لعبة الورق فى كوكب الاحزان

شعر القدير /د/ابراهيم ابو زيد

_____________________1___________________

إنْ أرَّقَتْ
أظافرُ الفكرِ ثعابينَ القلقْ
فى دمعةِ الوجدانْ
وتاهتْ الأغصانُ والطرقْ
فى غابةِ الأحزانْ
إنْ فى دمائهِ غرقْ
القلبُ والشريانْ
لا تلعنى الغسقْ
ولاتسًبّى الزمانْ
واقْتَربى منْ كاذبٍ صدقْ
فى كوكبِ الأحزانْ
كى نلعبَ الورقْ
**
ياأولَ النساءِ فى ذاكرةِ الخداعْ
فلتفتحى الصندوقَ بانْدورا.....
بروميثيوسُ مصلوبٌ على رُبى النـزاعْ
وأطلقى الحيّاتِ والهوامَ والأوجاعْ
كى يبدأَ الصراعْ
***
بكفكِ المهزوزْ
أسمعُ صوتَ الشايبِ العجوزْ
كأنّما الأوراقَ أجداثٌ بكفِّك تنادى تستغيثْ
تصيحُ قائلهْ:
" هل شاختِ الرموزْ؟
ونَسِىَ القتيلُ قاتلَهْ!
ذُبحتُ قبْلَ المقْصلةْ
فوقَ سريرِ العذراءْ
حَاولْتُ رىَّ السنبلةْ
بعرقِ السرابِ والإنحناءْ
لكنّهاخليلتى الهيفاءْ
جَعَلَتِ الفِراشَ نارَ القنبلةْ
ثمّ على الأوراقِ مسخاً صلبونى
كصورةٍ عمياءْ
كى يذْكُرَ التاريخُ هَوْلَ المهزلةْ"
---
يا قطتى المُرائيَةْ
لاتطمعى فى ورقى المنهارْ
إن تشربى النكتارْ
يُصيبُكِ العطشُ والخوفُ المقيمْ
وترثى البوارْ
لا تسرقى الورقةَ الباليةْ
فى وجهها مكتوبةٌ أسماءُ رعْ
لا ينفعُ السحرُ القديمْ
فى اللعبةِ الحاليةْ
إيزيسُ ما عادتْ لنا
آمرةً أو ناهيةْ
***
هل تلعبين مرةً ثانية؟
هل معك الورقةُ الحانية؟
أسمعها تقولْ؟
ورأسها على أصابعكِ مستلقيةْ
"كنتُ كزهرةٍ إذا هُمْ وصفونى
ماريةً صافيةْ
ولجمالى أوشكوا أن يعبدونى
فكيف بالجنونِ ...كيف يرجمونى
ثمَّ يقصون ضفائرى وتاجى عن جبينى
كنتُ أطالبُ لكلِّ الجائعين بطعامٍ كطعامى...
فلماذا أعدمونى؟؟!!
...
