ما بين مخطوط الطبعة الثانية من كتابي ( العروض رقميا ) والطبعة الأولى بون شاسع حتى لا يكادان يتفقان إلا في النادر.

والطبعة الثانية أشمل وأعم وأتقن بكثير جدا من الأولى. ولأهل المنتدى فضلهم الذي لا ينكر في ذذلك.

وإليهم أتوجه بمسودة المقدمة التي كتبتها لمخطوط الطبعة الثانية من الكتاب آملا أن لا يبخلوا علي باقتراحاتهم في هذا الصدد. وكما يتضح من المقدمة فقد كان محورها الأساس بيان جوهر الرقمي ومضمونه.
وتوضيحها هذا لمضمون الرقمي سبب لنشرها يضاف إلى طلب اقتراحاتكم.


**

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله.‏

الشاعرية والشعر والنظم والعروض وعلم العروض مصطلحات تتداخل بعض مفاهيمها أحيانا. ‏الشاعرية مضمون لا علاقة له بالشكل، والنظم شكل لا علاقة له بالمضمون، والشعر شكل ‏ومضمون. العروض هو الإحساس بنظام وزن الشعر الذي قد يدرك بالفطرة أو التعلم الذي ‏يشمل القدرة على توصيف القواعد الجزئية التي تحكم الوزن من بحور وتفاعيل، أما علم ‏العروض فهو منهج البحث المفضي إلى نظريات وقواعد كلية ضابطة. ولما كان الناس قد ‏أطلقوا على توصيف القواعد الجزئية علم العروض، ولتجنب اللبس فسنستعمل المصطلحين ‏علم العروض الجزئي وعلم العروض الكلي للدلالة على العروض وعلم العروض على التوالي.‏

تهدهد الأم طفلها، بترانيم رتيبة يغلب عليها طابع الخبب، وقد لا تحمل معنى فيتمايل ‏الطفل معها. والطفل لم يحصل علما. قال الشاعر العربي في الجاهلية أبهى الشعر ولم يكن ‏يعي العروض ومصطلحاته. أكثر شعراء الشعر النبطي والشعبي والزجل ممن لا يعرفون ‏العروض يندر أن يقع أحدهم في خطإ في الوزن. فكيف ذلك ؟ إنه الإدراك الفطري للعروض ‏وليس الوعي على علم العروض. بل ثمة مثال أوضح بكثير، كلنا يبصر ونصف ما نبصر، ‏ويرسم بعضنا ما يبصر، وندرك كلنا أن العين وسيلتنا للإبصار وأننا لا نبصر في الظلام، ‏ونقيم ما نبصره بالجمال والقبح، فهل في كل ذلك شيء من علم الإبصار؟ وإن رأينا فيه شيئا ‏من ذلك، فهل يستوي من يعرفه مع من يعرف تشريح العين وعلاقتها بالدماغ مرورا بالعصب ‏البصري وقوانين العدسات وخصائص الضوء وموجاته وطيفه المرئي وغير المرئي وتناغم ذلك ‏كله في تحقيق الإبصار وجودته أو اختلاله ؟

تبني النحلة خليتها بشكل هندسي سداسي منتظم. المهندسون يدرسون خصائص ذلك ‏الشكل ومواصفاتة. كيف للنحلة وهي لا تعرف الهندسة أن تبدع ذلك؟ النحلة تعرف هندسة ‏خليتها ولا تعرف علم الهندسة. وقل ذلك عن الموسيقى وعلم الموسيقى.‏

ثمة إلهام أودعه الله تعالى من خلائقه وجدانَها، به تبني النحلة الشكل السداسي، وبه ‏يتجاوب الوليد مع إيقاع ترنيمة أمه، وبه أبدع الشاعر الجاهلي شعره موزونا، وبه يميز الشعراء ‏وسواهم من ذوي الفطرة السليمة صحيح الوزن من مكسوره. هل نملك توصيف هذا الإلهام أو ‏تجلياته بقوانين وقواعد شاملة في وزن الشعر كما ملكنا توصيف تجلياته هندسيا ورياضيا في ‏خلية النحل؟
الخليل بن أحمد – رحمه الله – أجاب على ذلك باستخلاص قوانينه من خلال دراسته ‏لوزن الشعر العربي في صوره المختلفة.‏

