للعروض الرقمي لغة خاصة به مثلما للموسيقا لغتها الخاصة بها التي تعلمتُها يوماً ما عندما كنتُ في الثامنة عشرة من عمري وبدأت بقراءة النوتة الموسيقية وتطبيقها عزفاً على آلة الغيتار- لم أعُد أمارس هذه الهواية الآن- ودراستي للغة الانكليزية أيضاً لغة جديدة تختلف عن اللغة العربية تعمقت بها وصارت مجال تخصصي الأكاديمي فيما بعد. الفكرة التي أود إيصالها هي أن المراحل التي مررتُ بها وأنا أخوض تعلم تلك اللغات في بداية الطريق لم تكن سهلة على الإطلاق، لأنها كانت تحتاج إلى تدريب وممارسة ومتابعة والكثير من الصبر ومقارنة كل منها بالأخرى، وحب ماأقوم به لتصبح فيما بعد طبيعة ثانية وجزءاً من شخصيتي. تغيّرت شخصيتي بعد تعلُّم العروض الرقمي. طبعاً تعلمتُ فيما مضى العروض التفعيلي وعانيت في الدورات الأولى من عملية ترجمة العروض التفعيلي للرقمي لأفهم مايجري في الدروس. نشب صراع ما بينهما إلى حد المُشاكسة والتحدي. هذه الملامح اختفت وهذه العوارض المزعجة في داخلي تلاشَت أيضاً. أصبحت أتعامَل مع الرقمي ببساطة وحب لهذه التجربة. إنّها مَلَكة تنمو بالتدريج. أعتقد بأنني نجحت إلى حدٍّ ما في تخطِّي تلك العقبة. تصالح العروض الرقمي والتفعيلي بداخلي وكل منهما يأخذ ويعطي الآخَر تجربته كشقيقَين يختلفان أحياناً ولكنهما لايتخاصمان لأنهما في الواقع ينتميان في أصولهما إلى أب واحد.
لم أصل في العروض الرقمي إلى ماأطمح الوصول إليه. ربما لأنني لم أصل يوماً في علم العَروض إلى ماأطمح إليه. لم تتح لي فرصة تعلمه بشكل منظَّم مثلما هي الآن بفضل أستاذنا القدير خشان. لدي الكثير مما لم أستطع التعبير عنه بخصوص تأثير اللغات التي أختزنها في ذاكرتي وتفاعل ومدى تأثير كل منها بالأخرى. والترجمة بمعناها المجازي لتلك اللغات هو بلورة تجربتي في العروض الرقمي بل وبلورة تجربتي الشعرية أيضاً التي لايستغني عنها الحس الموسيقي بالأدبي باللغوي.

شكراً أستاذة نادية على هذا الطرح الهام ونبش تجاربنا القديمة والحديثة.
تحياتي الإبائية لكم جميعاًنقره لتكبير أو تصغير الصورة ونقرتين لعرض الصورة في صفحة مستقلة بحجمها الطبيعي