النتائج 1 إلى 20 من 20

الموضوع: دورمنهج الرقمي في تفسير العروض ، بقلم الأستاذ سليمان أبو ستة .

العرض المتطور

المشاركة السابقة المشاركة السابقة   المشاركة التالية المشاركة التالية
  1. #1
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان أبو ستة مشاهدة المشاركة
    تعد الباحثة جوان مالينج من بين قلة من الباحثين
    الغربيين الذين اعترفوا بوجود جذور للنظرية التوليدية التحويلية في علوم العربية ، فها
    هي ذي تقول : " لقد ميز النحاة العرب، في علمي الصرف والعروض، بين مستويين
    من التمثيل : الأول ويسمى الأصل، وهو النموذج الأساسي المجرد abstract . وأما
    الثاني فهو الفرع ، وهو يعبر عن مجموعة الانحرافات المسموح بها عن هذا الأصل ،
    أو ما يتحقق به هذا النموذج التجريدي فعليا.

    وقد أطلق أصحاب المنهج التوليدي على المستوى الأول مصطلح البنية العميقة deep
    structure وعلى الثاني مصطلح البنية السطحية surface structure وهذان
    المصطلحان يعدان اليوم من أهم ركائز هذه المدرسة الحديثة . وترى مالينج آن التمييز
    بين هذين المستويين أتاح للعروضيين التعبير عن الانتظام الإيقاعي الدقيق في الشعر
    العربي الكمي ورؤيته بوضوح وسط ما كان يبدو لهم من حرية مطلقة في تبادل مقاطعه.

    تبدأ مالينج بتحديد أنواع المقاطع في اللغة العربية لترى أنها، كاليونانية واللاتينية ، لا
    يوجد بها إلا نوعان اثنان فقط هما : القصير، ويرمز له بالرمز (ب) breve ،
    والطويل، ويرمز له بالرمز (ـــ).macron وأما ما يعرف في العربية بالمقطع الزائد
    الطول (ص ح ح ص)، نحو عاد وعيد وعود، بالوقف عليها جميعا، فهو لا يقع ، إلا
    نادرا، في درج الكلام (وغالبا في النثر) ولا يرى في الشعر إلا في آخر النسق عند
    الوقف التام. وهو في اللغات الأخرى يحتسب من زمرة المقاطع الطويلة بغض النظر عن
    عدد سواكنها وطول حركاتها.

    ووضعت مالينج تعريفا للمقطع القصير بأنه: "المتحرك من الحروف الذي يتلوه متحرك
    آخر". وبالتالي ، فكل ما خالف هذا التعريف، يعد من قبيل المقطع الطويل، حتى أن
    المقطع القصير في آخر الشطر يعد، حسب هذا التعريف، طويلا أيضا ، وذلك في نحو
    قول امرئ القيس:

    ففا نبك من ذكرى حبيب ومنزل * بسقط اللوى بين الدخول فحومل

    فاللام في (منزل) و(حومل) مقطع قصير ، ولكنه يعد في التقطيع طويلا لأنه لا يليه
    شيء.

    وهنا تنتقد مالينج هؤلاء الباحثين الغربيين الذي تابعوا إيوالد ewald ومن بعده رايت
    wright في دراستهما للعروض العربي على أساس من تفاعيل العروض اليوناني
    واللاتيني ومستخدمين في وصف أوزانه المقطعين القصير والطويل. هكذا إذن أصبحت
    تفعيلة الرجز المقبوضة ( ب ـــ ب ـــ ) هي التفعيلة الصحيحة لهذا البحر عندهم ، وأما
    مستفعلن ومفتعلن ومتعلن فهي مغايرات (زحافات) لهذه التفعيلة الإيامبية الثنائية
    diiamb . ومع أنا رأينا الدكتور إبراهيم أنيس ينتقد هذا التحليل ويرفضه إلا أننا
    وجدناه يسايرهم في اعتماد المقاطع وحدها في وصف الأوزان بديلا عن السبب والوتد.

    تقول مالينج : "إن التحليل المجرد للتفاعيل من حيث السبب والوتد له من المزايا ما
    يتفوق به علي مجرد التحليل السطحي في صورة مقاطع تتعاقب طولا وقصرا. ويتضمن
    هذا التحليل حقيقة أن ثمة مقاطع في العربية لها مواضع تكون فيها حرة الحركة بين
    الطول والقصر، بينما تكون في مواضع أخرى ثابتة في كمها".