يقول الأستاذ ميشيل أديب في مجلة الموقف الادبي العدد 373 أيار 2002:" وأكثر ما ‏يعيب كتب العروض القديمة والحديثة، أنها، على الرغم من مظاهر العبقرية، التي لم يكشف ‏الخليل عن أسرارها، لم تحاول تحليل العملية الذهنية التي مكَّنت الخليل من بلوغ هذه ‏القمَّةالرياضية التي لا تتأتَّى إلاَّ للأفذاذ ."‏
وعيي على بداية شمولية الرقمي كان انطلاقا من وعيي على تميز الإيقاعين البحري ‏والخببي وهو ما أدين به لفصول عن الخبب لكل من د. أحمد مستجير في كتابة ( مدخل ‏رياضي إلى عروض الشعر العربي) و د. عمر خلوف في كتابه (البحر الدبيتي ) و د أحمد ‏رجائي في كتابه ( أوزان الألحان) وتولد عن ذلك سعيي لاستخلاص قوانين تداخل الإيقاعين ‏فيما دعوته لاحقا (التخاب). ‏

علم العروض (الكلي) هو ذلك العلم الذي يتناول منهج الخليل بكليته وشموليته التي ‏أشار إليها الأستاذ ميشيل أديب والتي لا يعدو العروض أو علم العروض الجزئي المتعارف ‏عليه أن يكون وسيلة إيضاح لتفسير تطبيقاته على جزئياته كل على حدة وكل بمصطلح.‏

من هنا سأنطلق في تقديم علم العروض (الكلي). هذا المفهوم المتميز لهذا العلم ‏يقتضي أسلوبا متميزا في تقديمه. أهم ما في هذا الأسلوب هو تقديمه وحدة واحدة على شكل ‏حلقات متسلسلة مترابطة يشكل ترابطها بناء فكريا متكاملا.‏

تبدأ الدروس من الصفر الذي لا يفترض لدى القارئ أية معلومات مسبقة عن ‏الموضوع، وقد راعيت في الفصل الأول أن يكون في غاية البساطة والتفصيل حتى يكون ‏مفهوما من الجميع. أفدت من الأسلوب التفاعلي الذي تم فيه تقديم الرقمي في المنتديات، ‏وحاولت تحقيق ذلك من خلال وضع تمارين وحلولها ومن خلال اقتراح بعض الدروب التي ‏يمكن للقارئ أن يسلكها.‏

علم العروض قائم في أغلب الكتب المتعارف عليها على دراسة جزئيات العروض وما ‏يعتري كل جزء من تغييرات، وعماده الحفظ في الدرجة الأولى. العروض الرقمي يستهدف دراسة ‏الخصائص العامة للعروض العربي بشكل شمولي شامل للتفاعيل بل والبحور دون أن تقيده ‏حدودها، ويساعد في طرحه هذا تجرّد الأرقام من ملابسات التجسيد، ووحدة دلالتها كبنى أساسية ‏بذات الخواص لكافة صور وزن الشعر العربي، وهو في ذلك يعتمد على الفهم لا الحفظ، وفيه ‏تظهر الحقيقة واحدة مهما تعددت مواطنها أو مصطلحاتها. وعماد ذلك الفهم والتفكير في المقام ‏الأول.‏

انقضى ما يزيد على اثني عشر عاما منذ نشر الطبعة الأولى من هذا الكتاب، وفي ‏تلك الطبعة استحوذ إثبات صلاحية الأرقام للتعبير عن الوزن على قسط كبير من جهدي، ذلك ‏مع إدراكي لبعض ما تيسره الأرقام من نظرة أعمق وأشمل مما تقدمه التفاعيل. ومنذ ذلك الحين ‏زاد وعيي على وجود جوهر شامل ينتظم العروض العربي، ورويدا رويدا بدأت ملامح هذا ‏الجوهر تتكامل حتى غدا على درجة كبيرة من الوضوح. وكان لتدريسي هذا الموضوع في ‏المنتديات وما أثير حوله من قضايا فضل في ذلك. وعلى ضوء إدراكي لجوهره بدت التفاعيل ‏لي مجرد وسائل إيضاح تجسيدية لأجزاء هذا الجوهر. وكان ينبغي لذلك أن يُدْرك من زمان، إلأ ‏أن انشغال الناس‎ ‎بالتفاعيل صرفهم عما هو أعمق. واكتفوا بذلك لأنها كتفاصيل في غاية ‏الوضوح وتؤدي غرض ضبط الوزن سالكة إلى ذلك التجزيء والتجسيد والحفظ، وكل ذلك مما ‏تستسهله النفوس، وما لمست وطأته على تصوري في محاولتي تجاوزه لما هو أشمل. إن ‏انسجام مئات تفاصيل جزئيات العروض كما تقدمها كتب العروض يطرق باب كل عقل ‏بمقتضى أن ذلك الانسجام لا يكون إلا إذا كانت هذه التفاصيل توصيفات لكلٍّ ماثل أمام ‏الواصف، هذا الكلُّ هو جوهر علم العروض الذي أدركته ذهنية الخليل الرياضية.‏

