(2)- بحر الكامل

كان الكامل يحتل المرتبة الثانية بين البحور الأكثر دورانا عند الشعراء العرب القدامى، وهو أيضا من أكثر البحور المأخوذة عنهم استعمالا بين الشعراء الهوساويين. (ينظر الأرقام التي استشهدنا بها من كتاب فاديت Vadet (1955) عند شو (1988) Schuh بالنسبة للشعر العربي، والأرقام الخاصة بالشعر الهوساوي عند شو (1988)). والتحليل الخليلي لبحر الكامل يظهر تحت البند (1).
لقد قسم الخليل الأبيات إلى تفاعيل تفصل بينها أعمدة ( | ) كما هو مبين في البند (1)، وكل تفعيلة تتألف من مجموعة مما أطلق عليه اسم السبب والوتد (وهذان المصطلحان مستعاران من بناء الخيمة حيث يشار إلى بيت الشعر في القصيدة ببيت الشعر المسكون في البادية). إن أوتاد أكثر أنماط التفعيلات شيوعا كانت إيامبية iambs لها الشكل ( ب ـــ ) (مقطع قصير يليه مقطع طويل)، أما السبب فيتألف من مقطع طويل واحد ، وفي حالة الكامل، وبحر آخر يسمى الوافر، يتألف من مقطعين قصيرين (وهو السبب الثقيل). إن قاعدة (الإضمار) عند الخليل تسمح للسبب الثقيل المؤلف من مقطعين قصيرين أن يتحول إلى مقطع طويل واحد. وتظهر هذه البدائل للسبب الثقيل على النحو (ب ب) و(ـــ) :

1- التحليل الخليلي للكامل:

ب ب ـــ ب ـــ | ب ب ـــ ب ـــ | ب ب ـــ ب ـــ
ـــ ـــ ب ـــ | ـــ ـــ ب ـــ | ـــ ـــ ب ـــ
تحت البند (2) ثلاثة أبيات من قصيدة غنائية على بحر الكامل للشاعر ابن سهل الذي عاش في القرن الثالث عشر، والبند رقم (3) أبيات من قصيدة للشاعر الهوساوي غزير الإنتاج مودي سيبكين Mudi Sipikin ، وقد أثبتنا أسفل كل بيت تقطيعه الخليلي.

2- مثال على بحر الكامل في اللغة العربية للشاعر ابن سهل:

الأرض قد| لبست ردا|ء أخضرا * والطل ينـ|ـثر في رباها| جوهرا
ـــ ـــ ب ـــ|ب ب ـــ ب ـــ| ـــ ـــ ب ـــ*ـــ ـــ ب ـــ|ب ب ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ
هاجت فخلـ|ـت الزهر كا|فورا بها * وحسبت فيـ|ـها الترب مسـ|ـكا أذفرا
ـــ ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ*ب ب ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ
وكأن سو| سنها يصا|فح وردها * ثغر يقبـ|ّـل منه ثغـ|ـرا أحمرا
ب ب ـــ ب ـــ|ب ب ـــ ب ـــ|ب ب ـــ ب ـــ*ـــ ـــ ب ـــ|ب ب ـــ ب ـــ|ـــ ـــ ب ـــ

إن مالينج (1973) Maling هي مصدري الأساسي للقواعد الخليلية المسماة بالزحافات والعلل التي أثبتتها كما ذكرها الخليل بطريقته التفعيلية للأجزاء، وكذلك فقد رجعت إلى جالادانشي (1975) الذي يصيغ هذه الزحافات والعلل بطريقة أكثر مبدئية من حيث المورا mora والمقاطع.

3- مثال على بحر الكامل في اللغة الهوساوية للشاعر مودي سيبكين:

Waællaahì in ha® mun tsayaæa mun bincìkaa,
— — v — /— — v — / — — v —
Zaa muæi tuænaæanii maæi yawaæa gun zuucìyaa.
— — v — /— — v — / — — v —
Doæomin aæ lootaæn nan daæ jaahilcìi ˚wa®ai,
— — v — / — — v — /— — v —
Baæ suæ san aæbôn daæ akeæe cikii ba na duuniyaæa.
v v — v—/vv— v —/vv — v —
Kuma ba]a kaæ®aæatuu maæi yawaæa fa aæ zaamaænôn,
v v — v—/— — v —/vv — v —
Sai dai aækwai hikimaæa ˚wa®ai don gaskiyaa
— —v —/v v — v—/— — v—

ترجمة الأبيات:
1- أقسم بأننا لو توقفنا وتحرينا الأمر، سنؤمن بشكل أعمق في قلوبنا.
2- لأنهم في ذلك الزمان من الجهل، لم يكونوا يدرون بما يجري في العالم
3- ولم يكن ثمة تعليم كاف في ذلك الحين، ومع هذا ، فقد كان هناك كثير من الموهبة في الحقيقة.

