كل مفهوم قابل للتطبيق له مظهر وجوهر.

وليس العيب في وجود المظهر فهو أمر طبيعي وإنما العيب أن يستأثر المظهر بالاهتمام على حساب الجوهر أو أن يعاد تعريف الجوهر ليطابق مظهرا ربما جرى تحريفه أو تشويهه.

ينطبق هذا على العروض وسواه.

الرقمي متفوق على التفاعيل في وصف الجوهر وهو العلم الذي يلزم العروضيين

التفاعيل متفوقة على الرقمي في وصف المظهر

ليس في استعمال التفاعيل كأداة وصفية عيب، وإنما العيب في التفكير الذي يخضع لحدودها ممكنا لها أن تمتد إلى الجوهر.

ومن ملك الرقمي ينبغي له أن يأخذ بأحسن ما في التفاعيل كأداة متجنبا بوعي أن تتسلل حدودها إلى تفكيره.

ويرجع تفوق التفاعيل في وصف الوزن إلى عاملين

1- رمز كل حرف فيها إلى ما يقابله في في الوزن فيتم وصف الوزن في شطر واحد بلا زيادة ولا نقص

2- احتواء الشطر الآخر على اسم البحر في سياق معنى وصياغة سلسين يذكر ان به.

لنقارن الآن بين توصيف التفاعيل وتوصيفاتنا التي اقترحناها جميعا ممثلة بآخرها توصيف أخي صابر من خلال أبسط بحر تمثيلا

مفاعيلن مفاعيلن ............على الأهزاج تسهيل

((ثلا إثُ إث )) ((ثلا إثُ إث ))).... ((ثلا إثُ إث )) ((ثلا إثُ إث ))


من المقبول إلى حد ما النظر بشيء من التعادل بين صدري البيتين، ولكن كيف سيعرف الشخص أن هذا هو بحر الهزج.

في عجز نظم التفاعيل ما ييسر ذلك وما ييسر الحفظ ايضا ومن هنا يتفوق على العجز في نظم الأرقام . وحتى لو نجحنا في تخطي هذه العقبة بالقول مثلا:


ثلاَ إثُ إث ثلا إثُ أ َث ................وبالأهزاج لا تعبثْ



فإن التفاعيل تبقى أجمل. ربما لو صيغت الأرقام على هذا النحو يكون لها مجال أكثر للقبول. وذلك يتطلب أن يكون لكل من الإثنين والثلاثة أكثر من رمز للتنويع في النظم ونجنب ثقل تكرار الثاء ولعدم ربط القافية بروي واحد.

إثنان = إث - نا - لا - سب ( سبب ) ( أز - رق - من أزرق )
ثلاثة = ثلا - وتد - (حمَرْ - أي أحمر )

أربعة ( سبب - أربع - أزرق )

الوافر مثلا

وتد أربعْ وتد أربعْ وتد نا ..... ووافرنا مقاطعه درسنا



ولكن هنا مفارقة أضحكتني

الأصل أننا بنظمنا نريد الوصول إلى مظهر منسجم مع الجوهر في إلغاء حدود التفاعيل. وأخي فيصل بساعته أعلمُنا بعدم وجود حدود حقيقية بين المقاطع.

ولكنه عندما استعمل النظير الحرفي للأرقام حرص على تقسيمها طبقا للتفاعيل ((ثلا إثُ إث )) ((ثلا إثُ إث ))

وهذا يذكرني بنكت كثيرة أهمها نكنة الذي ذهب لطبيب العيون يشتكي من رؤيته أشباحا تتراقص وبعد فحصه وتفصيل نظارة له سأله الطبيب : ( كيف الآن ؟ )

فأجاب : ( ممتاز فالأشباح تظهر ثابتة في غاية الوضوح ) . وهذا يدل على عمق تغلغل التفاعيل في الوجدان العربي وصعوبة الإفلات من حدودها في التفكير، وهذا ما ينبغي العمل للتخص منه وليس من شكلها كأداة جميلة لحفظ الوزن.

والذي وقع لأخي فيصل وقع لي في كتابي (العروض رقميا) حين اتخذت حدود التفاعيل مرجعا أحسب منه القيم الرقمية للزحاف فمثلا أقول

مستفعلن = 2 2 1 2 ... مستعلن = 2 1 1 2 ... قمية الزحاف = 2 1 2 2 – 2 1 1 2 = 100
فاعلاتن = 2 1 2 2 ...فاعلاتُ = 2 1 2 1 ........قيمة الكف = 2 1 2 2 - 2 1 2 1 = 1000

تعرف الأستاذة زينب صعوبة حفظ التوازن بين الطريقتين لمن بدأ بالتفاعيل. ولكن من يبدأ بالرقمي يمكنه إذا تعلم التفاعيل بعد ذلك أن يكون زمام فكره قادرا على التحكم في تصوره ورؤيته الشمولية.

ومن هنا أقول إن من تعلم العروض من خلال الرقمي وحده ابتداء له فرصة أكبر للانطلاق والإبداع فيه دون تأثر بعقابيل حدود التفاعيل. وأسوأ ما تكون هذه االحدود تأثيرا عندما تقع بين الأسباب وفي منطقة الضرب. أما وقوعها بين سبب ووتد فخفيف الضرر.