السلام عليكم

أستاذ سامي بداية أذكّرك بالقول السائر صديقك من صدقك , لذلك فأرجو أن تعتبر أن كل نقد أو تساؤل أقدّمه هنا منطلق من هذه المقولة .


بدأت قصيدتك بكلمة نوّراتي والنوارة كما نعلم هي الوردة أو الزهرة البيضاء , هذه النوّارة ينتظر القارئ أن يصفها الشاعر بما يناسب الأزهار من تفتح وحياة ونعومة ولكن الشاعر يصفها باللحن الذي يطغى على صوت البلابل والحمائم وهنا أرى هذا التشبيه ليس موفّقاً .
وقد تقول أن هذا من الخيال والتشبيه وأقول أن الخيال ينتج عن الشعور والإحساس هذا الإحساس والشعور يأتي من نظرة الشاعر لما يراه وأثر هذا الشيء في نفسه , وبالتالي فإنه لن يشعر بالتأثير البعيد أو غير المتوقع , بينما لا يشعر بالتأثير المباشر الذي تبعثه كلمة نوارتي في النفس .

يتوقع القارئ أنّ الشاعر يتحدث عن حبيبته ومن ثم يعرف أن هذه الحبيبة ما هي إلا الوطن والأمة
وهنا تناقض وقع فيه الشاعر فهو يقول في بداية القصيدة

نَوَّارتي نَوَّارَتي
ذِكراكِ يا نوَّارتي لَحنٌ بأَوتارِ السَحَرْ

كلمة ذكراك توحي للقارئ أن هذه الحبيبة قد مضت وانتهت ولم يبق منها إلا الذكرى , ثم يقول في مقطع آخر

مازلتِ يانوَّارتي أحْلى المناظرِ والصورْ
لُغةٌ بها أحلى خَبَرْ
فلْتَسْلَمِي نوَّارتي
ولْتَهْنَئي نوَّارتي
ولْتَسعَدي بَينَ البَشَرْ

فهنا مازالت لم تنته , إذاً هي ليست ذكرى إنما أفهم أن الشاعر أراد أن يقول ذكر وليس ذكرى .
ونجد أيضاً أن الشاعر يقول في مقطع ذكراك ثم يقول بعده مازلت وهذا يشعر بالتناقض.

وكذلك عندما قال :

كم كنت أسْهَر بين أحرُفِك الرطيبةِ
باشتياقْ
كم كنت أغرقُ بين أعماقِ المعِين
إلى الجبين
ما أفصحَ العشقََ الذي
يشتاقُ للفصحى ويحتضنُ البديعْ

وهنا نتساءل هل أقلعت عن هذا ؟ فأنت الآن لا تسهر بين أحرفها الرطيبة باشتياق؟ أم أنها لم تعد ذاك المعين ؟

هناك كلمات استخدمها الشاعر كأنما أراد بها تعريفنا بمقدرته على صوغ الصور والتشابيه دون أن ندرك الرابط بين هذه الأمور فبالإضافة إلى النوارة واللحن هناك البحر الذي يقذف بالمحار لينير أعناق الزهر , أين التناسق والمناسبة في التشبيه؟

أكتفي بهذا النقد ولكنني أريد أن أشيد ببعض الجمل التي حملت صوراً جميلة متقنة مثل قول الشاعر:

مازلت ثلجا ضَمَّ وجه الأرض يلثم خدها
ويذوب رقراقا ربيعيا
على أنهارها

رغم تحفظي على كلمة ضمّ ولكن التعبير ويذوب رقراقاً ربيعياً على أنهارها هو تعبير غاية بالجمال والروعة
وهناك تعبير آخر جميل وهو قول الشاعر
يا رَوعَةَ الألحان
سابحةً بأجْواءِ السماءِ...

أستاذ سامي أرجو أن تقبل نقدي وما هو إلا وجهة نظر مني قد تجد فيها بعض الحق وقد يكون لك رأي آخر وبالنهاية فالهدف واحد وهو الوصول للأفضل والأجمل والأكمل
لك تحياتي