    وتعرف مالينج الوتد بأنه الوحدة القوية أو الثابتة في التفعيلة، وهو عادة ما يكون
    (إيامبيا) يتألف من مقطع قصير فطويل. إلا أن أحد أوتاد الدائرة الرابعة يمكن له أيضا
    أن يكون (تروكيا) أي يتألف من مقطع طويل فقصير. وترى أن نظريات الشعر العربي
    التي تفترض وجود نبر أو دور إيقاعي لنبر الكلمة تفترض كذلك أن المقطع الطويل
    للوتد هو حامل هذا النبر الإيقاعي. ومع ذلك فقد لاحظ المستشرق بلوخ bloch أن نبر
    الكلمة ، وهو، بالمناسبة، غير ذي أثر في تغيير المعنى، ليس من الضروري له أن يقع
    على أي من مقطعي الوتد ، بل إنه في الواقع مستقل عن الوزن استقلالا كاملا. وفوق
    ذلك ، فإنه يلاحظ في إلقاء بعض القصائد وجود ميل ملحوظ لنقل النبر إلى المقطع ما
    قبل الأخير في البيت حتى لو كان هذا المقطع قصيرا ولا يجب نبره، وكان ينتمي إلى
    سبب وليس إلى وتد.

    وتعرف السبب بأنه الوحدة الضعيفة أو المتغيرة في التفعيلة، وهو يوافق مقطعا واحدا ،
    قصيرا كان هذا المقطع أم طويلا. كما ترى أن مصطلحي الوتد والسبب ذاتهما يعكسان
    عند العروضيين العرب التمييز بين الوحدات الوزنية من حيث القوة والضعف،
    وتستشهد بقول ابن عبد ربه : "وإنما قيل للسبب سبب لأنه يضطرب فيثبت مرة ويسقط
    أخرى ، وإنما قيل للوتد وتد لأنه يثبت فلا يزول".

    وتخلص إلى القول بأنه مع ثبات هذا الوتد، فإنه يخضع لبعض التغيير أحيانا، وإن كان
    هذا التغييرالذي يؤثر على مقاطع الوتد بالحذف أو الزيادة، لا يقع إلا في نهاية الشطر،
    خلافا للتغيير في مقاطع الاسباب، فإنه لا يكاد المرء يحس بتأثيره على إيقاع البيت،
    ولعله لذلك سميت العلل عللا ، والزحافات زحافات (أي أمراضا خفيفة).

    يتبع ------

  2. #2
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة [size=4
    سليمان أبو ستة;482380][/size]

    كنت أتساءل وأنا أتتبع منهج العروض الرقمي عن الصلة بينه وبين العروض
    التوليدي، وبخاصة في مسألة التمييز بين الأصل والفرع ، أو بين البنيتين العميقة
    والسطحية. ولم يطل هذا التساؤل كثيرا لأني لم ألبث أن قرأت لخشان قوله: "تقلل وجهة
    النظر التقليدية التي سادت العالم العربي منذ الخليل إلى اليوم شأن هذه الدوائر باعتبارها
    استنتاجا من البحور والتفاعيل لا أصلا يمثل تصورا كليا عند الخليل انبثقت منه البحور
    والتفاعيل كوسيلة شرح وتوضيح". وقوله : "أصل البحر – عموما - هو الصورة
    القياسية له كما تظهر على ساعة البحور ( دوائر الخليل ) والتي تتجسد فيها قاعدة
    التناوب العامة بين الزوجي والفردي".

    إذن ، فصاحبا هذين المنهجين ينهلان من نبع واحد ، هو نبع الثقافة العربية ومن ضمنه
    فكر الخليل نفسه.

