يقول الدكتور عمر خلوف " ومن منهج الخليل في دوائره أن يجمع في الدائرة الواحدة السياقات الإيقاعية المتضادة، بل والمتنافرة، بناءً على اشتراكها الجزئي في التسلسل الحركي لمكوناتها."
أرى في هذا القول اقترابا من نقطة تصلح لتكون مبدأ مشتركا متفقا عليه بين وجهة نظر الدكتور عمر ووجهة نظر الأستاذ خشان في الحوار الدائر حول منهجية الخليل . فما يعيبه الدكتور عمر من الاعتماد على التسلسل الحركي المشترك - وإن جزئيا - بين مكونات البحور في الدائرة للجمع بين إيقاعات متضادة أو متنافرة هو عين ما نمتدحه في منهجية الخليل كأساس للجمع بين هذه الإيقاعات .وهو ما يستحق تسميته بالتكامل في الجمع بين البحور ذات المكونات الإيقاعية المشتركة في التسلسل المقطعي .
إن عملية التدوير التي تمسح التسلسل المقطعي في بحور الدائرة مع تغيير نقطة الانطلاق بشكل متقدم و منتظم ليكون البدء من المقطع الأول في البحر الأول ثم من المقطع الثاني في البحر الثاني ثم من المقطع الثالث في البحر الثالث وهكذا . . فهذه في الحقيقة عملية مسح وجرد محكمة وشاملة يتم فيها التدوير داخل الدائرة للانتقال من بحر إلى آخر . .ومن درس العروض الرقمي سيتوقف طويلا ليتأمل تدريبات اشتقاق إيقاع بحر من آخر من بحور الدائرة الواحدة أو ما قاربه من إيقاعات دائرة أخرى . والمقصود من هذا الشرح لفت النظر إلى الصلات الإيقاعية العميقة التي تربط بين بحور الدائرة الواحدة بحيث أن أحدها قابل للاشتقاق من الآخر فكيف يصفها الدكتور عمر خلوف بالمتضادة والمتنافرة ؟
هذا الوصف غير الموضوعي يدل على تقييم غير موضوعي يتعامل مع البحور في كل دائرة من دوائر الخليل بوصفها مجموعة من البحور موضوعة معا في ( كيس أو حقيبة ) ليس إلا . . ولعل فكرة الرف التي ذكرها الأستاذ سليمان توهم بالاعتناء بمبدأ الترتيب في موقع الرف أو الدائرة من قبل الدكتور عمر إلا أن الاستغناء عن أهمية هذا الموقع يبدو واضحا في عدم الاهتمام بتأثير موقع الدائرة في ترتيب محتوياتها وبالتالي فهو قادر على وصف بحورها بالبحور المتضادة أو المتنافرة . وهذا ما يفسر وصفه للدوائر عموما بالمرقعانية .
أنا أستغرب بحق هذه النظرة الموضعية المجتزأة المحدودة التي لم تلاحظ وشائج الاتصال البنيوي بين الدوائر من جهة وبين البحور في كل دائرة من جهة ثانية .
دوائر الخليل عمل منهجي شامل متكامل .وليس من الإنصاف بمكان أن يتم فصم عرى الدوائر بعضها عن بعض ثم تقييم ما أنجزته كل دائرة من تنسيق مطرد متكامل لبحورها وهي منفصلة ودون النظر إلى التأثير العميق لنظام تناوب المحاور في بنية إيقاعاتها المتكاملة . إن هذا الفصل بين الدوائر ناجم عن إلغاء أهمية الأعمدة أو المحاور التي يقوم عليها هيكل البنيان الكامل وإن إلغاء أهمية المحاور الإثناعشر بترتيبها التناوبي يعني طمس الروابط الأساسية التي تجعل تنظيم دائرة ما قاعدة لتنظيم التي تليها على الأقل عبر الدوائر الأربعة الأولى .
فلدي الآن ثلاثة أسئلة أبحث فيها في ظلال أعمدة الدوائر التي لم يعرها الدكتور عمر أية أهمية :
السؤال الأول : هل يتسم منهج الخليل وفقا لدوائره بالتكامل أم بالترقيعية ؟
السؤال الثاني : هل دوائر الخليل تأصيل للذائقة العربية أم لا ؟
السؤال الثالث : هل تجارب التجديد الناجحة في وزن الشعر تمثل خروجا عن الذائقة العربية ؟
المفضلات