شَكوَى وَرَجَاء

سَالَتْ علَى الخَدِّ مَدامِعُهُ = لَمَّا رَأى خِلًّا بمُضَّطرِمِ
لَمْ يستَطِعْ دَرْءَ الرَّدَى فَبَكَى = وَ القَهْرُ أَدمَى القَلبَ بالنَّدَمِ
فَالقَيدُ في سَاقٍ ، وَ فِي عُنُقٍ = وَ البِشْرُ يَعلُو وَجْهَ مُنْتَقِمِ
لَو فِي الكَرَى نَامَتْ هَوَاجِسُهُ = زَمْزَمَةُ الأَشجَانِ لَمْ تَنَمِ
فنَظرَةٌ بالصَّمتِ وَاجِفَةٌ = وَ لَحظَةُ الوَدَاعِ كَالوَهَمِ
صَاحَتْ مِنَ الهَولِ مَوَاجِعُهُ = وَ ذكْرَياتُ القُربِ كالحُلُمِ
بِالأَمسِ كَانَ الطَّيرُ مُبْتَهِجًا = بِأيكَةِ الخِلاَّنِ كَالرَّخَمِ
يَرنُو بِآمَالٍ إلَى قِمَمٍ = وَ الدَّوحُ بَينَ الحُبِّ ، وَالنَّغَمِ
مَنْ ذَا الذِي أَفنَى مَبَاهِجَهُ = مِنَ الفَضَا للأَرضِ بِالضَّرَمِ ؟!
فَرَجفَةُ الذَّمَاءِ فِي وَهَنٍ = وَ الغَدرُ قَد أَدَلَّ بِالأَلَمِ
يَا عَينُ إبكِي أَدمُعًا ، وَ دَمًا = فَالأَمنُ وَلَّى صَارَ كالعَدَمِ
أَينَ المَفرُّ اليَومُ مِنْ عَبَثٍ = سَرَى فَأشقَى الكَونَ بالدُّهُمِ
فَالرُّوْحُ منْ شَرٍّ مُسَهَّدَةٌ = بِصَرخةِ الأَوجَاعِ وَ الغَمَمِ
وَ المَرءُ بِالأَهوَالِ مُرَتَهِنٌ = إنْ لمْ يَمُتْ فَالعَيشُ كَاليُتُمِ
إِلَامَ تَصْبُو يَا هُدَى أَمَلٍ != وَ الكَونُ يَصلَى جُذوَةَ الحِمَمِ
تَأسُو عَلَى طَيرٍ هَوَى كمَدًا = أَمْ أَنتَ تَخشَى صَولَةَ اللَّمَمِ ؟
هلْ نحْنُ أسقينَا الوُجُودَ دَمًا ؟= أمْ غَضبَةُ الْأَقدارِ بالنِّقَمِ
إِذَا الرَّدى شَابَتْ نَوَائِبُهُ = طَالَ الدُّنا بالقَهرِ ، والحَدَمِ
نَامَتْ عُيونُ الزَّهرِ نائِحةً = أَغصَانُهَا بالوَجدِ ، وَ السَّدَمِ
أَحزَانُها طَالتْ مَدَى قُنَنًا= غَدرٌ جَرَى وَ الظُلمُ كَالظُّلَمِ
زَرْعٌ سَقَاهُ الحُزْنُ في وَطَنٍ = صَرخٌ غَشَى رُوحًا بِمُنْفَحِمِ
فَاضَتْ دُمُوعُ الغَوثِ هادِرَةً = تَروِي شِعَابَ الأَرْضِ كالدِّيَمِ
بَاتَتْ طُيُورُ الأَيك ِشَارِدَةً = أَينَ الحِمَى وَ الكَونُ فِي هَدَمِ ؟
فَالحِقدُ أَعيَا مُهجَةً وَ سَرَى = وَ ارْتَحَلَ السَّلامُ لِلعَدَمِ
تَدَهْدَهَ العَدلُ لهِاويةٍ = بِهدرَةٍ كالسَّيلِ مِنْ عَرِمِ
لَمَّا اسْتَقَى الحُلمُ الرَّضيعُ رَدَى = شَكَا الوجُودُ حِدَّةَ الجُرُمِ