    وإذا كنا عرفنا البنية العميقة عند خشان ، أو الأصل، فكيف تبدو البنية السطجية في
    منهجه؟ لم أجد خشان ذكر المقاطع بالمفهوم اللغوي الشائع لها syllables ، وبدلا من
    ذلك رأيناه أكثر التصاقا بمنهج الخليل في تعامله مع البنية السطحية من خلال رموز
    المتحرك والساكن، بل إنه بقي مختفظا برموز الخليل التي ذكرها ابن عبد ربه في قوله:

    فما لها من الخطوط البائنة * دلائل على الحروف الساكنة
    والحلقـــــــات المتجوفات * علامــــة للمتحركـــــــــــات

    ولا بأس بذلك ، وإن كنا نرى أن الاتجاه في الدرس اللغوي الحديث يميل إلى اتخاذ
    المقطع وحدة صوتية معروفة عند مختلف الأمم ، بل إن العرب عرفوها منذ بدأ الفلاسفة
    المسلمون يكتبون في الموسيقى والوزن الشعري وأولهم الفارابي ثم ابن سينا وابن
    رشد وغيرهم. قال الفارابي : "وكل حرف غير مصوت أتبع بمصوت قصير قرن به
    فإنه يسمى المقطع القصير، والعرب يسمونه الحرف المتحرك، من قِبَل أنهم يسمون
    المصوتات القصيرة حركات " وقال : "وكل حرف لم يتبع بمصوّت أصلاً، وهو يمكن أن
    يقترن به، فإنهم يسمونه الحرف الساكن، وكل حرف غير مصوت قرن به مصوت طويل
    فإنا نسميه المقطع الطويل ".

    أقول ذلك لأني وجدت خشان يركز على شرح باب الساكن والمتحرك في منهاجه وبقول:
    ولم أكن أركز عليه ظنا مني بأنه مفهوم للجميع. ولكني اكتشفت أن كثيرين لا يتقنون
    هذا الموضوع ، لهذا فسأسهب في شرحه لصالح من لا يعرفه".

    ======
    يتبع-------

  3. #3
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان أبو ستة مشاهدة المشاركة
    الدوائر العروضية:

    فيما يلي قائمة بالبحور الستة عشر حسب ترتيبها في دوائرها الخمس ، مثبتة في نماذجها المجردة
    abstract patterns وقد اخترنا هذه المرة أن نثبتها برموز الأبجدية العربية، تسهيلا للطباعة ،
    فالوتد الإيامبي (المجموع) نرمز له بالرمز (و) ، وللوتد التروكي (المفروق) بالرمز (ف) ثم للسبب
    بالرمز (س) . وقد أثبت شطرا واحدا من البحر اختصارا ، لأن الشطر الثاني مطابق للأول تمام
    المطابقة. وأضفت إليها الرموز الرقمية لتتسنى المقارنة بين النظامين.

    الدائرة الأولى:

    الطويل و س وس س و س و س س
    3 2 3 2 2 3 2 3 2 2


    البسيط س س و س و س س و س و
    2 2 3 2 3 2 2 3 2 3


    المديد س و س س و س و س [س و]
    2 3 2 2 3 2 3 2 [2 3]


    الدائرة الثانية:

    الوافر وس س وس س وس س
    3 (2)2 3 (2) 2 3 2 2


    الكامل س س و س س و س س و
    (2) 2 3 (2)2 3 (2)2 3


    الدائرة الثالثة:

    الهزج و س س و س س [ و س س]
    3 2 2 3 2 2 [ 3 2 2 ]


    الرجز س س و س س و س س و
    2 2 3 2 2 3 2 2 3


    الرمل س و س س و س س و س
    2 3 2 2 3 3 2 3 2


    الدائرة الرابعة:

    السريع س س و س س و س س ف
    المنسرح س س و س س ف س س و
    الخفيف س و س س ف س س و س
    المضارع و س س ف س س [و س س]
    المقتضب س س ف س س و [س س و]
    المجتث س ف س س و س [س و س]


    الدائرة الخامسة:

    المتقارب و س و س و س و س
    3 2 3 2 3 2 3 2


    المتدارك س و س و س و س و
    2 3 2 3 2 3 2 3


    إن ثمة سببا آخر، تقول مالينج ، للتعبير عن الأوزان بالمستوى المجرد، لا بد من وضعه في
    الحسبان، وهو أنه بالذات ذلك التمثيل المجرد للأوزان بمصطلحات الأسباب والأوتاد ما يجعل من
    مبدأ الدائرة مبدأ صحيحا للعروض العربي. كما أنه هو ذاته المبدأ الذي يتيح للعروضي أن يتنبأ
    بتحديد ما سيكون مسموحا به من الأنساق النظرية للمقاطع المتوالية.

