هذا موضوع جميل يلامس فيه أستاذنا جوهر الرقمي في مواضع عدة.
أسوقه هنا ليطلع أهل الرقمي على ما يتطلبه الحث من جهد وتركيز وبحث .
وليعرفوا قدر ما هم فيه من خير إذ يعرفون علاقة المتدارك بالخبب كمبدإ أساس من مبادئ الرقمي.
كما أسوقه احتفاء بأستاذ نا وأستاذ أستاذتنا زينب، بديار بشير الذي أتاح للرقمي من خلال قبوله به موضوعا لرسالتها فرصة عرضه على مستوى أكاديمي.

كلي أمل أن يطلع أستاذنا على ما سأعلق به - وربما ما سيعلق به غيري كذلك - على الموضوع متمنيا أن يجد فيه ما يطمئن به قلبه إلى سلامة قراره .


سأحاول أن يكون ردي مفهوما قدر الإمكان لمن لم يتدرج في درس منهاج الرقمي فلعل زملاء أستاذتنا وطلبة جامعيين آخرين يطلعون عليه ويكون مدخلهم للرقمي .




حكاية البحر المتدارك
الأستاذ بديار البشير
قسم اللغة العربية وآدابها
جامعة الأغواط


الجزء الأول :


شاع عند أغلب الدارسين للعروض أن البحر المتدارك من وضع الأخفش الأوسط سعيد بن مسعدة، وقد استدركه على الخليل، ويجزم البعض أنّ الأخفش كان يجهله ويشير البعض الآخر أنّ الخليل كان يعرفه، بينما يذهب بعضهم إلى أنّه بدعة للعروضيين، ويؤكد آخرون أنّه قديم، ثم اختلفوا في أعاريضه فجعلوا بعضها قديما وبعضها محدثا.واختلفوا في تحديد أجزائه وفي تعليل أشكالها، بينما حرص البعض على إلغاء السالم منه، والاعتراف فقط بالمخبون والمشعث، ووصلت في الأخير إلى أن المتدارك يجمع بين بحرين مختلفين، لفق العروضيون العلل والزحافات لإدماج أحدهما في الآخر.

أنظروا إلى أنّ أوّل ما يواجهنا في البحر المتدارك هو تحديد تاريخ ظهوره، والخوض في هذه
المسألة ليس بالأمر الهيّن، والنتيجة لن تكون قاطعة لسبب بسيط هو أنّ الباحث في علم العروض تواجهه مشكلتان :
أولاهما : غزارة المادّة الشعرية والتي يصعب مسحها، ولا تكفي دواوين الشعراء للوقوف على البحور التي استعملها القدماء بل يتّسع فضاء البحث إلى كتب الأدب، واللغة، والتراجم لأنّ الكثير من الأشعار، والمقطعات، والنتف لا توجد في دواوين أصحابها أو أنّ أصحابها ضاعت دواوينهم، أو أشعارهم.
وثانيهما : ضياع كتب العروض التي أّلفت في القرن الثاني والثالث ومما يؤسف له أنّ بعضها كتب في التعقيب على عمل الخليل، ومخالفته لا نعرف منها إلا العنوان أو اسم مؤّلفها ومن هؤلاء :
178
أبو محمد برزخ بن محمد الكوفي العروضي، وهو معاصر للخليل قالعنه ياقوت الحموي أنه ”هو الذي صنف كتابا في العروض نقض فيه العروض في زعمه على الخليل، وأبطل الدوائر، والألقاب، والعلل التي وضعها، ونسبها إلى قبائل العرب،وكان كذابا“ ( 1) والغريب أنّ هذا العروضي له أربعة تآليف في علم العروض وهي : ”كتاب العروض، وكتاب معاني العروض على حروف المعجم، وكتاب النقض على
الخليل وكتاب الأوسط في العروض“ ( 2)، ولم يصلنا منها أيّ تأليف ولا أظنّ أن . عروضيا آخر يفوقه في هذا العدد سوى الأمين المحّليّ ت 673 أبو العبّاس الناشئ الأنباري 293 هـ : قالالمسعودي ”قد زاد جماعة من الشعراء على الخليل بن أحمد في العروض... وقد صنف عبد الله بن محمد الناشئ
الكاتب الأنباري في ذلك كتابا ذكر فيه أنواعا من هذا المعنى...وللناشئ أشعار كثيرة حسان... ومصنفات واسعة في أنواع من العلوم“ ( 3) وقد نقل أبو الحسن العروضي منه كلاما وعّلق عليه.
أبو الحسن علي بن هارون بن علي بن يحيى بن أبي منصور المنجّم 277 هـ 352 هـ له كتاب "الردّ على الخليل في العروض" و"كتاب القوافي "( 4) وقد ذكر له أبو الحسن العروضي عدّة مقطوعات ردّ بعضها إلى بحور الخليل، وتعسف في رد بعضها كما في مقطوعة :