لاتكتبونى نقطةً مهملةً بين السطورْ
أو ترسمونى قطرةً فوق الغديرْ
لستُ أنا فاقدةُ العبيرْ
ولمْ أكنْ للنرجسِ الصدى
فالنرجسُ الحزينُ عاشقُ المرايا
عطورهُ الغرورْ
وبين أحشائى
تنتفضُ الأجنةُ العذراءُ من وهج الهجير"
---
البنتُ قبلَ السفرْ
قد سُربلتْ بالشمسِ والقمرْ
البنتُ حُبلى بالنجومِ...,
بالسحابِ ...,
بالزهورِ والشجرْ
تخافُ أن تلدْ
تخافُ أن يبتلعَ التنينُ أشلاءَ الولدْ
تائهةٌ على مشارفِ الطرقْ
تخافُ من لونِ الشفقْ
من ألفِ غولٍ فى النفقْ
تخافُ من كفِ الصديقْ
تخافُ من نابِ الشقيقْ
تسألُ دمعها الحبيسْ
أين الطريقْ
وامُها فى درِبها
تائهةٌ يئوس
---
الليلُ شيطانٌ خبيثْ
البنتُ تبكى تستغيثْ
يا أرتميسْ
ياربةَ العفافْ
فى الشطِ ألفُ خُنثى
فى ثوبِ أكتايونْ
تُدنْسُ الأصدافْ
يا أرتميسْ
الموتُ للخئونْ
فلتقلعى العيونْ
وقطّعى الأطرافْ
ولتحرِقى الضفافْ
فالماءُ قد يخونْ
***
أسمعُ قلبَهُ يغوصْ
بالداءِ فى قارورةِ النبيذْ
يصيحُ يستغيثْ
والكلُّ يدّعى بأنهُ لويسْ
فى صحراءِ النفوسْ
نهفو الى النيروز
لكنّها مواسم الخريفْ
متى تعودُ يا أدونيسْ
---
أينَ الولدْ
فلتبحثى بينَ الورقْ
هل تاهَ أم غرقْ
أم ضاقتْ البلدْ
بالرعدِ إن برقْ
هل شاخَ فى الرقصِ...,
على سلا لمِ الأبدْ
أمْ كلُ طفلةٍ تلدْ
فى الليلِ أجداداً …,
بلا قلبٍ …,
بلا كبدْ
---
إنْ رجعَ الولدْ
ممزّقُ الأثوابِ , عارى الطهارهْ
والفكرُ مسْخٌ …,
متورمُ الجباهْ
لاتسأليه فكَ لغزَ الحضارةْ
اللغزُ فخٌ للردى
واويلتاه
قتلَ أوديبُ أباهْ
إغتصبَ الأمومةْ
وفُقَأتْ عيناهْ
واحسرتاهْ
---
سمعتُ همسَهُ الضعيفْ
كصرخةٍ تكتمها جدرانُ صمتِ الكهوفْ
يقولُ :" فى العصرالمخيفْ
أرهقنى النظرُ نحوقمةِ الجبلْ
ذاك الكفيفْ
والصخرةُ العمياءُ فوقَ كاهلى
أثقلُ من تلك التى يحملُها سيزيفْ
وليس لى جناحُ أو دهاءُ ديْدالوس
قل لى أيا أورْفيوس
ياصاحبَ الغناءِ والدفوفْ
لمن على اكتافنا يجرى النـزيفْ؟
هل أنقذتْ ألحانُكَ الموتى؟
دعنى إذن أعانقُ الرصيفْ
***
أراكِ بالأرواحِ تعبثين
هيا العبى كما تشائين
فلنْ تفوزى أبداً بإمتلاكِ العشرةْ
لا تفرحى بالكثرةْ
فالسرُّ قد أخفى الهوى شطرهْ
فلستُ ساحرا ولا أحبُ ذكرَ السحرةْ
فلتقرئ ألواحَ قلبى العشرةْ
عِدّى معى
فلا يكنْ إلا أنا
لكِ الصباحُ والنورْ
لاتصنعى للغيرِ تمثالاً فليس لى نظيرْ
لاتنطِقى باسمى وقولى: ....
" عاشقى الأول والأخيرْ"
ولْتَسْبحى ستةَ أيامٍ بشريانى
وسابعُ الأيامِ نامى فوقَ قلبى السريرْ
ترعرعى فوقى أنا لك الجذورْ
ولتقتلى الحرمانَ والأشواقَ فى أجسادنا
وزوّجى الشطآنَ للغديرْ
لاتسرقِى نبضى
فالقلبُ عبْدُكِ الأسيرْ
ولتشتهينى
كيف أكون رجلاً
لكِ إذا لم تشتهى رائحتى
وتشتهى فى جسدى البخورْ
---
ياسامرىّْ
إنْ كنتَ تقرأُ مزاميرَ الوجودْ
إنْ كنتَ تد رى ..أنّ موسى يعودْ
هل كنتَ تبنى صنمَ الجحود ؟!!