    لقد نتج لنا من عملية تدوير بحر الهزج باستخدام رموز السبب والوتد بحران آخران هما الرجز
    والرمل، فماذا سيكون عليه الحال لو أنا استبدلنا بتلك الرموز رموز المقاطع على النحو التالي:

    الهزج ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ
    ؟ ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب
    الرجز ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ
    الرمل ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ ـــ ب ـــ ـــ


    لا شك أن النسق الثاني لا وجود شرعيا له ، وهو لم ينتج إلا عن تدوير مستوى سطحي يخالف مبدأ
    تدوير الأنساق في العروض العربي على مستوى البنية العميقة بمصطلحات السبب والوتد.

    وسنناقش فيما يلي بعض الملاحظات على بحور هذه الدوائر:

    أولا : بحور الدائرتين الثانية والثالثة:

    ثمة ملاحظتان في بحور هاتين الدائرتين ، الأولى : أن الوافر والهزج عند مالينج لهما نفس
    التركيب السبب وتدي، وبالتالي لهما نفس الرموز، مع أن كلا منهما مستقل في دائرته ، وكذلك
    الأمر بالنسبة للكامل والرجز. أما عند خشان فقد ميز بين كل اثنين منهما بإحاطة الرقم الذي يشير
    إلى السبب الثقيل بقوسين فصار 2 مختلفا عن (2). وتفسير ذلك عند مالينج أن البنية العميقة لكل
    مجموعة واحدة، وإنما يتحقق الاختلاف حين يتحول البحران إلي بنيتهما السطحية باستخدام
    المقاطع ، حينئذ يتميز البحران كل بعدد مقاطعه الخاص به. وهذا ما فعله خشان ، فالاقواس التي
    أضافها تشير إلى دمج البنيتين العميقة والسطحية في شكل واحد. وصار الثقيل يتميز من الخفيف
    بما يحيط به من أقواس.

    وأما الملاحظة الثانية فقد أثارتها مالينج وحدها ، وهي أنه طالما كان للهزج والرجز في الدائرة
    الثالثة وجه (ثقيل) ممثلا ببحري الوافر والكامل ، فلماذا لم يكن للرمل مثل هذا الوجه ، فتكون
    تفعيلته السطحية على النحو ( ـــ ب ـــ ب ب). تقول مالينج : إن فرايتاج freytag هو العروضي
    الوحيد الذي تعرض لهذا الأمر بشكل واضح، واقترح بحرا ثالثا لم يسمه، وله التفعيلة: ( فاعلاتك).
    لا بأس ، فمالينج لا يوجد من مصادرها كتاب واحد لعروضي عربي، فلم تعرف أن العروضيين
    العرب القدامى ذكروا هذا البحر المهمل وأسموه (المتوفر)، وبعض المحدثين منهم سماه (المرمل).
    ولأنها تعلم أنه لم ينظم عليه ما يؤهله لأن يعد من البحور المستعملة ، فقد وضعت قاعدة تحويلية
    تفسر إهماله ، وهي أنه "يمكن للسبب أن يتحقق بمقطعين لغويين إذا كان يسبق سببا آخر في
    التفعيلة نفسها" . ووفقا لهذا القانون فإنه لن يتحقق وجود فعلي للبحر المسمى المتوفر أو المرمل
    لأن السببين المتواليين فيه لا يقعان في تفعيلة واحدة.

    ولا أعلم إن كان أخي الأستاذ خشان قد تطرق إلى هذا البحر، وحكم بشرعيته أو عدم شرعيته في
    عروضه الرقمي.
    يتبع --------

  4. #4
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    و هنا رد الأستاذ خشان :

    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خشان خشان مشاهدة المشاركة
    أخي واستاذي الكريم سليمان أبو ستة

    أتابع باهتمام
    2 3 عنوان الإيقاع البحري - السبب الثقيل تجسيد للإيقاع الخببي

    إحدى قواعد الرقمي أن 2 3 ( 2 الزرقاء و 3 الحمراء ) داحضة للسبب الثقيل ( الإيقاع الخببي ) قبل الأوثق

    2 3 غير التي في 2 2 3

    ومخالفة هذا فيما بعدها أخف على السمع من المخالفة قبله.