ترَى الحاجَاتِ حَيْرَى إَذا اعْتَلَّ الوَزِيرُ........ وَيُظَْلمُ كُلُّ صَقْعٍ وَتَعْتَلُّ الأُمُورُ
وَيَبَْقى النَّاسُ كالرَّكْبِ ضَلُّوْا وَسْطقفْرٍ...وََليْسَ بِهِ دَلِيلٌفيَهْدِي مَنْ يَجُورُ

وهي على وزن :

مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن ....... مفاعلتن فعولن مفاعلتن فعولن

فقالأبو الحسن العروضي هذه الأبيات أصلها الوافر، وأنّه عمد إلى مفاعلتن فجعل
إلى جنبها فعولن، والصحيح أنها من بحر جديد، وليست من الوافر وعلاقتها بالوافر مثل
علاقة المديد بالرمل.

هذا ما يذكر عن بعض العروضيين الرواد الذين لم يحفظ لنا التاريخ تآليفهم. والأهمّ من هذا كّله أنّ ما تركه الخليل في علم العروض وهو مؤسّسه لم يصلنا منه أيّ تأليف في العروض له، فقد ذكر المترجمون أنّ له كتابا سمّاه "العروض" ،وانفرد الزبيديّ
179
بذكر كتابين آخرين للخليل عرضا، وذلك عند الترجمة لعبّاس بن فرناس حيث ذكر أنّه ”جلب بعض التجّار كتاب المثالمن العروض للخليل فصار إلى الأمير عبد الرحمن . أخبرني أبو الفرج الفتى وكان من خيار فتيانهم قالكان ذلك الكتاب يتلاهى به في القصر، حتى أنّ بعض الجواري كان يقول لبعض: صيّر الله عقلك كعقل الذي ملأ كتابه ( مِمَا، مِمَّا(، فبلغ الخبر ابن فرناس فرفع إلى الأمير يسأله إخراج الكتاب إليه، ففعل فأدرك منه علم العروض، وقالهذا كتاب قبله ما يفسّره فوجّه به إلى أمير
. المشرق في ذلك فأتى بكتاب الفرش فوصله الأمير بثلثمائة دينار وكساه“ 5 هل كتاب الفرش، وكتاب المثالالّلذان ذكرهما الزبيديّ تأليفان مختلفان عن كتاب العروض للخليل أم هما مجرّد جزءين لكتاب العروض؟.
أنّ ما نجزم به هو أنّه لم يشر أحد إلى أنّ كتاب العروض يقع في جزأين، وإن ذكر بعضهم أنه ضخم فلم ينقل لنا أحد عبارة (مما، ممَّا) التي ملأ بها الخليل كتاب المثالوهي على وزن مفاعيلن حيث تدل على أنّ الخليل استعمل كذلك التقطيع المقطعيّ الموسيقيّ المشابه ل ( تَ وتَنْ ( أو( تَ وتَكْ( عند الموسيقيين، أو ما يسميه الفارابي بالمقطع القصير، والمقطع الطويل( 6) والخليل كما هو معلوم له "كتاب الإيقاع" و"كتاب في النغم".
لقد اعترف إسحاق الموصلي بفضله حين أّلف كتابا مماثلا في النغم؛ فقد ذكر أبو بكر الزبيديّ أنّه :”لما صنع إسحاق بن إبراهيم كتابه في النغم والّلحون عرضه على إبراهيم بن المهدي فقالأحسنت يا أبا محمّد وكثيرا ما تحسن فقالإسحاق : بل ( أحسن الخليل، لأنّه جعل السّبيل إلى الإحسان“ )7
وهذا الخبر يؤ كد أنّ كتاب النغم للخليل كان في الموسيقى وليس في النغم النحوي المقابل ل (prosodie) أو التنغيم (intonation) كما أوّلها البعض( 8)، وأنّ إسحاق ،الموصليّ استفاد منه، وإذا علمنا كما ذكر ياقوت الحموي أنَّ الخليل ”كانت معرفته بالإيقاع [ هي التي ( 9) أحدثت ] له علم العروض“( 10 )، فلا يستبعد أن يكون قد حاول استعمالالإيقاع الموسيقي لتحديد أوزان الشعر في بادئ الأمر ثم استعمل
التفعيلات، وعّلة ذلك ”أنّهما متقاربان في المأخذ“( 11 ) على حدّ قول ابن خلكان.وإذا ما رجعنا إلى إشارة الزبيديّ فإنها لا تكفي لأخذ فكرة واضحة وتامة عن كيفيّة تناول الخليل في كتابي "الفرش" و"المثال" وعن محاولة تقطيعه للشعر بطريقة غير التي
180
عرفناها عنه، وقد حاولت التفتيش فيما هو منثور في بعض كتب العروض وبعض كتب التراجم، فلم يسعفني البحث لالتقاط أي إشارة أخرى عن هذين التأليفين. وما وجدته عند "ابن عبد ربّه" في العقد الفريد في (كتاب الجوهرة الثانية في أعاريض الشعر وعلل القوافي) حيث قسّمه إلى جزئين جزء للفرش وجزء للمثالوفعل مثل ذلك في أرجوزته قائلا :
) ”هَذا اخْتِصَارُ الَفرْشِ مِنْ مََقالِي......وبَعْدَهُأقُول فِي المِثَالِ“ ( 12
فلا علاقة لهذا التقسيم بكتابي الخليل، وقطعا لم ينقل منهما لأنّه استعمل تفعيلات العروض المعروفة لا غير؛ ويضعنا ابن عبد ربه أمام احتمالين الاحتمالالأول لا يستبعد أن يكون اطلع عليه، نظرا لصعوبته كما ذكروا ولأجل شيوع كتاب العروض للخليل وسهولة مأخذه، لم ينقل منه سوى العنوانين والاحتمالالثاني أن يكون سمع به ولم يره فاستعار العنوانين فقط، وذلك لوجود الكتابين( الفرش والمثال) في المكتبة الخاصّة لأمراء بني أمية في الأندلس والزبيدي نفسه لم يره لعسر الوصول إليه.وممّا يدل على نقل ابن عبد ربّه من كتاب العروض للخليل فقط اقتباسه البيت الأخير .(من كل مقطعة على ما يذكر ”من الأبيات التي استشهد بها الخليل في عروضه“ ( 13
