أود أن أعلق على ملاحظتين في هذه الأبيات من المنسرح، الأولى تختص بالعروض والثانية بالقافية. أما التي تختص بالعروض فهي ما يلاحظ على ما يبدو أنه التزام قبض ثاني التشكيل السببي الثلاثي في حين أن ما ورد منه مبسوطا قليل بالمقارنة. فما هو إذن سبب هذا الالتزام الذي جعل الأخفش يقول في حديثه عن زحاف المنسرح: " وفاعلات حسنة وعليها بنوا الشعر" , وعند حديثه على زحاف الخفيف: "وما أرى أصل مستفعلن فيه إلا مفاعلن"؟
إن الزحاف الذي وصفه الخليل بأنه حسن, كثير منه لا يبدو أنه ثمة فارق بين ما زوحف وما جاء على السلامة ، فالسبب في هذه الحالة كوجهي العملة الواحدة, لكل من الوجهين فرصة في الظهور تساوي 50 بالمائة, وهذه النسبة مثبتة إحصائيا وصادقة على المدى البعيد طالما لم يكن في قطعة النقد عيب يؤدي إلى انحياز النسبة إلى وجه واحد يؤدي إلى كثرة ظهور هذا الوجه كما هو الحال في السبب الثاني من التشكيل الثلاثي في كل من المنسرح والخفيف.
وأما الملاحظة الثانية المختصة بالقافية في هذه الأبيات فهي عن الثقل الذي لوحظ في القوافي (والصمود هنا , كل فنا). إن الهاء والفاء (الذين يقع عليهما النبر اللغوي في هاتين القافيتين) يحتلان رأس الوتد المجموع , وفي حالة التفعيلة (فعلن) يفترض أن يقع النبر على فاء هذه التفعيلة وليس على عينها وهو ما تحقق بالقوافي ( سننا ، لبنا) ولم يتحقق بالقافيتين الأخريين للسبب الذي ذكرناه من وقوع النبر على أول الكلمة فيهما وهو ما يختلف عن موقع أول التفعيلة.
اقتراحي لكي يصبح الرقمي قادرا على التعبير عن ظاهرة النبر هو محاولة استخدام رمز الأس أو القوة على الرقم المنبور .. مجرد اقتراح.