    أكتب على عجل فمعذرة.

    في الرمل المخالفة بعد 2 3

    يرعاك ربي

  5. #5
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان أبو ستة مشاهدة المشاركة
    ثانيا : ملاحظات على الدائرة الأولى:

    1- الطويل و س و س س و س و س س
    2- المديد س و س س و س و س س و
    3- ؟ و س س و س و س س و س
    4- البسيط س س و س و س س و س و
    5- ؟ س و س و س س و س و س


    تتساءل مالينج هنا : لماذا لم يوجد بحران على النسقين 3 ، 5 ؟ ثم تتذكر أن
    العروضي الوحيد الذي حاول الإجابة على هذا السؤال هو فايل weil وذلك بالقانون
    الذي وضعه ، وهو أنه "لا يتوالي في أي نسق وتدان، وإنما يجب أن يفصل بينهما
    سبب أو سببان على الأكثر". ومع أنها لا ترى في هذين البحرين المهملين ما يتعارض
    مع قانون فايل ، إلا أن القانون يظل بذاته صحيحأ. وتتجه إلى النظر في تقطيع الأنساق
    إلى تفاعيل، لتعود إلى الاستناد من جديد إلى قانون فايل ولتجد أن التقطيع الذي لا
    يكتنفه غموض هو التقطيع الذي وضعه الخليل للطويل والبسيط فقط. وتقول أن من
    الشيق أن يكون هذان البحران، اللذان لا يقبلان التقطيع على أي وجه آخر، هما من
    أكثر البحور استعمالا ودورانا على ألسنة الشعراء. وأما بحر المديد فقد جعل له الخليل
    التقطيع التالي:

    (س و س)(س و)(س و س) مع حذف التفعيلة الأخيرة في النسق الدائري. ومع ذلك
    فهي ترى إمكان تقطيعه بطريقتين مختلفتين أخريين، الأولى :

    (س و)(س س و)(س و س) والثانية: (س و س)(س و س)(و س). وهي تقر بأنه
    من بين هذه النماذج الثلاثة يبقى نموذج الخليل في تقطيع المديد أكثرها اتساقا وسيمترية
    symmetric .وتقول إن التقطيعات المختلفة يمكن أن تؤدي إلى اختلاف في التنبؤ
    بالتغييرات المسموح بها في الوزن المعين بناء على ما يمكن أن ينتج في البحر من
    تفعيلات من نحو مستفعلن في مقابل مفاعيلن أو فاعلاتن. ومع ذلك ترى مالينج أته ما
    لم يتوفر للمديد من يحلله تحليلا طبيعيا فإن ذلك البحر سيبقى ظاهرة شاذة في نظام
    العروض العربي.

    وتنتقل بعد ذلك إلى مناقشة تقطيع البحرين الأخرين المهملين في هذه الدائرة ، لتجد أن
    الأول منهما يمكن تقطيعه بطريقتين، الأولى :

    (و س س )(و س)(و س س)(و س) والثانية : (و س)(س و س)(و س)(س و س)

    وأما البحر المهمل الثاني فيمكن أيضا تقطيعه بطريقتين، الأولى : (س و س)(و س)(س و س)(و س) والثانية :

    (س و)(س و س)(س و)(س و س).

    ومرة أخرى تجد أن فرايتاج هو العروضي الوحيد الذي ذكر اسمي هذين البحرين
    المهملين، فالأول هو (المستطيل) وتفاعيله : مفاعيلن فعولن مفاعيلن فعولن والثاني هو
    (الممتد) وتفاعيله : فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

    وقد ذكر فرايتاج شاهدين من أشعار محمد عطا الذي اشتهر بنظمه على أوزان عديدة،
    فمما جاء على المستطيل قوله:

    بديـــع بالجمال * تعلى بالتـعالي
    فلا شبه له في * أناس بالمعالي

    ومما جاء على الممتد قوله:

    ليت شعري هواه يصلح المكتوي
    ويزيل عذابي ويقيم القبول

    والظاهر أن هذا الشاعر فارسي مستعرب، ذلك أن مالينج تقر بأن هذين البحرين
    مصطنعان، وأنه لم ينظم عليهما أحد من الشعراء العرب المعروفين.

