"ود أن أعلق على ملاحظتين في هذه الأبيات من المنسرح، :الأولى تختص بالعروض والثانية بالقافية.
أما التي تختص بالعروض فهي ما يلاحظ على 2 2 2أنها تأتي ملتزمة 2 1 2 في حين أن ما ورد على الأصل 2 2 2 قليل بالمقارنة. فما هو إذن سبب هذا الالتزام الذي جعل الأخفش يقول في حديثه عن زحاف المنسرح: " و(فاعلا )ت = (2 1 2 )1 حسنة وعليها بنوا الشعر" , وعند حديثه على زحاف الخفيف: "وما أرى أصل فاعلا (تن مستفـــــ) ـعلن = 2 3( 2 2 2 ) 3 فيه إلا
فاعلا (تن مـــســـــــتفـــــ) ـعلن = 2 3( 2 1 2 ) 3"
أخي وأستاذي خشان
أشكرك على هذا التوضيح الرقمي، وأما الفقرة التالية فسأعيد توضيحها رقميا على النحو التالي:
"إن الزحاف الذي وصفه الخليل بأنه حسن, كثير منه لا يبدو أنه ثمة فارق بين ما زوحف نحو: (1 2 3 في أول البسيط ، أو 3 1 في حشو المتقارب) وما جاء على السلامة نحو (2 2 3 في أول البسيط ، أو 3 2 في حشو المتقارب) ، فالسبب في هذه الحالة كوجهي العملة الواحدة, لكل من الوجهين فرصة في الظهور تساوي 50 بالمائة, وهذه النسبة مثبتة إحصائيا وصادقة على المدى البعيد طالما لم يكن في قطعة النقد عيب يؤدي إلى انحياز النسبة إلى وجه واحد يؤدي إلى كثرة ظهور هذا الوجه كما هو الحال في السببالثاني من التشكيل الثلاثي في كل من المنسرح والخفيف 2 1 2 "
وهذه الفقرة أيضا واضحة:
"وأما الملاحظة الثانية المختصة بالقافية في هذه الأبيات فهي عن الثقل الذي لوحظ في القوافي (والصمود هنا , كل فنا). إن الهاء والفاء (اللذين يقع عليهما النبر اللغوي في هاتين القافيتين) يحتلان رأس الوتد المجموع ,
(هُنا = 1 2 ) - (فَنا = 1 2 ) وفي حالة التفعيلة (فــــــعـلن 1 1 2 ) يفترض أن يقع النبر على فاء هذه التفعيلة وليس على عينها وهو ما تحقق بالقوافي ( سننا ، لبنا) ولم يتحقق بالقافيتين الأخريين للسبب الذي ذكرناه من وقوع النبر على أول الكلمة فيهما وهو ما يختلف عن موقع أول التفعيلة."
وأما السطر الأخير فسأجري على شكله الرقمي تعديلا بسيط :
"اقتراحي لكي يصبح الرقمي قادرا على التعبير عن ظاهرة النبر هو محاولة استخدام رمز الأس أو القوة على الرقم المنبور .. مجرد اقتراح.
ل^ فـــــــــنا – د ^ هــنا - سُـ ^ـــــننا - لــَ ^ ــبنا "
وتقول:
"ولكني أسأل السؤال المنطقي التالي :
مادا يمنع أن يكون النبر في الكلمات جميعا على نفس الحرف حسب منزلته على إحدى الصورتين التاليتين دون اختلاط بينهما

وأعتقد أن الصورة الأولى هي التي يراعيها المنشد في إنشاده حتى ولو أدى ذلك إلى تغيير نبر الكلمة عما هو مألوف من نطقها، انظر إلى قول الدكتور ابراهيم أنيس في كتابه "موسيقى الشعر"، قال:
"وطبيعة الإنشاد تتطلب اتصال كلمات الشطر بعضها ببعض اتصالا وثيقا، فإذا تصادف أن اشتمل الشطر على كلمة قصيرة لا تزيد على مقطع واحد، مثل (لي) أو (في) أو (بي) وثق اتصالها بالكلمة قبلها بحيث ينطق بهما كأنهما كلمة واحدة ، وحينئذ قد يخيل لبعض الناس أن موضع النبر في الكلمة السابقة قد اختلف عن قواعده المعهودة لنا، والحقيقة أننا لو طبقنا هذه القواعد على الكلمة الجديدة المكونة في الواقع من كلمتين متصلتين اتصالا وثيقا فكأنهما حين الإنشاد كلمة واحدة ، لم نجد فرقا بين قواعد النبر في الشعر والنثر. استمع مثلا إلى قول المتنبي:
أزورهم وسواد الليل يشفع لي * وأنثني وبياض الصبح يغري بي
فقي كلمة (يغري) حين تقع في النثر نجد النبر على المقطع (يغ) ولكننا حين ننشد هذا البيت نلحظ أن الكلمتين (يغري) ، (بي) قد اتصلتا اتصالا وثيقا حتى أصبحتا في الإنشاد كأنهما كلمة واحدة مثل (تعذيبي)، وهنا يكون النبر على المقطع (ذي) ولذلك حين ننشد البيت نرى النبر قد انتقل من المقطع (يغ) إلى المقطع (ري) في الكلمة (يغري). ومثل هذا مثل كلمة كلمة حين يتصل بها لواحق كالضمائر المتصلة . قارن بين موضع النبر في الفعل الماضي: (كتب) وبينه حين يتصل بضمير الرفع فيصبح (كتبت) تلحظ أن النبر في (كتب) على المقطع (ك) فلما اتصل الضمير به اصبح النبر على المقطع (تب) فإذا اتصل بالفعل شيء آخر وأصبح (كتبتُها) مثلا، رأينا النبر ينتقل ثانية إلى المقطع الذي يليه ويصبح على (تُ). أما في الفعل (يشفع لي) فالنبر باق على حاله حتى بعد اتصال الكلمتين اتصالا وثيقا لأن نسج الكلمة لم يتغير ، وذلك أن النبر في الفعل (يرحم) و(يرحمني) لا يتغير موضعه، ويتضح كل هذا لمن درس قواعد النبر في مصر".
في الكلمتين (قبضُ) (سَنا) نبران ، الأول يقع على المقطع (قب) والثاني على المقطع (سـُ) ، ولكن حين تتصل الكلمتان في ضرب البيت يلزم نقل النبر من المقطع (سـُ) إلى المقطع (ضُ) لتنشأ ما يبدو أنها كلمة جديدة هي (ضُسَنا) على وزن (فَعِلن) وهو ما يظهر في الاختيار الأول من النبرين المقترحين عند أستاذنا خشان.
إن العرب لم يعرفوا النبر كما نعرفه اليوم، كما أن النحاة واللغويين أهملوا الإشارة إليه بسبب أنه لا يؤثر على معنى الجملة، ومع ذلك فإن له تأثيرا على الغريزة الإيقاعية كما يبدو من ملاحظة الأخ الأمير صلاح سالم "اختلافا في نطق القافية في بعض الأبيات" وهو يعلم "أن القافية ما اختلفت ولا رتبتها اختلفت".
آمل أن تكون مسالة النبر في عروض الشعر العربي قد وضحت أبعادها الآن للاخت الدكتورة هناء ، ومع ذلك فلا يمكننا أن نعول كثيرا على النبر في تأسيس نظام شعري يكون مقبولا عند العرب جميعا بسبب من اختلافهم في تحديد مواضع النبر تبعا لاختلاف لهجاتهم، ومن يدري فقد لا يكون المتنبي قد أحس بأي اختلاف في قافيته كما أحس بها ابراهيم أنيس أو الأمير صلاح سالم.