أنّ من يريد أن يبحث عمّا تركه الخليل في علم العروض لن يجد تلميذا مباشرا واحدا وصلنا تأليفا له بالنقل عنه مباشرة. وأقدم كتاب وصلنا في العروض هو كتاب "العروض" مع كتاب "القوافي" للأخفش
الأوسط سعيد بن مسعدة ت 215 ه ويجزم العلماء أنه لم يتتلمذ على الخليل، ولا توجد في كتاب العروض للأخفش رواية صريحة يقول فيها "قاللي الخليل" بينما يروي عن تلاميذ الخليل دون أن يذكر أسماءهم كأن يقول14: ( وزعموا أن الخليل) ، (وأخبرني من أثق به هذا البيت عن الخليل) ، ( وكان الخليل زعموا لا يجيزه). ولهذا احتار الأخفش في مسألة من المسائل فقال: ”وقد ذكر الخليل في الجملة ثلاثين
قافية ولم يذكر في التفسير إلا تسعا وعشرين فلا أدري أيّهما كان منه الغلط إلا أنهم رووْا هذا هكذا وقد ذكروا ما أخبرتك به“( 15 )، ففي هذا النصّ ما يد ل على أنّ الأخفش ينقل أقوالالخليل من تلاميذه الذين رووْا علمه، وليس مباشرة عنه ممّا يؤيّد جزم القدماء بأنّ أبا الحسن سعيد بن مسعدة الأخفش لم يتتلمذ الخليل فقد ذكر ابن جني قال: ”وقاللي أبو علي رحمه الله يكاد يعرف صدق أبي الحسن ضرورة، وذلك أنه
181
كان مع الخليل في بلد واحد فلم يحك عنه حرفا واحدا“( 16 )، ويضاف إلى هذا روايته لكتاب سيبويه، وكان بإمكانه أن ينسبه لنفسه، ولم يفعل، ولم يدخل اسمه فيه، ولا رأيه 17 ، فشهادة أبي علي الفارسي السابقة صحيحة تبطل ما ذهب إليه د.عزة حسن( 18 ) من إصراره على تلمذة الأخفش على الخليل بغير حجة، أو نصّ واضح للأخفش، أو لمعاصريه، أو تلاميذه يثبت ادّعاءه هذا الذي جزم فيه العلماء الثقات بالنفي. وإذا ما تصّفحنا كتاب الأخفش، وجدنا فيه خمسة عشر بحرا فقط، ولا توجد أدنى إشارة إلى بحر المتدارك الذي نقتفي أثره. ولا توجد أيّة معلومة في كتب العروضيين المتوّّفرة تفيد أنّ بحر المتدارك من اختراع الأخفش قبل القرن السابع، ولعل ابن خلكان في وفيات الأعيان يكون أوّل من نسب له اختراع بحر الخبب عند التعرّض لترجمته حيث قال: ”وهذا الأخفش هو الذي زاد في العروض بحر الخبب“ ( 19 ) ولم يذكر من أين نقلها.ومع خلوّ كتب العروض من القرن الثالث إلى القرن السادس من أيّ إشارة تفيد أنّ الأخفش اخترعه نفى بعض العروضيين المعاصرين وهم محّقون أن يكون الأخفش
تداركه على الخليل.وإذا ما تجاوزنا الأخفش إلى القرن الرابع نجد عبارة لأبي حيان التوحيدي على لسان
أحد المتمّلقين يمدح الصاحب بن عباد قائلا :”قد استدرك مولانا على الخليل في العروض“ ( 20 ) وإذا كان ممكنا أن يستفاد من هذا القول أنّه أضاف البحر المتدارك فأنّ السياق يد ل على مبالغة المادح في الإطراء الساخر حيث يعمّ استدراكه جميع العلوم، والفنون، ويشمل كل أساتيذها كأبي عمرو بن العلاء، وأبي يوسف، والإسكافي، وابن نوبخت، وابن مجاهد، والطبري، وأرسططاليس، والكندي،...والجاحظ، ويوحنا … فليس إذا هذا الإطراء سوى ديباجة مزجاة من صنع أبي حيان التوحيدي يستهزئ فيها
بالصاحب فهي ذمّ في صورة مدح، ولا يمكن بأيّ حالمن الأحوالأن يفهم من هذا النصّ أنّه استدرك البحر المتدارك أو أيّ شيء على الخليل وكتابه المطبوع خالمن الإشارة لهذا البحر.ولعدم وجود أيّ شاهد خارج كتب العروض اتّهم أستاذنا الدكتور "مصطفى حركات" جمهور العروضيين باختلاق المتدارك السالم وقسم المتدارك إلى نوعين :مجلة الآداب واللغات – العدد الخامس – جوان 2006
182
1 متدارك العروضيين :”وتفعيلتاه المستعملتان هما فاعلن السالمة من الزحاف وفعلن المخبونة وهذا البحر مفقود في الشعر لا نجد له أمثلة إلا في كتب العروض (21)“ وتعليل الأستاذ في وجوب إهمالهذا الوزن يعود إلى سببين:
السبب الأول : هو كون المتدارك السالم ”لا يختلف عن المتقارب إلا في حرف أو حرفين ببداية البيت فلو جعلنا في البيت السابق على حدة المقطع "زا" لحصّلنا على ما يلي:
زَا/ رَنِي زَوْرًَة طيُْفهَا فِي ال............ كرَىفاعْتَرَانِي لِمَنْ زَارَنِي مَا اعْتَرَى
لن/فعولن فعولن فعولن فعو لن..................فعولن فعولن فعولن فعو