صَاحَتْ نُجُومُ الكَونِ مِنْ هَلَعٍ = عُدْ يَا سَليلَ المَاءِ وَ الأَدَمِ
إلى نُهُوجِ الحَقِّ منْ أَزَلٍ = فَقَد أفَاقَ الشَّرُ بِالنِّقَمِ
وَ ابكِ الوَفَا يَا قلبُ مِنْ عَتَبٍ= وَ انْعِ زَمَانَ الحُبِّ واللُّحُمِ
يَا مَنْ تقولُ : الدَّهرُ أَسكَرَنَا = جُحْدًا وَ صَارَ العَيشُ فِي وَخَمِ
دَعْ كلَّ أحدَاثٍ لخالِقهَا = وَ امْشِ إلى الخَيراتِ بِالهِمَمِ
وَاشدُدْ علَى النَّفسِ إذَا جنَحَتْ = عَنْ رَبوةِ العَدلِ إلى العَدَمِ
إذَا النُّفُوسُ بِالأَسَى غُلِبَتْ= فَالصَّبرُ يبقَ وارِفَ النِّعَمِ
فَالنَّفسُ مِرآةٌ لصَاحِبِهَا = وَالقَلبُ تَابعٌ كَمُنْفَطِمِ
وَالرُّوحُ سِرٌ عِندَ بِارِئِها =وَ العَقلُ تَاجُ الرَأسِ والفَهَمِ
فانْصُرْ بِهِ حقًّا وَ مظلَمَةً = فَالحَقُّ أمرُ (الرَّبِّ) وَ الشِّيَمِ
لَا تَسألنَّ المَرءَ نِعمَتَهُ = وَ لَا تُمَنِّ النَّفسَ بالوَهَمِ
لِتَملَأنَ الأَرضَ مِنْ أمَلٍ = يَغُرُّكَ اللَّهوُ معَ النَّغَمِ
تَعدُو إلَى الدُنيَا لتملُكَهَا =وَ الغيبُ يَسْعَى بِكَ للرَّجَمِ
تَجرِي عَلى سَاقٍ عَلَى قَدَمٍ = أَو تعتَلي الأَرجَاءَ كالعَلَمِ
لَنْ تبْلُغَ المُرادَ ، أَو قِمَمًا = إلَّا بِقَدْرٍ جَاءَ مِنْ قِسَمِ
كَمْ جنَّةٍ كَانَتْ بِمُزدَهِرِ = أَضحَتْ علَى ذِكرَى وَ منفَحِمِ
فَفِتنَةُ الدُّنيَا إِذَا ضَحِكَتْ = وَ إنْ غدَتْ بالقُربِ ، لَمْ تُسَمِ
عَهدًا وَ لَمْ تؤْتِ سِوَى عَطَبٍ = لَا فَرقَ بينَ الطِّفلِ ، وَ الهَرِمِ
وَ مَا يَلُومُ الغَدرُ نَازلَةً = أَو ينتَهي عَنْ صَولةِ الجُرُمِ
فكُنْ رَفيقَ العَزْمِ مصْطَبرًا = لَا تَرْجُ قَلبًا سِيمَ بِالصَّمَمِ
فَمَا أعَانَ الدَّمعُ صَاحِبَهُ = وَ لَا تَسَاوَى الحُوتُ بالبَلَمِ
وَ مَا بكَى لَيثٌ فَرِيسَتَهُ = أَو أَسِفَتْ رِيحٌ علَى ضَرَمِ
لَو أنتَ ذُو جَاهٍ وَ مَقدِرَةٍ = فكُنْ حَليِفَ العَدلِ بِالْحَزَمِ
وَ كُنْ جِوُارَ القَومِ في مِحَنٍ = وَ انْهَرْ دعَاوَى النَّفسِ بِالكَرَمِ
فَمَعدَنُ الرَّجُلِ شَمَائِلهُ= والصَّمتُ فيْهِ الخَيرُ عَنْ كَلِم
وَ النَّاسُ تَخشَى الأُسْدَ صَامِتَةً = وَ يَنبحُ الكَلبُ بِلا غَنَمِ
وَ احْرِصْ علَى الكِتمَانِ إنْ حَصَدَتْ = أفعَالُكَ الآمَالَ بِالنِّعَمِ
