الأستاذ الفاضل / سليمان أبو ستة
هذا ما كنت مقتنعة به إلى وقت ليس بالبعيد ، ولكن بمراجعة ما درسته سابقا مما لا يقبل الشك أن جزيرة العرب كانت بها لهجات شتى تنسب إلى قبائل بعينها ، ومن بينها قبيلة قريش ، وإلى جانب هذه اللهجات كانت هناك لغة نموذجية مشتركة تكونت على مر الزمن ، لا تنسب إلى قبيلة بعينها ، ولكن تنسب إلى العرب جميعا ، ودليلنا أن النصوص الجاهلية لا تختلف كثيرا فيما بينها ، ووجود هذه اللغة المشتركة ، مع غيرها من اللهجات التي احتفظت ببعض خصائصها اللهجية ، فلهجة قريش لها خصائصها اللهجية كما لغيرها من اللهجات الأخرى ، ولكن هذا لا يمنع من دخول الكثير من الخصائص اللهجية في اللغة الفصحى كما تمثلها لنا القراءات القرآنية ، ومع ذلك لم تكن خصائص لهجة قريش هي الغالبة . فكما هو معروف الحجاز ، ومنهم قريش يميلون إلى تسهيل الهمز ، وغيرهم يحقق الهمز ، والهمز هو الغالب في الشعر الجاهلي ، وهو الغالب في القراءات القرآنية أيضا ، وابن كثير وهو من مكة كان يهمز .
وإذا رجعنا لأصحاب المعلقات ، ومن اشتهر من شعراء العصر الجاهلي لا نجد منهم قرشيا . كما أن قول رسول الله صلى الله عليه وسلم دون تأويل له : " أنا أفصح من نطق بالضاد بيد أني من قريش " أي غير أني . يؤكد ما ذهبنا إليه . . ومن ذلك ما روي عن عمر " يا رسول الله ما لك أفصحنا ، ولم تخرج من بين أظهرنا " ، ومن ذلك ما روي عن ابن عباس : " أنزل القرآن على سبع لغات منها خمس بلغة العجز من هوازن ، وهم الذين يقال لهم هوازن ، وهم خمس قبائل أو أربع ، منها سعد بن بكر ، وجشم بن بكر ونصر بن معاوية ، وثقيف "
أما ما يتصل باهتمام الرواة بجمع ديوان الهذليين فهذا نابع من اهتمامهم باللغة بصفة عامة ، فقد جمعوا اللغة ، وهو عمل أكبر بكثير من اهتمامهم بجمع الدواوين .
لا أريد الخوض في تفاصيل قد تخرجنا عن الموضوع الأساسي ، وهو الضرائر الشعرية .