والشعراء ليسوا بحاجة إلى بحر لا يختلف عن المتقارب إ لا بمقدار ذرّة لا يدركها .( السّامع في غالب الأحيان“ ( 22
إنّنا لو درجنا على سمت الأستاذ مصطفى حركات فيما فعله ببيت السكاكيّ، وفعلنا مثله مع كل بحر يبتدئ بسبب، أو ذرّة كما يقول لألغينا بحورا أخرى كبحر الرمل أو الرجز مثل: فا/ علاتن فاعلاتن فاعلن فا /علاتن فاعلاتن فاعلن............ /مفاعيلن مفاعيلن فعولن /مفاعيلن مفاعيلن فعولن
فنحصل بذلك على بحر الهزج التام ذي العروض والضرب المحذوفين، وكذلك مع بحر الرجز نحصل على الرمل فلهذا لا يمكن أن نجاري الأستاذ ونعتبر السبب ذرّة فهو وحدة مقطعيّة لها قيمتها، والسامع الذي لا يدركها لا يمكن أن يدرك أيّ ضرب من أيّ بحر إذا علمنا أنّ الحرف الساكن، أو المتحرك بهما تختلف الضروب في البحور فكيف باجتماعهما.
السبب الثاني : يرجع حسب الأستاذ مصطفى حركات إلى أنّ ”هذا البحر .( مفقود في الشعر لا نجد له أمثلة إلا في كتب العروض “( 23إن إلغاءه للبحر المتدارك السالم ليس بدعا حيث سبقه إلى هذا الزمخشري( 24 )، وصفي الدين الحلي الذي عرف المتدارك في أرجوزته قائلا:
حَرَ كاتُ اُلمحْدَثِ تَنْتَقِل..................فعِلنْ فعِلنْ فعِلنْ فعِلنْ
183
وإذا ما تصّفحنا كتب العروض في القرن الثالث، والرابع نجد أنّ العروضيين باستثناء أبي الحسن العروضي والجوهري أضربوا صفحا عن ذكر أمثلة للبحر المتدارك. فهل الخليل حقيقة لم يصادف هذا البحر؟
لقد أرجع الصبّان سكوت الخليل عنه إلى احتمالين فقال:”لم يذكره الخليل رحمه الله إما لأنه لم يبلغه، أو لأنه مخالف لأصوله بدخول التشعيث في حشوه وهو مختص .( بالأعاريض والضروب مع أن استعمالالعرب له قليل“ ( 25
أنّ دائرة المتقارب تنبئ أنّ الخليل عرف هذا البحر نظريّا على أقل تقدير وأنّ العروضيين متّفقون على أنّه أهمله، بل ما حاجة الخليل لأنّ يجعل دائرة خامسة، لا ينفك منها إ لا بحرها. وبما أنّ أيّ بحر استنبطه الخليل ا طردت الشواهد عليه فأنّ البحر المتدارك لم يذكروا له شاهدا واحدا منسوبا لقائله، فهذا أبو الحسن العروضي لما تعرّض لدائرة المتفق لم يجد شاهدا على المتدارك الغريب عنده أخذ هذا البيت، وهو من المتقارب:
لحا فِي هَوَاهُفَأرْبَى عَذُول............... فمَا زَادَ بِالعَذْلِ إِلاَّ غرَامَا
فحذف الوتد لحا وجعله متأخرا بهذه الصورة :
فِي هَوَاهُفَأرْبَى عَذُولٌ فمَا............ زَادَ بِالعَذْلِ إِلاَّ غرَامَالحَا