فَالمَرءُ لَا يدْري بِصَاحِبِهِ = عَيْنًا تُصِيبُ الصَخْرَ بالقَصَمِ
وَ لَا تُجَادِلْ دُونَ مَعرِفَةٍ = أَو تَدَّعي عِلمًا بِلَا قَلَمِ
وَالعِلمُ تَاجُ المَرءِ يَحْمِلُهُ = فَاسْعَ لَهُ فِي المَهدِ ، وَ الهَرِمِ
وَ اجْلِبْ عِظَاتِ الكَونِ شَاهِدَةً = علَى مَصيرِ الإِنسِ،وَ الأُمَمِ
فرِحلَةُ الأزمَانِ قَدْ حَصَدَتْ = دَهرًا طَوَى دَهرًا إلَى العَدَمِ
للهِ مَا يَرَاهُ مِنْ سَبَبٍ = وَ الْأَمرُ لَا يخلُو مِنَ الحِكَمِ
إِذَا نَسِيتَ الحَقَّ تَطلُبُهُ = فَقَد هَوىَ الحَقُّ وَ لَم يَلُمِ
فَكُنْ سَدَيدَ الرَّأي مُعتدِلاً = وَ كُنْ نَصِيرَ الحَقِّ ، كَالبُهَمِ
حِينَ الوَغَى تَصُولُ مُقتَدِرًا = أَو مِثلَ لَيثٍ هَمَّ بِالغَنَمِ
لَا تدْعُ غَيرَ( اللهِ) مُؤتمِلاً = (رَبِّ )الوَرَى ، وَ الخَلقِ كُلِّهمِ
فَمَا يُجيرُ العَبدَ منْ مِحَنٍ = إلَّا هُوَ الرَّحمَنُ ذُو الكَرَمِ
لَا تَعْتقدْ نَيلَ المُنى بيِدٍ = لكنِّهَا بالكَّدِ ، وَ الحِلَّمِ
هَادِنْ صُرُوفَ الدَّهرِ مُصْطَبرًا = وَ كُنْ مَعَ النَّاسِ بِلَا سَأَمِ
بِلَا نفَاقٍ يشتَرِي ذِممًا = إنَّ المُنافِقينَ في حِمَمِ
إِنْ قَدَّرَ اللهُ البَلَاءَ فَلَا= تَجزَعْ ، سَيمحُو الضُّرَّ بالنِّعَمِ
وَلَا تَنمْ والصَّدرُ في كُرَبٍ = وَ افزَعْ إلَى الأيَّامِ بِالهِمَمِ
فَمَا أجَابَ الحُزْنُ رَاهِبَهُ = وَ لَا أعَادَ اللَّيلَ مِنْ غَسَمِ
لَا تَحسَبَنَ الخَيرَ فِي كَنَزٍ = أنعِمْ عَطَا اللهِ إلَى اليُتُمِ
خُذْ عِبرةً مِمَّ جَرى وَ خَلا = بِالكونِ ، وَ اتبَعْ رَغبةَ العَمَمِ
وَ اجْنحْ إلَى الحُبِّ ، وَ فِطرَتِهِ = وَصُنْ بهِ الدُّرُوبَ مِنْ هَدَمِ
كَمْ مِنْ قُلُوبٍ فِي مَوَاجِعِهَا = لَمْ تَلقَ غَيرَ النُّوْحِ ، وَ النَّدَمِ
كَمْ مِنْ نُفُوسٍ في مَبَاهِجِهَا = لَمْ تَدرِ عَنْ دَمعٍ ، وَ عَنْ ألَمِ
كُلٌ بنَهجٍ يَلتَقي قَدَرًا = بَينَ النَّوى ، أَو بَهجةِ النِّعَمِ
وَ الكَونُ يَمضِي حَامِلاً عَجَبًا = بينَ الرِّضَا ، أَو سَيفِ منْتَقِمِ
قَدْ يَشتَفِي جُرحًا ، وَ نَازِلةً = أَو يَبتَلي أَفرَاحَ بِالهَزَمِ
هَلْ يَملكُ الزِمامَ مُرتجفٌ = أو تُشرقُ الشُّمُوسُ في العَتَمِ ؟!
