جل من لا يسهو:

تذكرت بعد نشر ما تقدم أبيات لعبده بدوي ذكرها الأستاذ سليمان أبو ستة في كتابه(نظرية في العروض العربي) وفي موقعه حيث قال :" ......وكان من حق الخليل أن يلتفت في ذلك إلى ما صنعه في البسيط حين ألزم عروضه والضرب الخبن. وهكذا فإنه يخيل لي أن الخليل كان يرسم للوزن طريقا ويتخذ الشعراء طريقا آخر يجدونه أقرب إلى الطبع منه إلى الصنع، ومن هذا الصنع ما ترسم فيه بعض الشعراء درب الخليل على هذا الوزن وبخاصة بيته الثاني من الخفيف. فقد نظم عبده بدوي على هذا الضرب وكأنه لا يقصد إلا إلى محاباة الخليل حيث سلك غيره من الشعراء مسلك الطبع. قال عبد بدوي :

هبط
الأرض كالصباح سنيّا ...وككأسٍ مكلّلٍ بالحببْ
عرف الحبّ والمنى وحروفاً ... كالعصافير إن تطاردْ تُجبْ
وتغنّى كبلبلٍ وتهادى ...كشعاعٍ معطّرٍ مرتقَبْ

ثم تذكرت أني تعرضت لهذه الأبيات في موضوع الرقم 6 في آخر الضرب وما هو إلا جزء من موضوع التخاب الذي ورد بعده

"وفي آخر هذا الفصل لنأخذ الخفيف
2 3 2 3 3 2 2 2
والسؤال حسب ( ق ت خ ) لنا أن نتصور الوزن
2 3 2 3 3 2 11 2 = 2 3 2 3 3 2 1 3
لنأخذ الأبيات التالية لعبده بدوي:
هبط الأرض كالصباح سنيّا ...وككأسٍ مكلّلٍ بالحببْ (بالحببِ)
عرف الحبّ والمنى وحروفاً... كالعصافير إن تطاردْ تُجبْ (تجبِ)
وتغنّى كبلبلٍ وتهادى .... كشعاعٍ معطّرٍ مرتقَبْ (مرتقَبِ )
عاش في الفؤاد قلباً ذكياً ... يحتسي النور ينتشي من طربْ (طربِ)
تفرح الأرضُ حين يمشي عليها ... يمسح النجك رأسه في حدبْ (حدَبِ)
قد نسى الرومَ قد غدا الأزدُ أهلاً....حسبه الأزد عند ذكر النسبْ (النسبِ)
حينماهمّ بالرحيل اسجابتْ ....خطواتٌ وقلبه لم يجبْ (يُجبِ)

لنقرأ الأبيات أولا بنصها الأصلي أي بالروي الساكن وزن البيت الأول ومثله سائر الأبيات
1 3 2 3 3 1 3 2 ................1 3 2 3 3 2 3
هذا الوزن هو (الخفيف~ 51)
ولنعد قراءة الأبيات مع إبدال الكلمات ( بين القوسين) بنظيراتها بحيث يكون الروي مجرورا
حينئذ يكون الوزن

وأتأمل هنا ماذا لو ألزمنا الضرب الخبن كما في البسيط
1 3 2 3 3 1 3 2 ..............1 3 2 3 3 2 1 3
هذا الوزن لا يقره العروضيون. وأنا أستسيغه بل أراه أسلس من الوزن الأصلي المعترف به. ومع ذلك لا أعتبره شعرا بل هو من الموزون موزون الخفيف فحسب. وسلاسته شهادة لصحة التنظير الذي تقدم.
ومن عجب أن الكسرة حركة كافة الكلمات في أواخر الأبيات من ناحية نحوية. ألا يدل ذلك على استشعار الشاعر للوزن على هذا النحو. لوخالفت حركة أحد أواخر الكلمات البقة لكان لزاما علينا التسكين."
*****************
وهنا أتساءل ماذا لو صنعنا هنا " ما صنعه في البسيط حين ألزم عروضه والضرب الخبن "

فيصبح نص الأبيات

هبط الأرض كالصباح سناً ......... وككأسٍ مكلّلٍ حبَبا
عرف الحبّ والمنى ورؤىً ......... هي كالقلب من هوىً وجبا
وتغنّى كبلبلٍ وتهادى ......... كشعاعٍ معطّرٍ بِرُبى

وأبقيت عروض البيت الثالث كما هو لاستكمال المقارنة.

وتبقى قصيدة أخي بندر متميزة وشاهدا رائعا في هذا السياق.