ففي استشهاده ببيت المتقارب المحوّر، ما يد ل ضمنا أنّه عازه الشاهد.
ويبدو لي أنّ الجوهري ت 393 ه بعد أن مهّد له أبو الحسن العروضي، وعبّد له طريق دخول هذا البحر إلى كتب العروض تدارك هذه المشكلة بادعائه أنّ المتدارك :
”هو مثمّن قديم، مسدّس محدث أجزاؤه فاعلن ثماني مرات“ وأظنه حاول أن يجد شاهدا
وبعد أنّ أعياه التفتيش، وأمسى جهده في بدد نظم بيتا وجعله مثالا له وهو:

.( ”َلم يَْدَعْ مَنْ مَضَى لِلذِيقدْ غبَرْ......... فضْل عِلْمٍ سِوَىأخْذِهِ بِالأََثرْ “ ) 26

ليدل بوزنه على وجود هذا البحر، وبمعناه على أنّه ما ترك الأول للآخر شيئا. وأما قوله (مثمّن قديم) ففيه غموض حيث لم يوضح أنه يقصد به الذي أجزاؤه على وزن فاعلن أو الذي على وزن فِعْلُنْ وأظنّه تعمّد ذلك، ليسهل تقبّله، وبهذا البيت الذي أورده وأغلب الظنّ أنه هو ناظمه يكون الجوهريّ، قد فتح بابا للعروضيين كي ينظموْا :( بأنفسهم على المتدارك السالم مثلما نظم التبريزيّ ( 27
جَاءنَا عَامِرٌ سَالِمًا صَالِحًا......... بَعْدَ مَا كَان مَا كَان مِنْ عَامِرِ
184
: والزمخشري 28
حَارَبُوْاقوْمَهُمْ ُثمَّ لم يَْرْعَوُوْا...... لِلصّلاحِ الذِي خَيْرُهُ رَاهِنُ
والسكاكيّ29
زَارَنِي زَوْرًَة طيُْفهَا فِي الكرَى............فَاعْتَرَانِي لِمَنْ زَارَنِي مَا اعْتَرَى

وقد توالت أبيات العروضيين بعد ذلك، واعتمد المتدارك رسميا في كتب العروض.
ولا بد من توضيح أن ما ذكره الدكتور مصطفى حركات من خلو شعر الشعراء تماما من الجزء فاعلن السالم على الإطلاق ليس صحيحا، بل وإن كانت الأمثلة القديمة لهذا البحر في كتب العروض فقط فلم يمنع هذا من وجود قصائد، أو أنشودات كثيرة على هذا البحر تامه ومجزوئه، ومشطوره نظمها الشعراء في العصر الحديث كالشابي، وميخائيل نعيمة، وغيرهم، وهذه بعض الأمثلة:

قال أحمد عروة في لازمة نشيد اتحاد العمال30 :

اِعْمَُلوْا نَاضُِلوْا يَا جُنُودَ العَمَلْ......... وَحِّدُوْا جَدِّدُوْا يَا وُُفودَ الأَمَلْ

وقال محمد المرزوقي 31:

مِنْ خِلال الغُيُومْ ....... ْلمَعَتْ فِي الَفضَا
وقالعبد الحميد بن باديس 32 :
اِشْهَدِي يَا سَمَاءْ............ وَا ْ كتُبَنْ يَا وُجُودْ
وقول مفدي زكريا :
َاعْصِفِي يَا رِيَاحْ...... وَاْقصِفِي يَا رُعُودْ

وقول محمد صالح رمضان 33:
َقدْ حَ لا لِي السَّمَرْ............ تَحْتَ ضَوْءِ الَقمَرْ