أَيَحفظٌ الذِمامَ مُرتَهنٌ ؟!= وَ هَل تسَاوى العَدلُ بالدُّهُمِ ؟!
إِذَا الدُّنَا حَلَّتْ غَوائلُهَا = أَلقَتْ بجَارِ العِزِّ مِنْ أُطُمِ
وَ مَا اسْتدَامَ المُلكُ في زَمَنٍ = أو خُلِّدَ امْرءٌ علَى الأَدَمِ
فَالعُمرُ مَهمَا سَامَ راغِبَهُ = -بالخُلدِ- جَاءَ المَوتُ بالحَتَمِ
وَ الرُّوحُ إذْ تَهْوي حشَاشَتُهَا = وَ القَومُ في شَجْوٍ ، وَ في وَجَمِ
لَا يستَطيعُ الإِنسُ مُجْتَمِعًا= رَجْعًا لهَا بِالمَالِ ، وَ الحَشَمِ
بِالجاهِ ، وَ الأَنسَابِ إنْ عظُمَتْ = أَو دَعوةٍ باللِّينِ ، وَ الكَلِمِ
فسِّرُهَا بِأَمرِ خالِقهَا = (رَبِّ) الوُجُودِ (الحَقِّ) وَ (الحَكَمِ)
قَد أنزَلَ الأَديانَ قَاطبةً = وَ أنبيَاءَ الهَدْي في الأُمَمِ
لِينْذِرُوا الأَنَامَ مَوعِدَهمْ = يَومَ اللِّقاءِ العَدلِ ، وَ الحَسَمِ
فَاهْرَعْ إلَى( اللهِ) تَجِدْ أمَلاً = في العتْقِ مِنْ نَارٍ، وَ منْ نَدَمِ
وَ اتْبعْ دُروبَ( الرَّبِ) مُهتَدِيًا = تَحْصِدْ جَمالَ الرُّوحِ ، وَ العِصَمِ
فِي شِرعةٍ بِالحقِّ قَد سطَعَتْ = فِي كُلِّ نَهجٍ صَوبَ مُغْتَنِمِ
وَ الجَأْ إلَى (المَولَى) وَ فِطرتِهِ = حَيثُ الهُدى كَالنُّور فِي الغَسَمِ
فمَنْ يقي العبدَ نوائبهُ ؟= وَ منْ يقيِهِ اليَمَّ في الظُّلَمِ؟
حَتَّى إذَا حلَّتْ به نُوَبٌ = وَ اسْتيقنَ الرَّدَى بِمُلتَطِمِ
فَقَد غَدَا النوُّاح ُ مِنْ عَلَزٍ = ثمَّ دَعَاكَ الغَوثَ من غَمَمِ
يَا (ربَّنا) أَنتَ لنَا أَمَلٌ = يَا مَنْ تُغيثُ النَّاسَ من لَمَمِ
أَنقِذْ عبَادًا مِنْ مهَالِكِهَا = وَانشُرْ عَليهَا الأَمْنَ بالتَّمِمِ
لكِنْ هُوَ الإنسانُ وَ شِيمتُهُ = ينسَى دُرُوبَ الهَمِّ ، وَ الوَخِمِ
فكُلَّمَا أنْجَاهُ بَارِئهُ = كَأنَّمَا لمَ يَدعُ مِنْ أَلَمِ
(وَاللهُ) (قادِرٌ) وَ (َمُقتدِرٌ) = وَ وَاسعُ الرَّحمَاتِ ، وَ النِّعَمِ
وَ (َاللهُ) ذُو عَفوٍ – خَزائنُهُ- = تَفِيضُ بِالغُفرانِ ، وَ الكَرَمِ
نُورٌ علَى نُورٍ سَرَى فَهَدَى = وَ مَلجأُ العِبادِ كُلِّهِمِ
وَ المُلكُ يُؤتيِهِ وَيمنَعُهُ = كمَا يشَاءُ مِنْ سَنَا (الحِكَم)
