السلام عليكم

الأخت سارة , أعتقد أنك بذائقتك الأدبية لمست جمال القصيدة وحسن سبكها
وأعتقد أيضاً أنها تستحق اهتماماً وعناية فالدكتورة نورا قد أجادت الوصف , وأتقنت الوزن , وكما قال ابن أبي عتيق : " أشعر قريش من دق معناه، ولطف مدخله، وسهل مخرجه، ومتن حشوه، وتعطفت حواشيه، وأنارت معانيه، وأعرب عن حاجته."
والدكتورة نورا استطاعت بسهولة ألفاظها وصدق مشاعرها إمتاعنا بقصيدتها البعيدة عن التكلف والتصنّع , أما قرأت قولها :

واليوم جفناكِ محمـرٌ غشاؤهمـا
ودرء سيلهما – لا شكّ – أوهـامُ

وللشفـاه استـدارات لأسفلـهـا
عهدي بثغـرك إذ ألقـاك بسـامُ

لا تنفِيـنّ اختلاجـات مـوكـدةً
فـإن وجهـك بالإحسـاس نمّـامُ

قولي إذن ما الذي تشكين سيدتـي
هل غادر الحيّ أخوالٌ وأعمـامُ؟

أم الحبيب الـذي أمّلـت مقدمـه
تأخرت بهِ عـن لقيـاك أيـامُ ؟

فقد أحسنت الدخول في الموضوع واستطاعت إظهار عاطفتها وحزنها لفراق أستاذها الكريم , ثم أكملت القصيدة بذكر صفات أستاذها الذي يستحق كل إجلال وإكبار فقالت :
أتيتَ والبيـد لا مـاء ولا شجـرٌ
وها هـي اليـومَ جنـاتٌ وآكـامُ

والروح من دون علم محضُ قاحلةٍ
وفـي علومـكَ إحيـاءٌ وإلهـامُ

يا باعث الفكر دم للفكـر ترفـده
فقد تجافى عـن التفكيـر أقـوامُ

أنصابهم عندهم مجدٌ بـه فخـروا
ودرب نهجـهـم لـلـعـزّ أزلامُ

الله أكبـر، بالتفكـيـر مـؤذنـةً
نعم النداء بـه قـد جـاء إسـلامُ

إن ترتحل فهي فينا غير راحلـةٍ
غرستها ووعتهـا اليـومَ أفهـامُ

فهو من غرس بذرة العلم في النفوس حتى نبتت وأثمرت .

ثم أنهت القصيدة بما أراه من غرس أستاذها في نفسها ونفس زميلاتها , وهو الإيمان بوحدة بلاد الإسلام فقالت :

ما بين جدّة والفسطـاط متصـلٌ
وليـس يفصلـه حـدٌّ وأوهــامُ

دار العروبـة والإسـلام واحـدةٌ
فما الحجازُ وما مصرٌ وما الشـامُ


واختارت الشاعرة وزناً جميلاً هو البسيط , وكما تعلمين فقد سميّ هذا البحر بسيطاً لانبساطه وهو بحر رقيق يناسب مشاعر الحزن الذي تشعر به الشاعرة بسبب نية أستاذها مغادرتهم
وكانت القافية منتهية بحرف الميم الذي قال عنه بعضهم إنه حرف للإنجماع وفيه ليونة ومرونة وتماسك مع شيء من الحرارة.
فكانت هذه القصيدة الجميلة التي أراى جمالها في بساطتها وصدقها