ولو تجاوز المسلمون وقبلوا تسمية القرآن شعرا لكان ذلك إقرارا بعدم وجود الوحي، ومن هنا جاءت أهمية تحديد تعريف الشعر وتحديد قالبه. إلى هذه الدرجة تبلغ أهمية دقة التعبير لينسجم مع الخط الفكري العام لأمة من الأمم.
نعم أستاي خشان ،كل أمة تنطلق من ثوابتها و موروثها الثقافي الأخلاقي ، الديني ، لتحدد وتبلور المفاهيم و المصطلحات الخاصة بها وذلك حتى لا يكون هناك أدنى تناقض بين هذه الأخيرة و الثوابت ،
وقليل من الناس من يدرك حجم النتائج الفادحة حال تناقض المصطلح و الثابت في أمة ما ،
ولعل الإمام أحمد رحمة االله عليه ، آثر السجن و العذاب على القول بخلق القرآن الكريم ، لما يعلم من مصائب عقدية تترتب على هذا التعريف الخطير ، أقلها أن يقول قائل إذا كان القرآن الكريم مخلوقا بشهادة العلماء الكبار ، فإن المنطق يقول إن كل مخلوق له بداية ونهاية ، والقرآن مخلوق كذلك وعليه فالقرآن ما دام مخلوقا كباقي المخلوقات فهو غير صالح لكل زمان ومكان وإنما كان صالحا في وقت نزوله ، ولم يعد اليوم كذلك ، وهذا الكلام الفاسد كما ترى إنما هو نتيجة مصطلح يتنافى ومعتقدات الأمة ،
رحم الله الإمام أحمد رحمة واسعة ،

ويخطر ببالي سؤال :" حدد المسلمون الشعر شكلا بأنه ما قصد الشاعر قوله وأقله بيتان يلتزم فيها العروض والقافية. وهذاالتعريف يخرج الموافقات العرضية بين بعض مقاطع القرآن الكريم والشعر في شطر أو بيت من شبهة كون القرآن شعرا.
هذه الفقرة تضيف شرطا آخر لتعريف الشعر ، ألا وهو النية والقصد وقد أضافه علماء الامة وأدباؤها المعتبرون ، ذلك ليُخرجوا كل الأبيات الواردة في القرآن الكريم وتلك التي خرجت من في الرسول صلى الله عليه وسلم من غير أن يقصد بها الشعر كقوله ، فداه أبي وأمي وولدي :
أنا النبي لا كذب /// أنا ابن عبد المطلب
وقوله عليه الصلاة والسلام :
هل أنت إلا أصبع دميت // وفي سبيل الله ما لقيت
كل ذلك ليخرجو ا كل قول يوافق الشعر - وزنا - عن جنس الشعر سواء كان قول النبي صلى الله عليه وسلم أو قرآنا أو حتى كلام أي إنسان ، لم يرد به الشعر أصلا ، وربما تطرق الجاحظ لهذه القضية في إحدى مؤلفاته ،

كل هذه الإضافات على تعريف حد الشعر حتى لا يتعارض و عقيدتنا التي تقول بأن القرآن ليس بشعر والرسول ليس بشاعر ، والكلام الجاري مجرى الشعر عفوا بغير قصد هو كذلك ليس شعرا ، ولله أعلى وأعلم ،
وخلاصة الكلام إن المصطلح يظل متها حتى تثبت براءته ،
ولأمر ما عندنا في المغرب تـُدعى "عايشة قنديشة " كل روح شريرة .
أليست عاشة هي أم المؤمنين رضي الله عنها ؟

تحياتي أستاذي الكريم