وَيَا (رَسٌولاً) جَئتَ مؤْتَمَنًا= بِسُنَّةٍ في الكَونِ بالرُّحَمِ
حِينَ اصْطَفاكَ اللهُ مِنْ أَزَلٍ = وَ الكونُ في شَوقٍ لمُختَتَمِ
لِأجلِكَ الأَكوَانُ قَد خُلِقَتْ = حِينَ جَلَاها (اللهُ) منْ عَدَمِ
فَجَلَّلَ النُّورُ علَى سَحَرٍ = ثُمَّ زَهَا لِفَرحَةِ القُدُمِ
لمَّا الظِّباءُ كَالمَوَائسِ قدْ = غَدَونَ بِينَ الأُسدِ ، وَ الأَجَمِ
بَاتَتْ طُيُورُ الأَيك ِشَادِيةً =هَذَا بَشيِرُ الأَمنِ ، وَ السَّلَمِ
سَرَتْ جَوَائبُ الهُدَى فَجَلا = نَسِيمُهَا شكْوَى بِذِي سَقَمِ
كَالصُّبحِ يَمحُو كُلَّ دَاجِيَةٍ = كاَلفَرْحِ عَمَّ النَّاسَ بِالبَسَمِ
وَ أينَعَ الزَّهرُ علَى فَنَنٍ = وَ خُضِّبَ الأَصيلُ بالعَنَمِ
ثُمَّ تأَرَّجَتْ خَمَائلُهَا = تَضوَّعتْ بِالحقِّ ، وَ الكَرَمِ
تَصبُو إليكَ العَينُ شَاخِصَةً = وَ لمْ تَحِدْ عنْكَ ، وَ لمْ تَنَمِ
تَشدُو اللُّغَى بِالوَعدِ صَادحةً = بَشَائرَ (الحَبيبِ) بِالنِّعَمِ
أخبَرَ (عِيسَى) عَنْ جَمَائلِهُ = (أَحمَدُ) ذُوْ البُشرَاءَ ، وَ الرَّحَمِ
ثُمَّ الأَقسَّةِ التِي عَلِمَتْ= سَنَا نَبي العَدلِ ، وَ الأُمَمِ
(مُوسَى) كَلِيمُ (الرَّبِّ) رُتبتُهُ = حَازَ رَفيعَ الشَّأوِ ، وَ العِظَمِ
(لَازَارُ) أحيَاهُ (اليَسوُعُ) وَ لمْ = يَكنْ سِوَى بِأمرِ ذِي (الحُكُمِ)
(مُحَمدٌ) جَابَ السَّما ، وَ غَدا = بِقُربِ عَرشِ( اللهِ) مِنْ عِصَمِ
وَ يَا (رَسولَ) النَّاسِ قَاطِبةً = مَا زِلتَ تُحيِي الكَونَ بِالكَلِمِ
قُرآنُ (رَبِّ العالمينَ) هَدَى = سُقفَ الدُّنا ، وَ الأَرضِ ، وَ الأُمَمِ
مِنْ عِندِ بَابِ اللهِ مِنْ عِظَمٍ = جِئْتَ (صَلاةَ) الرُّوحِ ، وَ الغَنِمِ
وَ (شِرعةً) تمضِى إلى أَبَدٍ = وَ قُدوَةً للنَّاسِ بِالقِيَمِ
دَانَتْ لكَ الأَرجَاءُ صَادِحةً = بِالحَقِّ ، وَ الإصرارِ ، وَالسَّلَمِ
تَجثُو لكَ الأجْبَالُ طائِعَةً = حتَّى تَهَدَّلتْ إلى القَدَمِ
وَإنْ سَمَائمُ الفَلا عَصَفَتْ = وَ كُنتَ رَاكبًا ، فَلمْ تَدُمِ
غَيرَ ثَوانٍ فَيَقِلُّ بِهَا = طَلٌ ، فَصَارتْ لَهُ كالعَدَمِ
