اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة (د. ضياء الدين الجماس) مشاهدة المشاركة
[b]

وأما بالنسبة لتحليل م/ع فسأطرح السؤال التالي :
البيت الأول لن أغير فيه شيئاً. فيكون م/ع فيه 5 / 2 = 2.5
ولثغرك الفتان إن نطق الهوى
م/ ع = 3* 3* 2* 2 3* 3* 3 = 5 / 2
ولكن لو غير الشاعر ألفاظه في الشطر الثاني وأتى بمعنى الاسترخاء ذاته فقال :
تمحى الجراح ، ولاضمحلَّتْ وحْشَتي ، نجد أن استنتاج م /ع فيه
م/ع = 2* 2* 3 1 3* 3* 2* 2* 3 = 6 /2 = 3
فمعنى الاطمئنان والاسترخاء ذاته ، ولكن انفعال العاطفة حسب المؤشر أعلى من البيت الأول فكيف يكون التفسير.؟
وهل معنى ذلك أن على الشاعر أن يختار الألفاظ بين الساكن والمتحرك ليعبر عن عاطفته ؟
شكراً جزيلاً لك وللأستاذ خشان على تعليمنا أصول التفكير والبحث حسب المعطيات من مؤشر م/ع..
جزاكم الله خيراً نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي
[/font]
أخي واستاذي الكريم

الفائدة في الرقمي جاءت غالبا من نقده، أكثر مما هي من تأييده، ذات الأمر ينطبق على تمحيصك لفكرة م/ع.
مكر مفر مقبل مدبر معا = 3* 2* 3* 2* 2* 3* 2* 3* 3 * ... م/ع = 9/ 0 = 18 اصطلاحا
هَجومٍ هَروبٍ إن أتى وإذا سعى = 3 2* 3 2* 2* 3 1 3 3 ......م/ع = 3/ 5 = 0,6

المعنى واحد والمؤشران مختلفان فأين دلالة م/ع

م/ع أداة تحليل لا أداة إنشاء
امرؤ القيس قال البيت الأول لتفاعله الحق مع بيئته ولغته وشاعريته فجاء كما رأيت من حيث م/ع
ولو جاء المعنى ذاته بالصياغة الثانية لكان غالبا صادرا عن ابن مدينة تعلم اللغة وأتقنها وألف الحياة العصرية والجلوس ساعات في أجواء مكيفة يشاهد في التلفاز سباق الخيول ومعارك المسلسلات البدوية، لكنه لم يركب حصانا في حياته.
ولكن ابتسار هذا المتباين مع بيت امرئ القيس فيما يخص االغة لا يخلو من دلالة
هجومٍ هروبٍ كلمتان صحيحتان قياسا وربما صحيحتان بإطلاق، ولكن التعبير فيهما منصرف إلى مجرد معنى الهجوم والهرب، وتمتاز عنهما مكر مفر بأنهما جمعتا إلى جانب معنى الهجوم والتولي التركيز على الحركة الدالة على السرعة.
ثم انظر أثر الصناعة في القول " إن أتى وإذا سعا " فإن الكلمتين ( أتى ، سعى ) هما مكونا البنية ألأساس في البيت ويحتاجان الرابطين ( 2، 3) وهذان يلائمهما
( إن ، إذا ) والبنية سليمة لغويا ولكنها خلاف الأوْلى، فلو كان الشاعر ناثرا لقال ( إذا أتى وإذا سعى ) أو ( إن أتى وإن سعا )، ولا يخفى عليك قلق قصر الفعل (سعى) على الدلالة عن التولّي أو الهرب وهو في الأصل دال على كل اتجاه.
***

لنأخذ البيت الذي أتيت به مباينا لقول أستاذتنا مع اتحاد المعنى

النص الأصيل : تُمحَى جراحي في البعادِ ووحْشَتي
النص البديل : تمحى الجراح ، ولاضمحلَّتْ وحْشَتي