كلما ازدادت مساحة شمولية قوانين العروض العربي التي يكشف عنها العروض الرقمي ‏كلما ازداد الرقمي وشموليته قربا من ذلك الجوهر الذي أدركه الخليل. ‏

كلما وجدتني أقترب من فكر الخليل وازداد تواصلي معه زادت القيمة الفكرية للرقمي ‏كعملية فكرية أساسا حتى ليكاد يغدو لدي رسالة فكرية بما هو أحد نتاجات هذه العملية التي ‏تليق بالعقل البشري في تناوله شتى الأمور وتتلخص بالنظرة الكلية للأشياء وفقا للقواعد الكلية ‏التي تحكمها إن كانت مدرَكَة، فإن كان الإدراك مقتصرا على وجوب وجودها استلزم ذلك استقراء ‏التفاصيل جمعا وتصنيفا وبحثا واستقراء سعيا لإدراكها، ومن ثم إعادة النظر فيما علم وفيما ‏يستجد من التفاصيل على ضوء تلك القواعد.بشكل متواصل وتراكمي يخضع للتجربة والخطأ ‏وإعادة التقيمم أثناء العملية الفكرية. إن أثر ذلك على نفسي عظيم في النظر إلى كافة الأمور ‏التي بت أرى – أو أحاول أن أرى - فيها كل شيء في مكانه من جوهر شامل، فلا يطغى ‏تفصيل على أصل، ولا يعني تناقض تفصيل مع سواه إلا وجود خلل في فهم ارتباط أحدهما أو ‏كليهما مع الأصل الكلي أو خطإ في إدراك ذلك الأصل. ولا ينبغي للدارس أن يجد حرجا من ‏تطوير فهمه أثناء سعيه للحقيقة والوعي على ما تميل له طبيعة التفكبر من ربط للجزئي ‏بالكلي على وجه قابل للمراجعة وإعادة النظر، وهذا يؤدي إلى التحسن المستمر في الفهم ‏والتعبير عنه، مع ما يرافق ذلك من تعديل وتطوير للطرح، وهو ما رافق مسيرتي في العروض ‏الرقمي.‏
إن الأصل بمثابة التصميم الكلي ولا تعدو الجزئيات أن تكون رسوما تفصيلية لا تجتمع ‏معا بشكل صحيح إلا وفق التصميم الكلي. ‏

سأعرض في الكتاب بإذن الله لبعض مظاهر هذا الأمر في العروض في مجالين،:‏
الأول: ما أسماه أصحابه بالبحور الجديدة، حيث عمدوا إلى تفاعيل الخليل فرصفوا ‏بعضها إلى جنب بعضها الآخر على غير التصميم الكلي أو المنهاج الكلي للخليل. فجاؤوا ‏بالإدّ الذي أسموه إبداعا. وراح بعضهم يبتكر تفاعيل جديدة ويرصفها دون نهج ينتظمها ظانا ‏بذلك أنه يأتي بنظير لما جاء به الخليل. ‏
الثاني : أن أغلب العروضيين يدركون الحقيقة الواحدة بوجوه ومصطلحات عدّدَتْها ‏أمامهم أشكالُ وحدودُ التفاعيل لدرجة ظنوها حقائق شتى. ‏

إذا رأينا عدة صور جميلة لأجزاء من حديقة دلنا ذلك على براعة المصور، فإن رقّم ‏المصور هذه الصور بإحداثيات أفقية وعمودية سهل علينا تجميعها بأفضل شكل يظهر صورة ‏الحديقة أو جوانب واسعة منها، فإن ظهرت هذه الصورة فلا ينبغي أن تنسينا جمال الحديقة ‏ذاتها، فإذا انتقلنا للحديقة وشاهدناها فلا ينبغي أن ينسينا جمالها روعة من أبدعها.‏

