هذه ( الغريزة الجديدة) بدورها تغير كثيرا من المحيط الذي تتم فيه برمجة الأدمغة الناشئة، وفي العصور المبكرة للتطور البشري كان على هذه الغرائز ( التي لا بد وأن الكلام كان واحدا منها) أن تنتظر استكمال تطورها، بينما قام الاختيار الجنسي بإنشاء الدائرة اللفظية (vocal circuitry) في قشرة ةالدماغ، وقد تمكنا فيما بعد من استعمال تقنياتنا التي تطلبت وقتا أقل لتتطور كنوع إضافي من النظام العصبي الخارجي.
إن الكتاب نوع من شرائح الذاكرة التي نوصلها بدماغنا.
إن إحدى أكثر الافتراضات إثارة في علم الدماغ الحديث هي أن الدماغ يعمل بتخصص نصفي ( نصف كروي)، وهنا لا بد من بعض التمييز المهم.
ثمّة اعتراضات منطقية مهمة على وجهة النظر الشائعة القائلة بأن الجهة اليمنى من الدماغ عاطفية بينما الجهة اليسرى منطقية، وأنه لما كانت القدرات الفنية عاطفية فإن موضعها هو الجهة اليممنى. كلا جانبي الدماغ قادر على العملية المنطقية (rational calculation ). فمن المؤكد أن من المنطق النظر إلى برهان هندسي وهو إحدى مهام الجهة اليمنى معادلا لتحليل معطى منطقي يفترض أن تقوم به الجهة اليسرى. وكلا جانبي الدماغ له نفس الاستجابة لكيماويات الدماغ، وهكذا يصح القول بمعنى تقريبي (فج) بأن كليهما عاطفي.
قد يكون الجانب الأيمن أفضل أداءً في التعرف على العواطف والتبليغ عنها. وهذه القدرة معرفية فحسب، ولا تشمل بالضرورة الحكم على أنها تشعر بالعواطف أكثر أو أقل من الجهة اليسرى. وقبل كل شيء فإن الفن نشاط منطقي بقدر ما هو عاطفي، ولهذا فإن افتراض أن الفن من اختصاص الجهة اليمنى "العاطفية" نتيجة سوء فهم لطبيعة الفن. وتبدو جري ليفي (Jerre Levy ) أكثر وجاهة في قولها بعلاقةِ تكامليةِ القدرات بين الجانبين.فلها القول بالغ الحكمة بأن الدماغ الأيسر يصوغ المعرفة المكانية بنظام زمني، بينما يقوم الدماغ الأيمن بصياغة المعرفة الزمانية بنظام مكاني. وبمعنى من المعاني فإن الإدراك يتكون بشكل كبير من الترجمة المتبادلة في اتجاهي الزماني والمكاني منتجا معرفة مجسمة عميقة. وفي رأيها فإن "الدماغان" يتبادلان معالجة المعلومات بإيقاع تقرره الحالة العامة للدماغ، فيمرران المعلومات بينهما.
إن حقيقة أن الموسيقيين الخبراء يستعملون دماغهم الأيسر بقدر استعمالهم لدماغهم الأيمن في الاستماع للموسيقى يظهر أن فهم الموسيقى يتم بالتعاون بين "الدماغين". حيث تتم ترجمة الموسيقى أولا من تتابع زمني إلى شكل فراغي ثم قراءتها كما كانت في صيغتها الزمنية، يرى بيولجي الأعصاب جنثر باومجارتنر ( Gunther Baumgartner) بأن دماغ الناصية يقوم بالتنسيق بين مهام اليمين واليسار، وأننا في هذه العملية التكاملية نجد القدرات الإبداعية للدماغ. سواء كانت علمية أو فنية.

أما من مساعد في هذه الترجمة ؟