الأول قول شاعرة عايشت أحاسيسها فجاء الكلام معبرا
الثاني قول شاعر أراد بناء معنى مواز لغرض حواري بعيدا عن مشاعر الشاعرة
تمحى جراحي ، تمحى الجراح ، في الاثنين معنى الشفاء، ولكن ياء المتكلم في تعبير الشاعرة ( جراحي ) تشي برقة إضافية غابت عن تعبير الشاعر في(الجراح)
ثم جاء تركيز الشاعرة في بيتها على امحاء الجراح ، والباقي في قولها ( في البعاد ووحشتي ) تفصيل تابع له متسم بطابعه.
وفي قول الشاعر ( ولاضمحلّت وحشتي) إبراز لجانب آخر أكثر استقلالا عن الجراح وكأنما معنى الوحشة مقصود لذاته . وربما ساعد في ذلك إضافة لناحية المعنى الفرق بين اللفظين المتداخلين عروضيا ( في البعاد ) و ( لاضمحلت) وطأة حرف الضاد.
ثم أرى الشاعر هنا وقد جاء نظمه بقصد مرتبط بمشروع إنشائي للمعنى بقصد خارج عنه متعلق ب م/ع قد جاء بتركيب لغوي سليم ظاهريا لكنه قلق، فاضمحلّ فعل يغلب عليه الاستعمال مع المادة لا مع المشاعر.
بحثت عنه في الموسوعة في الشعر الأموي فوجدت أول خمسة أبيات :
كثير عزة :
لَكَالمُرتَجي ظِلَّ الغَمامَةِ كُلَّما .. ..... تَـبَـوَّأَ مِنها لِلمَقيلِ اِضمَحَلَّتِ
الفرزدق :
غَـداةَ اِضـمَـحَـلَّت قَيسُ عَيلانَ إِذ دَعا ....كَـمـا يَـضـمَـحِـلُّ الآلُ فَـوقَ المَـخارِمِ
ذو الرمة :
إِذا لَعِـبَـت بُـهـمـى مَـطارِ فَواحِفٍ ......كَـلِعـبِ الجَـواري وَاِضـمَحَلَّت ثَمائِلُه

وللحسين بن علي
إذا بَلَغَ المُراد عُلاً وَعِزّاً ..... تَــوَلّى وَاِضـمَـحَـلَّ مَـعَ البَـلاغِ

وللصمة القشيري:
ولكــنــمـا الدنـيـا كـفـئ غـمـامـةٍ ....أظــلت بــغــيــمٍ ســاعــةً واضــمــحــلت

ولعلك سائلي لماذا قصرت ذلك على الشعرر الأموي؟
وجدت المعنى لدى بعض شعراء العصر الحديث منصرفا إلى المعنى على النحو الذي ذهبتَ إليه ، فقد جاء في أول خمسة أبيات في الموسوعة ما يدل على اضمحلال معنى في بيتين أو ثلاثة وهي قول:
محمد شهاب الدين
وإذا دعـــا وتـــحــدى والتـرهـات اضـمـحلت

أحمد شوقي :
إِذا الثِقَةُ اِضمَحَلَّت بَينَ قَومٍ تَمَزَّقَتِ الرَوابِطُ وَالصِلاتُ.

ولولي الدين يكن :
سيذكره السلام إذا اضمحلت .... قواعده وكاد بها يميل.

ورغم أن هذه الأمثلة قد تدعم وجهة نظرك لكنني وقد ألفيت هذا الفارق بين القديم والحديث أحببت أن أذكره للفائدة، على تواضع ما فيه من دعم لوجهة نظري.

وثمة نقطة أخيرة ، أنظر إلى انسجام التركيب اللغوي ظلا لتعبيره المباشر عن المعنى في كلام الشاعرة
تمحى جراحي ووحشتي ، الفعل واحد ثم جاء عطف جراحي على وحشتي سلسا

أنظر إلى قولك :
تمحى الجراح ، ولاضمحلَّتْ وحْشَتي
فلو كنت ناثر لقلتَ
تمحى الجراح وتضمحل الوحشة، وهذا تركيب سلس
لامّحت جراحي ولاضمحلّت وحشتي ، تركيب سلس كذلك

ولكن القلق ناجم عن ظلال الاعتبارات التالية رغم السلامة الرسمية للغة
1- (تُمحى ، ولاضمحلت) ، عطف مبني للمعلوم على مبني للمجهول
2- (تُمحى ، ولاضمحلت) المعطوف عليه بدون لام والمعطوف بلام
3- (الجراح ، وحشتي ) عطف مضاف غير معرف إلى معرف غيرمضاف

وما جعلك تختار هذه الصياغة إلا قصد تبيان إشكال م/ع وقد وفقتَ في ذلك مقابل ثمن دفعته في اصطناع خاص للغة والتعبير لخجمة الهجف، والشاعرة اختارت صياغتها بقصد التعبير التلقائي المباشر عن مشاعرها وقد وفقت هي الأخرى في ذلك دون أن تدفع ثمنا. بل جنت ربحا هو هذا الانسجام والتوافيق بين اللغة والمشاعر.
استمعت بحوارك، وأتمنى أن تستمر ناقدا ممحصا ففي ذلك الفائدة لنا جميعا.
أكتل وأنا أستعد للسفر ولكم متعة الحوار مع أستاذي الفاضل جعلته أولوية.

حفظك ربي ورعاك.