***
إن لاحت ِالورقةُ التاسعةْ
فلتلعبى باسمةً أو دامعةْ
شامخةً أو راكعةْ
لاتفرحى إذا بلغتِ الكمالْ
فى قممِ الجبالْ
تنتحرُ الدروبْ
وتنتهى الآمالُ ..يبدأُ الغروبْ
---

الويلُ يا مدينةَ التسعةِ أبوابْ
الويلُ بل أقسى العذابْ
إن تحنثى بالعهدِ فى أزمنةِ الضبابْ
فلتحذرى المريخَ والرياحْ
من كلِ بابٍ تلجُ الجراحْ
إن كنتِ كالجبالْ
صلابةُ الصخورِ لا تدومْ
تفتُها المياهُ والسحابُ والهواءُ والهمومْ
لا تهربى لليلْ
عينُ الدجى لا تنسخَ الأرواحْ
والنورُ فى الكواكبِ التسعةِ فاقدُ الجناحْ
يا ضائعةْ
لاتهربى للبحرِ ..فالأهوالُ مُفزعةْ
للْهَيْدرا فى الماءِ .. تسعةُ رؤوسٍ لامعةْ
إن تُقطَعِ الرؤوسْ
فحازرى
فالرقباتُ اليانعةْ
تلدْ رؤوسَها المُقطَّعةْ
***
فلتحذرى ورقةَ الثمانيةْ
قساوةَ القيامةَ الثانيةْ
والدورةَ التاليةْ
فى كفّكِ اشتعالُ نارِ الشهوةِ الفانيةْ
والحيّةُ الرقطاءُ كانت كفَّكِ الثانيةْ
فى عينِكِ اليمنى أرى التنينْ
وفى جليدِ عينكِ اليسرى تُعمدينْ
والحبُّ فى جسدكِ الثلجىّ ممنوعٌ من السفرْ
لمّى عقاربكِ واختنى مخالبَ الضجرْ
معزولةٌ أنتِ بكوكبِ القضاءِ والقدرْ
غريبةٌ تائهةٌ فى زحلْ
لا تقتلى أطفالَك الثكلى
بالأزرعِ الثمانيةْ
وتسلبيهمُ البصائرَ ونعمةَ البصرْ
من أجلِ منحِِ المعرفةْ
أو متعةٍ مُدنّسةْ
إذا فقدنا النظرْ
لا فرقَ بين الماسِ والحجرْ
***
بينى وبينكِ بكتْ بلابلُ الورقةِ السابعةْ
نصفان كنّا فى بدايةِ السفرْ
أوّلُ يومٍ أشرقتْ أنوارهُ اليانعةْ
ظُلْماً تقاسمنا الوجودَ المنتظرْ
ثلاثةٌ لى ولكِ الأربعةْ
لى الرملُ والترابُ والحجرْ
ولكِ غاباتُ النجومِ والسماءُ والقمرْ
فهلْ نعودُ للتكاملِ قبيلَ السحرْ؟
---
لِمَ تسرّعت وعاقبتِ فؤادى بالهوى
أغرقتِ قلبى فى الغرامْ
كأننى كأهلِ نوحْ
كأنكِ الطُوفانْ
ليتك عاقبت فؤادى بالوباءِ وبالجزامْ
ليتكِ سلطتِ على قلبى السباعَ والذئابَ فى الظلامْ
فلتعفِ قلبى من تباريحَ الهيامْ
فالحبُ مختومٌ بسبعةٍ من الحجارة الأصنامْ
---
لو أننى فى الليلةِ المفجعةْ
منحتُكِ الورقةَ السابعةْ
كاملةً وخاضعةْ
والبقراتِ السبعَ والسنابلَ اليانعةْ
هل كنتِ تشبعينْ
أم تسخرينَ من فؤادى الحزينْ
ومن رؤى فِرْعُونْ
وتشتكينَ بخلَ خافقى الى نبتونْ
---
لو أننى أعطيتُكِ الكواكبَ السبعْ
جميعُها خاضعةْ
وسبعَ أرضينْ
حقوُلها مشبّعةْ
ومنحتُك الفضاءَ فى
سبعِ سماواتٍ ..