وَدَولةُ الإِسَلامِ قُمتَ بهَا = دِينًا ، وَ عِلمًا رَغْمَ مُحتَدِمِ
عَانقَ سِحرُ النُّورِ مَولِدَهَا = غشَى الوَرَى بِصَحوَةِ القَلَمِ
(جِبريلُ) يتلُو ، وَ الدُّنا عَلِمَتْ = دِينَ الهُدَى بِالفِعلِ ، وَ الكَلِمِ
جَاوَزتَ أَعبَاءً ، وَ نَائِبةً = صَابَرتَ حتَّى جِئتَ (بِالحُرَمِ)
بِشِرْعَةِ الحَقِّ وَ قِبلتِهَا = عَمَّتْ رُبُوعَ الكَونِ بِالنِّعَمِ
بِينَ شُمُوسِ الكَونِ قَد سَطَعَتْ = بَينَ دُرُوبِ الهَدي كالعَلَمِ
(بِمَكَّةَ) (الإِسلامُ) في رَغَدٍ= وَ اسْتُيقنَ الإِيمانُ بِالفَهَمِ
فَدَعوةٌ فيهَا المنَى هَرَعَتْ= شوقًا تلبِّي الوَعدَ بِالعَزَمِ
وَ(كِلمةٌ) نَاخَ لهَا جَبَلٌ = نَمضِي بِهَا وَ المَجدُ لِلقِمَمِ
وَ رَحمَةٌ سَادَتْ فَضائِلُهَا = تَروِي شِعَابَ الأَرضِ كَالدِّيم
حُزْتَ الشَّفَاعةَ وَ عِصْمَتَها= للمُؤمنينَ رَأفةً بِهِمِ
فلَمْ ينَلْ سِواكَ نِعْمَتَها= فَأنتَ أَهلُ الحَقِّ ، وَ العِصَمِ
ملَأَتَ أَرجاءَ الدُّنا أمَلاً = كاَلفَجرِ يَهدِي الصُّبحَ لِلنَّسَمِ
وَ كُنتَ إنْ أبْصَرتَ شَاكِيَةً =صِرتَ لهَا الشِّفاءَ مِنْ سَقَمِ
حينَ التقَى العَدلُ بِرَايتِهِ = جَلا زَمَانَ البُغضِ ، وَ الوَصَمِ
كُلُّ نَبيٍّ جَاءِ أُمَتَهُ = وَ أنتَ لِلأكوانِ ، وَ الأُمَمِ
أَنتَ رَجاءٌ ، وَ هُدى ، وَ تُقى = مِنْ نعْمَةِ (المَولى) ، وَبِالكَرَمِ
وَ (اللهُ) يَهدِي النَّفسَ مِنْ زَلَلٍ = وَ يِمحِقُ الذُّنوبَ كَالعَدَمِ
هُوَ (الودودُ )وَ (الحقُّ) ، رَحمتُهُ = فاقَتْ حُدُودَ الوَصفِ ، وَ الكَلِمِ
حينَ دنَا سِرُّ المَنُونِ سَرَى = حُزنٌ غَشَى الأََكوَانَ كاَلغَسَمِ
وَ يَا حَبيبَ اللهِ قَد نَضَبتْ = كُلُّ عُيُونِ الأَرضِ مِنْ سَدَمِ
بَاكٍ بَكَى بلِوعةٍ وَ جثَا =يَحسُو شُجُونَ النَّفسِ ، وَ الألَمِ
نَاعٍ نَعَى (محمَّدًا) أمَدًا = وَ القَومُ بينَ الشَّكِ وَ النَّدَمِ
يَا فرحَةَ الرُّوحِ ببَارئِها = إلَى رِحَابِ الحقِّ وَ العِظَمِ
إلى جِوَارِ الرَّبِ حيثُ تَرَى = بَابَ الرِّضَا ، وَ الحَوضِ ، وَ العِصَمِ
