لاحظت لدى بعض المشاركين وحتى بعض الشعراء التركيز على الوزن على حساب جوهر الشعر وسلامة لغته وتراكيبه والبعد عن الحشو فيه وخاصة في القافية.

خطر لي شطر بيت ثم حاولت أن آكمله، وكما يحصل عادة كانت هناك احتمالات لصياغات عدة، ومثل هذا يحدث عادة لمن يقرض الشعر، ولكن على ضوء ما تقدم من تساهل بعض المشاركين ومنهم شعراء في توخي الارتقاء باللغة والتعبير، قلت أمسك بطيوف الخواطر وأمدد اللحظات وأضخم الملامح في استعراض لتجربة نظم شطر بيت من الشعر وتبيان ما يعتوره من نقص في المعنى والصياغة دون سواهما مفترضا سلامة الوزن والنحو آملا أن يكون في هذا فائدة وجذب انتباه إلى هذا الأمر .

الشطر وبالأحرى الصدر الذي خطر لي هو :

ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ؟

وفيما يلي استحضار للخواطر ومناقشة بل محاكمة لها

ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ... وما عليّ إذا صدّ الكلامَ فمي


الأصل أن الكلام يصدر من الفم والإضراب عنه يعني كتمه أو قبضه أما الصد فإنما يكون للوارد ولذا لا يصلح هذا التعبير

ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ... وإن جرى ثم لم ينبس بذاك فمي


العيب هنا أن الحبر هو مركز الاهتمام في الشطرين، ولا عيب في ذلك في الصدر، لكن صياغة العجز تتضمن معنى ( وماذا على الحبر إن جرى في القلم فكتب شعرا ثم لم ينطق به فمي ) وهنا يبدو الفم والمتكلم ملحقين في الأهمية بالحبر وكأنما مجرد ديكور معنوي له.

ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ... فالهمّ أوصد عن مجرى الحديث فمي


هنا يبدو الشطران غير مرتبطين معنويا، ويزيد من سوء التعبير أن العجز بدأ بالفاء التي تفترض مثل هذا الترابط فكأن المعنى ( نظرا لأن الهم منع فمي من الحديث فقد توقف مجرى الحبر في القلم فلا ذنب عليك أيا الحبر

ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ... وما عليكَ إذا بالصمت لذت فمي
ماذا على الحبر إن لم يجر في القلم ... وما علي إذا بالصمت لاذ فمي


هنا نوع من التناسب في التعبير لكن فيه نوعا من الاختلاف كذلك
فالحديث في الصدر عن غائب هو الحبر والحديث في العجز عن مخاطب في البيت هو الفم ومتكلم في البيت الثاني.
ثم إن الحبر من القلم كالكلام من الفم وإنما تحسن المقارنة بين الحبر والكلام أو القلم والفم

ماذا عليك انتقاص الحبر يا قلمي .... وما علي إذا بالصمت لاذ فمي


هنا مزيد من التناسب في مخاطبة القلم في الصدر ومخاطبة الفم في العجز لكن في الصدر عيبا في التعبير

ماذا عليك من انتقاص الحبر ..........إن من هنا ضرورية

ماذا يضرك نقص الحبر يا قلمي ... وما علي إذا هجر القصيد فمي


هنا يتحقق التوازن في الخطاب ويتم تلافي العيب اللغوي في الصدر، لكننا نقع في عيب عروضي في العجز

وما علي يَ إذا هـ جرلْ قصي دُ فمي = 3 3 1 3 ((4) 3 1 3

فهذه الفاصلة لا تجوز في حشو البسيط.


ماذا يضرك نقص الحبر يا قلمي ... وما علي إذا بالصمت لاذ فمي


هنا صياغة معقولة

وأجمل منها صياغة المعنى التالي في العجز : وما علي إذا فطمت فمي عن الكلام...... لم أستطع ذلك في وجود الصدر بصيغته الحالية . ويفيد في القافية هنا استعمال ( فصُم) و ( فانفطم )

فليحاول المشاركون صياغات أجمل دون التقيد بالصدر. وهذه محاولة

أمسك ولا تكتبنّ الشعر يا قلمي ....( وإن نطقتَ فما أنت الغداة فمي )


كأن ما بين قوسين مما أحفظه ونسيت مصدره.[

وهذا لا يخلوا من هنة تعميم النطق دون تخصيصه بالشعر وهو ما قديفهم ضمنا.

وهذه محاولة أخرى

ما لي وللشعر قد أمسكت عنه فمي ..... ولن يخط على طرْسٍ به قلمي