السلام عليكم

كنت قد قررت عدم الخوض في هذا الأمر و تفريعاته ، لأنني اعتبرت أن كل منا

قال رأيه و أتى بحججه ، و أن الأمر سيحسم برأي الأغلبية لما فيه مصلحة المنتدى ،

دون تسفيه أي رأي من الآراء مادام كل رأي مبنيٌّ على حجج و شواهد .

و الآن عدتُ بعد أن قرأت أكثر من مرة ما يأتي به الأخ برهان في ردوده الأخيرة ،

و كلها آراء و فتاوى نعتبرها من المعلوم من الدين بالضرورة ، و لا يختلف

عليها اثنان ، و فكرتها هي :

القرآن الكريم ليس شعرا .

و تنزيه القرآن عن الشعر .

هل رأيتم في المنتدى ما أو من يخالف هذا ؟؟؟

لو حصل سنكون أول الخارجين منه .

كان الحديث عن تقطيع آية أو بضع آيات من القرآن ـ فآل الأمر إلى اعتبار المنتدى

يقول بأن القرآن فيه شعر ، و يأتي الأخ برهان ليضرب الأمثال وينصحنا أن نرتد عن غينا و نعود إلى جادة الصواب ؟؟
وإلى الذين تابعوا أستاذنا من غير تفكير فقط لأنهم يثقون به أقول لهم كما جاء في الأثر :»
من كان منكم مستناً فليستن بمن مات ؛ فإنَّ الحيَّ لا تؤمن عليه الفتنة !


أهكذا ترى أعضاء منتدى الرقمي ؟؟ الذين ينادون بالفكر و التفكر و استخدام ملكة العقل ؟؟

في الحقيقة أرى أن الأمر قد تجاوز الحد المقبول ، وكان يجب أن يكون نصحه بأسلوب

أفضل من هذا على الأقل يضع احتمال انه على خطأ ...

و لو منح نفسه فرصة التفكير و التركيز على ما يدرجه الأستاذ

خشان و غيره من روابط لانتهى إلى أننا لا نخالفه الرأي .

إن كنت تصر على أسلوبك في تحويل اتجاه الحوار ، فلن نحاول إقناعك بغيره،

أما اتهامنا بالتبعية و عقلية القطيع لأننا أيدنا بقاء تمرين صغير في المنهج ، حولتَه إلى

مسألة عقدية ، فنعذرك و لا نحمل عليك فيه ، رغم ما فيه من استخفاف بعقولنا .

إن كل من سيتابع الحوار هنا سيعرف أننا فعلا في واد و أنت في واد آخر ، و أنك حمّلت

جزئية صغيرة في المنهج أكثر مما تحتمل .

و أن الفائدة الوحيدة من هذا الموضوع هو سرور السعداوي به و فرحه .

أكرر و أقول ، منتدى العروض العروض الرقمي و منهجه بريئ من تهمة اعتبار

القرآن شعرا ، و لكنه تطرق لمسألة الوزن في القرآن الكريم ، و هو مبحث علمي

شريف ، لا مخالفة و لا مأخذا شرعيا فيه ، و لم ينفرد به الأستاذ خشان ،

بل اشتغل عليه باحثون غيره ، إليكم ما يلي :

المرجع: من روائع القرآن د. محمد سعيد رمضان البوطي صـ113 والبحث بعنوان: التصوير في القرآن-أسلوب القرآن.

