ذكر أن رجلا دعا المبرّد بالبصرة مع جماعة, فغنّت جارية من وراء الستار, وأنشأت تقول:

وقالوا لها هذا حبيبك معرضا = فقالت ألا اعراضه أيسر الخطب
فما هي الا نظرة بتبسّم = فتصطك رجلاه ويسقط للجنب
فطرب كل من حضر الا المبرد, فقال له صاحب المجلس:
كنت أحق الناس بالطرب.
فقالت الجارية: دعه يا مولاي, فانه سمعني أقول:" حبيبك معرضا", فظنني لحنت, ولم يعلم أن ابن مسعود قرأ (وهذا بعلي شيخا).
فطرب المبرّد الى أن شق ثوبه.


-----------------
قال الشيخ أبو الوفاء بن عقيل:
حكى لي بعض الأصدقاء أن امرأة جلست على باب دكان بزاز أعزب الى أن أمست, فلما أراد غلق الدكان تراءت له, فقال لها:
ما هذا المساء؟
فقالت: والله ما لي مكان أبيت فيه.
فقال لها: تمضين معي الى البيت؟
فقالت: نعم.
فمضى بها الى بيته, وعرض عليها التزويج, فأجابت, فتزوجها.
وبقيت عنده أياما, واذا قد جاء في اليوم الرابع رجل ومعه نسوة, فطلبوها, فأدخلهم وأكرمهم, وقال: من أنتم منها؟
فقالوا: أقاربها: ابن عم وبنات عم, وقد سررنا بما سمعنا من الوصلة, غير أنا نسالك أن تتركها وتزورنا لعرس بعض أقاربنا.
فدخل اليها فقالت:
لا تجبهم الى ذلك, واحلف بطلاقي أني لا خرجت من الدار شهرا ليمضي زمن العرس, فانه أصلح لي ولك, والا أخذوني وأفسدوا قلبي عليك, فاني كنت غضبى وتزوّجت اليك بغير مشاورتهم, ولا أدري من دلّهم اليك؟
فخرج فحلف كما ذكرت له, فخرجوا ميؤسين, وأغلق الباب وخرج الى الدكان وقد علق قلبه بالمرأة. فخرجت ولم تستصحب من الدار شيئا, فجاء فلم يجدها, فقال قائل: ترى ما الذي قصدت؟
قال أبو الوفاء: لعلها مستحلة به لأجل زوج طلقها ثلاثا, فليتخوّف الانسان من مثل هذا, وليطلع به على غوامض حيل الناس.


----------
صحب طفيلي رجلا في سفر, فقال له الرجل: امض فاشتر لنا لحما.
قال: لا والله ما أقدر.
فمضى هو واشترى.
ثم قال له: قم فاطبخ.
قال: لا أحسن.
فطبخ الرجل.
ثم قال له: قم فاثرد.
قال: أنا والله كسلان.
فثرد الرجل.
ثم قال له: قم فاغرف.
قال: أخشى أن ينقلب على ثيابي.
فغرف الرجل.
ثم قال له: الآن فكل.
قال الطفيلي: قد والله استحييت من كثرة خلافي لك.
وتقدّم فأكل.