عروض الشعر العربي والهوساوي
راسل ج. شو

(1)- المقدمة

يعود الشعر العربي الموروث إلى الوراء مدة تقرب من 1500 عام ، بأوزانه التي تنسب إلى النوع الكمي، وذلك لاستخدامه مزدوجة من المقطعين القصير والطويل، حيث يتخذ المقطع القصير فيه الشكل ص ح (صامت فحركة قصيرة)، والمقطع الطويل الشكل ص ح ح أو ص ح ص ( صامت فحركة طويلة أو صامت فحركة قصيرة فصامت). وبالمصطلح العروضي يمكن القول إن المقطع القصير يتألف من حرف متحرك، والطويل من حرفين متحرك فساكن.
وفي القرن الثامن الميلادي أنشأ الخليل بن أحمد، وكان عالما في النحو والمعجم والعروض، نظرية في أوزان الشعر العربي، هي عبارة عن نظام توليدي لستة عشر بحرا أساسيا تترافق معها مجموعة من القواعد التي تشتق من خلالها الأشكال المغايرة (المزاحفات). ولقد أخذت التحليلات التي أعقبت عمل الخليل بهذه الأوزان الستة عشر، وظل أصحابها يستخدمون نفس المكونات العروضية التي حددها الخليل نفسه من قبل.
وفي القرن التاسع عشر بدأ شعراء الهوسا نظم الأشعار الإسلامية بوصفها وسيلة للإصلاح الديني، ولما كانوا يتعففون من استخدام الأنماط الوزنية التقليدية لأشعارهم وأغانيهم بسبب اعتقادهم أن بها مسحة من الكفر تعود إلى انتمائها إلى مرحلة ما قبل الإسلام، اختاروا بدلا منها أوزان الشعر الدينية نموذجا يقتدونه في نظمهم. ونجح هذا الاختيار لأن اللغتين العربية والهوساوية تتفقان في طول ونوعية مقاطعهما. وهكذا فلا يزال شعراء الهوسا إلى اليوم ينظمون أشعارهم بطلاقة على أوزان عربية الأصل.
ولقد ظلت أوزان هذا الشعر موضوعا لعدد من الدراسات، وبشكل خاص، جالادانشي (1975)Galadanci الذي كان عمله ذا أثر كبير في دراسة شعر الهوسا بين الباحثين النيجيريين، وهيسكيت (1975) Hiskett صاحب أشمل دراسة في شعر الهوسا. وكلا هذين العملين استفادا من منهج التحليل الخليلي وأدواته.
وفي هذا البحث، سوف أعرض لتحليل الخليل بن أحمد، بالإضافة إلى تحليلين آخرين ينتميان إليه بصلة ما ، وأعني إيوالد (1825) Ewald (كما ورد عند رايت 1967Wright) ، وبرنس (1989) Prince .
وأزعم بأن هذه التحليلات تخفق في كشف التعميمات التي تقوم عليها الأوزان العربية، وتخفق أيضا، وهذا أمر في غاية الأهمية، في جرّ تحليلهم للأوزان العربية إلى إطار من النظرية العالمية للعروض يكون أوسع وأرحب مما هو عليه. كما سوف أؤكد على أن العروض العربي يتبع مبادئ ما سأسميه "العروض التوليدي الكلاسيكي" classical generative metrics ، وربما أشير إليه باسم (العروض التوليدي) للاختصار.
لقد وضع هذه النظرية، بادئ ذي بدء، كلّ من هال وكايزر (1966) Halle and Keyser ، ثم ظل تطبيقها جاريا في كثير من الدراسات طوال ثلاثة عقود لاحقة.
ولسوف أستند في عرضي للمبادئ الأساسية لهذا المنهج ومصطلحاته بشكل خاص إلى برينس. ولكي أقارن بين مختلف التحليلات، سأبدأ بوزن بسيط لا يطرح إلا قليلا من المشاكل التحليلية لأي من هذه الأنظمة التي نناقشها هنا، ومن ثم أنتقل إلى وزن أكثر تعقيدا لأبين أنه ليس العروض التوليدي التقليدي وحده، ذلك الذي يفسر هذا البحر بلا شواذ ترى في المناهج الأخرى، ولكنه أيضا وبشكل غير متوقع، يوفر تأكيدات على خاصية فصل النقرة beat splitting التي اقترحها برينس (1989).
(هامش: إن الاعتبارات الوقتية تحول بيني وبين مناقشة تحليل آخر راهن قام به جولستون ورياض (1994) Golston and Riad ، واقتراحه قريب مما لدي من جهة أنه يفسر التفعيلة الوزنية الحقيقية (والتي تسمى عندهم verse foot ) بوصفها تقسيما ثانويا لتفعيلة الخليل. وعلى كل حال ، فإن تحليلينا يختلفان من عدة وجوه حاسمة، وبالأخص فيما يزعمونه من أن الإيقاع خاصية تتضح في العروض أكثر منها مبدأ تنظيميا فطريا. واقتداء ببرينس أيضا، أؤكد على أن الموقع الوزني، وهو وحدة إيقاعية، هو الأصل الحقيقي للتفعيلة).