    إن هذا الموضوع ، سواء منه ما تعلق بإعادة تقطيع المديد ، أو اقتراح تقطيع آخر
    للبحرين المهملين: المستطيل والممتد ، لا يقع في اهتمام العروض الرقمي لسبب بسيط
    أنه لا يعترف بالحدود بين التفاعيل ، ولا يشكل أي فرق لديه شكل التفعيلة الناشئ عن
    زحزحة حدودها يمينا أو يسارا. أما عند الخليل فقد كان للتفاعيل دور أساسي في إبراز
    الإيقاع الشعري على نحو بصري وسمعي. فبالإضافة إلى بنائه الأوزان البسيطة على
    تكرار التفعيلة الواحدة ، فإن بناءه للأوزان المركبة كان تقوم في جانب منه على
    التفعيلات المتجاوبة ، وفي جانب آخر على التفعيلات المختلفة ، وكان سبيل الخليل في
    إبراز هذا الإيقاع هو الاهتمام بتحديد عمارة البيت بطريقة هندسية فائقة. هكذا كان
    توزيع التفعيلات في الدائرة الثانية من الخماسي إلى السباعي كما في الطويل، وقد يكون
    من السباعي إلى الخماسي كما في البسيط ، وهنا يتدخل الخليل في اختيار أحد الشكلين
    بطريقة تحكمية تناسب مقصده. فالمديد يمكن تقطيعه على النحو:

    1- فاعلاتن فاعلن فاعلااتن فاعلن * فاعلااتن فاعلن فاعلاتن فاعلن

    أو على النحو:

    2- فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن * فاعلن فاعلاتن فاعلن فاعلاتن

    واختار الخليل التقطيع الأول لأن قاعدة الجزء عنده تنطبق على هذا النسق بإسقاط
    (فاعلن) وحدها ، بينما لا يتيسر ذلك بإسقاط (فاعلاتن) من النسق الثاني.

    وهناك بحور الدائرة الرابعة التي تتكرر فيها التفعيلة الأولى بعد التفعيلتين الثانية
    والخامسة، فهذا المعمار المقصود هو ما أتاح للخليل أن يجعل بحور المضارع
    والمقتضب والمجتث المجزوءة تنتسب إلى دائرة أكبر من مكوناتها حيث أن أغلب
    بحورها سداسية لا رباعية.
    يتبع ------

  6. #6
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان أبو ستة مشاهدة المشاركة
    ملاحظات على الدائرة الرابعة:

    1- *............... ف س س و س س و س س
    2- السريع.........س س و س س و س س ف
    3- * ............ س و س س و س س ف س
    4- * .......... .و س س و س س ف س س
    5- المنسرح..... س س و س س ف س س و
    6- الخفيف:..... س و س س ف س س و س
    7- المضارع .. و س س ف س س [و س س]
    8- المقتضب ... س س ف س س و [س س و]
    9- المجتث ......س ف س س و س [س و س]

    تحوي هذه الدائرة ثلاثة بحور مهملة استعملها الفرس ووضعوا لها من الأسماء
    المشاكل والجديد والغريب على التوالي. ثم إن الخليل لم يبصرنا بطريقة لتمييز الأسباب
    من الأوتاد ولا هذه من بعضها في تلك الأنساق الثلاثة، بحيث يمكن تحليل النسق
    (ـــ ب ـــ ب ) إلى ثلاثة تشكيلات مختلفة هي ( س و س ، ف س س ، س س ف ).

    وكذلك لم يضع الخليل أي معيارللتمييز بين الوحدات السبب وتدية في البحور الأخرى،
    الأمر الذي يضطر المرء إلى تتبع أنواع المقاطع في القصيدة كلها للتأكد مما إذا كان
    المقطع المعين ينتمي إلى سبب أو وتد.

    هذا ما قالته مالينج حول فقدان أي معيار للتمييز بين السبب والوتد في منهج الخليل،
    والواقع أن الخليل وصل إلى ذلك المعيار عبر تقطيعه للشعر العربي الذي وصله في
    زمانه كله، وليس عبر قصيدة أو قصيدتين فحسب. والذي يؤكد ذلك أنه روى لنا شاهدا
    على كل ضرب من ضروبه الثلاثة والستين بالإضافة إلى شواهد زحافاتها وعللها
    فأصبحنا بذلك على ثقة بأن الوحدة المعينة في الموضع المعين هي سبب أو وتد بلا
    خلاف على ذلك إلا ما ثار منه حول مدى صدقية رواية بعض من شواهده..