هكذا شأن العروض، فالتفاعيل صور جزئية تُرَكّبُ وفق مخطط منهاج معين لتعطينا ‏صورة للعروض العربي وهذه الصورة تدل على عبقرية الخليل في استقراء الذائقة العربية من ‏خلال شعر العرب وتكوين صورة كلية لديه عنها، فلا ينبغي للتفاعيل أن تؤخذ بمعزل عن ‏منهاج الخليل ولا ينبغي لفهمنا منهاجه أن ينسينا عبقريته، ولا ينبغي لمنهاجه وعبقريته أن ‏ينسيانا ثراء وجمال الذائقة العربية موضوع التوصيف، وكل ذلك ينبغي أن يذكرنا بعظمة الخالق ‏عز وجل الذي أودع الوجدان العربي هذه الذائقة الراقية الجميلة على نحو هو أقرب ما يكون ‏لبرنامج رياضي متقن صارم أطّر إبداعَ العربي الأمي في جاهليته ليصوغ وفقا له أعذب ‏الأشعار قبل أن يعرف علم العروض، ولا زال العربي دون معرفة بالعروض وعلمه يصوغ وفقا ‏له من شعره الشعبي وأحيانا من شعره الفصيح السائغ الزلال. واليوم يأتي العروض الرقمي ليجسد ‏عين ذلك البرنامج بأرقامه وخصائص تجاورها وتناوبها وطبيعة الأسباب فيها، وثبات الوتد ‏طالما هو وتد، ودخوله في أواخر الأبيات في سياق خببي يفقده وتديته، وكل هذا التصور ‏قائم على استشعار خصائص العروض العربي وسريانها في كافة أجزاء البيت دون أن تعيق ‏ذلك حدود التفاعيل، وتأثر أجزاء عدة بتغير جزء يبدو بعيدا عنها، ويمتد استشعار الخصائص ‏العامة إلى كافة البحور بشكل يضفي عليها في الوجدان صفات أقرب ما تكون لصفات الكائن ‏حي.‏

إن من شأن استحضار القارئ منذ البداية لكلية الرقمي وشموليته أن يزيد وعيه على ‏ترابط هذه الدروس والمضي في هذا الاتجاه، وهذا يجعل الدراسة أكثر إمتاعا.‏

من خلال تدريسي للرقمي في المنتديات تبين لي أن من لم تكن له سابقة معرفة ‏بالعروض أقدر على تحصيل الرقمي والوعي على شموليته ممن لهم سابقة معرفة بالعروض ‏بتفاعيله وحدودها ومصطلحاتها التي عندما تترسخ في الذهن تتحول – لدى الأغلبية - من ‏أدوات توضيح إلى مُبرمجات تفكير يستدعي الانعتاق من منطق التجزيء فيها إلى رحابة ‏شمولية الرقمي جهدا من الدارس. في حين ان من يتقن الرقمي ابتداء ثم يدرس التفاعيل فإنها ‏تنقادله كادوات توضيح دون ان تتحكم حدودها ومسمياتها في تفكيره أو تمكن تعدد المصطلحات ‏للحقيقة الواحدة حسب موقعها من حدود التفاعيل من حجب وحدة تلك الحقيقة في ذهنه. وهو ‏ما تطلب مني جهدا للانعتاق منه وما أظن نجاحي فيه كان تاما.‏

الكتاب ثلاثة اجزاء أولها يتناول الوزن وأدواته، والثاني يركز على كليات علم العروض، ‏أما الثالث فيتجه إلى تطبيقات العروض الرقمي خارج مجال الوزن وأحيانا خارج مجال اللغة. ‏والجزء الأول فيه كاف للشاعر.‏
بتجرد أدواته وشمولية نظرته يفتح الرقمي لدارسه أبوابا عدة، كل باب يؤدي إلى أبواب ‏أخرى، وبقدر ما يتفاعل القارئ بتفكيره معه بقدر ما ستتولد لديه اسئلة سيجد نفسه ساعيا ‏للإجابة عليها، وبما لديه من الأدوات سيجد في سعيه متعة أيما متعة. إن هذه السلسة من ‏التفاعل تبشر بأبواب ومساحات جديدة سيصل إليها من يتقنون الرقمي كل حسب تخصصه ‏وخلفيته المعرفية والثقافية.‏

