أعز الله أستاذنا إمام العروض و حفظه لنا و لكل محبيه

و إنّ تواضعكم أستاذنا ليغمر الكون و يفيض, فلستُ إلّا تلميذَ تلامذتكم, و لى الشرف موصولاً .

بل أنا يا سيدى من تشرفتُ و سعدتُ من كل قلبى, بقبولى تلميذا هنا فى صرحِكم الأدبى العظيم, فالحمد لله تعالى على توفيقى لمصادفة هذا الكنز بعد سنوات قضيتها فى البحث على غير هدى و طلب العلم لدى من يَضِنُّون به ..

إن رسالة الرقمى العظيمة تتملكنى شيئا فشيئا, فأحسُّ كلما تعرفتُ عليه أكثر, أن نقاطاً كانت مظلمة فى نفسى تُضئ, و أن روحى تسمو إلى آفاق تزخر من كل جمال . فلا يقِف الأمر عند مجرد علم العروض - على جلالة قدره - بل يتوسع و يشمل الدعوة إلى نهضة علمية و ثقافية و أدبية, كتلك التى شهدتها أمتنا الخالدة فى حقبة الحضارة الأندلسية..

نعم أيها الفضلاء, فلقد أرى نفسى أتطورُ و أتقدمُ لأصيرَ إنساناً أفضل, و ترقى مطامحى من مجرد إتقان علم العروض لإحكام بناء الشعر, إلى السعى لأن يُشكلَ وجودى فى الحياة أثراً جميلاً يبقى من بعدى, و لا أقول بأننى سآتى بما لَم تستطعه الأوائل, و لكن حسبى أن أستعين بالله فأعملَ على تطوير نفسى فى كل ما قد أفكرُ فيه من جوانب الخير و أوجه الجمال, حتى إذا ما حان ذهابى, كما الناس من قبلنا قد ذهبوا, فسأكونُ قد تركتُ أثراً.. أثراً جميلاً ..

إن رسالة الرقمى تنبع من رسالة الإسلام الخالدة, و تتواصل معها فى التذكير بأن الإنسانَ قد خلقه الله تعالى لعبادته و لإعمار الأرض, و لعل هذا المبدأ فى الإعمار و البناء و التطوير, لم يجد من يتبناه فى عصرنا كما فعلَ عالمنا الجليل المهندس خشان محمد خشان, بما جمعَ اللهُ تعالى له من عقل المهندس العبقرى, و قلب الشاعر المُعبّر, و روح الفنان الأندلسى, فكان الرقمى و لله الحمد ..

أتحدثُ عن الرقمى كعِلمٍ و رسالةٍ و منهج حياة, و أتحدث عن الرقمى كمنتدىً و بيتٍ آوانى بعد أن كنتُ شريداً, و ضمَّنى إليه فآنسَ وحدتى, و أتحدث عن الرقمى كصرحٍ عظيمٍ منهما معاً ..

ربما كنتُ مجرد تلميذٍ فى الدورة الثالثة, و لكنى أرجو من أساتذتى الفضلاء, و مِن كل مَن سبق تواجدُهم تواجدى أو تلاهُ, أن نعملَ جميعاً على نشر رسالة أستاذنا بشموليتها, و ألا تكونَ نظرتُنا قاصرة على الجزء من رسالة الرقمى المتعلق بدراسة العروض فحسب, بل أنْ نتواصل و نتكامل لنُحلق جميعا فى الآفاق الرحبة و الفضاءات الواسعة لعوالم نهضة الرقمى الشاملة ..

أما أستاذنا - بارك الله لنا فى علمه و عمره و صحته - فأرجو من الله تعالى أن نرى اسمه يرفرف عالياً فى المكانة العالية اللائقة به, كما هو اسم أستاذه الروحى.. الخليل بن أحمد ..

الحمد لله الذى أنعم علىَّ بأن أنتمى إلى ذات الحقبة الزمنية التى تنتمى لها أستاذى الكريم, بعلمك و نُبل أخلاقك و ملائكية روحك.. فسامحنى سيدى إنْ أجحفتُ أو عجزَ حالى عن البيان, و لكنَّ لى قلباً واحداً و روحاً واحدة .