخليل وهذا يشمل الأغلبية العظمى. ولا بأس بذلك على هذا المستوى. لكن هذه التفاعيل تحمل جينات فكر الخليل
فلا يمكن أن يتسلل إلى أي منها الفساد إلا إذا كان منهج الخليل فاسدا. ولا يمكن أن تستحدث تفاعيل جديدة إلا بالتخلي االكلي عن منهج الخليل وصياغة منهج جديد بتفاعيل جديدة. وهيهات .

لا بد لمن يبتغي صياغة منهج جديد من الإلمام بمنهج الخليل - هذا المنهج الذي تجهله الأمة بكل عروضييها - أقله بغرض فهم معنى المنهج. وما أظن من يقرؤه فيهمه إلا مسلما به عادلا عن سواه.

لله وكتابه المثل الأعلى، ثمة قصص عن مبشرين دررسوا القرآن للطعن فيه فأسلموا لما وجدوه فيه من حق.

إذا أخذت عينة من الدم لفحصها سواء كانت من الذراع أو القدم أو أي جزء في الجسم فسيكون التحليل واحدا. هذا حال التفاعيل وصلتها بمنهج الخليل.



************

جميع الأساتذة الكرام مدعون للإجابة عن تلك الأسئلة , ومن كان لديه شرط معين في التفاعيل الجديدة فعليه طرحه , وإن شاء الله سأجيب عن كل نقطة تطرحونها .


الكلام عن الدمج بين التفاعيل الجديدة وتفاعيل الخليل يذكرني بالحديث عن بعض الطوائف التي دمجت الإسلام ببعض تعاليم الديانات الأخرى.

دع عنك الخليل يا استاذي ودعنا ندرس منهجك ونحكم عليه في جدود ذاته حسب مدى انسجامه واطراده وشموله. والخروج عن هذه الذاتية في الدراسة تشتيت لا نهاية له.
أتوقع من استعمالي للضوابط العلمية التي تعلمتها من منهج الخليل في تقييم منهجك أولا بأول أن تلمس ويلمس الآخرون البرهان والنور.


ودمتم أساتذتي الكرام جميعا في خير وسعادة

حفظك ربي ورعاك أستاذي الكريم .

****

كنت أتمنى أن يشارك معنا بعض أساتذة الرقمي وعلى الأقل أستاذتي ثناء صالح . لعل لهم عذرا.