-(( أما اتفاق فواصل بعض الآيات في الوزن والحروف فهو لا يسمى بذلك القدر سجعاً،
ولعلك تعثر فيه على مقاطع يتوالى فيها الكلام على وزن واحد مع اتفاق الفاصلة ، غير
أنه مما يُعترض في الكلام اتفاقاً، ولا يسمى سجعاً مقصوداً إليه، وإنما يقع مغموراً في
الخطاب كما يقول الإمام الباقلاني "ألا ترى أنك قد تعثر في بعض آيات القرآن على وزن
سليم لمصراع من الشعر وقد تظفر ببيت كامل فيه
، كما قد تظفر بمثل ذلك في غير القرآن
من سائر أنواع النثر، غير أن أحداً من الناس لا يسمي ذلك شعراً ولقد قال العلماء إن
البيت الواحد وما كان على وزنه لا يكون شعراً وإنما أقل الشعر بيتان فصاعداً فمثل ذلك
يقال عن السجع أيضاً" ))


=====
المرجع: مباحث في علوم القرآن د.صبحي الصالح صـ334 /الطبعة السابعة عشرة ،الفصل الرابع،
الإعجاز في نغم القرآن .نقلاً عن كتاب التصوير الفني في القرآن للسيد قطب صـ 86

2-(( إن سحر القرآن يرتد إلى نسقه الذي يجمع بين مزايا النثر والشعر جميعاً "فقد
أعفى التعبير من قيود القافية الموحدة والتفعيلات التامة فنال بذلك حرية التعبير الكاملة
عن جميع أغراضه العامة، وأخذ في الوقت ذاته من الشعر الموسيقى الداخلية والفواصل
المتقاربة في الوزن التي تغني عن التفاعيل ، والتقفية التي تغني عن القوافي
، وضم ذلك
إلى الخصائص التي ذكرنا فشأى النثر والنظم جميعاً" ))

===


فليسمح لي الإخوة الأكارم أن أغلق الموضوع مراعاة لمشاعر من نجله ، و لو ثبت ولو

قليلا أن الأخ برهان منصف في تناوله لمسألة

التقطيع لاتبعنا رأيه دون تردد ،و قبل الجميع سيتبعه الأستاذ خشان ،

و لكنه ابتعد عن الموضوع و رأيناه و هو في ردوده الأخيرة يركز

على مسألة اعتبار القرآن شعرا ، و هذا لعمري لا يختلف معه فيه أحد من تلاميذ المنتدى

فكيف بمؤسسه المهندس و المفكر و الشاعر و العروضي خشان خشان .

لسان حالنا يقول :

القرآن الكريم ليس فيه شيء من شطحات القصاصين ، ولا فيه شيء من أخيلة الشاعر،
أو سبحات الأديب ، ولا يشبه شيء من كلام الفصحاء أسلوبَه الفذ العجيب ،إنه وحي من
الله وتنزيل منه وهدي رباني يلقى على النبي ذكراً، ويأمره أمراً، حتى انه أسر قلوب
بعض زعماء مكة فهذا "الوليد بن المغيرة "جاء إلى النبي محمد صلى الله عليه وسلم
فقرأ عليه القرآن فكأنه رق له ،فعاب عليه ذلك أبو جهل فقال له :"فقل فيه قولاً يبلغ قومك
أنك منكر وكاره له ."

فقال الوليد:" وماذا أقول ؟ فوالله ما فيكم رجل أعلم بالأشعار مني ،والله ما يشبه الذي
يقوله محمد شيئاً من هذا ! إن قوله حلاوة وإن عليه لطلاوة ، وإنه لمثمر أعلاه ، مغدق
أسفله ، وإنه ليعلو ولا يعلى عليه ، وإنه ليحطم ما تحته".



===

سنبقي الموضوع مفتوحا لبعض الوقت حتى لا يتهمنا أحد بالحجر عليه في الرد ،

و بعد ذلك يغلق ليبقى على العام يتصفحه من يريد .


مع احترامي الشديد للأخ برهان الذي تمنينا لو حافظ على موضع الحوار كما كان في أوله

دون التبحر و تحويل النقطة محور النقاش ، فما أجمل أن نجلس معا على مائدة العلم

يهدي إلينا كل ذي علم علمه ننتفع به و نسترشد ، ولا تكون فيه الكلمة العليا إلا للحق .


في الأخير نسأل الله تعالى أن يلهمنا سبل الرشاد

و أن يعفو و يتجاوز عن أي زلة أو نسيان .

بارك الله فيكم .