شتان بين أبياتي المتواضعة وأبيات شاعر العرب الأكبر .




فلسطين بلا يافا تبابُ ...... عليه البوم ينعق والغراب
وكيف يكون جسمٌ دون رأسٍ ...... أتغني عنه إذ زُرِعت ذنابُ
ليخسأ أهلُ مؤتمرٍ وحزبٍ ........ ولو للإفك قد جُمِعَ النصابُ
أقامهم علينا الغربُ غصْبا ........ بآلته عنت لهم الرّقابُ
ومن هانت عليه قباب يافا ...... فليس يذود عن شرفٍ ......ـابُ
وليس له لتصفيةٍ بديلٌ ....... وكل كلامه دجَلٌ وعابُ
تَمَحُّكه بذكر القدسِ يعني ........ سواها لليهودِ له انتسابُ
يوقعه الممثّلُ من دعوه ....... وحيداً، إنّما هذا كِذابُ
فأرض المسلمين لهم جميعا ........ كذا بالحكم قد جاء الكتابُ
ولا تلغية ثوراتٌ تتالت ....... ولا التشطيرُ جلّ به المُصابُ
ولا يلغيه سيْكيسٌ وبيكو ........ ولا الأسطول يقذفه العُبابُ
ولا غسلٌ لأدمغةٍ بفكْرٍ ........به يُدعى سلاماُ الاغتصابُ
أرى في حالك الظلمات خيطا ........يبشرنا بأن أزف اقتراب
لما تهوى النفوس من الأماني ......... غسى دعواتنا في ذا تُجابُ
إلهي ردّنا ردّا جميلاً ...... بنا أزرى عن النهج الغيابُ
وهبنا وحدةً سُلبت طويلاً ...... وكم يحلو لظمآن شرابُ
ظمئنا للعلى وليومِ عِزِّ ........ يكون لنا به بأسٌ يُهابُ





بـيافا ' يومَ حُطَّ بها الرِكابُ ........ تَمَطَّرَ عارِضٌ ودجا سَحابُ
ولفَّ الغادةَ الحسناءَ ليلٌ........ مُريبُ الخطوِ ليسَ به شِهاب
وأوسعَها الرَذاذُ السَحُّ لَثْماً........ فَفيها مِنْ تحرُّشِهِ اضطِراب
و ' يافا ' والغُيومُ تَطوفُ فيها........ كحالِمةٍ يُجلِّلُها اكتئاب
وعاريةُ المحاسن مُغرياتٍ........ بكفِّ الغَيمِ خِيطَ لها ثياب
كأنَّ الجوَّ بين الشمسِ تُزْهَى........ وبينَ الشمسِ غطَّاها نِقاب
فؤادٌ عامِرُ الإيمانِ هاجَتْ........ وسوِسُه فخامَرَهُ ارتياب
وقفتُ مُوزَّعَ النَّظَراتِ فيها........ لِطَرفي في مغَانيها انْسياب
وموجُ البحرِ يَغسِلُ أخْمَصَيْها........ وبالأنواءِ تغتسلُ القِباب
وبيّاراتُها ضَربَتْ نِطاقاً........ يُخطِّطُها . كما رُسمَ الكتاب
فقلتُ وقد أُخذتُ بسِحر ' يافا ' ........ واترابٍ ليافا تُستطاب
' فلسطينٌ ' ونعمَ الأمُ ، هذي ........ بَناتُكِ كلُها خوْدٌ كَعاب
أقَّلتني من الزوراءِ رِيحٌ ........ إلى ' يافا ' وحلَّقَ بي عُقاب
فيالَكَ ' طائراً مَرِحاً عليه........ طيورُ الجوِّ من حَنَقٍ غِضاب
كأنَّ الشوقَ يَدفَعُهُ فيذكي ........ جوانِحَهِ من النجم اقتراب
ركبِناهُ لِيُبلِغَنا سحاباً ........ فجاوزَه ، لِيبلُغَنا السّحاب
أرانا كيف يَهفو النجمُ حُبَّاً ........ وكيفَ يُغازِلُ الشمسَ الَّضَباب
وكيفَ الجوُّ يُرقِصُهُ سَناها ........ إذا خَطرتْ ويُسكِره اللُعاب
فما هيَ غيرُ خاطرةٍ وأُخرى ........ وإلاّ وَثْبةٌ ثُمَّ انصِباب
وإلاّ غفوةٌ مسَّتْ جُفوناً ........ بأجوازِ السماءِ لها انجِذاب
وإلاّ صحوةٌ حتّى تمطَّتْ........ قوادِمُها ، كما انتفَضَ الغُراب
ولمّا طبَّقَ الأرَجُ الثنايا ........ وفُتِّح مِنْ جِنانِ الخُلدِ باب
ولاحَ ' اللُّدُّ ' مُنبسِطاً عليهِ ........ مِن الزَهَراتِ يانِعةً خِضاب
نظْرتُ بمُقلةٍ غطَّى عليها ........ مِن الدمعِ الضليلِ بها حِجاب
وقلتُ وما أُحيرُ سوى عِتابٍ ........ ولستُ بعارفٍ لِمَنِ العتاب
أحقَّاً بينَنا اختلَفَتْ حُدودٌ ........ وما اختَلفَ الطريقُ ولا التراب
ولا افترقَتْ وجوهٌ عن وجوهٍ ........ ولا الضّادُ الفصيحُ ولا الكِتاب
فيا داري إذا ضاقَت ديارٌ ........ ويا صَحبيْ إذا قلَّ الصِحاب
ويا مُتسابقِينَ إلى احتِضاني ........ شَفيعي عِندَهم أدبٌ لُباب
ويا غُرَّ السجايا لم يَمُنُوا ........ بما لَطُفوا عليَّ ولم يُحابوا
ثِقوا أنّا تُوَحَّدُنا همومٌ ........ مُشارِكةٌ ويجمعُنا مُصاب
تَشِعُّ كريمةً في كل طَرفٍ ........ عراقيٍّ طيوفُكُم العِذاب
وسائلةٌ دَماً في كلِّ قلبٍ ........ عراقيٍّ جُروحُكم الرِغاب
يُزَكينا من الماضي تُراثٌ ........ وفي مُستَقْبَلٍ جَذِلٍ نِصاب
قَوافِيَّ التي ذوَّبتُ قامَتْ ........ بِعُذري . إنّها قلبٌ مُذاب
وما ضاقَ القريضُ به ستمحو........ عواثِرَهُ صُدورُكم الرّحاب
لئنْ حُمَّ الوَداعُ فضِقتُ ذَرعاً........ به ، واشتفَّ مُهجتيَ الذَّهاب
فمِنْ أهلي إلى أهلي رجوعٌ ........ وعنْ وطَني إلى وطني إياب