بسم الله الرحمن الرحيم

معجزة الكلى
د.ضياء الدين الجماس

في الجسم مُعجزةٌ للسُّمِّ غربال... يصفو بها دمنا والخَلْطُ والحالُ
في هذا البيت إشارة لمعجزة إلهية تظهر في خلقه وهي جهاز الكلية ذو الحجم الصغير (بحجم الجوزة أو أكبر قليلاً) ويقوم بوظائف هائلة، يلزم لأدائها عشرات الأجهزة الضخمة التي تنوء عشرات الرجال عن حملها ، فكيف بعضو لحمي صغير يقوم بها جميعاً وفق حسابات دقيقة تعجز أضخم وأدق الحاسبات عن القيام بها.
كما يشير البيت إلى أول وظيفة أساسية للكلية وهي تصفية الدم وأخلاط الجسم من النفايات الاستقلابية (اليوريا والكرياتينين) ، ونفايات الأدوية والمواد الغريبة والسموم التي يمكنها أن تدخل الجسم. وبهذه التنقية يرتاح حال الجسم والنفس.

توازن الماء والأخلاط ديدنها.... "باهاء" ثابتة للضبط مكيال
يشير هذا البيت إلى عمليات التوازن التي تحافظ عليها الكلية ومنها المحافظة على حجم ثابت لماء الجسم في الأوعية والأنسجة بحيث تطرح الزائد على شكل بول تنحل فيه النفايات التي تمر بعملية التصفية التي أشار إليها البيت الأول. ومن توازن الأخلاط ضبط مقادير الأيونات المعدنية كالصوديوم والكالسيوم والكلور... وضبط درجة باهاء الدم بحيث يبقى ثابتاً بحدود 7.4 . ولو زادت هذه الدرجة أو نقصت لهددت حياة الإنسان.

للضغط ضابطة والقلب يشكرها... في أمرها لنقيِّ العظم مرسال
وهنا إشارة لوظيفة ضبط الضغط الشرياني بحدوده الطبيعية (130/ 80)عن طريق إفراز هرمون الرينين الرافع للضغط فيما لو نزل الضغط. وبضبط الضغط يرتاح القلب فيشكر الكلية على ذلك لما فيه راحته.وفي الشطر الثاني إشارة لوظيفة تحريض النقي العظمي (صانع الكريات الحمراء) على إنتاج الكريات الحمراء بوساطة هرمون الإريثروبويتين كمرسال ترسله الكلية عبر الدم طالباً مزيد الإنتاج عندما ينقص عدد الكريات الحمراء في الدم.

"أنتج لنا وافراً والحمر مطلبنا" ... يطيعها صاغراً بالحمر ينثال
في هذا البيت توضيح لفعل الهرمون الكلوي المحرض لإنتاج الدم من النقي واستجابة النقي الطبيعي لهذا الأمر.

و"الدال" تنتجه حتى يقوِّمنا .... في العظم حاجته والكلس جوال
في هذا البيت إشارة إلى إنتاج الكلية لفيتامين (د) الضروري لامتصاص الكالسيوم من الطعام في الأمعاء ، ونقله عن طريق الدم مضبطاً حتى يصل إلى العظام فيساعد على ترسيبه فيها مقويا لبنيتها الكلسية المتينة ، وبدونه يحصل تخلخل العظام.

تقومُ في عمل جلَّت منافعه ... في وصفها سُطرت صُحْفٌ وأقوال
فهذه الكلية الصغيرة الحجم تقوم بعمل ، بل أعمال تتوقف عليها الحياة الصحية الجيدة ، بل أصبح علم الكلية تخصصاً قائماً بذاته كتبت فيه موسوعات هائلة.
واسم الإله تجلى طاهراً أبداً.... في كُلْيَةٍ سَبحت بالذكر تنهال
في الشطر الأول إشارة للقارئ إلى أهمية التعرف على أسماء هذا الخالق (خالق الكلية) سبحانه وتعالى ، فمن هذه الخلقة ستعرفه طاهراً مطهراً طهوراً.. عالماً عليماً سريع الحساب... والكلية بذاتها تسبح في فضله سبحانه وتعالي وتقوم بعملها طائعة راضية وهي تسبِّح بذكره وبحمده بإمدادها بالدم والطاقة الكافية لها.
(تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا -الإسراء44)

والحمد لله رب العالمين