وقالمحمود أبو الوفاء : 34
يَا شَهِيدَ الوَ طنْ............ يَا مَِثا ل الوََفا
وقالآخر 35:
اِرَْفعُوْا صَوْتَكمْ............ وَاهْتُِفوْا لِلْعََلمْ
وقال آخر في لازمة أنشودة :
رَغْمَ أنْفِ العِدَى......نَحْنُ قَوْمٌ عَرَبْ
185

َ لا نُبَالِي الرّدَى............فِي سَبِيلِ النَّسَبْ
وقالعبد الوهاب البياتي 36:
يَاملاكِي الصَّغِيرةْ............ لا عَرَفْتَ الأََلمْ
وقال آخر في نشيد:
ْأنْشِدُوْا أنْشِدُوا يَا شَبابْ...... أنْشِدُوْا ُ كلَّلحْنٍ حَسَنْ

وقالأبو القاسم الشابِّيّ:
أسْكنِي يَا جِرَاحْ...... وَاسْكتِي يَا شُجُون
قال ميخائيل نعيمة:
سَقْفُ بَيْتِي حَدِيدْ............رُكْنُ بَيْتِي حَجَرْ
وقالأبو شادي: 37
يَاأمَلِْ...............يَاأمَلْ
يَا هَوَى............... فِي حَُللْ
يَا حلىً............ لِلْبطلْ
يَا قِوَى............ فِي جََللْ
2 المتدارك الشعراء :
هكذا سمّى الأستاذ مصطفى حركات البحر المتدارك المشعّث المخبون مبني على التفعيلتين( َفعَُِلنْ)، و(فعُْلنْ) ، وسبب التسمية يرجع حسب الأستاذ إلى كونه ”لم يتكلم . عنه العروضيون إلا بعد قصيدة الحصري يا ليل الصب متى غده…“ 38
فالحصري هو الذي ابتدعه لأنه ليس بعروضيّ بل شاعر نسج على هذا الوزن، وهذا خطأ فادح حيث أن وجود هذا الوزن كان أسبق من وجود السالم في كتب العروض.وما يدّك ادّعاء الأستاذ مصطفى حركات هو أنَّ الخليل كان على علم بهذا البحر مخبونه، ومشعّثه ما أورده أبو الطيب اللغوي ت 351 ه حيث يروي عن ثقات ”أنّ للخليل قصيدة علىفعَلُنْ فعَلُنْ ثلاث متحركات وساكن وأخرى علىفعُْلنْ فعُْلنْ بمتحرك وساكن فالتي على ثلاث متحركات قصيدته التي فيها :
سُئِلُوْافَأبَوْاْفَلَقدْ بَخَلُوْا...... فَلبِئْسَ لعَمْرُكَ مَافعلوا

186
َأبَكيْتَ عََلى طَللٍ طرَبًا............ فَشَجَاكَ وَأحْزَنَكَ الطََّللُ
والتي علىفعُْلنْ ساكن العين قوله :
هَذا عَمْرٌو يَسْتَعْفِي مِنْ............ زَيْدٍ عِنْدَ الَفضْلِ الَقاضِي
َفانْهُوْا عَمْرًا إِنِّي أخْشَى............صَوْ ل اللَّيْثِ العَادِي [الماضي]
َليْسَ اَلمرْءُ ا لحامِي أنْفًا.........مِثْل اَلمرْءِ الضَّيْمَ الرَّاضِي

فاستخرج المحدثون من هذين الوزنين وزنا سموه [المخلع] وخلطوا فيه بين أجزاء . هذا وأجزاء هذا.“ 39 وقد جعل المحقق كلمة ) المخّلع ( بين حاصرتين لعدم وضوحها في الكتابة وهذا تقدير خاطئ، ولا يمكن أن يكون أبا الطيّب كان يقصد به مخلع البسيط كما ذهب المحقق محمد أبو الفضل إبراهيم( 40 ) لأن مخّلع البسيط وزن قديم( 41 )، ونصّ أبي الطيب اللغوي واضح إذ يشير إلى الخلط بين الجزءين (فَعِلُنْ) و ( فَعْلُنْ ) وليس بين مستفعلن، وفاعلن، وفعولن، ويقينا سمّوه المخترع لا المخّلع لاشتراك المصطلحين في ثلاثة حروف فهذا النص إذا يثبت قطعا أنّ المحدّثين من الشعراء على الأقل منذ الخليل، وحتىّ النصف الأوّل من القرن الرابع نظموا في المتدارك المشعّث المخبون.وإذا علمنا أنّ الخليل هو أوّل من خرج عن أوزان العروض بعد وضعه لهذا العلم حيث ذكر أبو الطيب اللغوي أنّه ”أحدث الخليل أنواعا من الشعر ليست في أوزان العرب“ ( 42 ) فلا يستبعد أن يكون البيتان من نظمه.والغريب أنّ تلميذ الخليل، مع تلميذ تلميذه اتّبعاه في هذا التجديد بخروجهم على البحور الخمسة عشر المعروفة فأمّا تلميذه عبد الله بن هارون بن السميدع فذكروا أنه ”من أهل البصرة أخذ العروض عن الخليل بن أحمد فكان مقدّما فيه، وانقطع إلى آل سليمان بن علي وأدب أولادهم وكان يمدحهم كثيرا فأكثر شعره فيهم وهو مقل جدا وكان يقول أوزانا في العروض غريبة في شعره “( 43 )، وللأسف لم يتوّفر بين يدي
الأصفهاني صاحب كتاب "الأغاني " أيّ مثالعلى خروجه عن العروض لانقطاع أخباره كما يقول فلم يقف على أخبار وأشعار هذا العروضي ولأجل اهتمام الناس بالأشعار المغناة وصله بيتان فقط من مجزوء الكامل تغنى له هي :
يَاأيُّهَا الرَّجُل الذِي............ قدْ زَان مَنْطَِقهُ البَيَان