وخلافا للخليل الذي يضع منهجه التوليدي أنماطا أساسية مع قواعد لتفسير التغيرات السطحية، يقدم إيوالد تصنيفا للأنماط السطحية. فهو يجمع الأوزان وفقا لما يعتبره البناء الوزني لنمط التفعيلة الأساسي في كل بحر. وقد كان له في هذا التجميع الأوزان الخمسة التالية: الإيامبية، والأنتيباستية، والأمفيبراخية، والأنابيستية، والأيونية. وهو يضع الأشكال المختلفة مجتمعة لكل تفعيلة في البحر. وهكذا ، فعلى سبيل المثال، يدرج بحر الكامل بين بحوره الإيامبية، على الأرجح لأن كل تفعيلة تتألف من عنصرين إيامبيين (باعتبار أن ب ب يمثل الجزء القصير من العنصر الأيامبي الأول). ويدرج إيوالد كلا الضربين الصحيح (ب ب ـــ ب ـــ) والمعتل (ب ب ـــ ـــ) ، وهما عند الخليل تفعيلة واحدة إذ أن لهما الشكل الأساسي نفسه ، مع علة catalexis في أحدهما تسمى علة القطع. وعلى حسب صياغة الخليل لهذه القاعدة يكون للعلة أثر سقوط حرف واحد mora من المقطع الأخير للتفعيلة، ثم تسكين الحرف المتحرك الباقي لينشأ من الحرفين الأخيرين المقطع الطويل.
وعلى الرغم من أن المبادئ التي يقوم عليها كل من تحليلي الخليل وإيوالد تبدو مختلفة، فإن الوصف الهيكلي لأبيات الكامل التي استشهدنا بها بأعلاه، ينتهي به الأمر إلى أن يكونا سواء، وأعني بذلك التجميعات الخطية للتفاعيل التي لها الشكل (ب ب ـــ ب ـــ). لقد كانت الأوزان العربية موضوعا لعدد من الدراسات التوليدية الحديثة، ومعظم هذه الدراسات وهي ، على سبيل المثال، لهال (1966) ومالينج (1973) وبرينس (1989) لم تكن تحليلات وزنية للشعر العربي بحد ذاته، بقدر ما هي تهذيبات للنظام الخليلي في ثوب جديد من المصطلحات التوليدية. فدراسة مالينج (1973) ، التي تعد أكبر هذه الدراسات، هي محاولة للإمساك بتعميمات القواعد الخليلية، (زحافاته وعلله) بمصطلحات من القواعد التوليدية الفونولجية الخطية التقليدية. أما برينس (1989) فيطبق العروض التوليدي التقليدي ليصف بحور الخليل بمصطلحات الأشجار الوزنية التي تنبثق منها تفاعيل تتألف من تبادل المواقع الوزنية الضعيفة والقوية (W)eak and (S)trong Metrical Positions (MP's) . وهو يفسر الأوتاد الخليلية (P) بوصفها منبثقة من مواقع وزنية قوية، والأسباب (k) بوصفها منبثقة من مواقع وزنية ضعيفة . وضمن تحليل برينس يمكن لبحر الكامل أن يكون على التركيب الظاهر في البند رقم (3). إن برينس ينظر إلى السبب كما لو كان دائما مقطعا طويلا مع النظرة إلى المغايرين القصيرين في الكامل بوصفهما سببا منحلا resolved إلى مقطعين قصيرين.
ووفقا لمبادئ طرق النطق العليا عند برينس يجب أن تكون جميع التفرعات الوزنية ثنائية، فأما سببا الخليل في كل تفعيلة فيقعان تحت موقع ضعيف واحد W position ينبثق منه موقعان فرعيان ، وهي الظاهرة التي يعزوها برينس إلى عملية فصل النقرات beat splitting .
3- تحليل برينس (1989) Prince للتفاعيل الخليلية في بحر الكامل
(انظر المخطط رقم 3 في المقال الأصلي)