    وتناقش مالينح هنا مدى شرعية بحر السريع لا سيما وأنه يتعارض مع القاعدة القائلة
    بأنه لا ينتهي أي نسق وزني في العربية بمقطع قصير، والسريع هنا ينتهي ضربه بوتد
    مفروق. وهي تلاحظ أن تفعيلة الضرب هذه لا تجيء إلا معتلة على النحو : ( ـــ ب ـــ ) أو ( ـــ ـــ ) وأحيانا ( ب ب ـــ ) ونادرا ما تجيء على ( ـــ ). من ناحية أخرى تلاحظ
    أن الأبيات التي ترد على الرجز ووزنه المجرد على النحو التالي:

    س س و س س و س س و فإن تفعيلته الأخير تأخذ أحد الشكليين السطحيين التاليين :
    ( ـــ ـــ ب ـــ ) أو (ـــ ـــ ـــ ). وحيث أن التفاعيل المجردة لهذين البحرين المتشابهين
    ، السريع والرجز، تكاد تكون متطابقة فإن العروضيين العرب صنفوا الأبيات التي تبنى
    على التفعيلة (س س و) وفقا لما يؤول إليه الضرب من شكل مقطعي، فإن تألف من
    ثلاثة مقاطع طويلة فهو من الرجز ، وإذا تألف من أقل من ذلك عد من السريع، ولا أعلم
    مدى صحة قولها هذا .

    وترى مالينج أن هذا التصنيف تحكمي أو اعتباطي arbitrary ، وأنه بينما يعد
    صحيحا القول بأن العروضيين ذكروا لكل بحر ضروبه الخاصة به subtypes وفقا
    لشكل التفعيلة الأخيرة في الشطر فإن هذه الأوزان نفسها لا تتميز بينها وبين بعضها
    بحسب شكل االتفعيلة الأخيرة وحده, وعلى ذلك فإن لم يكن السريع مختلفا اختلافا تاما
    عن الرجز فإن من الأفضل اعتباره ضربا من ضروب الرجز بدلا من أن يستقل بنفسه
    في بحر آخر.

    ثم تقول : وبعد أن رفضنا نسق السريع : ( س س و س س و س س ف ) بوصفه
    غير ضروري، فإن المرء لا بد أن يتساءل الآن عن ضرورة بقاء الوتد المفروق الذي
    لا يبدو له أي أثر في التشكيل المقطعي للبيت. وهي ترى أن بلوخ bloch كان
    العروضي الوحيد الذي أثار هذه المسألة، حيث اقترح الاستغناء عنه جملة، وإعادة تحليل
    أوزان الدائرة الرابعة. وقد حاول بلوخ أن يفسر سبب طول بعض المقاطع التي كانت
    تعد تقليديا جزءا من الوتد المفروق ، ففي بحر الخفيف:
    ( س و س س ف س س و س) مثلا ، يقول إن سبب عدم تحقق التفعيلة ( س ف س ) للشكل المقطعي ( ـــ ب ب ـــ ) ليس بسبب وجود الوتد المفروق
    (الذي يمتنع مزاحفته) ولكن لأن النسق المقطعي الذي ينتج للبيت بعد الزحاف سيحتوى
    على تفعيلتين داكتيلتين dactyls ( ـــ ب ب ـــ ب ب ـــ ـــ ) أو [ مستع لن فعلاتن ]
    وهو ما يعد مرفوضا.
    ويقترح بلوخ جعل وتد مجموع في مكان الوتد المفروق وهو ما يؤدي، في رأيي، إلى
    زيادة أربع تفاعيل جديدة على النظام العروضي ، وهي :

    س س س و
    س س و س
    س و س س
    و س س س

    فهو يقترح تقطيع بحر المنسرح على النحو:

    س س و س | س س و | س و

    [أي مستفعلاتن مستفعلن فاعلن ، وهو ما اقترحه القرطاجني من قبل ]

    ولا تجد مالينج بأسا من زيادة هذه التفاعيل الأربعة الجديدة ، بل إنها ترى فيها حلا
    لبعض مشكلات الغموض التي لوحظت في تقطيع الأبيات الأخرى ومنها المديد الذي
    يمكن تقطيعه على النحو:

    س و س س | و س | و س
    [ أي فاعليّاتن فعولن فعولن ]

    وتقول إن بلوخ لا يحاول تقطيع أبيات أخرى غير المنسرح والخفيف، ولكنه يسمح
    بنوعين من الأسباب، أحدهما (محايد) في طوله ، والآخر (ثابت) . وتخلص إلى القول
    بأنه ما لم يتم وصف التفعيلة (الأطول) عنده بطريقة منظمة فإن نظرية الوتد المفروق
    التقليدية ، مهما بلغت نقائصها ، تظل هي الأفضل
    هناك المزيد ------

  7. #7
    تاريخ التسجيل
    Apr 2009
    المشاركات
    2,798
    اقتباس المشاركة الأصلية كتبت بواسطة سليمان أبو ستة مشاهدة المشاركة
    تجد مالينج في عمل سابق لأستاذها هال halle أنه وضع قاعدتين لتبرير إهمال ثلاثة أوزان من
    الدائرة الرابعة لم تستعمل في الشعر العربي. القاعدة الأولى ، وتنص على أنه لا يمكن للنسق أن
    يبتدئ بوتد مفروق. وأما الثانية فتنص على أنه لا يمكن للنسق أن ينتهي بوتد مفروق يتلوه سبب أو
    سببان. ومع أنها لا تجد سببا مقنعا للقاعدة الأولى بصيغتها تلك، إلا أنها ترى أنه بالإمكان تعديل
    القاعدة الثانية بحيث تشمل ما كان آخره وتد مفروق، وبذلك تزداد عموميتها.

    ثم إنها لما وجدت بحور المضارع والمقتضب والمجتث ثنائية التفاعيل، رأت إمكانية للتخلص من
    دائرة المشتبه جملة، وأن تجعل بدلا منها دائرة أخرى تضم هذه البحور الثلاثة بشكلها المستعمل
    كما بلي :

    1- * ------- ف س س و س س
    2- المنسرح س س و س س ف
    3- الخفيف س و س س ف س
    4- المضارع و س س ف س س
    5- المقتضب س س ف س س و
    6- المجتث س ف س س و س


    وقد جاء في هذه الدائرة الجديدة بحر واحد مهمل ميزته مالينج بعلامة النجمة(*) للدلالة على أنه
    غير مقبول وزنيا ، فأما المنسرح والخفيف فقد ظهرا في الدائرة بشكلهما الثنائي الذي يجعلهما
    مرفوضين حسب قاعدة هال التي أشرنا إليها قبل فليل. إذن ، كيف ستحل باحثتنا هذه المعضلة، لا
    سيما وهي تعلم أن هذين البحرين (القصيرين) مستعملان. تقول إن ذلك ممكن عبر خيارين اثنين :

    الأول : إضافة تفعيلة ثالثة تحوي وتدا مجموعا من نفس نوع التفعيلة الأولى في النسق. وأما
    الخيار الثاني فهو : حذف ذلك المقطع (العدواني) القصير نفسه.

    وقد أدى سلوكها سبيل الخيار الأول إلى إضافة بحرين جديدين هما المنسرح والخفيف الثلاثيان،
    وأما الخيار الثاني فلا يؤدي إلا إلى ضرب المنسرح :

    مستفعلن مفعولن

    وهذا الضرب يمكن رده أيضا إلى بحر الرجز !
    انتظروا المزيد إن شاء الله

معلومات الموضوع

الأعضاء الذين يشاهدون هذا الموضوع

الذين يشاهدون الموضوع الآن: 1 (0 من الأعضاء و 1 زائر)

المفضلات

المفضلات

ضوابط المشاركة

  • لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
  • لا تستطيع الرد على المواضيع
  • لا تستطيع إرفاق ملفات
  • لا تستطيع تعديل مشاركاتك
  •  
الاتصال بنا
يمكن الاتصال بنا عن طريق الوسائل المكتوبة بالاسفل
Email : email
SMS : 0000000
جميع ما ينشر فى المنتدى لا يعبر بالضرورة عن رأى القائمين عليه وانما يعبر عن وجهة نظر كاتبه فقط