خطر ببالي أن أقلب صفحات كتابي "في نظرية العروض العربي" لعلي أكون قد أشرت فيه إلى هذه الظاهرة ولو من طرف ما . وفعلا وجدتني أقول في مبحث صغير جعلت عنوانه "بتر الوتد"، ما يلي:
"غالبا ما تتعرض نقرة الوتد الأولى للبتر في نهايات بعض الأشطر أو الأبيات عند الوقف التام . ويسبب هذا البتر الذي ينتج عنه نقص في عدد نقرات النسق خللاً في الإيقاع إن لم يجرِ تعويضه على النحو التالي :
أولاً : ضرورة التزام البسط في السبب قبل الوتد المبتور . فإذا كان هذا السبب ملتزماً البسط أصلاً ، استُحِب في المقطع الذي يشغله أن يكون مفتوحاً ؛ لأن المقطع المفتوح أقدر من المغلق على التعبير عن زيادة الكم الصوتي .
ثانيا : التزام المقطع المفتوح على نقرة الوتد المتبقية."
وهذا المبحث يتحدث عن ظاهرة معينة يفقد فيها الوتد مقطعه القصير في الضرب، تلك الظاهرة التي أشار إليها الخليل في ثلاثة مصطلحات منفصلة، هي: القطع والبتر والتشعيث. فلنتأمل، إذن، في قول المعري: "إذا فقدت الأوزان من هذا الجنس حرف الردف جاءت سالمة من التشعيث" ومعنى ذلك أنه لكي يكون الضرب مشعثا (أي مبتور الوتد)، عليه أن يكون مردفا (أي يلتزم المقطع المفتوح) ، وهذا هو ما نجده في الضرب حين يكون مقطوعا أو مبتورا، وهي معروفة لكل عروضي.
وهكذا ، أكون قد أيدت قول المعري الثاقب الفكر والسمع بقاعدة عروضية آمل أن يدعمها الباحثون بالشواهد .