إن المشكلة الأساسية لكل التحليلات التوليدية الحديثة المذكورة آنفا تكمن في افتراض أن وحدات النظام الخليلي هي المكونات الأولية للشعر العربي الموزون، وأن تلك مشكلة لا تبدو بذلك الوضوح عند مالينج (1973) ؛ لأنها لا تطرح تحليلها من خلال نظرية عروضية. إنها، على كل حال، واضحة في تحليل برينس, وحين ينظر المرء إلى كيفية توافق البناء في (3) مع مقاطع بيت الشعر يرى أن هناك شيئا من الخطأ حين تقارن بالطريقة التي تطبق فيها التحليلات الوزنية على الشعر في لغات مثل الإنجليزية واليونانية. إن المواقع الوزنية القوية S positions ، بشكل خاص، تطرح عنصرا مفردا في تحليل الخليل، وهو الوتد الخليلي (P)، ولكن في أبيات الشعر دائما ما تؤلف أوتاد الخليل مقطعين اثنين. وبنفس الطريقة، فإن الموقع الثانوي الأول في كل (تفعيلة) يظهر لطرح وحدة، وهي السبب الخليلي (K). لكن هذا الموقع كثيرا ما يتألف من مقطعين قصيرين في بحر الكامل، وهو السبب الذي ذكرنا أنه منحلّ. وفي كل تطبيقات العروض التوليدي الأخرى المعروفة لديّ، سرعان ما تطرح العقد ما قبل الطرفية من الشجرة الوزنية مقاطع مفردة. وإذا ما نحن تخلينا عن الفكرة غير الصائبة للخليل عن الأسباب والأوتاد بوصفها وحدات أولية تبنى منها التفعيلة وننظر، بدلا من ذلك، إلى المكونات المقطعية الفعلية لبيت الشعر فإن التحليل الوزني التوليدي الصحيح سرعان ما يبدو لنا بوضوح. إن الأوتاد الخليلية مرتبة في أزواج لها الشكل: (ضعيف- قوي)، وهو شكل التفاعيل الإيامبية. وبشكل مماثل له ترتب الأسباب الخليلية في تفاعيل أيضا، هذه التفاعيل تعد من الأنابيست anapest عندما ينحل السبب الأول من الزوج إلى مقطعين قصيرين. كما يمكن أن تفسر على أنها من الإيامب iamb إذا كان السبب الأول من كل زوج يؤلف مقطعا قصيرا، وقد جاء في موقع وزني ضعيف، ثم ازدوج بمقطع آخر في موقع وزني قوي، مع أنه في الأوزان العربية، يعدّ التصنيف التقليدي لأنواع التفعيلة إلى إيامب وتروكي وأنابيست ذا استعمال محدود. وفي ترميز الشجرة الوزنية يعد التركيب المبين ضمن البند رقم (4) بوضوح، هو التركيب الصحيح لبحر الكامل.
وقد بينت كل التفاعيل بوصفها maximally articulated أي بالموقع W المنفصل بشكل اختياري، وأما تفسير المواقع المنفصلة من حيث (القوي - الضعيفS W) وما يخالفها من الشكل (الضعيف – القوي W S ) أو غير المحدد، فقد جرت مناقشته بأدناه .
( هامش: ثمة قضية هنا لن أتعمق في بحثها، وهي تختص بالتركيب الوزني لما فوق التفعيلة. يقترح برينس مبدأ للاتساق يقوم بتجميع التفاعيل الصغرى verse feet الضعيفة والقوية المتناوبة في تفاعيل كبرى metra ، وهذه أيضا في أبيات. ثمة برهان على تجميع التفاعيل الصغرى في تفاعيل كبرى في العربية، فعلى سبيل المثال ، في بحر الكامل ، يكون في كل تفعيلة كبرى metron زوج من التفعيلات الأنابيستية والإيامبية. لكن هذا البرهان يكون أقل وضوحا في حالة تصنيف التفاعيل الصغرى، وأيضا أقل من ذلك وضوحا في حالة التفاعيل الكبرى. لاحظ أن التفعيلة الكبرى في الكامل في هذا التحليل تتطابق مع التفعيلة الخليلية).

4- التحليل الوزني التوليدي لتفاعيل بحر الكامل
(انظر المخطط رقم 4 في المقال الأصلي)