العزيز خشان : زاده الله علماً وفضلا .

* ملاحظة أولى : إن كان التكافؤ يعني التساوي , فلا أرى أن حركتين { 11 = (2) } تساوي حركة وسكون {1ه = 2 } , والأولى في نظري استعمال مصطلح الإنابة , فالحركة الثانية هنا تنوب مناب السكون , أو كما نقول في الأنظمة الإبدال . وعلينا أن نبرر هذا العمل في كل الأحوال .


أستاذي الكريم حفظه الله ورعاه وزاده رفعة وتواضعا

استعمالي لكلمة (تكافؤ) مقصود، وهي تعبر عن فهمي لاختلافها عن كلمتي
مساواة : فهي تعني تماثلا مطلقا ليس موجودا
و (إبدال) فهي تتضمن أن أحد السببين أصل وجرى إبداله بالآخر، وفي فهمي أن أحد السببين الخفيف والثقيل في الإيقاع الخببي ليس سابقا للآخر بل هما هكذا كالتوأم كل منهما أصل وبينهما تكافؤ.




* ملاحظة ثانية : تطبيق قاعدة أصل متفاعلن = 111ه11ه = 1 3 3 في الكامل على فعلن = 111ه = 1 3 في المقتضب , قياس مع الفارق ويحتمل الصحة والخطأ , لأن فعلن يمكن أن يكون أصلها أيضاً 2 3 . يجب ألا يفهم أن ما ينطبق على فعلن في الكامل يسري عليها في مواضع أخرى .

هي تنطبق على ((31)) في كل من
المقتضب = 2 3 3 ((1 3))
وفي المنسرح = 4 3 2 3 3 ((1 3))
وفي البسيط = 4 3 2 3 4 3 ((1 3))

ومعنى أن يحتمل أي من هذه الخطأ هو أن يوجد في الشعر أو في أقوال العروضيين على مدى تاريخ العروض قول معتبر بورود قصيدة تحل فيها 2 3 محل 1 3

وعندما عرّفتُ التأصيل بأنه إعادة الوزن إلى أصله على دوائر الخليل مع أخذ اشتراطات الخليل في العروض والضرب بعين الاعتبار فإن تلك الاشتراطات هي طي مستفعلن أبدا في عروض المنسرح وطيها أو قطعها في ضربه، وخبن مستفعلن أبدا في عروض البسيط وخبنها أو قطعها في ضربه. فأنت بين خيارين هنا

هما القول
أ- أن 1 3 هنا هي 2 2 = (2) 2 أو 22
ب- أن 1 3 هنا أصلها 2 3 مع وجوب تحول 2 إلى 1 أي تحول 2 3 إلى 1 3 أو تحول 3 إلى 2 أي تحول 32 إلى 22

وكما ترى فالأمران (أ) و (ب) سيان في النتيجة والاختلاف هو في التعبير.


* عزيزي الأخ خشان : إذا سلمت لك بأن الوتد الثاني في المقتضب في مثال : قد أتاك يعتذرُ , هو " الأوثق " الثابت قطعياً , فقد إنتهى النقاش , ولم يعد هناك خطوة أخر ! لقد راجعت ما كتبته تحت عنوان " التخبيب والتخاب " ووجدت قواعد متعددة لتحديد الأوثق وبعضها له استثناءات . وأنا لا أنفي صحة هذه القواعد ولا أثبتها , ولكني أيها العزيز , لا أستطيع البناء عليها واستخراج نتائج مؤكدة ,

لا ألومك أستاذي في عدم البناء على هذه القواعد وعدم الوثوق بها، فما توصلتُ لها إلا بعد استقراء وتدرج طويلين. وأنا أفضل أن تشك بها فالشك طريق البرهان، ولو كنت مكانك لاختبرتها على الواقع أي على الشعر العربي، والنتيجة خير في الحالين، فإن وجدت ما ينقضها تعاونا معا على تصحيحها، وإن لم تجد تكون قد أكدتها للجميع.

وما كنت لاتردد في قبول تشخيصك " للأوثق " لولا خشيتي من أن يؤدي إضفاء الشرعية عليه إلى إحداث إشكالات في أوزان أخرى

أستاذي الكريم
إن القدر من الصواب فيما توصلت له لم يكن ليحصل لولا بروز إشكالات عدة والبحث عن حلول لها. وتطوير القواعد لتلافيها. حصل ذلك عدة مرات. هذه دعوة ورجاء لك وللآخرين للبحث عن مثل هذه الإشكالات. والذين عاصروا بدايات الرقمي وما آل إليه يرون التغيير، وأظن أنه سيظل في حاجة لمزيد من البلورة في القادم من الزمن.