(يَاربِّ) :نشكُو نِقْمَةً وَصَمَتْ = نَهجَ الوَرَى بِالإثْمِ ، وَ الهَدَمِ
شكْوَى الثَّكَالى ، وَ الأيَّامَى غَدَتْ = تُدْمِي عُيُونَ الطَّيرِ ، وَ البُهَمِ
يَلقَى النَّدَى الأَزهَارَ بَاكيةً = وَ الغُصنَ يِنعِي الغُصنَ مِنْ سَقَمِ
فَالشَّرُ مَاضٍ في قوَادِحِهِ = وَ الدَّمْعُ يرَوي البِيدَ كالدِّيَمِ
صَار الرَّجا يُزجِي الرَّدَى نَقَمًا = وَ العيشُ كَالطَّيفِ ، وَكالوَهَمِ
وَ تسألُ الأَحزانُ نائِحةً = مَنْ يكتَوي الأَرجَاءَ بِالحِمَمِ ؟!
مَنْ يرتَضي الأَهوالَ ثَائِرةً ؟! = صَاحتْ لُحُودُ الشَيخِ ، وَ الفُطُمِ
بَاتتْ عُرُوقُ الحُبِّ خَاوِيةً = شَابَتْ دُرُوبُ الأَمنِ ، وَ السَّلَمِ
يَا أيُّها الإِنسانُ قد حُجِبَتْ = شَكوَىَ الوَرى مِنْ ثَورةِ الدُّهُمِ
مَاذا جَنَيتَ غيرَ مُنفَحَمٍ = لمَّا هَوَى دَرْبُ العَدلِ ، وَ اللُّحَمِ
يَومُ النَّدا تَصحُو الدُّنا فَزَعًا = وَ الأَرضُ ، وَ الأَجدَاثُ في صَدَعِ
وَ تَهرَعُ الأَجسَادُ وَاجِفَةً = خَاشِعةَ الأبصَارِ في وَجَمِ
وَ الرُّوحُ بِالأَهوَالِ هائِمَةٌ = لَولا معَاصِي الأمسِ ، لَمْ تَهِمِ
كِتابُها بِالعَدلِ شاهِدُهَا = هَذا دَليلُ العُمرِ بِالقَلَمِ
إِذَا اسْتقَامَ القَلبُ مُهتديًا = مَا حفَّهَا الحَدُّ ، وَ لمْ تَجِمِ
كَأنَّها وَ المُوتُ في هَلَعٍ = تخشَى سُؤَالَ اللَّحْدِ (وَ الحُكُمِ)
كَيفَ انْقَضَى ثُمَّ انتهَى أَجَلٌ = لَنْ يَنفعَ العُذرُ لِمُتَّهَمِ
فَاِلِلْعَذابِ صَرخةٌ ، وَ مَدَى = وَ النَّارُ تَصبُو الكُفرَ فِي نَهَمِ
وَ للمفَازِ جَنَّةٌ وَ سَنَى = وَالفَردُ يَدعُو صُحبَةَ الرَّحَمِ
( رَبُّ )الوُجُودِ وَ كوَائِنِهِ = يُحيِي العِظامَ بعدَ ذِي رَدَمَ
يَا رَافعَ السَّمَا بِلا عَمَدٍ = يَا خَالقَ الأَجسَادِ مِنْ أَدَمِ
عُدنَا إليكَ وَ العَفا أملٌ = قلُوبُنا بِصَرخةِ النَّدَمِ
فَهَبْ لنَا منْ أمرِنا رَشَدًا = إِنْ تهدِنَا ، فَالكَونُ يَسْتَقِمِ
وَ اشْرَحْ نُفُوسًا ، حفِّها ورَعًا = فَالنَّفس لِلأهواءِ كَالخَدَم

شعر : مراد الساعي