نجوُمها مطُوعةْ
وسبعَ موجاتٍ من الآشعةْ
والسبعةَ الألحانِ فى قوس قُذحْ
فهل تطوفين كمثلِ الشبحْ
بروحك الثالثةْ
أم بالجمارِ ترجمينَ الفرحْ
----
كى تصعدى معى سلالمَ الخلاصْ
فلتطرحى من رأسكِ الرصاصْ
نقّى دمائَك من القصديرِ والكذبْ
صونى عظامَك من النُحاسْ
وذوّبى الحديدَ فى مراجلِ الاحساسْ
لاتأخذى من مارسَ البرونزَ والغضبْ
وحرّرى قلبك من هوى أباريق ِالخشبْ
فالذئبُ قد ذهبْ
هيا معى نصعدُ للقمرْ
فى قاربِ الفضة ِنخترقُ الحجبْ
نغفوا ونصحوا فى مدائنِ الذهبْ
عشتارُ قد تعودُ للوجودْ
بموكبِ الربيعِ والطربْ
والسبعةِ الأسودِ بالأزهارِ تقترب
----
إن زادتِ الضوضاءُ ...,
والاضواءُ ...,
والاهواءُ والجدالْْ
وسُدّت ِالمخارجُ السبعةُ ...,
فى رأسِ الوليدْ
فكيف يكتملُ فى الوجودْ
لا يَسْمعُ القصيدْ!!
ويَرْسمُ الشطآن!!
الصمُ والعميان !!
---
إن يرجعِ الطُوفانُ يمحوالأمكنةْ
و تُغرِقُ السبعةُ كلَّ الأزمنةْ
فلتبذُرى سنابلَ الرصاصْ
فى ربوةِ الخلاصْ
فالسبعةُ العجافِ آتيه
لتأكلَ الإخلاصْ
----
***
أغرتكِ "فينوس" بما تشتهينْ
من جسدِ الورقة ِالسادسةْ
أعطتكِ رقّةَ النعومةْ
والسحرَ والفتنةَ ثمّ الشهوةَ المحمومةْ
وأَدْخلَتْكِ فى منازلِ القمرْ
وعلّمتك كيف تطّهرين
بالمرَّ والطيبِ وعطرِالأمومهْ
فكيف فى الليلِ أرى
على سريرى صرخةَ البومةْ
فلنسمع ِالأنغامَ يافاتنهْ
لاتفرحى إن كانت الورقةُ السادسةْ
نثرتِ الفيروز والأصداف فى أحلامكِ الناعسةْ
مملكةُ الشيطانِ تأوى فرقاً مُسدّسةْ
للحربِ ستةُ وجوهٍ عابسةْ
ستأكلُ الحياةَ فوقَ اليابسةْ
والأملَ البعيدْ
فى الليلةِ السادسةْ
جلجامشُ المسكينُ نامْ
حلَّ الظلامُ والخداعْ
سرقتِ الأفعى...,
نباتاتِ الخلودْ
قد ماتَ فارسُكِ …,
ماتْ الشجاعْ
هلْ يرَجعُ الخاتمُ … ,
ذى الستةِ أضلاعْ ؟!!
---
إن مرّتِ الأربعونْ
ورجعَ التائهونْ
بالمنِّ والمنونْ
من تيهِ موسى أو صحارى يزيدْ
إن عادَ ياجوجُ وماجوجْ
والنارُ والأجيجْ
من باطنِ الإخدودْ
فمن سيبنى السدودْ
والخندقَ الممدودْ
أين النحاسُ والحديدْ
ياصاحبَ القرنينِ ... هل تعودْ؟؟
أم حائطُ البكاءِ قد يسودْ؟

***
يتبع