يقول الشيخ جلال الحنفي ( العروض تهذيبه وإعادة تدوينه - ص275) تحت عنوان المتدارك الثالث ‏‏:‏
فاعلن فاعلن فاعلن ..............فاعلن فاعلن فاعلن
‏2 3 2 3 2 3 ...............2 3 2 3 2 3 ‏
ويمثل لذلك بأبيات يبدو أنها من نظمه منها :‏
ما بالدار من مخبرٍ .....حينما قد نزلنا بها ‏
فعْلن فاعلن فاعلن ........فاعلن فاعلن فاعلن‏
‏2 2 2 3 2 3 .........2 3 2 3 2 3‏
‏ وسبق في باب المقتضب ( ص – 156) أن نسب إلى المتدارك النص :‏
ما في القوم من عالم ............تستفتيه في مسألةْ
‏2 2 2 3 2 3 ...........2 2 2 3 2 3 ‏
قائلا :" والحقيقة أن ما تبقى من المنسرح [ بعد اقتضاب أوله] وهو ( مفعولاتُ مستفعلن = 6 3 2 3 ‏‏)، لا يتقوّم منه ما نلاحظه في الأبيات التالية " وذكر منها البيت السابق. مضيفا :" وإنما هو المتدارك ‏البحت "‏
ويضيف: " ومن نماذج ما وقعت فيه التفعيلة البديلة ( فعلن = 1 3 ) وكذلك ( فعْلُنْ = 2 2) وهذه لا ‏تقع إلا في بدء الشطور فإن وقعت في أوسطها نشأ عن ذلك المقتضب الرابغ ووزنه ( فاعلاتن ‏مستفعلن = 2 3 2 2 2 3 )" ‏
هنا أمران:‏
الأول القول بأن 2 2 2 3 2 3 تنتمي للمتدارك.‏
وهذا خطأ ناجم عن عاملين:‏

‏ أولهما عدم اعتماد الرجوع للشعر العربي فلم أطلع على بيت واحد من الشعر العربي على هذا الوزن.‏

وثانيهما : الاجتهاد في العروض دون تصور منهج كلي يفرق بين إيقاعي الخبب والمتدارك. وهو عين ‏ما وقع معي في بدايتي في الرقمي قبل وعيي على شموليته عندما قلت إن الوزن:‏
‏2 3 2 2 2 3 2 3 من الخفيف باعتباره فاعلاتن مستفعلن فاعلاتن
ومن المتدارك باعتباره فاعلن فعْلن فاعلن فاعلن

والصدر ( ما بالدار من مخبر ) = 2 2 2 3 2 3
وهذا وزن المقتضب على الدائرة ( مفعولاتُ مستفعلن ) وليس وزنه ‏في واقع الشعر فهو في واقع الشعر ملزم بزحافين 2 [2] 2 3 [2] 3 = 2 1 2 3 1 3 = 2 3 3 1 ‏‏3 = مفعُلاتُ مستعلن‏
‏***‏
أما قوله : فإن وقعت في في أواسطها نشأ عن ذلك المقتضب الرابع ووزنه ( فاعلاتن مستفعلن ) ‏فعجيب.‏

فهذا الوزن هو وزن مجزوء الخفيف على الدائرة = 2 3 2 2 2 3 ويغلب عليه في واقع الشعر ما ‏يجب في البحرين القصيرين من دائرة ( د- المشتبه ) من زحاف للتخلص من الجرعة الخببية في ‏الحشو 2 2 2 بحيث يصبح 2 3 2 1 2 3 = 2 3 2 3 3.‏
عدت للمقتضب الرابع فوجدت الشاهد التالي :‏
فاعلاتن مستفعلن ............فاعلاتُ مفتعلن ‏
‏2 3 2 - 2 2 3 .........2 3 3 1 3
لا أراكم أدركتمُ (و) ......من مروءة طرفا
والواقع أن الصدر من مجزوء الخفيف لا غير، فلا تجوز 2 3 2 في أول المقتضب ‏
والعجز من المقتضب لا غير فلا تجوز مستعلن = 2 1 3 في أي من منطقتي العروض والضرب من ‏المجتث باعتباره من دائرة ( د- المشتبه) ، ‏
هذان الشطران معا ليسا ببيت من الشعر لأن كل شطر فيهما ينتمي إلى بحر مختلف عن الاخر .‏
لا أراكمْ علمْتم (و) ..... من مروءاتكم هنا ...........مجزوء الخفيف
لا رأيتمُ (و) أبدا .............من مروءة طرَفا .............المقتضب
‏***‏
وما ينطبق على هذين البيتين ينطبق على البيت : ‏
ما في القوم من عالم ............تستفتيه في مسألةْ
فالشيخ ينفي أن يكون هذا من المقتضب في الواقع الشعري وهو في ذلك محقّ.‏
والشطران ليسا من المتدارك كما تقدم ، ‏
وإذن فهذا النص ليس من الشعر في شيء.‏