أخي وأستاذي الكريم

سأجيب بقدر ما أراه خادما للهدف من مداخلتي على تناولك للنظام الإيقاعي
وأفترض أن الهدف من العروض الرقمي في تناولك هو هو الخروج بتصور نظري كمّي كلي شامل لجميع الأوزان (1) .

وهنا أرجو أن تسمح لي بالتفكير أمامك بصوت عال راجيا أن تقيم لي منه ما تراه بعيدا عن الموضوعية في إطار الهدف الذي تفضلت به وأرانا متفقين عليه.

الحرص على نجاح أي منهج يقتضي اختباره بحثا عن أي نقاط ضعف فيه لتعديل أسسه بما يسد هذه الثغرات، وليس البحث عن جوانب الصواب فيه. والأمر في هذا كاختبار خط مياه بحثا عن تسرب الماء لمعالجته.

ونجاح المنهج مطلوب في أمرين:

الأول : تجاحه في التحليل بحيث لا يكون هناك نظام إيقاعي واحد لوزنين أو بحرين مختلفين وعدم إهمال أي عنصر من عناصر الوزن.

الثاني: نجاحه في التركيب أو التصميم بحيث أننا لو استعملناه في تصميم شعر فألبسنا أرقامه أحرفا أعطانا شعرا موزونا منسجما.

وقد رأيت بعض القصور لا في المنهج نفسه بل في نتائجه كون تلك النتائج قامت على نظرة إلى المقاطع التي يتناولها بما يناظر التأصيل في مفهوم الرقمي الذي اعتدناه في المنتدى، وأصل القصور كما أراه – وقد أكون مخطئا – راجع في جله إلى أنك في تناولك للرقمين 3 3 ( في غير الوافر والكامل) تعتبرهما تارة 3 4 وأخرى 4 3 – وليس غير هذين الاحتمالين- ولكنك أحيانا تخرج في ذلك عن مفهوم الخليل للوتد الأصيل.

ورأيت أن النظام يعطي نتائج صحيحة تحليلا وتركيبا عندما يتفق تحليلك مع نظرة الخليل للوتد.
ورأيت أن النظام يعطي نتائج غير صحيحة تحليلا وتركيبا عندما يختلف تحليلك مع نظرة الخليل للوتد. ويكاد ذلك يصل لحد التضحية بالواقع الشعري في سبيل النتيجة النظرية.

فجهدت أن أوضح هذا من البداية ليستقيم ما نمضي فيه مع ما رأيته صحيحا – وقد أكون مخطئا- .

شجعني على هذا الطرح ما وجدته من قدر عال من اتساق منهج الدكتور أحمد مستجير وهو رقمي وإن لم يستعمل الأرقام ويتقاطع كثيرا مع مدار الحوار بيننا، وأعزو ذلك إلى الاعتبار الذي أولاه للوتد، حيث ثبته من خلال تثبيت متحركه الأول الذي أسماه ( السبب المميز).

فإن رأى أستاذي في بعض تفكيري هذا وما ترتب عليه من مواضيع خروجا عن الموضوع وتشتيتا للجهد فإن رجائي أن تنبهني إلى ذلك البعض لأتوقف عنه. وإن شئت أن نؤجل الحوار كله لما بعد اكتمال عرضك للموضوع ثم العودة إلى النقاش، فربما يكون ذلك مناسبا.

وكلي تقدير لشخصكم الكريم ونهجكم المتميز. وسعادة بمستوى هذا الحوار الذي ما كنت لأستمتع به لولاكم.

والله يزيدك رفعة وتواضعا ويرعاك.
----------------------
(1) وهو الهدف الأسمى لأسلوبي في تناوله مع أني أفترض أن هذا الهدف الأسمى للتصور الكلي بحكم أنه كلي فهو بالضرورة يمر بكل الجزئيات التي تناولتها أسئلتك.
.