أعتقد أن مشكلة لغتنا العربية الفصحى تكمن في أنها إلى حد معين (ليس بصورة مطلقة) لغة مكتوبة وليست إلى ذلك الحد منطوقة.
نحن من النادر أن نعرب في كلامنا وهذا يقود مع وجود المشكلة التعليمية الكبيرة إلى أن طلابنا يرتكبون أخطاء إعرابية (وإملائية تتعلق بالإعراب) فادحة.
لدينا مشكلة عدم التشكيل وبخلاف أعداء الفصحى الذين يأخذون عليها هذا المأخذ فإن مشكلة الكتابة تخص كثيراً من اللغات، بل لا تكاد توجد لغة تسلم من مشكلة المفارقة بين الكتابة واللفظ أو مشكلة وجود طرق مختلفة للفظ الكلمة أو طرق مختلفة لكتابة الكلمة يكون واحد منها هو الصحيح رغم تماثلها في اللفظ. ومن أكثر اللغات معاناة في هذا الإنجليزية كما هو معلوم بل لم تسلم لغات مثل الألمانية من هذه المشكلة رغم أن أهل هذه اللغة أجروا في كتابتها "إصلاحات" متوالية ولا تزال تجرى كل مدة.
أعتقد أن على العرب أن يولوا مشكلة التشكيل بعض العناية لضمان أن يأخذ القارئ فكرة صحيحة عن اللفظ.
ألم تر إلى أبي عمرو بن العلاء، وهو من الزمن الذي كان الناس فيه لا يزالون قريبي العهد بالفصحى المنطوقة كيف اشتبهت عليه "فرجة" أهي بضم الفاء أم بفتحها فلا زالت مشتبهة وهو بها مفكر حتى سمع منشداً ينشد من خلفه (وكان هو وأبوه هاربين من الحجاج):
ربما تجزع النفوس من الأمر له فرجة كحل العقال!
قال: ما الأمر؟ قال: مات الحجاج!
قال أبو عمر: فلم أدر بأي الأمرين أنا أسر: بقوله: "مات الحجاج" أم بقوله: فرجة(كيف قالها؟ النص كان غير مشكل وإن كنت أظن أنه حرك الفاء بالضم. واعذرونا!)
فلا بأس من بذل بعض الجهد بالتشكيل يا جماعة لعل جيلاً ينشأ وهو يحسن نطق الكلمات المكتوبة!
هل من نشيط فيكم يشكل نصي هذا!
واللهم لا تجعلنا ممن يأمرون الناس بالبر وينسون أنفسهم!