أستاذي الفاضل خشان خشان :
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته, وكل عام وأنت بخير.
بداية أشكرك على هذا الترحيب الحار, ويأبى الكريم إلا أن يكون طلق الوجه متواضعا كما عرفتك دائما.

أستاذي: أتفق معك في أن الإيقاع الخببي حاصل من توالي الأسباب دون قيد أو شرط غير التكافئ العددي بين الشطرين, وأنه لا يشتمل على ما تشتمل عليه البحور من خصائص ولا ينقاد إلى ما تنقاد إليه من أحكام عروضية...
ولكن ماذا عن ما ورد من الشعر ملتزما بأحكام العروض؟
كقصيدة الحصري:
يا ليل الصب متى غده ** أقيام الساعة موعده
إن هذه القصيدة وعشرات القصائد التي كتبت في معارضتها لا ترد فيها الصيغة فاعلُ 2 1 1 الواردة في شعر شوقي ومن تلاه, كما لا تتابع فيها أكثر من ثلاث متحركات.
أما عن عدم وجود الوتد في الإيقاع الخببي فهو كافٍ لنفي البحرية عن هذا الإيقاع, وهو حكم لازم لكل من فرق بين المتدارك والخبب, أما من رأى أنه مشتق منه فلا يلزمه التسليم بعدم وجود الوتد إذ هو موجود في الصيغة الأصلية للبحر قبل نقل التفعيلات عن أصولها بالزحاف.

وعلى كل فالأذن تميز بين الإيقاع الخببي وبين بحر الخبب وإلا فلماذا لم ترد هذه التشكيلات الإيقاعية الخببية المحدثة في نصوص الأقدمين كالحصري وأغلب الظن أن كثيرا من أولائك الشعراء لا يعرف العروض ومن يعرفه منهم لا يستحضره حين يحضره شيطان الشعر فينشد ما ينشد؟

هذه مجرد تساؤلات أراها جديرة بالطرح والمناقشة.

أمر آخر أود أن ألفت الانتباه إليه وهو أن هنالك في الشعر النبطي في إيقاع فعْلن 2 2 حالة مشابهة لما يحدث هنا في الإيقاع الخببي؛ حيث ينضم الشاعر قصيدته على فعْلن 4 و فعلْ 3 ولكنه عند إلقائها يلقيها بطريقة تختلف عن غيرها من الشعر بشكل ملحوظ جدا, فتراه يلفظ المقاطع منبورة ويشبع الحركات لتتحول إلى مدود من جنسها فيستقيم الوزن لدى السامع, ولو ألقاها كما يلقي غيرها من الشعر على البحور الأخرى لنفرت الأذن نفورا شديدا وأحست بأن هذا ليس من الشعر في شيء, وهي حالة لا تحدث في غير هذا الإيقاع عندهم, وهو كثير في شعر (حميدان الشويعر) وأكثر ما يقال عليه الهزل والهجاء المقذع ولا ينظم عليه الشعراء المحسنون.
ولا شك أن من لا معرفة له بهذا الإيقاع سيرتج عليه الأمر ويقع في الحيرة حين يرى مستفعلن 3 4 و فاعلن 2 3 و فعلن 22 وربما غيرها ترد في نص واحد ...

مثل هذا موجود أيضا في الزجل في المقاطع المفتتحة منه ب(على دلعونة) ومثله موجود في ما يغنيه البدو في مناسباتهم وهو الفن المسمى ب(الدحة / الدحية) وهو مشهور.

ودمت بخير.