أما قواعد التخاب خاصة بعد الأوثق فليس سوى قاعدتين:
1- آخرمقطعين أو ثلاثة مقاطع بعد الأوثق إن أمكن التعبير عنها خببيا حكمتها أحكام الخبب
2- ما تقدم مشروط بسعة منطقة الضرب لعدد من الأسباب لا يزيد عن أكبر تجمع أسباب في حشو البحر بسبب واحد لا أكثر، وهذا راجع إلى يسر التبسيط الخببي بعد التفاوت (البحري) وهذا لا يزيد عن الرقم6 =222 في أي حال.
ولهذا لا ينطبق التخاب على وزن الطويل 3 2 3 4 3 1 3 4
وينطبق في (موزون )عذب على وزن الطويل 3 2 3 4 3 1 3 2


وهنا فائدة أخرى فورود 2 2 في آخر المتقارب يمكننا تفسيره على أن أصله

3 2 3 2 3 1 3 = 3 2 3 2 3 2 2

دون النظر إلى حدود التفاعيل كعائق يعيق انتظام قواعد الرقمي على المقاطع باعتبارها الذات أو اسم الذات في حين أن التفاعيل صفات.

وهذا بالمناسبة موضوع بحث طويل فيما يخص التناظر والتناوب نؤجله لما بعد الفراغ من الأساسيات.


* أعتقد أنه لا حاجة إلى تلوين السبب ما قبل الأخير في شطري بيت الشعر : ترك سنتي فيكم....الخ , وافتراض أنه سبب خببي يتكافأ مع السبب الخفيف , لأنه فعلاً سبب خفيف

كل ما أطلبه هنا هو الاتفاق على اختلافنا حول هذه النقطة فتلوينه بالأخضر يعكس فهمي لإمكانية حلول سبب ثقيل محله.
.
والتعديل الذي أجريته علي نهاية الشطر الأول ليصبح مثل الوزن الدارج , لم يؤثر على موسيقاه , ولو حاولت تعديل البداية لشعرت بضعف موسيقى الإيقاع واقترابها من النثر .

تماما أستاذي وهذا ا أقوله في التخاب


* ما أريد أن أقوله : المقتضب يظهر في صور كثيرة ( الشيخ الحنفي عدِّ اثنتي عشر صورة , ونقل أن باحثين نسبوه إلى أوزان أخرى من بينها مجزوء الخفيف ) . ومحاولاتنا استكشاف أصل واحد لها جميعاً سيصطدم بعقبة التنوع هذه , ما لم نوجد ضوابط أخرى للاختيار من بينها أو ترجيح أحدها على الأخرى .

كتاب الشيخ جلال كتاب قيم جدا، ولكننا لو تقصينا كل احتمالات كل البحور لما أمكننا تغطيتها.
على أن معظم ما أورده عن المقتضب ينتهي ب 22 أو (2) 2
والنقاش حول ما يخالف هذا سيأخذنا بعيدا عن موضوعنا.

* لا أرى مانعاً من إعطاء هذه المسألة مزيداً من الوقت , فهات ما عندك لعل الله يجعل بعد عسرٍ يسرا ,,,,,,,,,

لا بأس أستاذي وأنا واثق أنني سأستفيد من تمحيصك وسديد رأيك، والاختلاف في الأمر في هذه المرحلة أجدى من الاتفاق لأنه مدعاة لمزيد من التفكير ومراجعة الذات والاستفادة من الرأي المخالف لدى كل منا توخيا للصواب.

أكرر هنا أن الوتد الأصيل كما أورده الخليل في كل تفاعيل كل البحور إذا طرأ عليه تغيير (في الحشو) فسد الوزن وانفتح باب لا ينسد أبدا للاضطراب الذي تأباه الذائقة العربية.
وأعرف أني بهذا أصولي عروضي خليلي، يصعب علي تكييف نفسي للنظر من داخل نظام آخر بشكل تؤدي بي معطياته التي قد لا أجيد رؤية مطباتها إلى استنتاج جواز تغير الوتد 3 في الحشو إلى 22. وطريقي لإثبات رأيي هو ذات الطريق الذي دعوتك إليه لتدقيق صحة موضوع التخاب أي تجربته على الواقع الشعري.

بل لعلي أبدو مزاودا على الخليل في موضوع ما يطرأ على الوتد في المقاطع الأخيرة من البيت من أنه غير راجع إلى تغيير في بنية الوتد حالة كونه وتدا، بل من تغير السياق الذي يرد فيه الوتد بعد الأوثق نتيجة لزحاف أحد الأسباب بحيث يندرج الوتد في سياق خببي يفقد وتديته فيه أولا ثم يحصل ما يبدو من تغيير جرّاء انطباق التكافؤ على ذلك السياق كله بعد الأوثق.

لا أدري كيف قفز إلى ذهني هنا حديث الرسول عليه السلام، ولله ورسوله المثل الأعلى :" لا يزني الزاني وهو مؤمن "

كأن الوتد لا يتغير حين يتغير وهو وتد. وفي هذا الإطار تدخل كافة العلل. يبقى أن نبحث عن علة تستعصي على هذا في الواقع أو عن حكم غير مطرد فيه.

