الهمّ وتعريفه

ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ...........بصبح وما الإصباح منك بأجملِ

في غمرة الأحداث البائسة التي تمرّ علينا كلّ يوم , تتكاثر علينا الهموم , ويتلبّسنا الحزن , فنبحث عن الخلاص بوسائل متعددة , قد تكون في حالات كثيرة وسائل تهرب بنا من همومنا . وشخصياً عندما أمرّ بأزمة ما , وتحتل نفسي الهموم , ألجأ إلى المشي فأمشي وأمشي حتى أتعب وأعود إلى بيتي مرهقة فأوي إلى نوم عميق عميق جداً .
وأحياناً أخرى ألجأ إلى القراءة , فأختار قصصاً تافهة لا أقترب منها إلا عندما أشعر بالإنحطاط , وإلى اليوم لم أعرف سبباً لهذا التصرف , وبما أن مكتبتي تخلو تقريباً من مثل هذه القصص , أحاول البحث في عناوين بعض الكتب عن مواضيع مضحكة مثل : الفكاهة , أضحك مع ألف نكتة ونكتة , أو غيرها من هذه الكتب التي في غالب الأحيان تزيد من حزني وهمي عكس ما أطلب .
ولكني في هذه الأيام تعبت من المشي ونمت كثيراً جداً , ولم يبق أمامي إلا القراءة التافهة وقد تعذر عليّ جداً ايجاد كتابٍ تافه في مكتبتي , فقررت التغيير وتذكرت المثل القائل "داويها بالتي كانت هي الداء " فبحثت عن الهموم , فوقعت يدي على كتاب " دروب الهموم والخلاص عربياً وعالمياً " لمؤلفه د . عادل العوّا , والذي تحدث فيه عن الهمّ والهموم فأحببت أن أنقل لكم تعريف الهمّ , ولا أخفيكم أنني سررت عندما عرفت تعريفات لبعض العلماء له , ووجدت فيها ما خفف عني كثيراً .
يقول الكاتب : على صعيد الهمّ وصنوف الهمّ , يعلمنا الجرجاني في تعريفاته أن الهمّ هو "عقد القلب على فعل شيئ قبل أن يفعل , من خير أو شر " فهو إذن نية الفعل وقصده .
وقد رأى أبو البقاء في الكليات إن " الهمّ دواعي الإنسان إلى الفعل من خير وشر . والدواعي على مراتب هي السانح , ثم الخاطر , ثم الفكر , ثم الإرادة , ثم الهمّ , ثم العزم فالهمّ اجتماع النفس على الأمر , والإزماع إليه والعزم هو القصد على إمضائه " .
وعلى هذا فإن الهمّ فوق الإرادة , وهو دون العزم , بل هو أول العزم .
إذن الهمّ والشعور به هو أول العزم على الفعل , وعلى هذا فإننا كلما شعرنا بالهموم كلما اقتربنا من الفعل والتغيير , وعلى هذا فإن هموم الأمة العربية والإسلامية هي أول العزم , وبداية العمل والتغيير . والآن ما هو رأيكم بهذا الكلام ؟