التمرين الثامن

والمطلوب أن يختار القارئ نصا نثريا يفضل أن يكون شاعري المضمون ثم يحاول صياغته أو نظمه أو شعرا، ولا تشترط حرفية المعنى بل إن استلهام جوه والتعبير عنه على نحو يبرز ذاتية المشارك أمر مستحسن. وليحاول القارئ بيان الألفاظ المشتركة بين النصين بتلوينها على النحو المتقدم.

مع الإشارة إلى مصدر النص.

من أدب المنفلوطي
سكن الغرفة العليا من المنزل المجاور لمنزلي من عهد قريب فتى في التاسعة عشرة أو العشرين من عمره . وأحسب أنه طالب من طلبة المدارس العليا أو الوسطى في مصر .فقد كنت أراه من نافذة غرفة مكتبي ،وكانت على كثب من بعض نوافذ غرفته ،فأرى أمامي فتى شاحبا نحيلاً، منقبضاً جالساً إلى مصباح منير في أحدى زوايا الغرفة ينظر في كتاب أو يكتب في دفتر، أو يستظهر قطعةً أو يعيد درساً.

فلم أكن أحفل بشيء من أمره ،حتى عدت إلى منزلي منذ أيام بعد منتصف ليلة قرّة من ليالي الشتاء ، فدخلت غرفة مكتبي لبعض الشؤون ،فأشرفت عليه فإذا هو جالس جلسته تلك أمام مصباحه وقد أكب بوجهه على دفتر منشور بين يديه على مكتبه ، فظننت أنه لما ألم به من تعب الدرس وآلام السهر قد عبئت بجفنيه سنة من النوم فأعجلته من الذهاب إلى فراشه ،وسقطت به مكانه ،فما رمت مكاني حتى رفع رأسه فإذا عيناه مخضلتان من البكاء ، وإذا صفحة دفتره التي كان مكباً عليه قد جرى دمعه فوقها فمحا من كلماتها ما محا ، ومشى ببعض مدادها إلى بعض ،ثم فتناول قلمه ورجع إلى شأنه الذي كان فيه.

فأحزنني أن أرى، في ظلمة ذلك الليل و سكونه، هذا الفتى البائس المسكين منفردا بنفسه في غرفة عارية باردة ، لا يتقى فيها عادية البرد بدثار.

ولا نار، يشكو هماً من هموم الحياة ، أو رزءا من أرزائها قبل أن يبلغ سن الهموم والأحزان ، من حيث لا يجد بجانبه مواسياً، ولا معيناً ، وقلت: لا بد أن يكون خلف هذا المنظر الضارع الشاحب ، نفس قريحة معذبة ،تذوب بين أضلاعه ذوباً ،فيتهافت لها جسمه تهافت الخباء المقّوض، فلم أزل واقفاً مكاني لا أبرحه ، حتى رأيته قد طوى كتابه ، وفارق مجلسه ، وأوى إلى فراشه ،فانصرفت إلى مخدعي، وقد مضى الليل إلا أقله ، ولم يبق في سواده في صفحة هذا الوجود إلا بقايا أسطر يوشك أن يمتد إليها لسان الصباح فيأتي عليها

منْ بَعْضِ نَوَافِذِ غُرْفَتِهِ
والليلُ يَعِجُّ بظلمتِهِ
شاهدت الطَّالب محزونا
والقلبُ يئنُّ بدمعتِه
يشكو هما بمدادِ أسى
والصمت يزيدُ بقسوتِهِ
ويعود سعيدا من حَزنٍل
فمحا الآلامَ بيقظتهِ
وتناول من جيبٍ قلما
ليخطَ البؤسَ بصفحتِهِ

نقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعينقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي