لم أشأ أن أثقل الأخت السائلة في ذلك المنتدى بجرعات كبيرة من العروض فربما يكون شعرها بداهة وسليقة، ولكنني أتوسع هنا بعض الشيء فربما تنمي معرفتها في العروض فتستفيد وهنا يمكنها وسواها قراءة ما ينشر.

لا شك أن ما أشار إليه أخي وأستاذي محمد ب. من مطالعة الشعر العربي هو الأفيد للشاعر لجهة تنمية الإحساس بالإيقاع من جهة ومن جهة الإفادة من المضمون والأساليب الشعرية من جهة أخرى. وعلم العروض علم عقلي ينجح في مجال التطبيق بالنسبة للشاعر بمقدار ما يوصله إلى الهدف المذكور منتقلا من التفكير للإحساس. ولكنه للعروضي أوسع مدى وربما يسير في اتجاه معاكس لجهة التنظير لأسباب الاستساغة والاستثقال لوزن ما أو زحاف ما. منتقلا بذلك من الإحساس بذلك إلى التفكير فيه ومحاولة صياغة قواعد يكون نجاحها بمقدار شمولها لأكبر عدد من الظواهر.
ويأتي هنا دور العروض الرقمي ليحاول إثبات جدواه.
وهذه فرصة لأعود بها إلى الموضوع القديم المتجدد حول حدود التفاعيل وما أثقلت به علم العروض من تعقيد ومصطلحات.
ولنحكم على جدوى أسلوبي العروض انطلاقا من أن نجاح القاعدة في التعبير عن الواقع يعتمد على أمرين

1- بساطة القاعدة
2- شمولها

ولأن أخي محمد يأنف للآن من كتابة الأرقام في حواره فسأتناول الموضوع بالأرقام والتفاعيل معا.

لأورد أولا القاعدة بصيغتها الرقمية

((((2 2 لا تأتي 1 1 وإن جاءت فهي ثقيلة جدا. ))))

أي إذا تجاور سببان بغض النظر عن موقعهما من التفعيلة أو التفعيلتين فلا يزاحفان معا وإن زوحفا كان ذلك ثقيلا جدا

ولنر الآن صياغات العروض التفعيلي لتجنب هذه الظاهرة ( وكلاهما يعبر عن الشيء ذاته كما قدمه الخليل )

2 2 3 = مستفعلن في البسيط والمنسرح والرجز والسريع إن تحولت إلى 1 1 3 = متَعِلُنْ فذلك الخبل أي اقتران الخبن والطي وهو ثقيل.

في المضارع = 3 2 ( 2 2 ) 3 2 = مفاعي (لن فا) علاتن
يدخلها التراقب وهو وجوب مزاحفة أحد السببين مع بقاء الآخر ولا يزاحفان معا
ومثله الحال في المقتضب = (مفعو) لات مستعلن = ( 2 2 ) 2 3 1 3

في الرمل
جواز مزاححفة أحد السببين مع بقاء الآخر وهذه المعاقبة ولها ثلاثة صور
الأولى : أن يزاحف عجز التفعيلة ويسلم صثدر التي بعدها وهذا النوع يسمى "العجز"
الثانية : أن يزاحف أول تفعيلة لسلامة عجز التي قبلها وهذا يسمى "الصدر"
الثالثة : أن تقع بين تفعيلتين فيزاحف صدرها لسلامة ما قبلها ويزاحف عجزها لسلامة صدر ما بعدها وهذا النوع يسمى " الطرفين"

2 3 (2 2) 3 2 = فاعلا(تن فا)علاتن........... في الرمل
فصيرورتها....... فاعلاتُ فًَعلاتن 2 3 ( 1 1 ) 3 2 ثقيلة.

هذا هو الجزء الأول

والجزء الثاني :

ما الحكم لو أن أشطرا جاءت كلها على وزن الشطر : بالذي هو ضائره

كأن نحرف البيتين وتتبعهما بقية الأبيات :

ليس جرح مبرح=بالذي هو ضائره
يا لواد يسايره=تعتليه جآذره

لتصبح أشطرهما
2 3 1 3 3
ليس جرحه بالهوى = بالذي هو ضائره
يا لبرّك شاسعاً = تعتليه جآذره

هما لا يصحان على مجزوء الخفيف كما تفضل أخي ولكن هل وقعهما مستساغ؟ وإن وجد فيه قدر من الاستساغة فبم نفسره؟

هذا إن شاء الله ما سأتناوله تاليا.