وعودا إلى الوتد وعلاقته بالتغير واستعراض حالتين من ذلك مقارنا التفسير التفعيلي بالتفسير الرقمي فيهما

1- الكامل = 4 3 4 3 2 2 2
وهو ما يدعى بالإضمار مع القطع وهو ما يعرف في العروض بحذف آخر الوتد المجموع مع إسكان ما قبله.
وبه تنتقل متفاعلن 331 إلى فعْلاتن

رقميا حصل هذا التغير على المراحل التالية
4 3 4 3 4 3 تحول بالزحاف إلى 4 3 4 3 2 1 3
= 4 3 4 3 2 (2) 2 = 4 3 4 3 2 2 2 ( مع ملاحظة أن أحد السببين يكون ثقيلا)

2- المتقارب = 3 2 3 2 3 2 2
وبه تتحول فعولن إلى فعْ نتيجة لما يراه العروض التفعيلي المقيد بحدود التفاعيل بحذف السبب الخفيف وآخر الوتد المجموع مع تسكين ما قبله.

ورقميا
أ- 3 2 3 2 3 2 3 2 تحولت بالـ(حذذ) إلى 3 2 3 2 3 2 3
ب- 3 2 3 2 3 2 3 تحولت بالزحاف إلى 3 2 3 2 3 1 3
جـ- 3 2 3 2 3 1 3 = 3 2 3 2 3 2 2
د – 2 تأتي 2 أو (2) ويلتزم أحدهما في الضرب لضرورة أحكام القافية



ولو كان ما ذهبتَ إليه في تمهيدك ثم لاستنتاجك للنظام الإيقاعي صحيحا لتبعت ذلك صحة التطبيق، وهذا يقتضي أنه إن خرجنا بنتائج نقر بخطئها فإن ما افترضناه صحيحا وأوصلنا إلى النتائج التي نراها خطأ، ففرضياتنا خطأ.

إن وجدتَ في الواقع خطأ ما ذهبت إليه في التخاب فأظننا قادرين معا على تصحيحه.
وأنا أقول إن المعطيات التي اعتمدتَ عليها أدت إلى قولك:



الخلاصة أن البيت الأول ( قد أتاك يعتذر = 2 3 3 1 3 ) والثاني ( قد أتاك مستعتبا) ينتميان إلى أصل واحد هو :
ع1=32------ع2=22------ع1=32 ( فاعلن فاعل فاعلن ) . ولكن التقطيع الحقيقي لكل بيت ( شطر) مختلف . فأيهما أفضل من الناحية الموسيقية .


لو كان من أصل واحد لكان هذا البيت صحيحا مصداقا لقولك :" أن الأنظمة مبنية على اسس علمية وليست تقرير للواقع , وأنها تفسر جميع مفردات الظاهرة ( الشعر ) من خلال قاسم مشترك , لا كما في عروض الخليل حيث نجد لكل وزن قاعدة مختلفة , وأنها تفتح الباب أمام إبتكار أوزان جديدة مشتقة من الأسس التي تقوم عليها الأوزان المعروفة وليس بطريقة المحاولة والخطأ كما في عروض الخليل"

قد أتاك يعتذر .........فادنُ منه يا مقمرُ
2 3 3 1 3 ............2 3 3 2 3

أنظر الفارق في السمع بين هذا البيت والبيت:

قد أتى من يستخبر .............فادن منه يا مقمر ( جائز في عروض الخليل )
2 3 -4 – 2 3 ...................2 3 – 3 – 2 3

ومع أني أرى أن 2 3 2 2 2 3 ثقيلة في مجزوء الخفيف وبعض أهل العروض يستثقلون كف فاعلاتُ فيه فرغم هذين وما أديا إليه من ثقل في البيت الثاني فإنه يظل أقل تنفيرا للأذن من الأول.


****************

ننتقل الآن إلى نقطة أخرى وهي قولك:

أ‌- 2----3----(22)----(22)...............مستبعد لعدم وجود أي نظام

هنا أتفق معك تماما فيه مع اختلاف المقاربة نظرا لاختلاف الأسلوبين، فمن وجهة العروض الرقمي فإن أكبر من الأسباب (الخفيفة) في أي بيت شعر من أي بحر كان لا يتعدى 3 أسباب 222=6، وهذا يوجد في منطقة ضرب بعض البحور ولا يوجد في الحشو في غير بحور دائرة المشتبه مستقرا في (الخفيف والمنسرح) ومؤصلا في (المقتضب والمضارع ومجزوء الخفيف)

***************

3- الخفيف ( ربّ قد أترعت كأسي )الرقمي : 2 23 23 2
النظمي : 2 23 23 2

هنا خطأ في الوزن ربما لعد ترك فراغ بين الأرقام

فالوزن = 2 3 2 2 3 2 وهذا من الرمل

ولعل نظام إيقاعه 2 – 3 2 – 2 – 3 2


أستاذي شكرا لك بقدر ما يسعدني شعوري بالفخر أني أناقشك.
ولي عودة بإذن الله.