ما انفكت سمة الفكر الرئيسة هي الوصول إلى العام الشامل من خلال استقراء الجزئي. ‏وقد روى لنا القرآن الكريم قصة إسلام سيدنا إبراهيم عليه السلام : " وَكَذَلِكَ نُرِي إِبْرَاهِيمَ مَلَكُوتَ ‏السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلِيَكُونَ مِنَ الْمُوقِنِينَ (75) فَلَمَّا جَنَّ عَلَيْهِ اللَّيْلُ رَأَى كَوْكَبًا قَالَ ‏هَذَا رَبِّي فَلَمَّا ‏أَفَلَ قَالَ لَا أُحِبُّ الْآَفِلِينَ (76) فَلَمَّا رَأَى الْقَمَرَ بَازِغًا قَالَ هَذَا رَبِّي فَلَمَّا أَفَلَ قَالَ لَئِنْ لَمْ يَهْدِنِي ‏رَبِّي ‏لَأَكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ (77) فَلَمَّا رَأَى الشَّمْسَ بَازِغَةً قَالَ هَذَا رَبِّي هَذَا أَكْبَرُ فَلَمَّا أَفَلَتْ ‏قَالَ يَا قَوْمِ إِنِّي بَرِيءٌ ‏مِمَّا تُشْرِكُونَ (78) إِنِّي وَجَّهْتُ وَجْهِيَ لِلَّذِي فَطَرَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ حَنِيفًا ‏وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ (79)‏ " ( الأنعام )‏

وهذه أسمى غاية يمكن أن يتوصل لها الفكر من خلال نهج شمولية التناول والتفكير. ‏ودون ذلك وفي إطاره شموليات تتدرج في سعتها بقدر ما تتناول من العلوم سواء الجزئي منها أو ‏الأكثر تركيبا. سواء في المجالات الأدبية والإنسانية عامة أو المادية، وحسبك في هذا المجال ‏ما يسعى له علماء الفيزياء من التوصل لنظرية افترضوا من استقراء سنن الكون ضرورة ‏وجودها وأسموها:‏
نظرية التوحيد الكبير ‏The Grand Unified Field Theory‏ ‏

وأنقل من ويكيبيديا :" استند اينشتين في بحثه عن نظرية التوحيد إلى إطار دينى وفلسفى أن ‏الخالق واحد للكون وبالتالى يوجد نظرية أو هيكل رياضى - معادلة واحدة فقط تصف الكون.. ‏وهذا يتصف مع فكرة العلم لديمقريطس.. فعندما كان جالسا على شاطئ بحر إيجه تساءل عن ‏تعدد الألهة. هل للشمس إله والقمر إله وكل شيء له إله؟ ثم ماذا سيحدث إذا نشبت معركة بين ‏تلك الألهة ؟" ألا تجد أن العلماء في هذا يسيرون على خطى إبراهيم عليه السلام ؟.شرف ‏للخليل أن يتسم تفكيره في علومه بالشمولية، وشرف للرقمي أن يكتشف ذلك وينطلق منه لما ‏يليق بعبقرية الخليل من آفاق.‏

من خلال التجربة فإن من يدرس الرقمي لمجرد معرفة وزن الشعر فإن مشواره ينتهي ‏عند هذا الحد، ومن درسه لفهم العروض فسيمتلك أداة تجعله متمكنا فيه، أما من يقصده ليفهم ‏علم العروض – وقليل ما هم - فسيجد منه في نفسه نورا صادرا من فكر الخليل يأنس به ‏وجدانه وتستنير به بصيرته ليرى على ضوئه ما يليق به من آفاق ربما لم تخطر ببال. وأتوجه ‏إلى هذه الفئة بطلب معرفة جواب السؤال : " كم في كتب العروض من العروض وكم فيها من ‏علم العروض ؟ وأين يقع من ألّف في العروض على المسافة الممتدة بين العروضي وعالم ‏العروض.‏

أدين بالكثير مما أنجزته لأعضاء " منتدى العروض رقميا " فيما كشفوه من أخطائي أو ‏ما تعلمته من إبداعات بعضهم وأخطاء بعضهم الآخر. كما أدين لكل من انتقد ما نشرت فدلني على ‏خطئي، فلهم الشكر جميعا.‏

والحمد لله.