187
َ لا تَعْتَبَنَّ عََلى الزَّمَانِ -م-فَليْسَ يُعْتِبُكَ الزَّمَان
وإذا تتبعنا أخبار عبد الله بن هارون وجدنا أيضا له تلميذا اسمه رزين العروضي 44 ”أخذ ذلك عنه ونحا نحوه … فأتى ببدائع جمة وجعل أكثر شعره من هذا الجنس“ : ( 45 ) ورووْا له قصيدة في مدح الحسن بن سهل نقل منها ياقوت ثلاثة عشر بيتا ومنها( 46 )
َقرَّبُوْا جِمَاَلهُمُ لِلْرَّحِيلِ...... غُدْوَةًأحِبَّتَكَ الأَْقرَبُوكْ
خَلَّفُوكَ ُثمَّ مَضَوْْا مُدْلِجِينَ... مُنَْفرِدًا بِهَمِّكَ مَا وَدَّعُوكْ
مَنْ مُبَلِّغٌ لَِأخِي] ( 47 ) اَلمكْرُمَاتِ...... مِدْحَةً مُحَبَّرَةً فِيأُلوكْ
وهي على وزن
: مَفْعُ لاتُ مُفْتَعِلُنْ مَفعُولاتُ............ مَفْعُ لاتُ مُفْتَعِلُنْ مَ ْ فعُ لا ْ ن
وهو وزن محدث لا علاقة له بالمنسرح.
تاريخ ظهور المشعث المخبون :
يرى الأستاذ مصطفى حركات أن الوزن المكوّن من فعِلن وفعْلن ظهر مع قصيدة الحصري التي مطلعها :
. ويقرّر جازما أنه :”لم يتكلم عنه العروضيون قبل هذه القصيدة“49
بينما يرى ميشال أديب أن مخترعه هو التبريزي (ت 502 ه) بحجة أنّه لم يذكره قبله أيّ عروضي 50. والغريب أنّ التبريزيّ نفسه يقرّ ضمنا أنّه مسبوق قال: ”ومن أصل الخليل أنّ هذه الدائرة لم ينفك فيها من المتقارب غيره فأفرده في الدائرة، ومن أصل غيره أنه لما انفك منه المحدث...“( 51 ) ثم قال: ”فأجازوا فيه الخبن...ثم سكنوا العين...فسمَّوه الغريب...“( 52 ) فالغير والذين أجازوا، والذين سموه الغريب هم طبعا سابقون على التبريزيّ. وأمّا زعم الأستاذ مصطفى حركات أنّ مبتدع الخبب هو أبو الحسن عليّ بن عبد الغنيّ الفهريّ الحصريّ فغير صحيح، ومن الثابت أن هذه القصيدة نظمها في مدح الأمير الأندلسي عبد الرحمن بن محمد بن الطاهر عند اتصاله به 53 في الفترة ما بين سنة 469ه وبين سنة 471 ه.
يَاليْلُ الصَّبُّ مَتَى غدُهُ............ أقِيَامُ السَّاعَةِ مَوْعِدُهُ48

188
وإن لم تصلنا أيّة قصيدة كاملة على الخبب غير أنّه توجد أيضا قصيدة لأبي حامد الغزالي ت 505 ه
الشدَُّة أوْدَتْ بِالمُهَجِ...... يَا رَبِّ فعَجِّلْ بِالَفرَجِ
وقد تتلمذ عليه حسب البعض أبو الفضل النحوي صاحب "المنفرجة" وكأنّه عارض الغزالي إذ يقول في مطلعها :
اشْتَدِّي َأزْمَةُ تَنَْفرٍجِي......آذنن َليْلُكِ بِالبََلجِ

ولا ندري أنظم الغزالي أسبق أم الحصريّ ؟ فكلا الأمرين جائز، ويمكن بالتالي أن ينازع الغزاليُّ الحصريَّ في أسبقية نظم قصيدته هذا من جهة، ومن جهة أخرى ليس الحصريّ، ولا الغزالي رائدين في نظمهما على الخبب أو متدارك الشعراء على حدّ قول الأستاذ مصطفى حركات بل هما مسبوقان.
تاريخ ظهور الخبب :
ينبغي الرجوع إلى كتب القرن الرابع الهجري حيث أنّ في النصف الأوّل منه ثلاثة كتب أشار فيها مؤلفوها إلى هذا البحر صراحة وهم :
1 المسعودي ت 346 ه: ذكر عند تعرّضه لبيتي أبي العتاهية وهما على وزن فِعُْلنْ أربع مرات أنه :”قد قال قوم : إن العرب لم تقل على وزن هذا شعرا ولا ذكره الخليل ولا غيره من العروضيين“ ( 54 )ولكنه لم يعلق على هذه القالة،فيفهم من هذا أنه أقرهم عليها، وإيراده كلمة قوم تعني أنه تعرض له قبله آخرون، وأما نفي أن يكون ذكره العروضيون بعد الخليل، فهذا غير صحيح كما سيأتي.

2 أبو الحسن العروضي الذي هو صديق للمسعودي في حديثه عن الدائرة الخامسة أورد الحوار التالي:”فإن قال قائل فما اسم هذا الباب من هذه الدائرة ؟ قيل له لم ير الخليل ذكر هذا الباب البتة، ونحن نسميه "الغريب" فإن قالفهل وجدت منه شيئا مرويا قيل له: أكثر من أن يحصى في شعر المحدثين خاصة فأما القديم فترر قليل فمما قيل أنه قديم قوله :
َأشَجَاك تَشَتُّتُ شِعْبِ الحَيْـ......(م)... ـيِ فَانْتَ لهُ أرِقُ وَصِبُ
فهذه القصيدة مشهورة ولولا الإطالة لذكرناها وقوله...:
زُمَّتْ إبِلٌ للبَيْنِ ضُحًى......... فِي غوْرِ تِهَامََةقدْ سََلكوا

189
وليست في شهرة الأولى.فأما المحدثون فقد أكثروا من هذا الوزن، من ذلك قوله [ قول الشاعر ] :

منْ أجْل مُطوََّقة هَتََفتْ......أسْبَلْتَ دُمُوعَكَ تَنْهَملُ
وقوله :
يَا دارُ كسَتْكِ يَدُ اُلمزُنِ.........بُرُدًا بِمَُفوََّفةِِ اليَمَنِ
وقوله :
رَحََلتْ بِسُمَيَّتِكَ الإبِلُ ُ...............فَثوَيْتَ وَعَقُلكَ مُخْتَبِل
وقوله :
سَارَتْ بِمَدَائِحِكَ النُّجُبُ...... وَجزَوْكَ الخيْرَ بِمَا احْتََقبُوْا
وهذا كثير وفي ما ذكرناه كفاية“55

إنَّ ما ورد في هذا النصّ من أمثلة يد ل على أنّ الوزن قديم حيث ذكر بيتين أحدهما من قصيدة لعمرو الجني، وأظنّه شاعرا مخضرما، وما يفهم من عبارة ”وأما المحدثون فقد أكثروا من هذا الوزن“ يجزم أن شعراء آخرين سبقوا بقرن ونصف على أقل تقدير الحصريّ، فلا الحصري ولا التبريزي إذا كانا سابقين لهذا البحر.وأما إغفال الخليل لهذا الوزن فيعّلله أبو الحسن العروضي قائلا : ”فأما ترك الخليل
ذكر هذا وإخراجه عن أشعار العرب فلأشياء نحن نذكرها مشروحة مبيّنة إن شاء الله، فمنها : أن هذا النوع من الشعرلمّا قل ولم يروَ منه عن العرب إلا الترر القليل ؛ ولعله أيضا مع قلته لم يقع إليه،أضرب عن ذكره ولم يلحقه بأوزانهم ؛ وأيضا فأنّ هذا الوزن قد لحقه فساد في نفس بنائه أوجب ردّه، وذلك أنه يجيء في حشو أبياته فعْلن ساكن العين، ومثل هذا لا يقع إلا في الضرب خاصّة، أو في العروض إذا كانت مصرّعة، فأما في حشو البيت فغير جائز، وما علم في شيء من أشعار العرب. وذلك أنّ الزحاف إنّما يكون في الأسباب، والقطع في الأوتاد، ولا يكون القطع إ لا في ضرب، ولا يكون إلا في وتد. فلمّا جاء هذا النوع مخالفا لسائر أنواع الشعر ترك وطرح“ ( 56 )، ويمكن إزاحة السبب الأول والثاني حيث ثبت نظم الخليل عليه وإبقاء السبب الأخير فقط. كيف وصل المتدارك إلىكتب العروض ؟